الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَشْديد الْفَاء: الْجنب يَعْنِي أفلت الذِّئْب من الْعقَاب وَنَجَا لَكِن ثقبت جنبه.
وترجمة امْرِئ الْقَيْس قد تقدّمت فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْكَامِل
(لَا كالعشيّة زَائِرًا ومزورا)
على أنّ زَائِرًا قيل مَنْصُوب على تَقْدِير فعل أَي: لَا أرى كعشية الْيَوْم زَائِرًا. وَإِنَّمَا لم يَجْعَل الْكَاف اسْما ل لَا مُضَافا إِلَى العشيّة وَيكون زَائِرًا عطف بَيَان للكاف تبعه على اللَّفْظ أَو صفة على طرز الْبَيْت الَّذِي قبله لأنّ الزّائر غير العشية فَلَمَّا كَانَ الثَّانِي غير الأوّل لعدم صحّة الْحمل جعلت لَا نَافِيَة للْفِعْل المقدّر دون كَونهَا نَافِيَة للْجِنْس.
وَصَاحب هَذَا القيل هُوَ سِيبَوَيْهٍ وَهَذَا نصّه: وَأما قَول جرير: لَا كالعشيّة زَائِرًا ومزورا فَلَا يكون إلاّ نصبا من قبل أنّ العشيّة لَيست بالزائر وَإِنَّمَا أَرَادَ لَا أرى كالعشيّة زَائِرًا كَمَا تَقول مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجلا فكاليوم مثل قَوْلك فِي الْيَوْم لأنّ الْكَاف لَيست باسم. وَفِيه معنى التعجّب كَمَا قَالَ تالله رجلا
وَسُبْحَان الله رجلا إنّما أَرَادَ تالله مَا رَأَيْت رجلا وَسُبْحَان الله مَا رَأَيْت رجلا لكنه يتْرك إِظْهَار الْفِعْل اسْتغْنَاء لأنّ الْمُخَاطب يعلم أنّ هَذَا الْموضع إنّما يضمر فِيهِ هَذَا الْفِعْل لِكَثْرَة استعمالهم إيّاه انْتهى.
قَالَ الأعلم: اصله لَا أرى زَائِرًا ومزوراً كزائر العشيّة ومزورها فَحذف اختصاراً للْعلم كَمَا قَالُوا: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجلا أَي: كَرجل أرَاهُ الْيَوْم. وَلَا تجيزن فِي هَذَا رفع الزائر لأنّه غير العشيّة وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة لَا كزيد رجل لأنّ زيدا من الرِّجَال انْتهى.)
وَقد نقل أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ قَاعِدَة لحذف الْفِعْل مَعَ الظّرْف الزمانيّ قَالَ: حكى الكسائيّ نزلنَا الْمنزل الَّذِي البارحة والمنزل الَّذِي آنِفا والمنزل الَّذِي أمس. فَيَقُولُونَ فِي كلّ وَقت شاهدوه من قرب ويحذفون الْفِعْل وَحده كأنّهم يَقُولُونَ: نزلنَا الْمنزل الَّذِي نزلنَا أمس وَالَّذِي نزلناه الْيَوْم اكتفوا بِالْوَقْتِ من الْفِعْل إِذْ كَانَ الْوَقْت يدّل على الْفِعْل وَهُوَ قريب. وَلَا يَقُولُونَ الَّذِي يَوْم الْخَمِيس وَلَا الَّذِي يَوْم الْجُمُعَة.
وَكَذَا يَقُولُونَ: لَا كَالْيَوْمِ رجلا. وَلَا كالعشيّة رجلا وَلَا كالسّاعة رجلا فيحذفون مَعَ الْأَوْقَات الَّتِي هم فِيهَا. وأباه الفرّاء مَعَ الْعلم. وَهُوَ جَائِز وَأنْشد: لَا كالعشية زَائِرًا ومزورا
وكلّ مَا كَانَ فِيهِ الْوَقْت فَجَائِز أَن يكون بِحَذْف الْفِعْل مَعَه لأنّ الْوَقْت الْقَرِيب يدل على فعل لقُرْبه. انْتهى.
وَقد قدّر أَبُو عليّ الفارسيّ فِي الْمسَائِل المنثورة فعلين قَالَ: نصب زَائِرًا لأنّ الْفِعْل مقدّر فَكَأَن تَقْدِيره: لَا أرى زَائِرًا ومزوراً لَهُ كَرجل أرَاهُ العشيّة. فنصبه على الْفِعْل وَحذف ذَلِك لما فِي الْكَلَام من الدّلالة عَلَيْهِ.
وَيجوز الرّفْع هَاهُنَا وَهُوَ قَبِيح لأنّ الزّائر لَيْسَ هُوَ العشية وَيجوز رَفعه كأنّك أردْت كصاحب العشيّة فحذفت صاحباً وَجعلت العشيّة إِذا رفعتهما دلَالَة على مَا حذفت.
