الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبسيّ الكملة: ربيعاً الْكَامِل وَعمارَة الوهّاب وَقيس الْحفاظ وَأنس الفوارس.
وَقيل لَهَا: أيّ بنيك أفضل فَقَالَت: ربيع بل عمَارَة بل قيس بل أنس ثكلتهم إِن كنت وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْبَسِيط
(أَبَا خراشة أمّا أَنْت ذَا نفر
…
فإنّ قومِي لم تأكلهم الضّبع)
على أَن أصل أما أَنْت: لِأَن كنت. كَمَا شَرحه الشَّارِح الْمُحَقق وبيّن مختاره وَسَيَأْتِي فِي الشَّاهِد الَّذِي يَلِيهِ ذكر من وَافقه.
وَهَذَا الْبَيْت وَنَحْوه اخْتلف فِي تَخْرِيجه أهل البلدين قَالَ أَبُو عليّ فِي البغداديات: قَالَ سِيبَوَيْهٍ: سَأَلته يَعْنِي الْخَلِيل عَن قَوْله: أما أَنْت مُنْطَلقًا أَنطلق مَعَك فَرفع وَهُوَ قَول أبي عَمْرو حدّثنا بِهِ يُونُس يُرِيد أنّه رفع أَنطلق وَلم يجزمه على أنّه جَزَاء. وَحكى أَبُو عمر الجرميّ عَن الأصمعيّ
فِيمَا أظنّ المجازاة بأمّا الْمَفْتُوحَة الْهمزَة وَزعم أنّه لم يحكه غَيره. وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ أَبُو عمر يقويّه الَّذِي ذكرنَا وَهُوَ: أَبَا خراشة أمّا أَنْت ذَا نفرٍ
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْت مَا يحمل عَلَيْهِ أَن فَيتَعَلَّق بِهِ كَمَا أَنَّهَا فِي قَوْلهم أما أَنْت مُنْطَلقًا أَنطلق مَعَك فَإِن قلت: يكون مُتَعَلقا بِفعل مُضْمر يفسّره مَا بعده فَالْجَوَاب مَا يكون تَفْسِيرا لَا يعْطف بِهِ على المفسّر أَلا ترى أنّك تَقول: إِن زيدا ضَربته وَلَا يجوز إِن زيدا فضربته فَإِذا لم يجز كَانَت الْفَاء فِي فإنّ قومِي جَوَاب شَرط وَأَنت مُرْتَفع بِفعل مُضْمر.
فَإِن قلت: قد تزاد الْفَاء كَمَا حكى أَبُو الْحسن: أَخُوك فَوجدَ فاحملها فِي الْبَيْت على هَذَا ليصحّ إِضْمَار الْفِعْل المفسّر وَفِي حمل الْبَيْت عَلَيْهِ تقويةٌ لما ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من أَن أمّا فِي الْبَيْت إنّما هِيَ أَن الناصبة ضمّت إِلَيْهَا مَا إلاّ أَن القَوْل بزيادتها لَيْسَ من مذهبي هـ.
وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي اماليه: دُخُول الْفَاء هُنَا فِي الْمَعْنى كدخولها فِي جَوَاب الشَّرْط لأنّ قَوْلك)
لِأَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت بِمَعْنى قَوْلك: إِن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت لِأَن الأول سببٌ للثَّانِي فِي الْمَعْنى فلمّا كَانَ كَذَلِك دخلت دلَالَة على السّبييّة كَمَا تدخل فِي جَوَاب الشَّرْط فَلهَذَا الْمَعْنى جَاءَت الْفَاء بعد الشَّرْط المحقّق وَالتَّعْلِيل وَهِي لَهما جَمِيعًا فِي الْمَعْنى. هـ.
