الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما بِالتَّخْفِيفِ حرف تبينه يستفتح بِهِ الْكَلَام وَجَوَاب الْقسم مَحْذُوف أَي: لقاومتك أَو فِي بيتٍ آخر.
وَقَوله: لَو أنّك يقْرَأ بِنَقْل فَتحه الْألف من أنّك إِلَى وَاو لَو. والحرّ من الرِّجَال: الْكَرِيم الأَصْل الَّذِي خلص من الرّق مُطلقًا وساء كَانَ رّق الْعُبُودِيَّة أَو رّق النَّفس بِأَن تستخدمه فِي الرذّائل. والخليق: الجدير واللائق أَي: وَلَا أَنْت جدير بِأَن تكون حرّاً. والْعَتِيق على رِوَايَة الفرّاء وَغَيره هُوَ الْكَرِيم والأصيل. وَالَّذِي خلص من الرقّ عَتيق أَيْضا. ولذكره بِجنب الحرّ حسن وَهَذَانِ البتان لم أعرف قائلهما. وَقَالَ العينيّ فِي الْبَيْت الشَّاهِد: أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ وَلم يعزه إِلَى أحد. أَقُول: لم ينشده سِيبَوَيْهٍ وَلَا وَقع فِي كِتَابه. وَصَوَابه أنْشدهُ الفرّاء فإنّه أوّل من اسْتشْهد بِهِ.
وَالله أعلم وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
المتقارب
(لعمرك مَا إِن أَبُو مَالك
…
بوانٍ وَلَا بضعيف قواه)
على أنّ الْبَاء تزاد بعد مَا النافية المكفوفة بإن اتِّفَاقًا. وَهَذَا يدلّ على أنّه لَا اخْتِصَاص لزِيَادَة الْبَاء فِي خبر مَا الحجازيّة.
وَهَذَا الْبَيْت أول أبياتٍ للمتنخّل الهذليّ يرثي بهَا أَبَاهُ وَبعده:
…
(وَلَا بألدّ لَهُ نازعٌ
…
يغاري أَخَاهُ إِذا مَا نَهَاهُ)
(ولكنّه هيّنٌ ليّنٌ
…
كعالية الرّمح عردٌ نساه)
(إِذا سدته سدت مطواعةً
…
وَمهما وكلت إِلَيْهِ كَفاهُ)
(أَلا من يُنَادي أَبَا مالكٍ
…
أَفِي أمرنَا هُوَ أم فِي سواهُ)
(أَبُو مالكٍ قاصرٌ قفره
…
على نَفسه ومشيعٌ غناهُ)
وَقَوله: لعمرك مَا إِن الخ اللَّام لَام الِابْتِدَاء وفائدتها توكيد مَضْمُون الْجُمْلَة. وعمرك بِالْفَتْح بِمَعْنى حياتك مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي: قسمي. وَجُمْلَة مَا إِن أَبُو مَالك الخ جَوَاب الْقسم وأَبُو مَالك هُوَ أَبُو الشَّاعِر. واسْمه عُوَيْمِر لأنّ المتنخّل اسْمه مَالك بن عُوَيْمِر كَمَا يَأْتِي قَرِيبا.
وَلم يصب ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء فِي زَعمه أَنه يرثي أَخَاهُ أَبَا مَالك عويمراً. وان: اسْم فَاعل من ونى فِي الْأَمر ونى وونياً من بَابي تَعب ووعد بِمَعْنى ضعف وفتر.
وَرُوِيَ بدله واهٍ وَهُوَ أَيْضا اسْم فَاعل من وهى من بَاب وعد بِمَعْنى ضعف وَسقط. والقوى: جمع قوّة خلاف الضعْف قَالَ فِي الصِّحَاح: وَرجل
شَدِيد القوى أَي: شَدِيد أسر الْخلق. يُرِيد أَن أَبَاهُ كَانَ جلدا شهماً لَا يكل أمره إِلَى أحد وَلَا يُؤَخِّرهُ لعَجزه إِلَى وَقت آخر.
وَقَوله: وَلَا بألدّ الخ الألدّ: الشَّديد الْخُصُومَة من اللّدد بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ شدّة الْخُصُومَة.
قَالَ السكّريّ فِي شرح أشعار هُذَيْل هُنَا وَتَبعهُ السيّد المرتضى فِي أَمَالِيهِ: وَمعنى لَهُ نازعٌ أَي: خلق سوء يَنْزعهُ من نَفسه يُرِيد أَنه من نزعت الشَّيْء من مَكَانَهُ من بَاب ضرب بِمَعْنى قلعته وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم لعلّ لَهُ عرقاً نزع أَي: مَال بالشبه. وَيَقُولُونَ أَيْضا: الْعرق نزّاع.
