المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الثاني والثمانون بعد المائتين) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٤

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الْمَنْصُوب بِلَا الَّتِي لنفي الْجِنْس)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والستّون بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

- ‌(الشَّاهِد الموفى ثَلَاثمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الثلاثمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الثاني والثمانون بعد المائتين)

وَأنْشد بعده وَهُوَ

3 -

(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ)

الْخَفِيف

(طابوا صلحنا ولات أَوَان

فأجبنا أَن لَيْسَ حِين بَقَاء)

على أَن أَصله عِنْد المبرّد والسيرافيّ: ولات أَوَان طلبُوا فحذفت الْجُمْلَة وَبني أَوَان على السّكُون أَو على الْكسر ثمَّ أبدل التَّنْوِين من الْمُضَاف إِلَيْهِ كَمَا فِي يَوْمئِذٍ.

قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: قرئَ ولات حِين مناصٍ بخفض الجين فَزعم الفرّاء أَن لات تسْتَعْمل حرفا جارّاً لأسماء الزَّمَان خَاصَّة وَأنْشد: طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ وَأجِيب عَن الْبَيْت بجوابين: أَحدهمَا: على إِضْمَار من الاستغراقيّة. وَنَظِيره فِي بَقَاء عمل الجارّ مَعَ حذفه وزيادته قَوْله: الوافر أَلا رجلٍ جزاه الله خيرا

ص: 183

وَالثَّانِي: أَن الأَصْل: ولات أَوَان صلح ثمَّ بنى الْمُضَاف لقطعه عَن الْإِضَافَة وَكَانَ بِنَاؤُه على الْكسر لشبهه بنزال وزنا ولأنّه قدّر بناءه على السّكُون ثمَّ كسر على أصل التقاء الساكنين كأمس ونوّن للضَّرُورَة وَقَالَ الزمخشريّ: للتعويض كيومئذ. وَلَو كَانَ كَمَا زعم لأعرب لِأَن الْعِوَض ينزّل منزلَة المعوّض مِنْهُ.

وَعَن الْقِرَاءَة بِالْجَوَابِ الأوّل وَهُوَ وَاضح وَبِالثَّانِي وتوجيهه: أنّ الأَصْل حِين مناصهعم ثمَّ نزّل قطع الْمُضَاف إِلَيْهِ من مناص منزلَة قطعه من حِين لاّتحاد الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ قَالَه الزمخشريّ. وَجعل التَّنْوِين عوضا من الْمُضَاف إِلَيْهِ ثمَّ بنى إِضَافَته إِلَى غير مُتَمَكن. انْتهى.

وَالْأولَى أَن يُقَال: إنّ التَّنْزِيل الْمَذْكُور اقْتضى بِمَاء الْحِين ابْتِدَاء وإنّ المناص مُعرب وَإِن كَانَ قد قطع عَن الْإِضَافَة بِالْحَقِيقَةِ لكنه لَيْسَ بِزَمَان فَهُوَ ككل وَبَعض. انْتهى كَلَام ابْن هِشَام. أَقُول: تَقْدِير الْمُضَاف إِلَيْهِ جملَة هُوَ الْمُنَاسب لتشبيه أَوَان بيومئذ فِي الْبناء وغي كَون التَّنْوِين بَدَلا من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَأما تَقْدِيره مُفردا ثمَّ تَعْلِيل بنائِهِ بِقطعِهِ عَن الْإِضَافَة كَمَا صنع ابْن هِشَام تبعا لغيره فَفِيهِ أنّ مَا ذكره مُخْتَصّ بالظروف النّسبيّة وَيكون بناؤها حِينَئِذٍ على الضمّ وَأما أَوَان فإنّه ظرف متصرف كَمَا يَأْتِي قَرِيبا وَلَيْسَ مضموماً كقبل وَبعد.)

