الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده الْبَسِيط
(كأنّ أصوات من إيغالهنّ بِنَا
…
أَوَاخِر الميس إنقاض الفراريج)
على أنّ الظّرْف قد فصل بَين المتضايقين لضَرُورَة الشّعْر وَالْأَصْل: كأنّ أصوات أَوَاخِر الميس. والإيغال: الإبعاد يُقَال أوغل فِي الأَرْض: إِذا أبعد فِيهَا. وَالضَّمِير لِلْإِبِلِ. والْأَوَاخِر: جمع)
آخِرَة الرحل بِوَزْن فاعلة وَهُوَ الْعود الَّذِي فِي آخر الرحل يسْتَند إِلَيْهِ الرَّاكِب. والميس: بِفَتْح الْمِيم: شجرٌ يتَّخذ مِنْهُ الرّحال والأقتاب. وَإِضَافَة الْأَوَاخِر إِلَيْهِ كإضافة خَاتم فضّة. والإنقاض مصدر أنقضت الدَّجَاجَة: إِذا صوّتت وَهُوَ بالنُّون وَالْقَاف وَالضَّاد الْمُعْجَمَة. والفراريج: جمع فرّوج وَهِي صغَار الدّجاج.
يُرِيد أنّ رحالهم جديدةٌ وَقد طَال سيرهم فبعض الرحل يحكّ بَعْضًا فَيحصل مثل أصوات الفراريج من اضْطِرَاب الرّحال لشدَّة السّير.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لذِي الرمّة تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
3 -
(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة)
الطَّوِيل
(تمرّ على مَا تستمرّ وَقد شفت
…
غلائل عبد الْقَيْس مِنْهَا صدروها)
على أنّ الْفَصْل بَين المتضايقين بِغَيْر الظّرْف نَادِر كَمَا هُنَا وَالْأَصْل: وَقد شفت غلائل صدروها عبد الْقَيْس مِنْهَا ففصل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ بالفاعل وبالجارّ وَالْمَجْرُور.
وَالْفَاعِل وَهُوَ عبد الْقَيْس فِي نِيَّة التَّقْدِيم على الْمَفْعُول وَهُوَ غلائل صدروها لأنّ فِيهِ ضمير الْفَاعِل. وعبد الْقَيْس: قَبيلَة. والغلائل: جمع غليلة وَهُوَ الضغن والحقد. وشفت: مجَاز من شفى الله الْمَرِيض. إِذا أذهب عَنهُ مَا يشكو. وتمر: من الْمُرُور. وتستمر: من الِاسْتِمْرَار.
وَهَذَا الْبَيْت مَصْنُوع وقائله مَجْهُول كَذَا فِي كتاب الْإِنْصَاف فِي مسَائِل الْخلاف لأبي البركات عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشهير بِابْن الأنباريّ.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد فِي أَبْيَات الْمعَانِي: هَذَا الْبَيْت أنْشدهُ الْأَخْفَش وتوجيه إعرابه أَنه فصل بَين الْمُضَاف والمضاف
إِلَيْهِ بِمَا لَيْسَ بظرف وَهُوَ أفحش مَا جَاءَ فِي الشّعْر ودعت إِلَيْهِ ضَرُورَة وَتَقْدِير الْكَلَام: وَقد شفت غلائل صدورها. والغلائل: جمع غليلة مثل عَظِيمَة وعظائم وكريمة وكرائم.
وَقَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش: إِن كَانَ الشّعْر لم يوثق بعربيّته فَيجوز أَن يكون أخرج غلائل غير مُضَافَة وقدّر فِيهَا التَّنْوِين لأنّها لَا تَنْصَرِف ثمَّ جَاءَ بالصدرو مجرورة
على نيّة إِعَادَتهَا كَمَا قَالَ)
الآخر: الْخَفِيف
(رحم الله أعظما دفنوها
…
بسجستان طَلْحَة الطّلحات)
أَي: أعظم طَلْحَة الطّلحات. فَكَذَلِك هُنَا يُرِيد غلائل عبد الْقَيْس مِنْهَا غلائل صدورها وَقد حذف الثَّانِي اجتزاءً بالأوّل. وَهَذَا التَّأْوِيل حسن لأنّه مخرج الْكَلَام وَفِيه ضعف من حَيْثُ إِضْمَار الْجَار. انْتهى.