الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا تحريضٌ على الصُّلْح وتثبيط على الْحَرْب. وَأَرَادَ بأنفاسها أوائلها ومن فِي الْمَوْضِعَيْنِ ابتدائية.
وَالْعَبَّاس بن مرداس صحابيّ أسلم قبل فتح مَكَّة بِيَسِير وَهُوَ مِمَّن حرّم الْخمر على نَفسه فِي الْجَاهِلِيَّة وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّابِع عشر من أَوَائِل الْكتاب.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
الْبَسِيط
(إمّا أَقمت وأمّا أَنْت مرتحلاً
…
فَالله يكلأ مَا تَأتي وَمَا تدر)
على أَنه يدل لصِحَّة قَول الْكُوفِيّين: كَون أَن الْمَفْتُوحَة الْهمزَة أَدَاة شَرط مَجِيء الْفَاء فِي جوابها مَعَ عطف أما أَنْت على إِمَّا أَقمت بِكَسْر الْهمزَة.
قد صوّب ابْن هِشَام أَيْضا فِي الْمُغنِي رَأْي الْكُوفِيّين كَمَا صوّب الشَّارِح المحقّق واستدلّ لَهُم بِعَين مَا اسْتدلَّ بِهِ الشَّارِح وَهَذَا من توَافق الخاطر كَمَا يُقَال
قد يَقع الْحَافِر مَوضِع الْحَافِر.
وَهَذِه عِبَارَته:
ويرجح مَذْهَب الكوفييّن عِنْدِي أُمُور: أَحدهَا توارد إِن الْمَفْتُوحَة والمكسورة على المحلّ الْوَاحِد وَالْأَصْل التوافق وَقُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى: أَن تضلّ إِحْدَاهمَا ولَا يجر مِنْكُم شنآن قوم أَن صدوكم أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحاً أَن كُنْتُم قوما مسرفين. وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْله: الطَّوِيل الثَّانِي مَجِيء الْفَاء بعْدهَا كثيرا كَقَوْلِه: أَبَا خراشة أما أَنْت ذَا نفر
…
...
…
... . . الْبَيْت الثَّالِث عطفها على أَن الْمَكْسُورَة فِي قَوْله: إِمَّا أَقمت وَأما أَنْت مرتجلا
…
...
…
... . الْبَيْت)
الرِّوَايَة بِكَسْر إِن الأولى وَفتح الثَّانِيَة. فَلَو كَانَت الْمَفْتُوحَة مصدريّة لزم عطف الْمُفْرد على الْجُمْلَة. وتعسّف ابْن الْحَاجِب فِي تَوْجِيه ذَلِك فَقَالَ: لما معنى
قَوْلك إِن جئتني أكرمتك وقولك أكرمك لإتيانك إيّاي وَاحِدًا صحّ عطف التَّعْلِيل على الشَّرْط فِي الْبَيْت. وَكَذَلِكَ تَقول: إِن جئتني وأحسنت
إليّ أكرمتك ثمَّ تَقول: إِن جئتني ولإحسانك إليّ أكرمتك وَتجْعَل الْجَواب لَهما هـ.
وَمَا أظنّ أنّ الْعَرَب فاهت بذلك يَوْمًا. انْتهى كَلَام ابْن هِشَام.
وَكَلَام ابْن الْحَاجِب الَّذِي نَقله هُوَ فِي الْإِيضَاح شرح الْمفصل وَقد اختصر كَلَامه وَهَذِه عِبَارَته: وَقد رُوِيَ قَوْله: إمّا أَقمت وَأما أَنْت مرتحلا
…
...
…
... الْبَيْت بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي: أمّا كسر الأوّل فلأنّه شَرط فَوَجَبَ كَسره وَدخُول مَا عَلَيْهِ كدخولها فِي قَوْلك: أمّا أَنْت مُنْطَلقًا. وَقد تقدّم ذكره.
وَقَوله: فَالله يكلأ مَا تَأتي الخ فجواب الشَّرْط معلّل بقوله: أمّا أَنْت مرتحلا. وصحّ أَن يكون لَهما جَمِيعًا من حَيْثُ كَانَ الشَّرْط والعلّة فِي معنى وَاحِد أَلا ترى أَن قَوْلك إِن أتيتني أكرمتك.
بِمَعْنى قَوْلك: أكرمتك لأجل إتيانك فَإِذا ثَبت أنّ الشَّرْط والتّعليل بِمَعْنى واحدٍ صحّ أَن تعطف أَحدهمَا على الآخر وَتجْعَل الْجَواب لَهما جَمِيعًا فِي الْمَعْنى فَصَارَ مثل قَوْلك: إِن أكرمتني وأحسنت إليّ أكرمتك وإلاّ أنّه وضع مَوضِع أَحْسَنت إليّ لفظ التَّعْلِيل فَصَارَ كَأَنَّك قلت: إِن أكرمتني فلأجل إتيانك فَأَنا أكرمك. وَذَلِكَ سَائِغ. هَذَا كَلَامه.
وَقد ناقش الدّمامينيّ كَلَام ابْن هِشَام فِي الأدلّة الثَّلَاثَة بالتعسّف كَمَا لَا يخفى على من تامله. والكلاءة بِالْفَتْح والمدّ: الْحِفْظ ومَا مَوْصُولَة والعائد مَحْذُوف أَي: مَا تَأتيه وَمَا تذره. وتذر بِمَعْنى تتْرك وَقد أماتوا ماضيه ومصدره وَاسم فَاعله وَاسم مَفْعُوله كيدع.
وَهَذَا الْبَيْت مَعَ استفاضته فِي كتب النَّحْو لم أظفر بقائله وَلَا بتتمته وَالله أعلم بِهِ.