وَيجوز أَن يقدّر الْمُضَاف إِلَيْهِ ولات أَوَان نصطلح فإنّ المنفيّ فِي الْحَقِيقَة هُوَ أَوَان الصُّلْح أَو يقدّر جملَة اسمية أَي: ولات أَوَان صلحنا مُمكن فأوان خبر لات وَهُوَ مَنْصُوب لفظا أَو مَبْنِيّ على الفتحة إِضَافَته إِلَى مبنيّ وَاسْمهَا مَحْذُوف أَي: ولات الأوان.

ص: 184

قَالَ أَبُو عليّ فِي الْمسَائِل المنثورة: قَالَ أَبُو العبّاس المبّرد: أَوَان هُنَا مَبْنِيَّة لأنّ أَوَان تُضَاف إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فكأنك حذفت مِنْهُ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فنونّت ليعلم أنّك قد اقتطعت الْإِضَافَة مِنْهُ.

وَلم يرتض ابْن جنّي فِي الخصائص كَون التَّنْوِين عوضا عَن الْجُمْلَة كيومئذ وفرّق بَينهمَا بِأَن إِذْ ظرف نَاقص وَأَوَان ظرف متصرّف. قَالَ: وتأوّل أَبُو العبّاس المبرّد قَول الشَّاعِر: طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ

...

...

الْبَيْت على أَنه حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَوَان فعوض التَّنْوِين عَنهُ على حد قَول الْجَمَاعَة فِي تَنْوِين إِذْ.

وَهَذَا لَيْسَ بالسهل وَذَلِكَ أنّ التَّنْوِين فِي نَحْو هَذَا إنّما دخل فِيمَا لَا يُضَاف إِلَى الْوَاحِد أَي: الْمُفْرد وَأما أَوَان فمعرب ويضاف إِلَى الْوَاحِد كَقَوْلِه: الطَّوِيل

(فَهَذَا أَوَان الْعرض حيّ ذبابه

زنانيره والأزرق المتلمس)

وَقد كسّروه على آوانه وتكسيرهم إيّاه يبعده عَن الْبناء لأنّه أخذٌ بِهِ فِي شقّ التصريف والتصرّف.

وَكَذَا قَالَ فِي سرّ الصِّنَاعَة: ذهب أَبُو العبّاس إِلَى أَن كسرة أَوَان لَيست إِعْرَاب وَلَا هِيَ علما للجرّ وَلَا أنّ التَّنْوِين الَّذِي بعْدهَا هُوَ التَّابِع لحركات الْإِعْرَاب وَإِنَّمَا تَقْدِيره عِنْده أنّ أَوَان بِمَنْزِلَة إِذْ فِي أنّ حكمه أَن يُضَاف إِلَى الْجُمْلَة نَحْو قَوْلك: جئْتُك أَوَان قَامَ زيد وَأَوَان الْحجَّاج أَمِير

ص: 185

أَي: إِذْ ذَاك كَذَلِك فلمّا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَوَان عوّض من الْمُضَاف إِلَيْهِ تنويناً.

وَالنُّون عِنْده كَانَت فِي التَّقْدِير سَاكِنة كسكون ذال إِذْ فلمّا لقيها التَّنْوِين سَاكِنا كسرت النُّون لالتقاء الساكنين. فَهَذَا شرح هَذِه الْكَلِمَة وَقَوله هَذَا غير مرضيّ لأنّ أواناً قد يُضَاف إِلَى الْآحَاد نَحْو قَوْله: ارجز هَذَا أَوَان الشدّ فاشتدّي زيم وَقَوله: فَهَذَا أَوَان الْعرض وَغير ذَلِك. فَإِن قيل: فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فهلاّ حركوا النُّون فِي يَوْمئِذٍ وَأَوَان لسكونها وَسُكُون)

الذَّال وَالنُّون قبله وَلم يحرّكوهما لذَلِك دونه فَالْجَوَاب: أنّهم لَو فعلوا ذَلِك لوَجَبَ أَن يَقُولُوا إِذن فَيُشبه التَّنْوِين الزَّائِد النُّون الأصيّلة.

