الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ: أكره أَن آخذ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا لَا أعطي مثله.
وأنشده بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الرجز
(مرّ اللَّيَالِي أسرعت فِي نقضي
…
أخذن بَعْضِي وتركن بَعْضِي)
إِلَى أنّ مرّ اكْتسب التَّأْنِيث من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ: أخذن.
وسيبويه جعل محلّ الشَّاهِد أسرعت فَفِي الْبَيْت قد اكْتسب المذكّر فِيهِ التَّأْنِيث بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: التَّأْنِيث فَقَط وَهُوَ بِالنّظرِ إِلَى قَوْله أسرعت.
وَثَانِيهمَا: التَّأْنِيث والجمعيّة وَهُوَ بِالنّظرِ إِلَى قَوْله أخذن وَكَانَ الْمُنَاسب للشَّارِح المحقّق أَن يضمّ هَذَا الْبَيْت الَّذِي بعده أَو يُوَافق سِيبَوَيْهٍ وَمن تبعه.
ويروى: طول اللّيالي قَالَ ابْن خلف: الشَّاهِد فِيهِ أنّه قَالَ: أسرعت فأنّث الضَّمِير الَّذِي هُوَ فَاعل أسرعت. وَيجب أَن يكون مذكراً لأنذه يَنْبَغِي أَن يعود إِلَى الْمُبْتَدَأ والمبتدأ مذكّر وَهُوَ الطّول. وإنّما أنّثه لأنّه أضَاف الطّول إِلَى اللّيالي وَلَيْسَ الطّول شَيْئا غَيرهَا فأخلص الْخَبَر لليالي دون الطّول. فقد بَان
وَهَذَا ناظرٌ إِلَى الْوَجْه الثَّانِي من وَجْهي كَلَام المبّرد الْمَنْقُول عَنهُ فِي الْبَيْت السَّابِق.
وَقَالَ أَبُو عليّ الفارسيّ فِي التّكرة القصريّة: قَول ذِي الرّمّة: الطَّوِيل
(مشين كَمَا اهتزّت رماحٌ تسفهت
…
أعاليها مرّ الرّياح النّواسم)
أحسن من قَوْله: طول اللّيالي أسرعت فِي نقضي لأنّ الرّيح لَا تكون ريحًا إلاّ بمرورها ومدافعة الْهَوَاء بعضه بَعْضًا فَحسن أَن تجْعَل هِيَ هُوَ.
وَلَيْسَ طول اللّيالي كَذَلِك لأنّ اللّيل قد يكون لَيْلًا وإنم لم يكن طَويلا. انْتهى.
وَفِيه نظر: فإنذه لَيْسَ مُرَاد الشَّاعِر أنّ اللَّيَالِي الطّوال دون الْقصار أسرعت فِي نقضه وإنّما يُرِيد تكْرَار الزّمان لياليه وأيّامه طَالَتْ اللّيالي أَو قصرت وَالزَّمَان لَا يَنْفَكّ عَن التّكرار كَمَا لَا تنفكّ الرّيح عَن الهبوب والمرور. وَهَذَا لَازم فتأمّل.
وَرُوِيَ الْبَيْت: إنّ اللّيالي أسرعت وَرَوَاهُ الجاحظ أَيْضا فِي الْبَيَان:)
أرى اللّيالي أسرعت وروى المصراع الثَّانِي هَكَذَا أَيْضا:
نقضن كلّي ونقضن بَعْضِي والنَّقْض: هدم الْبناء حجرا فحجرا وَهَذَانِ البيتان من أجوزة للأغلب العجليّ ذكرهمَا أَبُو حَاتِم فِي كتاب المعمّرين وَأورد بعدهمَا:
(حنين طولي وحنين عرضي
…
أقعدنني من بعد طول نهضي)
وَكَانَ الْأَغْلَب العجليّ مّمن عمّر عمرا طَويلا فِي الجاهليّة وَالْإِسْلَام. اسْلَمْ وَاسْتشْهدَ بوقعة نهاوند.
وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعِشْرين بعد الْمِائَة.
وَزعم أَبُو مُحَمَّد الأعربيّ فِي فرحة الأديب انّ هَذَا الرجز لَيْسَ للأغلب وإنّما هُوَ من شوارد الرّجز لَا يعرف قَائِله. وَمن حفظ حجّةٌ على من لم يحفظ.
وَقد رَوَاهُ للأغلب صَاحب الأغاني أَيْضا قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهُوَ كَذَا: الرجز
(أَصبَحت لَا يحمل بَعْضِي بَعْضِي
…
منفّهً أروح مثل النّقض)
(مرّ اللّيالي أسرعت فِي نقضي
…
طوين طولي وطوين عرضي)