هَذَا وَقد اعْترض عَلَيْهِم الشَّارِح المحقّق فِي إخراجهم لَا هَذِه عَن الْبَاب مَعَ قَوْلهم إنّ الأَصْل كزائر العشيّة بِتَقْدِير الْمُضَاف قَالَ: مَعَ تقديرهم هَذَا صَار الآخر هُوَ الأَصْل الأوّل كَمَا فِي قَوْلك: لَا كالعشيّة عشيّةٌ وعشيّةً فَيجوز أَن يكون زَائِرًا تَابعا على اللَّفْظ. وَهَذَا حقّ لَا يَنْبَغِي الْعُدُول عَنهُ وأل فِي العشيّة للْعهد الحضوريّ كَقَوْلِه تَعَالَى: الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ والعشيّة قَالَ ابْن الأنباريّ: مؤنّثة وربّما دكّرتها الْعَرَب على معنى العشيّ.
وَقَالَ بَعضهم: العشيّة وَاحِدَة جمعا عشيّ والعشيّ قيل: مَا بَين الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب وَمِنْه يُقَال لِلظهْرِ وَالْعصر صلاتا العشيّ وَقيل هُوَ آخر النَّهَار وَقيل من الزّوال إِلَى الصبّاح وَقيل العشيّ
وَهَذَا المصراع عجز وصدره:
يَا صاحبيّ دنا الصبّاح فسيرا وَالْبَيْت من قصيدة لجرير بن الخطفى يهجو بهَا الأخطل النّصرانيّ مطْلعهَا: الْكَامِل)
(صرم الخليط تباينا وبكوراً
…
وحسبت بَينهم عَلَيْك يَسِيرا)
وفيهَا بيتان من شَوَاهِد الكشّاف أَحدهمَا: فِي سُورَة مَرْيَم وَهُوَ:
(إنّي إِذا مضرٌ عليّ تحدّبت
…
لاقيت مطلع الْجبَال وعورا)
على أنّ اطّلع فِي قَوْله تَعَالَى: اطّلع الْغَيْب بِمَعْنى ارْتقى من قَوْلهم اطّلع الْجَبَل. ومطّلع الْجَبَل مصعده ومرتقاه. ووعور: جمع وعر وَهُوَ الْمَكَان الخشن الصعب ونصبه إِمَّا على أَنه مفعول لاقيت ومطّلع الْجبَال ظرف وَإِمَّا حَال من الْجبَال على أنّ المطّلع مصدر أَو حَال من المطّلع بِتَقْدِير تعدّده إِضَافَته إِلَى متعدّد. وَرُوِيَ وعورا بِفَتْح الْوَاو: بِمَعْنى أَنه من الْفَخر بمَكَان لَا ينَال. والثَّانِي: فِي الْمَلَائِكَة وَهُوَ:
(مشق الهواجر فِي القلاص مَعَ السّرى
…
حتّى ذهبن كلاكلاً وصدورا)
أوردهُ عِنْد قَوْله تَعَالَى: فَلَا تذْهب نَفسك عَلَيْهِم حسرات. وَالرِّوَايَة الْمَعْرُوفَة:
وَكَذَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِي نصب كلاكلاً بقوله ذهبن نصب التَّمْيِيز لَا نصب التَّشْبِيه بالظرف.
وَعبر سِيبَوَيْهٍ عَمَّا أَرَادَ من نصب هَذَا وَنَحْوه على التّمييز بِذكرِهِ الْحَال لما بَين التّمييز وَالْحَال من الْمُنَاسبَة بوقوعهما نكرتين بعد تَمام الْكَلَام وتبيينهما للشَّيْء الْمَقْصُود من النَّوْع تَقول ذهب زيد ظهرا وصدراً وتغيّر وَجها وجسماً تُرِيدُ ذهب ظَهره وصدره وتغيّر وَجهه وجسمه.
فعبّر سِيبَوَيْهٍ عَن التّمييز بِالْحَال. وعَلى هَذَا يجرى سَائِر الأبيات انْتهى. والْمُشْتَقّ: الترقيق والإهزال. والهواجر: جمع هاجرة وَهِي نصف النَّهَار وَقت اشتداد الحرّ. والسّرى: سير اللَّيْل. ومن فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة بِمَعْنى مَعَ. والكلاكل: جمع كلكل كجعفر وَهُوَ الصّدر وَعطف عَلَيْهِ الصَّدْر للتفسير أَو أَنه أَرَادَ بالكلكل أَعلَى الصَّدْر.
وصف رواحل أنضاها دؤوب السّير فِي الهواجر وَاللَّيْل حتّى ذهب لُحُوم صدرها.
وترجمة جرير قد تقدّمت فِي الشَّاهِد الرَّابِع فِي أوّل الْكتاب.
وَأنْشد بعده: يَا تيم تيم عديٍّ وَهُوَ قِطْعَة من بَيت هُوَ: