الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل
(ضروبٌ بنصل السّيف سوق سمانها)
هَذَا صدر وعجزه: إِذا عدموا زاداً فَإنَّك عَاقِر على أنّ أبنية الْمُبَالغَة لكَونهَا للاستمرار لَا لأحد الْأَزْمِنَة عملت. ف ضروب مُبَالغَة ضَارب وَقد عمل النصب فِي سوق على المفعولية.
قَالَ ابْن ولاّد: سَأَلت أَبَا إِسْحَاق الزجّاج: لم صَار ضروبٌ وَنَحْوه يعْمل وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا استقرّ وَثَبت وضاربٌ لَا يعْمل إِذا كَانَ كَذَلِك فَقَالَ: لِأَنَّك تُرِيدُ أنّها حَالَة مُلَازمَة هُوَ فِيهَا وَلست تُرِيدُ أَنه أفعل مرّة وَاحِدَة وانقضى الْفِعْل كَمَا تُرِيدُ فِي ضَارب فَإِذا قلت: هَذَا ضروبٌ رُؤُوس الرِّجَال فَإِنَّمَا هِيَ حَال كَانَ فِيهَا فَنحْن نحكيها.
قَالَ ابْن عُصْفُور: هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَالدَّلِيل على صحّته قَول أبي طَالب: ضروب بنصل السّيف الخ لأنّه مدح بِهِ أَبَا أميّة بن الْمُغيرَة بِمَا ثَبت لَهُ واستقرّ وَحكى الْحَال الَّتِي كَانَ فِيهَا من عقر الْإِبِل إِذا عدم الزَّاد. وَلَو أَرَادَ المضيّ الْمَحْض وَلم يرد حِكَايَة حَاله لما سَاغَ الْإِتْيَان بإذا لأنّها للمستقبل.
قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل: نصل شفرته أَي: حدّه الَّذِي يقطع بِهِ فَلذَلِك أَضَافَهُ)
إِلَى السَّيْف كلّه نصلاً. وسوق: جمع سَاق. والسّمان: جمع سَمِينَة. وَالضَّمِير لِلْإِبِلِ. وعقر الْبَعِير بِالسَّيْفِ عقراً: ضرب قوائمه. لَا يُطلق الْعقر فِي غير القوائم.
وَكَانُوا يعقرون النَّاقة إِذا أَرَادوا نحرها: إمّا لتبرك فَيكون أسهل لنحرها أَو ليعاجل الرجل ذَلِك فَلَا تَمنعهُ نَفسه من عقرهَا فَيكون قد عاجلها لئلاّ تَأمره بِغَيْر مَا فِي نَفسه. وضروب: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ ضروب. فَقَوله: فإنّك عَاقِر الْتِفَات.
قَالَ بَعضهم: وَلَو قدّر أَنْت ضروب لَكَانَ الِالْتِفَات مَعْدُوما فِيهِ وَيكون إنّك عَاقِر على مُقْتَضى الظَّاهِر. وَإِذا شرطيّة تجزم فِي الشّعْر. وَجُمْلَة عدموا شَرطهَا فِي محلّ جزم وَهِي الْعَامِل فِي إِذا وَالْجُمْلَة المقرونة بِالْفَاءِ جوابها.
وَلَا يجوز أَن يكون عَاقِر عَاملا فِي إِذا لأنّ مَا بعد إنّ لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا لأنّها حرف والحرف لَا يتقدّم معموله وَلَا مَعْمُول معموله عَلَيْهِ. وَقيل إِذا هُنَا شرطيّة غير جازمة.
قَالَ ابْن هِشَام فِي المعني: وَفِي ناصبها مذهبان: أَحدهمَا: أنّه شَرطهَا وَهُوَ قَول المحقّقين فَتكون بِمَنْزِلَة مَتى وحيثما وأيّان. وَقَول أبي الْبَقَاء إنّه مَرْدُود بأنّ الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف غير وَارِد لأنّ إِذا عِنْد هَؤُلَاءِ غير مُضَافَة كَمَا يَقُوله الْجَمِيع إِذا جزمت كَقَوْلِه: الْكَامِل وَإِذا تصبك خصاصةٌ فتجملّ
وَالثَّانِي: أَنه مَا فِي جوابها من فعل أَو شبهه وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين. انْتهى.