وَنزع إِلَى أَبِيه وَنَحْوه فِي الشّبَه أَي: ذهب. وَهَذَا عِنْدِي أولى.
وَقَوله: يغاري أَخَاهُ قَالَ السكّريّ وَتَبعهُ السيّد المرتضى: أَي: يلاحي ويشارّ من غاريت)
بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا واليت بَينهمَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَهُوَ من غري بالشَّيْء يغرى بِهِ. أَقُول: كَونه من غري فلَان إِذا تَمَادى فِي غَضَبه أولى. وَرُوِيَ بدله: يعادي من العدواة ضدّ الصّداقة. وَهَذَا وَمَا قبله كِلَاهُمَا داخلان تَحت النَّفْي.
وَقَوله: كعالية الرّمح الخ عالية الرمْح: مَا دخل فِي السنان إِلَى ثلثه وَمعنى: كَونه لينّا كعالية الرّمح أنّه إِذا دعِي أجَاب بسرعةٍ كعالية الرّمح فَإِنَّهُ إِذا هزّ الرّمح اضْطربَ وانهزّ للينه بِخِلَاف غَيره من الأخشاب فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّك طرفها إِذا هزّت لصلابتها ويبسها.
وَقَوله: عرد نساه العرد بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: الشَّديد. وَالضَّمِير لأبي مَالك. والنّسا قَالَ الأصمعيّ: بِالْفَتْح مَقْصُور: عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين ثمَّ يمرّ بالعرقوب حتّى يبلغ الْحَافِر فَإِذا سمنت الدابّة انفلقت فخذاها بلحمتين عظمتين وَجرى النّسا بَينهمَا واستبان. وَإِذا هزلت الدابّة اصطربت الفخذان وَمَاجَتْ الرّبلتان وخفي النّسا.
وَإِذا قَالُوا: إنّه لشديد النّسا فإنّما يُرِيدُونَ بِهِ النّسا نَفسه كَذَا فِي الصِّحَاح. قَالَ السكّريّ: أَرَادَ غليظ مَوضِع النسا.
وَقَوله: إِذا سدته سدت الخ قَالَ السيّد المرتضى: وَمعنى سدته من المساودة الَّتِي هِيَ المساررة والسّواد هُوَ السّرار كَأَنَّهُ قَالَ: إِذا ساررته طاوعك وساعدك. وَقَالَ قوم: هُوَ من وَقوم ينشدونه: إِذا سسته سست مطواعةً
وَلم أجد ذَلِك فِي رِوَايَة. انْتهى.
وَهَذِه الرِّوَايَة أثبتها أَبُو تَمام صَاحب الحماسة فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل. وسته من سست الرعيّة سياسة. والمطواع: الْكثير الطوع أَي: الانقياد وَالتَّاء لتأكيد الْمُبَالغَة.
وَاقْتصر السكّريّ على الْمَعْنى الثَّانِي فَقَالَ: يَقُول إِذا كَانَ لَك السؤدد عَلَيْهِ أطاعك وَلم يحسدك.
وَمهما وكلت إِلَيْهِ أَي: مهما تركته وإيّاه كَفاهُ. انْتهى.
والسّواد بِالْكَسْرِ كالسّرار وزنا وَمعنى.
وَهَذَا الْبَيْت يَأْتِي شَرحه إِن شَاءَ الله فِي الجوازم. وَقَوله: أَفِي أمرنَا هُوَ الخ يَعْنِي غيبته عَنَّا ألنفعنا كَمَا كَانَ تعوّد أم لشَيْء آخر كالموت. وَهَذَا كَلَام المتولّه الَّذِي حصل لَهُ ذُهُول لعظم مَا)
أَصَابَهُ.
وَقَالَ السكّريّ: هَذَا مِنْهُ توجّع أَرَادَ من يُنَادي أَبَا مَالك فيسأله أمضى أم قد ذهب وَأمره يصير إِلَيْنَا أم يذهب وَقَالَ الباهليّ: أمرنَا أمره.
وَقَوله: قَاصِر فقره على نَفسه هُوَ من الْقصر وَهُوَ الْحَبْس. والمشيع: من الإشاعة وَهِي الإذاعة. يُرِيد أنّه إِذا افْتقر أخْفى فقره وَإِذا أثرى أذاع غناهُ ليقصد من كلّ جِهَة وَهَذَا من شرف النَّفس.
وَهَذِه الأبيات على هَذَا التَّرْتِيب للمتنخّل الهذليّ رَوَاهَا ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء والسكّريّ فِي أشعار هُذَيْل والسيّد المرتضى فِي أَمَالِيهِ والأصبهانيّ
فِي أغانيه. وروى أَبُو تّمام فِي مُخْتَار أشعار البائل الْبَيْت الشَّاهِد مَعَ بَيْتَيْنِ آخَرين لذِي الإصبع العدوانيّ هَكَذَا:
…
(وَمَا إِن أسيدٌ أَبُو مالكٌ
…
بوانٍ وَلَا بضعيفٍ قواه)
(ولكنّه هيّنٌ ليّنٌ
…
كعالية الرّمح عردٌ نساه)
(فَإِن سسته سست مطواعةً
…
وَمهما وكلت إِلَيْهِ كَفاهُ)
وَأسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة. والمتنخّل بِكَسْر الْخَاء الْمُشَدّدَة اسْم فَاعل من تنخّل يُقَال تنخّلته أيّ: تخيّرته كأنّك صفتيه من نخالته. والمتنخل لقبٌ واسْمه مَالك وَهُوَ جاهليّ.
ونسبته: مَالك بن عُوَيْمِر بن عُثْمَان بن خُنَيْس بن عَادِية بن صعصعة بن كَعْب بن طابخة أَخُو بني لحيان بن هُذَيْل بن مدركه. شاعرٌ محسّن من شعراء هُذَيْل.
قَالَ الآمديّ: والمتنخّل السّعديّ شَاعِر أَيْضا وَلم يَقع إليّ من شعره شيءٌ. وَاسْتشْهدَ
(يَا زبرقان أَخا بني خلفٍ
…
مَا أَنْت ويب أَبِيك وَالْفَخْر)
وَمن شعر المتنخّل الهذليّ أنْشدهُ أَبُو عبيد البكريّ فِي شرح نَوَادِر القالي وَلَيْسَ مَوْجُودا فِي رِوَايَة السكّريّ: الْبَسِيط
(لَا ينسئ الله منّا معشراً شهدُوا
…
يَوْم الأميلح لَا عاشوا وَلَا مرحوا)
…
(عقّوا بسهمٍ فَلم يشْعر لَهُ أحدٌ
…
ثمّ استفاؤوا وَقَالُوا حبذا الوضح)
قَالَ البكريّ: هَذَا من شعر يهجو بِهِ نَاسا من قومه كَانُوا مَعَ أَبِيه حجّاجاً يَوْم قتل. وَقَوله: لَا ينسئ الله أَي: لَا يُؤَخر الله مَوْتهمْ من الْإِنْشَاء وَهُوَ التَّأْخِير.)
قَالَ أَبُو العبّاس ثَعْلَب: التّعقية: سهم الِاعْتِذَار. قَالَ ابْن الأعرابيّ: أصل هَذَا أَن يقتل الرجل رجلا من قبيلته فيطلب الْقَاتِل بدمه فتجتمع جمَاعَة من الرؤساء إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول بديةٍ مكملة ويسألونهم الْعَفو وَقبُول الدِّيَة فَإِن كَانَ أولياؤه ذَوي قوّة أَبَوا ذَلِك وإلاّ قَالُوا لَهُم: بَيْننَا وَبَين خالقنا علامةٌ لِلْأَمْرِ والنّهي فَيَقُول الْآخرُونَ: مَا علامتكم فَيَقُولُونَ: أَن نَأْخُذ سَهْما فنرمي بِهِ نَحْو السَّمَاء فَإِن رَجَعَ إِلَيْنَا مضرّجاً بِالدَّمِ فقد نهينَا عَن أَخذ الدِّيَة وَإِن رَجَعَ كَمَا صعد فقد أمرنَا بأخذها. وَحِينَئِذٍ مسحوا لحاهم وصالحوا على الدِّيَة. وَكَانَ مسح اللّحية عَلامَة للصّلح قَالَ الأسعر الْجعْفِيّ: قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَا رَجَعَ ذَلِك السّهم قطّ إلاّ نقيّاً وَلَكنهُمْ يَعْتَذِرُونَ بِهِ عِنْد الجهّال انْتهى. وعقّوا بِضَم الْقَاف وَفتحهَا لأنّه جَاءَ من بَابَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَال: عقّ بِالسَّهْمِ إِذا رمي بِهِ نَحْو السَّمَاء وَذَلِكَ السهْم يسمّى عقيقة بقافين وَيُقَال لَهُ أَيْضا: سهم