وايضاً فَلَو فعلوا ذَلِك فِي إِذْ لما أمكنهم أَن يفعلوه فِي اوان لأنّهم لَو آثروا إسكان النُّون لما قدرُوا على ذَلِك لأنّ الْألف سَاكِنة قبلهَا وَكَانَ يلْزمهُم من ذَلِك أَن يكسروا النُّون لسكونها وَسُكُون فَإِن قيل: فلعلّ على هَذَا كسرهم النُّون من أَوَان إنّما هُوَ لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا دون أَن يكون كسرهم ذال إِذْ لسكونها وَسُكُون التَّنْوِين بعْدهَا.

فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يحمل كسر النُّون من أَوَان لِئَلَّا يخْتَلف الْبَاب

ص: 186

وَلِأَن أَوَان أَيْضا لم ينْطق بِهِ قبل لحاق التَّنْوِين لنونه فيقدّر مكسور النُّون لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا وإنّما حذف مِنْهُ الْمُضَاف إِلَيْهِ وعوّض مِنْهُ التَّنْوِين عقيب ذَلِك فَلم يُوجد لَهُ زمن يلفظ بِهِ بِلَا تَنْوِين فَيلْزم الْقَضَاء بِأَن نونه إنّما كسرت لكَون الْألف قبلهَا فاعرف ذَلِك من مَذْهَب أبي العبّاس.

وأمّا الْجَمَاعَة غَيره وَغير أبي الْحسن فعندهم أنّ أَوَان مجرورة بلات وأنّ ذَلِك لُغَة شاذّة. وروينا عَن قطرب قَالَ: قِرَاءَة عِيسَى: ولات حِين مناصٍ بِالْجَرِّ. انْتهى كَلَامه.

وَهَذَا حقّ لَا شُبْهَة فِيهِ فَالْوَجْه كَون لات فِيهِ حرف جرّ كَمَا نَقله الفرّاء فِي قَوْله: ولات سَاعَة. وَفِي هَذَا الْبَيْت أَيْضا.

وَكَذَلِكَ نَقله أَبُو عليّ فِي الْمسَائِل عَن أبي عمر الْجرْمِي. وَاسْتَشْكَلَهُ أَبُو عليّ بأنّ حُرُوف الجرّ لَا بدّ أَن تتعلّق بِشَيْء ولات هُنَا لَا تتَعَلَّق بِشَيْء كَمَا بيّنه الشَّارِح وَجَوَابه: أنّ لنا حُرُوف جرّ لَا تتَعَلَّق بِشَيْء مِنْهَا لَوْلَا فِي نَحْو قَوْله: لولاي ولولاه فَلْيَكُن هَذَا مِنْهَا.

وَقَول ابْن هِشَام: وَزعم الفرّاء أَن لات تجرّ أَسمَاء الزّمان خَاصَّة تقدم النّقل عَنهُ قبل هَذَا

وَقَوله: وَأجِيب عَن الْبَيْت بجوابين: أَحدهمَا: على إِضْمَار من الخ هَذَا الْجَواب فَاسد لأنّ تَقْدِير من يَقْتَضِي أَن لَا يكون لَهَا مَعْمُول وَإِذا لم يكن لَهَا مَعْمُول اقْتضى كَونهَا غير عاملة.

وَالْجَوَاب إنّما هُوَ لبَيَان عَملهَا.

ص: 187

وَمن الْغَرِيب قَول أبي حيّان على مَا نَقله السّمين فِي إعرابه: إِن من المقدّرة ومجرورها موضعهما رفع على أَنَّهُمَا اسْم لات. قَالَ: كَمَا تَقول لَيْسَ من رجل قَائِما وَالْخَبَر مَحْذُوف. هَذَا كَلَامه.

وَقَوله: وَعَن الْقِرَاءَة بِالْجَوَابِ الأوّل. وَهَذَا الْجَواب لَا يصحّ هُنَا أَيْضا لما بيّنّاه.)