وعَلى هَذَا اقْتصر اللّخميّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل فَقَالَ: الْعَامِل فِي إِذا فعل مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ عَاقِر وَالتَّقْدِير: إِذا عدموا زاداً عقرت. وَلَا يجوز أَن يعْمل فِي إِذا عَاقِر لأنّه لَا يعْمل مَا بعد إنّ فِيمَا قبلهَا.
وَالْعجب من العينيّ هُنَا فإنّه بعد أَن ذهب إِلَى أنّها شرطيّة جازمة قَالَ: وَالْعَامِل فِيهَا فعل مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ عَاقِر أَي: عقرت. وَلَا يخفى تعسّفه. وَقيل إِذا ظرفيّة وَلَيْسَت شرطيّة وعاملها ضروب. وَهَذَا رَكِيك والأوّل هُوَ البليغ.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدةٍ لأبي طالبٍ عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رثى بهَا أَبَا أميّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم وَكَانَ ختنه فَخرج تَاجِرًا إِلَى الشَّام فَمَاتَ بِموضع يُقَال لَهُ: سرو)
سحيم فرثاه أَبُو طَالب بِهَذِهِ القصيدة.
كَذَا فِي شُرُوح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ وأبيات الْجمل وَغَيرهَا إلاّ أنّ فِي بعض نسخ مَا ذكرنَا سقطا من الْكتاب وَهُوَ أَنهم حذفوا الْمُضَاف من أبي أميّة وَالصَّوَاب إثْبَاته كَمَا يَأْتِي بَيَانه.
وَغلظ بَعضهم فَزعم أنّها مدحٌ فِي مُسَافر بن أبي عَمْرو.
وأفحش من هَذَا القَوْل قَول ابْن الشجريّ فِي أَمَالِيهِ إنّها مدحٌ فِي النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وَالْقَصِيدَة هَذِه:
الطَّوِيل
(كأنّ فِرَاشِي فَوْقه نَار موقدٍ
…
من اللّيل أَو فَوق الْفراش السّواجر)
(على خير حافٍ من قُرَيْش وناعلٍ
…
إِذا الْخَيْر يُرْجَى أَو إِذا الشّرّ حَاضر)
(أَلا إنّ زَاد الرّكب غير مدافعٍ
…
بسرو سحيمٍ غيّبته الْمَقَابِر)
(بسرو سحيم عارفٌ ومناكرٌ
…
وَفَارِس غاراتٍ خطيبٌ وياسر)
(تنادوا بِأَن لَا سيّد الحيّ فيهم
…
وَقد فجع الحيّان كعبٌ وعامر)
(وَكَانَ إِذا يَأْتِي من الشَّام قَافِلًا
…
تقدّمه تسْعَى إِلَيْنَا البشائر)
(فَيُصْبِح أهل الله بيضًا كأنّما
…
كستهم حبيراً ريدةٌ ومعافر)
(ترى دَاره لَا يبرح الدّهر عِنْدهَا
…
مجعجعة كومٌ سمانٌ وباقر)
(إِذا أكلت يَوْمًا أَتَى الْغَد مثلهَا
…
زواهق زهمٌ أَو محاضٌ بهازر)
(ضروبٌ بنصل السّيف سوق سمانها
…
إِذا عدموا زاداً فإنّك عَاقِر)
(فإلاّ يكن لحمٌ غريضٌ فإنّه
…
تكبّ على أفواههنّ الغرائر)
(فيا لَك من ناعٍ حبيت بألّةٍ
…
شراعيّةٍ تصفرّ مِنْهَا الأظافر)
الغائر: من غَار المَاء فِي الأَرْض غوراً: ذهب فِيهَا. والشؤون: جمع شَأْن وَهُوَ عرق ينحدر من الرَّأْس إِلَى الْحَاجِب ثمَّ إِلَى الْعين وَمِنْه تَجِيء الدُّمُوع. والأعاور: جمع أَعور من عورت الْعين من بَاب تَعب: نقصت أَو غارت. والسّواجر: جمع ساجر بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ الْموضع الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ السّيل فيملؤه. يُرِيد كَثْرَة الدُّمُوع.
وَقَوله: أَلا إنّ زَاد الرّكب الخ زَاد الركب: لقب أبي أميّة قَالَ الزّبير بن بكّار فِي أَنْسَاب قُرَيْش: كَانَ أزواد الرّكب من قُرَيْش ثَلَاثَة: أحدهم: مُسَافر بن أبي عَمْرو بن أميّة بن عبد شمس.)
وثانيهم: زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد العزّى.
وثالثهم: أَبُو أميّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم. وإنّما قيل لَهُم أزواد الرّكب لأَنهم كَانُوا إِذا سافروا لم يتزوّد مَعَهم أحد. وسحيم بضمّ السِّين وَفتح الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: مَوضِع وسروه: أَعْلَاهُ. كَذَا قَالَ ابْن السَّيِّد وَغَيره.
وَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظ فِي مُعْجم مَا استعجم وَلَا فِي مُعْجم الْبلدَانِ. وَالْمَوْجُود فِي الأول سخيم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة على وَزنه قَالَ: هُوَ مخلاف بن مخاليف الْيمن تنْسب إِلَيْهِ الْخُمُور الجيدّة.
وَقَالَ فِي مَادَّة سرو: والسّرو ارْتِفَاع وهبوط بَين حزن وَسَهل وسرو حمير أَعلَى بِلَاد حمير.
وَقَوله: بسرو سحيم عَارِف الخ عَارِف مُبْتَدأ والظرف قبله خَبره وَمَا بعده مَعْطُوف على عَارِف وَحذف حرف الْعَطف من خطيب ضَرُورَة. والْعَارِف من عرف على الْقَوْم يعرف من بَاب قتل عرافة بِالْكَسْرِ فَهُوَ عَارِف أَي: مدبّر أَمرهم وقائم بسياستهم. ومناكر: اسْم فَاعل من ناكرة أَي: قَاتله. وخطيب الْقَوْم هُوَ الْمُتَكَلّم عَنْهُم. والياسر: اللاعب بقداح الميسر
وَهُوَ قمار الْعَرَب وتسمّى الأزلام. وَكَانَ الميسر منقبةٌ فِي الجاهليّة يَلْعَبُونَ بِهِ فِي أيّام الجدب والقحط وَكَانَ الْغَالِب يفرق مَا اخذه على الْفُقَرَاء. والقافل: الرّاجع من السّفر. والبشائر: جمع بِشَارَة.
وَأَرَادَ بِأَهْل الله قُريْشًا وَكَانَت الْعَرَب تسمّيهم أهل الله لكَوْنهم أَرْبَاب مكّة. وبيض: جمع أَبيض وَالْبَيَاض لعزّته عِنْد الْعَرَب لغَلَبَة السمرَة عَلَيْهِم يستعيرونه لحسن الْحَال والجودة. والحبير بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الْمُوَحدَة: ثِيَاب ناعمة كَانَت تصنع بِالْيمن. وريدة بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة: بَلْدَة من بِلَاد الْيمن. ومعافر بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْفَاء وَبَينهمَا عين مُهْملَة: حيّ من هَمدَان فِي الْيمن إِلَيْهِم تنْسب الثِّيَاب المعافريّة.
وَقَوله: مجعجعة اسْم فَاعل من جعجعت الْإِبِل إِذا صوّتت والجعجعة
: أصواتها إِذا اجْتمعت وَهِي حَال من كوم جمع كوماء كصحراء وَهِي النَّاقة الْعَظِيمَة السنام.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد وَغَيره من شرّاح الشواهد: المجعجعة المصروعة وَعَلِيهِ فَهِيَ اسْم مفعول. وَمن الْعَجَائِب قَول العينيّ هُنَا: مجعجعة من الجعجعة وَهِي صَوت الرَّحَى. والباقر: اسْم لجَماعَة)
الْبَقر كالجامل لجَماعَة الْجمال.
وَقَوله: إِذا أكلت يَوْمًا. . الخ الْغَد مَنْصُوب على الظرفيّة وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي يَلِي يَوْمك. ومثلهَا: حَال من زواهق وَهِي جمع زاهقة وَهِي السّمينة. والزّهم: الكثيرات الشَّحْم جمع زهمة بِفَتْح فَكسر وَكِلَاهُمَا بالزاي الْمُعْجَمَة. والْمَخَاض: الْحَوَامِل من الْإِبِل وَاحِدهَا خلفة من غير لَفظهَا. والبهازر: جمع بهزرة كحيدرة وَهِي الْعَظِيمَة الْجِسْم.
وَقَوله: ضروبٌ بنصل السَّيْف الخ السِّيَاق والسباق يمْنَع أَن يكون تَقْدِيره أَنْت ضروب كَمَا زَعمه بَعضهم. والْغَرِيض بإعجام الطَّرفَيْنِ: الطريّ من اللَّحْم. وتكبّ: تصبّ. والغرائر: جمع غرارة وَهِي الْعدْل يكون فِيهَا الدَّقِيق وَالْحِنْطَة وغسيرهما.
وَقَوله: فيا لَك من ناع الخ هَذَا تعجبّ. والنّاعي: الَّذِي يخبر بِمَوْت الْإِنْسَان. وحبيت: خصصت من الحباء وَهُوَ العطّية. والألّة بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام الْمُشَدّدَة وَهِي الحربة. وشراعيّة بِالْكَسْرِ لَا بِالضَّمِّ كَمَا ضَبطه العينيّ. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: ورمح شراعيّ أَي: وَقَالَ ابْن السَّيِّد وَتَبعهُ ابْن خلف: الشّراعيّة الَّتِي قد أشرعت للطّعن أَي: صوّبت وسدّدت.
وَقَوله: تصفر مِنْهَا الخ أَي: تَمُوت مِنْهَا لأنّ الْمَيِّت يصفرّ ظفره دعاءٌ على من أخبر بِمَوْت أبي أميّة بِالْقَتْلِ.
وأَبُو أميّة اسْمه كنيته تقدم ذكر نسبه قَرِيبا مَاتَ فِي الجاهليّة وَكَانَ زوج أُخْت أبي طَالب وَهِي عَاتِكَة بنت عبد المطلّب بن هَاشم عمّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الزّبير بن بكّار فِي أَنْسَاب قُرَيْش: كَانَ عِنْد أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة ابْن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم أَربع عواتك: عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب وَهِي أمّ زُهَيْر وَعبد الله وَهُوَ الَّذِي قَالَ للنّبيّ صلى الله عليه وسلم:
لن نؤمن لَك حَتَّى تفجر لنا من الأَرْض ينبوعا وَقَرِيبَة الْكُبْرَى وعاتكة بنت جذل الطّعان وَهِي أم أمّ سَلمَة وَالْمُهَاجِر. وعاتكة بنت عتبَة بن ربيعَة وَهِي أم قريبَة الصُّغْرَى. وعاتكة التميميّة وَهِي بنت قيس بن سعد بن زَمعَة بن نهشل بن دارم وَهِي أم أبي الحكم درج وأمّ مَسْعُود قتل يَوْم بدر كَافِرًا وَرَبِيعَة وهشامٍ الْأَكْبَر وصفيّة.
وَكَانَ زُهَيْر بن أبي أميّة من رجال قُرَيْش وَكَانَ عبد الله بن أبي أميّة شَدِيد الْخلاف على الْمُسلمين ثمَّ خرج مُهَاجرا من مكّة يُرِيد النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيَهُ بالطّلوب بَين السّقيا)
وَالْعَرج هُوَ وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب فَأَعْرض عَنْهُمَا رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ فَقَالَ عليّ بن أبي طَالب لأبي سُفْيَان بن الْحَارِث: ائْتِ رَسُول صلى الله عليه وسلم من قبل وَجهه وَقل لَهُ مَا قَالَ إخْوَة يُوسُف ليوسف: تا لله لقد آثرك الله علينا وَإِن كنّا لخاطئين فإنّه لَا يُرْضِي أَن يكون أحد أحسن مِنْهُ قولا. فَفعل ذَلِك أَبُو سُفْيَان فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم يغْفر الله لكم وَهُوَ أرْحم الرّاحمين وَقبل مِنْهُمَا وأسلما.
