الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب
…
مغلغلة من الرجل الْيَمَانِيّ)
الأبيات الْمُتَقَدّمَة. فَقَالَ: لَا وَالَّذِي عظّم حقّك مَا قلتهَا وَلَقَد بَلغنِي أنّ عبد الرَّحْمَن بن الحكم قَالَهَا ونسبها إليّ. قَالَ: أفلم تقل كَذَا وَكَذَا. . وسرد أشعاره ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ فقد عَفَوْت عَن جرمك فاسكن أيّ أَرض شِئْت. فَاخْتَارَ الْموصل ثمَّ ارْتَاحَ إلأى الْبَصْرَة فَقَدمهَا فَدخل على عبيد الله فَاعْتَذر إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ الصّفح والأمان فأمنّه فَأَقَامَ بهَا مدّة ثمَّ دخل عَلَيْهِ فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير إِنِّي قد ظَنَنْت أنّ نَفسك لَا تطيب لي بِخَير أبدا ولي أعداءٌ وَلَا آمن سَعْيهمْ عليّ بِالْبَاطِلِ وَقد رَأَيْت أَن أتباعد. فَقَالَ لَهُ: إِلَى أَيْن شِئْت فَقَالَ: كرمان.
فَكتب لَهُ إِلَى شريك بن الْأَعْوَر وَهُوَ عَلَيْهَا بجائزة وَقَطِيعَة فشخص إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ فِي طاعون الجارف أَيَّام مُصعب بن الزّبير.
هَذَا مَا لّخصته من الأغاني وَهُوَ كشذرة من عقد نحر أَو قَطْرَة من قَامُوس بَحر.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الثلاثمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد المفصّل: الْكَامِل
(يَا قرّ إنّ أَبَاك حيّ خويلد
…
قد كنت خائفة على الإحماق)
لما تقدّم قبله. وَذهب أَبُو عليّ فِي الْإِيضَاح الشّعريّ عِنْد ذكره هَذِه الشواهد إِلَى أنّ لفظ حيّ زَائِد لَا غير وَتَبعهُ الزمخشريّ فِي المفصّل والبيضاوي فِي اللبّ وتعقبّه شَارِحه الشيّد عبد الله بأنّه غير زَائِد من
حَيْثُ الْمَعْنى فإنّه يُفِيد نوعا من تحقير مَا أضيف إِلَيْهِ حيّ كأنّه يَقُول: هَذَا شخصٌ لَيْسَ سوى أنّه حيّ وشبحٌ مَا فِيهِ سوى أنّه حسّاس. انْتهى.
وَلَا يخفى أَن هَذِه النّكتة قَاصِرَة على هَذَا الْبَيْت لَا تتمشّى لَهُ فِي غَيره. وقرّ بِضَم الْقَاف: مرخّم قرّة. وحيّ خويلد: بدلٌ أَو عطف بَيَان من أَبَاك. وَجُمْلَة قد كنت خائفه خبر إنّ. والإحماق: مصدر أَحمَق الرجل: إِذا ولد لَهُ ولدٌ أَحمَق وَكَذَا أحمقت الْمَرْأَة وأمّا حمق بِدُونِ ألف فَهُوَ من الْحمق بِالضَّمِّ وَهُوَ فسادٌ فِي الْعقل وَهُوَ من بَاب تَعب وَوَصفه حمقٌ بِكَسْر الْمِيم وَأما أَحمَق فَفعله حمق بالضمّ وَالْأُنْثَى حمقى. وعَلى مُتَعَلقَة بخائفه يُقَال: خفته وَالْمعْنَى إنّني كنت أرى من أَبِيك مخايل تدلّ على أنّه يلد ولدا أَحمَق وَقد تحقّق بولادته إيّاك.
وَمثل هَذَا أبلغ من أَن يَقُول لَهُ: أَنْت أَحمَق لأنّ ذَلِك يشْعر بتحقّق ذَلِك فِيهِ أَي: كَانَ مَعْرُوفا من أَبِيك قبل أَن يلدك. فَهَذَا أبلغ من دَعْوَى الْحمق فِيهِ الْآن.
وَإِدْرَاك مثل هَذِه الْمعَانِي لَا يكَاد يحصل بالتعبير وَإِنَّمَا هُوَ أمرٌ فِي الْغَالِب يدْرك بالقوّة الَّتِي جعلهَا الله تَعَالَى فِي أهل هَذَا اللِّسَان. كَذَا فيأمالي ابْن الْحَاجِب.
وَهَذَا الْبَيْت نسبه أَبُو زيد فِي نوادره إِلَى جبّار بن سلمى بن مَالك قَالَ: وَهُوَ جاهليّ.
وَأورد بعده:
…
(وكأنّ حَيا قبلكُمْ لم يشْربُوا
…
فِيهَا بأقلبةٍ أجنّ زعاق)
هَذَا الحيّ بِمَعْنى الْقَبِيلَة. وأقلبة جمع قليب بِمَعْنى الْبِئْر قَالَ الرياشيّ: هَذَا يدلّ على تذكير القليب لأنّه قَالَ أقلبة وَالْجمع قلب وَلَكِن جَاءَ بِهِ على رغيف وأرغفه للْجمع الْقَلِيل. انْتهى.
وَالْبَاء بِمَعْنى من. وأجنّ فعلٌ مَاض وَالنُّون الْأَخِيرَة فَاعله تعود على أقلبة لما سكن لَهَا لَام الْفِعْل أدمغت فِيهَا يُقَال: أجن المَاء ياجن بِضَم الْجِيم وَكسرهَا. إِذا تغيّر. وَضمير فِيهَا للمنيّة.
وَضرب القليب مثلا لَهَا. وَقد يكون القليب الْقَبْر قَالَه ابْن برّيّ فِي شرح أَبْيَات إِيضَاح)
الفارسيّ. والزّعاق بِضَم الزَّاي بعْدهَا عين مُهْملَة: المَاء المرّ الغليظ لَا يُطَاق شربه من وحبّار بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الموحّدة وَآخره رَاء مُهْملَة. وَقد أوردهُ الآمديّ فِي المؤتلف والمختلف وَقَالَ: هُوَ جبّار بن سلمى بن مَالك من بني عَامر بن صعصعة.
وَأنْشد لَهُ المفضّل فِي المقطّعات: الوافر
(وَمَا للعين لَا تبْكي بجيراً
…
إِذا افترّت عَن الرّمح اليدان)
(وَمَا للعين لَا تبْكي بجيراً
…
وَلَو أَنِّي نعيت لَهُ بكاني)
وَذكر ثَلَاثَة من الشُّعَرَاء يوافقونه فِي اسْمه أحدهم: جبّار بن مَالك بن حمَار بن شمخ بن فَزَارَة.