وَقَالَ ابْن خلف: قَالَ عليّ بن عبد الرّحمن: عِنْدِي فِيهِ وجهٌ آخر وَهُوَ أَن تجْعَل الْفَاء جَوَابا لما دلّ عَلَيْهِ حرف النّداء المقدّر من التَّنْبِيه
والإيقاظ كأنّه قَالَ: تنبّه وتيقظ. فإنّ قومِي لم تأكلهم الضبّع. وَفِيه نظر.
وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: الْفَاء لتعليل لم أذلّ المقدّر وَالْمعْنَى: وَيجوز أَن أَن تكون الْفَاء جَزَاء الشَّرْط فِي قَوْله: أمّا أَنْت بِنَاء على مَذْهَب الكوفييّن: من أنّ أصل أَن فِي هَذَا إِن الْمَكْسُورَة الَّتِي للجزاء وأنّها إنّما تفتح إِذا دخلت عَلَيْهَا مَا لَيْلهَا الِاسْم.
ويجيزون أمّا زيد قَائِما أقِم مَعَه بِفَتْح الْهمزَة هـ.
وَقَالَ عليّ بن عبد الرّحمن: وَفِي الْبَيْت عِنْدِي حذف يقوم من بقّيته الدّلالة
عَلَيْهِ وَهُوَ بطرت أَو بغيت أَو فخرت وَبِه يتَعَلَّق الجارّ ثمّ اسْتَأْنف فَقَالَ: إِن قومِي الخ.
وَقَوله: أَبَا خراشة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة منادى بِحَذْف حرف النّداء المقدّر.
وَأَبُو خراشة كنيةٌ واسْمه خفاف بن ندبة بضمّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء. وندبة بِفَتْح النُّون وَسُكُون الدَّال بعْدهَا موحّدة وَهِي اسْم أمّه اشْتهر بهَا. وخفاف صحابيّ شهد فتح مكّة مَعَ النّبي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ لِوَاء بني سليم وَشهد حنيناً والطائف أَيْضا وَهُوَ مِمَّن ثَبت على إِسْلَامه فِي الرّدّة وَهُوَ أحد فرسَان قيس وشعرائها.
وَكَانَ أسود حالكاً وَهُوَ أحد أغربة
الْعَرَب الثَّلَاثَة وَهُوَ ابْن عمّ الخنساء الصّحابيّة الشّاعرة وَتَأْتِي لَهُ تَرْجَمَة أبسط ممّا هُنَا فِي مَحَله إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وأَنْت اسْم لَكَانَ المحذوفة وذَا نفر خَبَرهَا. وَعند ابْن جنّي هما معمولان لما الْوَاقِعَة عوضا من الْفِعْل ومصلحة للّفظ لتزول مُبَاشرَة أَن الِاسْم وَهَذِه عِبَارَته فِي الخصائص: فَإِن قلت: بِمَ ارْتَفع وانتصب: أَنْت مُنْطَلقًا قيل بِمَا لِأَنَّهَا عَاقَبت الْفِعْل الرافع النّاصب فَعمِلت عمله من الرّفْع والنّصب وَهَذِه طَريقَة أبي عليّ وجلّة أَصْحَابنَا من قبل أنّ الشَّيْء إِذا عاقب الشَّيْء ولي من الْأَمر
مَا كَانَ الْمَحْذُوف يَلِيهِ من ذَلِك الظّرْف إِذا تعلّق بالمحذوف فإنّه يتضمّن الضَّمِير الَّذِي كَانَ فِيهِ وَيعْمل مَا كَانَ يعمله: من نَصبه الْحَال والظرف وعَلى ذَلِك صَار قَوْله: فَاه إِلَى فيّ من)
قَوْله: كَلمته فَاه إِلَى فيّ ضَامِنا للضمير الَّذِي كَانَ فِي جاعلاً لّما عاقبه. هـ.
قَالَ ابْن خلف: وعَلى هَذَا يلغز فَيُقَال: هَل تعرف مَا فِي كَلَام الْعَرَب رَافِعَة للاسم وناصبه للْخَبَر وَلَيْسَت بالنافية الَّتِي يعملها أهل الْحجاز بل هِيَ موجبةٌ لَا نَافِيَة.