وَهُوَ أَخُو أمّ سَلمَة لأَبِيهَا وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكّة
وحنين. وَقتل يَوْم الطَّائِف شَهِيدا. وَقتل هِشَام بن أبي أميّة يَوْم أحد كَافِرًا.
وَأسلم المُهَاجر وَزُهَيْر. وَولد زُهَيْر معبدًا وَقتل يَوْم الْجمل وَعبد الله بن زُهَيْر. وَولدت قريبَة الْكُبْرَى لزمعة بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد بن عبد العزّى. وَولدت قريبَة الصُّغْرَى عبد الله وأمّ حَكِيم ابْني عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه.
وترجمة أبي طَالب عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تقدّمت فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالتسْعين.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل بمنجردٍ قيد الأوابد هيكل على أنّ قيدا بِمَعْنى مقيّد فإضافته إِلَى الأوابد لفظيّة لم تكسبه تعريفاً وَلِهَذَا وَقع نعتاً لمنجرد.
وَهَذَا عجز وصدره: أَي: أخرج غدْوَة للصيّد والوكنة: عشّ الطَّائِر الَّذِي يبيض فِيهِ. والمنجرد من الْخَيل: الْمَاضِي فِي السّير. والأوابد: جمع آبدة بالمدّ وَهِي الوحوش يُرِيد أنّ هَذَا الْفرس من سرعته يلْحق الوحوش فَيصير لَهَا بِمَنْزِلَة الْقَيْد.
وَهَذَا الْبَيْت من معلّقة امْرِئ الْقَيْس تقدّم شَرحه وَالْكَلَام على قيد الأوابد بلاغة وإعراباً فِي الشَّاهِد الْخَامِس والثمانين بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده: يَا سَارِق اللّيلة أهل الدّار على أنّ إِضَافَة سَارِق إِلَى اللّيلة بِمَعْنى فِي أَي: يَا سَارِقا فِي اللّيلة.
وَقد تقدّم الْكَلَام على هَذَا فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ الطَّوِيل)
(لِحَافِي لِحَاف الضيّف وَالْبرد برده)
على أنّ أل فِي الْبرد عِنْد الكوفيّين عوض من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَالتَّقْدِير: ويردي برده. وَهُوَ الْمُنَاسب لقَوْله: لِحَافِي لِحَاف الضّيف.
وَهَذَا صَدره وعجزه: وَلم يلهني عَنهُ غزالٌ مقنّع وَبعده:
(أحدّثه إنّ الحَدِيث من الْقرى
…
وَتعلم نَفسِي أنّه سَوف يهجع)
وَهَذَانِ البيتان أوردهما أَبُو تّمام فِي بَاب الأضياف من الحماسة لمسكين الدّارميّ إلاّ أنّه روى المصراع الشَّاهِد: لِحَافِي لِحَاف الضّيف وَالْبَيْت بَيته.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمِيع من سَيذكرُ من رُوَاته مِنْهُم ابْن الْأَثِير فِي الْمثل السائر وَقَالَ: الغزال اسْتِعَارَة للْمَرْأَة الْحَسْنَاء.
وَمِنْهُم السيّد المرتضى فِي أَمَالِيهِ وَقَالَ: وَمعنى أحدثه إِن الحَدِيث من الْقرى أَي: أَصْبِر على حَدِيثه وَأعلم أنّه سَوف ينَام وَلَا أضجر بمحادثته فَأَكُون قد محقت قراي. والْحَدِيث الْحسن من تَمام الْقرى.
وَقَالَ التبريزيّ: أَي تعلم نَفسِي وَقت هجوعه فَلَا أكلّمه. يُرِيد أنّه يحدثه بعد الْإِطْعَام كأنّه يسامره حتّى تطيب نَفسه فَإِذا رَآهُ يمِيل إِلَى النّوم خلاّه.
وَلم أقعد إِلَيْهِ أسائله قلت: هَذَا إِشَارَة إِلَى ابْتِدَاء النُّزُول وَذَلِكَ وَقت الِاشْتِغَال بالضيافة وَهَذَا يُرِيد بحَديثه بعد الْإِطْعَام.