وَقَوله: وتوجيهه أنّ الأَصْل حِين مناصهم الخ وَهَذَا الأَصْل لَا يصحّ لأنّ مَعْمُول لات لَا يجوز إِضَافَته إلاّ إِلَى نكرَة.

وَدَعوى أَن الْمُضَاف وَهُوَ حِين اكْتسب الْبناء من الْمُضَاف إِلَيْهِ فَفِيهَا أنّ شَرط اكْتِسَاب الْبناء بِالْإِضَافَة فِي مثله أَن يكون الْمُضَاف زَمَانا مُبْهما والمضاف إِلَيْهِ إِمَّا إِذْ أَو فعل أَو جملَة اسمية وماص لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهَا. ثمَّ إنّ الْبناء إنّما سمع فِيمَا ذكرنَا على الْفَتْح لَا على الْكسر.

وَنقل السّمين فِي إعرابه عَن الْأَخْفَش أنّه خرّج الْبَيْت على حذف مُضَاف أَي: ولات حِين أَوَان فَبَقيَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مجروراً بعد حذف الْمُضَاف. وردّ عَلَيْهِ مكّي بأنّه كَانَ يَنْبَغِي أأن يقوم وَأجَاب عَنهُ السّمين بِأَن بَقَاء مثله على الجرّ قَلِيل وَمِنْه قِرَاءَة من قَرَأَ: وَالله يُرِيد الْآخِرَة بجرّ الى خرة.

أَقُول: تَقْدِير هَذَا الْمُضَاف لَا قرينَة تدلّ عَلَيْهِ وَإِن صحّ إِضَافَة حِين إِلَى أَوَان بِجعْل الْحِين عَاما والأوان خاصّاً بِحمْلِهِ على أَوَان الصُّلْح.

ثمَّ قَالَ السمين: وَقَالَ الزجّاج: الأَصْل ولات أواننا فَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ

ص: 188

فَوَجَبَ ألاّ يعرب وكسره لالتقاء الساكنين. قَالَ أَبُو حيّان: وَمِنْه أَخذ الزَّمَخْشَرِيّ قَوْله أَصله وَلَا أَوَان صلح.

أَقُول: عبارَة الزّجاج فِي تَفْسِيره: وَمن خفض جعلهَا مبنيّة مَكْسُورَة لالتقاء السّاكنين كَمَا قَالُوا فدَاء لَك فبنوه على الْكسر. وَلما قَالَ ولات أَوَان جعله على معنى لَيْسَ حِين أواننا فلمّا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ بنى على الْوَقْف ثمَّ كسر لالتقاء الساكنين. وَالْكَسْر شاذّ شَبيه بالْخَطَأ عِنْد البصريّين. انْتهى.

وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لأبي زبيدٍ الطّائيّ النّصرانيّ. سَببهَا مَا حَكَاهُ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ وَابْن الأعرابيّ قَالَا: نزل رجلٌ من بني شَيبَان اسْمه المكاء برجلٍ من طيّئ فأضافه وسقاه فلمّا سكر وثب إِلَيْهِ الشّيبانيّ بِالسَّيْفِ فَقتله وَخرج هَارِبا.

وافتخر بَنو شَيبَان بذلك فَقَالَ أَبُو زبيد هَذِه القصيدة. وَهَذِه أَبْيَات مِنْهَا: الْخَفِيف

(ولعمري لعارها كَانَ أدنى

لكم من تقى وَحسن وَفَاء)

(ظلّ ضيفاً أخوكم لأخينا

فِي صبوحٍ ونعمةٍ وشواء)

(لم يهب حُرْمَة النّديموحقت

يَا لقومي للسّوءة السّواء)

(فاصدقوني وَقد خبرتم وَقد ثا

بت إِلَيْكُم جوائب الأنباء))

(هَل علمْتُم من معشرٍ سافهونا

ثمّ عاشوا صفحاً ذَوي غلواء)

(كم أزالت رماحنا من قتيلٍ

قاتلونا بنكبة وشقاء)

(بعثوا حربنا إِلَيْهِم وَكَانُوا

فِي مقامٍ لَو أبصروا ورخاء)

(ثمّ لمّا تشذّرت وأنافت

وتصلوا مِنْهَا كريه الصّلاء)

ص: 189

.

(طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ

فأجبنا أَن لَيْسَ حِين بَقَاء)

(ولعمري لقد لقوا أهل بأسٍ

يصدقون الطّعان عِنْد اللّقاء)

(وَلَقَد قَاتلُوا فَمَا جبن القو

م عَن الْأُمَّهَات وَالْأَبْنَاء)

إِلَى أَن قَالَ:

(فاصدقوني أسوقةٌ أم ملوكٌ

أَنْتُم والملوك أهل عَلَاء)

(أبديءٌ أَن تقتلُوا إِذْ قتلتم

أم لكم بسطةٌ على الْأَكفاء)

(فلحا الله طَالب الصّلح منّا

مَا اطاف المبسّ بالدّهناء)

(إننا معشرٌ شَمَائِلنَا الصّب

ر وَدفع الأسى بِحسن العزاء)

(وَلنَا فَوق كلّ مجدٍ لواءٌ

فاضلٌ فِي التّمام كلّ لِوَاء)

(فَإِذا مَا اسْتَطَعْتُم فاقتلونا

من يصب يرتهن بِغَيْر فدَاء)

المكّاء بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الْكَاف: اسْم الشيبانيّ الْقَاتِل. وعارها: عَار الضّربة.

وَقَوله: لم يهب حُرْمَة النّديم الخ أوردهُ صَاحب الكشّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: كَيفَ يواري سوءة أَخِيه على أنّ السوءة مَا يقبح كشفه. والسّوءة

السّواء على وزن اللَّيْلَة الليلاء: الحصلة القبيحة. ويهب: من الهيبة وَالْخَوْف.

وَالْمعْنَى: أَنه لم يعظم حُرْمَة الصاحب وحقّت تِلْكَ الْحُرْمَة بِأَن تهاب. ثمَّ نَادَى قومه ليعجّبهم من النّظر إِلَى هَذِه الفضيحة الَّتِي هِيَ هتك حُرْمَة النديم.

وَرُوِيَ: وَلَكِن بدل قَوْله: وحقّت.

ص: 190

وَقد وَقع الْعَجز شَاهدا فِي الكشّاف قَالَ الطّيبيّ: إنّي لم أظفر بصدره وَلَا بقائله. وجوائب الأنباء: جمع جائبة من الْجَواب وَهُوَ الْقطع. قَالَ فِي الصِّحَاح: يُقَال هَل جَاءَكُم جائبة خبر أَي: خبر يجوب الأَرْض من بلد إِلَى بلد.

وَقَوله: سافهونا من السّفه وَهُوَ ضدّ الْحلم. وصفحاً: غعراضاً مِنْهُم. وذَوي حَال من)

الْوَاو فِي عاشوا. والغلواء بِضَم الْمُعْجَمَة: النشاط ومرح الشَّبَاب.

وَقَوله: لَو أبصروا لَو للتمنّي. ورخاء: مَعْطُوف على مقَام. وتشذّرت بالشين والذال المعجمتين قَالَ فِي الصِّحَاح: يُقَال: تشذّر فلَان: إِذا تهيّأ لِلْقِتَالِ وتشذّر الْقَوْم فِي الْحَرْب: أَي تطاولوا. وأنافت: زَادَت. وتصلّوا: من صلي بالنَّار صلّى من بَاب تَعب: وجد حرّها. والصّلاء كتاب: حرّ النَّار.

وَقَوله: طلبُوا صلحنا الخ هُوَ جَوَاب لّما. وَمن الْعَجَائِب قَول العينيّ: طلبُوا فعل وفاعله مستتر فِيهِ ولات أَوَان فِي مَحل الْحَال من الصُّلْح.