وروى أَبُو خَليفَة الدّينوريّ فِي كتاب النَّبَات وَتَبعهُ ابْن دُرَيْد فِي الجمهرة: أَبَا خراشة أما كنت ذَا نفرٍ وَعَلَيْهَا فَلَا شَاهد فِي الْبَيْت وَمَا زَائِدَة. وَهَذِه الرِّوَايَة تؤيّد قَول الكوفييّن الْقَائِلين إِن الْمَفْتُوحَة شرطيّة يجازى بهَا.
وَمن الغرائب مَا نَقله صَاحب نفحات الأرج فِي شرح أَبْيَات الْحجَج عَن الأصمعيّ أنّ الْعَرَب تجازي بأنت فَتَقول: مَا أَنْت منطلق أَنطلق مَعَك. وَهَذَا نَادِر وَلَا يعْتَبر فَإِن المجازاة لَا تقع إلاّ على الْفِعْل وأمّا الْأَسْمَاء فإنّها لَا يصحّ عَلَيْهَا المجازاة. كَذَا فِي شرح أَبْيَات الموشح. والنَّفر قَالَ الفرّاء: نفر الرجل: رهطه وَيُقَال لعدّة من الرّجال من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور. والضّبع قَالَ حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ فِي أَمْثَاله الَّتِي على وزن أفعل عِنْد قَوْله: أفسد من الضّبع: إِنَّهَا إِذا وَقعت فِي الْغنم عاثت وَلم تكتف بِمَا يَكْتَفِي بِهِ الذِّئْب. وَمن إفسادها وإسرافها فِيهِ استعارت الْعَرَب اسْمهَا للسّنة المجدبة فَقَالُوا: أكلتنا الضبع.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: لَيْسَ يُرِيدُونَ بالضّبع السّنة وإنّما هُوَ أنّ النَّاس إِذا أجدبوا ضعفوا عَن الِانْتِصَار وَسَقَطت قواهم فعاثت فيهم الضباع والذّئاب فأكلتهم وَمِنْه قَوْله: أَبَا خراشة أما أَنْت ذَا نفر
…
...
…
... الْبَيْت
أَي: إنّ قومِي لَيْسُوا بضعافٍ تعيث فيهم الضباع والذئاب. وَإِذا اجْتمع الذّئب والضبع فِي الْغنم سلمت الْغنم وَمِنْه قَوْلهم اللهمّ ذئباً وضبعاً أَي: اجمعهما فِي الْغنم لأنّ كلاًّ مِنْهُمَا يمْنَع صَاحبه هـ.
وَهَذَا الْبَيْت من أَبْيَات للعبّاس بن مرداس السّلميّ لَا للهذليّ كَمَا زعم بعض شرّاح أَبْيَات الْمفصل.
وَبعده:
(السّلم تَأْخُذ مِنْهَا مَا رضيت بِهِ
…
وَالْحَرب يَكْفِيك من أنفاسها جرع)
وَهَذَا الْبَيْت اسْتشْهد بِهِ الْبَيْضَاوِيّ عِنْد قَوْله تَعَالَى: ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة على أنّ السّلم)
تؤنث كالحرب. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: السّلم الصُّلْح تفتح وتكسر وتذكّر وتؤنث.
وَكَذَلِكَ اسْتشْهد بن ابْن السّكّيت فِي إصْلَاح الْمنطق قَالَ التّبريزيّ فِي أيضاح الْإِصْلَاح: الجرع: جمع جرعة: وَهِي ملْء الْفَم. يُخبرهُ أنّ السّلم هُوَ
فِيهَا وداع ينَال من مطالبه مَا يُرِيد فَإِذا جَاءَت الْحَرْب قطعته عَن لذاته وشغلته بِنَفسِهِ هـ.