وَمِنْهُم الأعلم الشنتمريّ فِي حماسته إلاّ أنّه روى المصراع الْأَخير: وتكلأ عَيْني عينه حِين يهجع
وتكلأ: تحرس والكلاءة: الحراسة وَالْحِفْظ. وَالْعين الأوّل حاسّة الْبَصَر وَالثَّانِي بِمَعْنى الذَّات.
وَمِنْهُم أَبُو زيد فِي نوادره وَمِنْهُم الجاحظ فِي الْبَيَان والتبيين إلاّ أَنَّهُمَا زادا على الْبَيْتَيْنِ قبلهمَا)
بَيْتَيْنِ آخَرين وهما:
(أرى كلّ ريحٍ تسكن مرّةً
…
وكلّ سماءٍ ذَات درّ ستقلع)
(فَإنَّك والأضياف فِي بردةٍ مَعًا
…
إِذا مَا تبض الشّمس سَاعَة تنْزع)
لِحَافِي لِحَاف الضّيف
…
...
…
...
…
. . الْبَيْتَيْنِ قَالَ أَبُو زيد: تبضّ أَي: تجْرِي إِلَى الْمغرب أَي: أَمرهم لَازم لَك كأنّك أَنْت وهم فِي بردة. وَهُوَ بالضاد الْمُعْجَمَة قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وبضّ المَاء بيضّ بضيضاً أَي: سَالَ قَلِيلا قَلِيلا. وتنْزع: تذْهب من نزع إِلَى كَا: إِذا مَال إِلَيْهِ وَذهب. وَأَرَادَ بالسماء السَّحَاب. والدّرّ الْقطر. والإقلاع: الكفّ عَن الشَّيْء يُقَال: أقلع عمّا كَانَ عَلَيْهِ.
وَالْكَاف من قَوْله فإنّك الخ مَكْسُورَة لأنّه خطاب مَعَ امْرَأَته.
وَقَوله: وَلم يلهني أَي: لم يشغلني. والمقنّع: اسْم مفعول الَّذِي ألبس الْمقنع والمقنعة بِالْكَسْرِ وهما مَا تقنّع بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا أَي: تغطّية. والقناع أوسع من المقنعة. وإنّما لم يقل المقنّعة بالتأنيث لأنّه جرى على لفظ الغزال.
وكلّهم روى هَذَا الشّعْر لمسكين الدّارميّ وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة إلاّ الجاحظ والأعلم الشنتمريّ فَإِنَّهُمَا نسباه إِلَى كَعْب ابْن سعد الغنويّ.
وَنسبه التبريزيّ إِلَى عتبَة بن بجير وَبَعض شرّاح الحماسة.
وَقد انْفَرد ابْن الشّجريّ بنسبته إِلَى عتبَة بن مِسْكين الدّارميّ فإنّه قَالَ: محادثة الضَّيْف من دَلَائِل الْكَرم وَقد مدحوا بذلك وتمدحوا بِهِ: فَمن الْمَدْح قَول الشمّاخ يمدح عبد الله بن جَعْفَر: الرجز
(إنّك يَا ابْن جَعْفَر نعم الْفَتى
…
وَنعم مأوى طَارق إِذا أَتَى)
(وربّ ضيفٍ طرق الحيّ سرى
…
صَادف زاداً وحديثاً مَا اشْتهى)
وَمن التمدّح قَول عتبَة بن مِسْكين الدّارميّ: لِحَافِي لِحَاف الضيّف وَالْبَيْت بَيته
…
...
…
. . الْبَيْتَيْنِ وَقَوله: وربّ ضيف هُوَ بِفَتْح الرَّاء وضمّ الْبَاء عطف على نعم.
وَقد نسب ابْن الشّجريّ الدارميّ إِلَى الْبُخْل فإنّه قَالَ قبل دينك الْبَيْتَيْنِ.
وَمن شعره الَّذِي استدلّ بِهِ على بخله قَوْله يذكر ضيفاً نزل بِهِ: الطَّوِيل)
(أَتَى يخبط الظّلماء واللّيل دامسٌ
…
يسائل عَن غير الَّذِي هُوَ آمل)