الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمَنْصُوب بِلَا الَّتِي لنفي الْجِنْس)
أنْشد فِيهِ وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
: الْبَسِيط
(أودى الشّباب الَّذِي مجدٌ عواقبه فِيهِ نلذُّ وَلَا لذّات للشّيب)
على أَن جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم يبْنى على الْفَتْح مَعَ لَا بِدُونِ تَنْوِين كلذّات فِي الْبَيْت فإنّه مبنيّ مَعَ لَا على الْفَتْح وَرَوَاهُ شرّاح الألفيّة بِالْفَتْح وَالْكَسْر كَمَا يجوز مثله فِي الْجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم المبنيّ مَعَ لَا.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لِسَلَامَةِ بن جندل السّعديّ عدّتها اثْنَان وَثَلَاثُونَ بَيْتا وَهِي مسطورة فِي المفضّليّات أوّلها:
(أودى الشّباب حميدا ذُو التّعاجيب
…
أودى وَذَلِكَ شأؤٌ غير مَطْلُوب)
(ولى حثيثاً وَهَذَا الشّيب يَطْلُبهُ
…
لَو كَانَ يُدْرِكهُ ركض اليعاقيب)
أودى الشّباب الَّذِي مجدٌ عواقبه
…
...
…
... . الْبَيْت
قَوْله: أودى أَي: ذهب واضمحلّ وحميدا حالٌ من الشَّبَاب أَي: مَحْمُودًا. وكرّر أودى للتَّأْكِيد وَالْمرَاد بِهِ التحسّر والتفجع لَا الْإِخْبَار المجرّد. قَالَ ابْن الانباريّ: التعاجب الْعجب يُقَال: إنّه جمع لَا وَاحِد لَهُ.
وروى: ذُو الْأَعَاجِيب جمع أعجوبة وَالْمعْنَى: كَانَ الشَّبَاب كثير الْعجب يعجب الناظرين إِلَيْهِ ويروقهم. وَاسم الْإِشَارَة لمصدر أودى. والشّأو مَهْمُوز الْوسط:
الطّلق. يُقَال: جرى الْفرس شأواً أَو شأوين أَي: طلقاً أَو طلقين وَيَأْتِي بِمَعْنى السّبق أَيْضا يُقَال شأوته أَي: سبقته. يَقُول: وَذَلِكَ الإبداء شأوه سَابق قد مضى لَا يدْرك وَلَا يطْلب. وروى بدل أودى ولّى.
وَقَوله: ولّى حثيثاً الخ أَي: ذهب الشَّبَاب وَأدبر حثيثاً سَرِيعا. وَجَوَاب لَو مَحْذُوف أَي: لطلبته وَلكنه لَا يدْرك. واليعاقيب جمع يَعْقُوب وَهُوَ ذكر الحجل وخصّ اليعقوب لسرعته.
قَالَ ابْن الأنباريّ: وَقَالَ عمَارَة: اليعاقيب يعْنى بِهِ ذَوَات الْعقب من الْخَيل. والْعقب أَن يَجِيء جريٌ بعد جري.
وروى أَبُو عَمْرو: ركض اليعاقيب بِالنّصب. يَقُول: لَو أدْرك طَالب الشَّبَاب شبابه بركضٍ)
كركض اليعاقيب لطلبه وَلَكِن الشَّبَاب إِذا ولّى لم يدْرك. وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ ولّى الشَّبَاب حثيثاً ركض اليعاقيب وَهَذَا الشّيب يتبعهُ. ويروى: جري اليعاقيب.
وَقَوله: أودى الشَّبَاب. . الخ قَالَ ابْن الأنباريّ: يَقُول: ذهب الشَّبَاب الَّذِي إِذا تعقبت أُمُوره وجد فِي عواقبه الْخَيْر إمّا بغزو أَو رحْلَة أَو وفادة إِلَى ملك. وعواقبه: أواخره.
وَقَالَ أَحْمد: قَوْله مجدٌ عواقبه أَي: آخر الشَّبَاب مَحْمُود ممجّد إِذا حلّ الشيب وَذكر الشَّبَاب فَحَمدَ الشَّبَاب لذمّه وَالْمجد: كرم الْفِعْل وَكَثْرَة الْعَطاء. يُقَال فِي مثل: فِي كلّ شجر نارٌ واستمجد المرخ والعفار أَي: كثرت ناراهما. وإنّما يمجد الرّجل بِفِعْلِهِ وإنّما يُمكنهُ الفعال وَهُوَ شابُّ قويٌّ نشيط.
-
وَقَوله: فِيهِ نلدّ بِفَتْح اللَّام أَي: إنّما تكون اللّذاذة والطّيب فِي الشَّبَاب وَالْجُمْلَة اسْتِئْنَاف بيانيّ. والشّيب بِالْكَسْرِ: جمع أشيب وَهُوَ الَّذِي ابيضّت لحيته يُرِيد لَيْسَ فِي الشّيب مَا ينْتَفع بِهِ إنّما فِيهِ الْهَرم والعلل. وإنّما جمع اللّذّة
لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْوَاع اللّذائذ.
وَرُوِيَ أَيْضا: ذَاك الشَّبَاب الَّذِي مجدٌ عواقبه. وَلم يرو أحدٌ إنّ الشّباب بدل أودى فِيمَا رَأينَا. وَزعم ابْن هِشَام فِي شرح شواهده أَن الرِّوَايَة بإنّ وَأَن ابْن النَّاظِم حرّفه فَرَوَاهُ أودى الشّباب قَالَ: وَلَوْلَا أنّ لبقي قَوْله فِيهِ نلذ غير مُرْتَبِط بِشَيْء. وَهَذَا كَمَا ترى عسفٌ فِي الرِّوَايَة وتخطئة للمصيب.
وَقَوله: يَوْمَانِ يَوْم الخ قَالَ ابْن الأنباريّ عَن الرستميّ: فسّر العواقب بقوله: يَوْمَانِ وَبِمَا بعده فِي الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ: يومٌ فِي الْمجَالِس خَطِيبًا وَيَوْم سير إِلَى الأعذاء وَالْكَبِير يعجز عَن هَذَا. والمقامة بِالْفَتْح: الْمجْلس وروى أَبُو عَمْرو بِالضَّمِّ بِمَعْنى الأغقامة. والأندية: الأفنية. والنديّ والنّادي: الْمجْلس.
قَالَ أَحْمد: أَرَادَ بِهِ اللهو والتنعّم وتأويب: صفة سير وَهُوَ السّرعة فِي السّير والإمعان فِيهِ يُقَال: أوّب الرجل فِي سَفَره تأويباً إِذا أمعن. وَقَالَ أَحْمد: أوّب: وصل اللَّيْل بِالنَّهَارِ مَعَ الإمعان.
وَفِي هَذِه القصيدة أَبْيَات من شَوَاهِد أدب الْكَاتِب وَغَيره. وسَلامَة هَذَا قَالَ يَعْقُوب بن السّكّيت: هُوَ سَلامَة بن جندل بن عبد عَمْرو بن عبيد بن الْحَارِث بن مقاعس بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم قَالَ: وَكَانَ من فرسَان الْعَرَب الْمَعْدُودين وأشدّائهم الْمَذْكُورين هـ.)
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء: سَلامَة بن جندل جاهليّ قديم وَهُوَ من فرسَان تَمِيم الْمَعْدُودين وَأَخُوهُ أَحْمَر بن جندل من الشُّعَرَاء والفرسان