وَقَوله: فأجبنا مَعْطُوف على طلبُوا وَأَن مصدريّة يُقَال: أَجَابَهُ بِكَذَا. وَقَالَ السيوطيّ: هِيَ تفسيريّة. وحِين خبر لَيْسَ أَي: لَيْسَ الْحِين حِين بَقَاء. والْبَقَاء: اسْم من قَوْلهم أبقيت على فلَان إبْقَاء: إِذا رَحمته وتلطّفت بِهِ. وَالْمَشْهُور أنّ الِاسْم مِنْهُ البقيا بِالضَّمِّ والبقوى بِالْفَتْح.

وَقَالَ العينيّ وَتَبعهُ السّيوطيّ: الْمَعْنى بَقَاء الصُّلْح.

وَقَوله: أبديءٌ الْهمزَة للاستفهام الإنكاريّ وبديء بِالْهَمْز كبديع وزنا وَمعنى. وتقتلُوا بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وقتلتم بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل.

ص: 191

وَقَوله: فلحا الله أَي: قبح الله.

وَقَوله: مَا أطاف الخ مَا: مَصْدَرِيَّة ظرفيّة. وأطاف وَطَاف بِمَعْنى دَار حول الشَّيْء. والمبسّ: حاديّ الْإِبِل وَهُوَ فِي الأَصْل اسْم فَاعل من أبسست الْإِبِل: إِذا زجرتها. والدهناء: مَوضِع فِي بِلَاد بني تَمِيم. ويصب ويرتهن كِلَاهُمَا بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. وأَبُو زبيد اسْمه الْمُنْذر بن حَرْمَلَة من طَيئ. قَالَ أَبُو حَاتِم فِي كتاب المعمرين وَابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء وَغَيرهمَا: عَاشَ أَبُو زبيد مائَة وَخمسين سنة وَكَانَ نصرانيّاً غَيره. وَكَانَ عُثْمَان بن عفّان يقرّبه ويدنيّ مَجْلِسه.

وَكَانَ مغرىً بِوَصْف الْأسد بعبارات

ص: 192

مهولة تزعج السّامع حتّى كأنّه يُشَاهد الْأسد فِي حُضُوره فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رضي الله عنه يَوْمًا: إنّي لأحسبك جَبَانًا. فَقَالَ: كلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَكِن رَأَيْت مِنْهُ منْظرًا وَشهِدت مِنْهُ مشهداً لَا يبرح ذكره يتردّد ويتجدّد فِي قلبِي.

ثمّ وصف مَا شَاهد مِنْهُ وَنقل كَلَامه برمتّه صَاحب الأغاني إِلَى أَن قَالَ لَهُ عُثْمَان رَضِي الله)

عَنهُ: اسْكُتْ قطع الله لسَانك قد أرعبت قُلُوب الْمُؤمنِينَ.

وَقَالَ الطبريّ: كَانَ أَبُو زيد فِي الْجَاهِلِيَّة مُقيما فِي أَخْوَاله بني تغلب بالجزيرة وَفِي الْإِسْلَام مُنْقَطِعًا إِلَى الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط فِي ولَايَة الجزيرة وَولَايَة الْكُوفَة وَلم يزل بِهِ الْوَلِيد حتّى أسلم وَحسن إِسْلَامه.

هَذَا كَلَامه وَهُوَ خلاف مَا قَالَ الْعلمَاء: أنّه مَاتَ على نصرانيّته.

قَالَ صَاحب الأغاني: ولّما وَفد أَبُو زبيد إِلَى الْوَلِيد بن عقبَة أَيَّام ولَايَته الْكُوفَة أنزلهُ دَار عقيل بن أبي طَالب على بَاب الْمَسْجِد فاستوهبها مِنْهُ فَوَهَبَهَا لَهُ فَكَانَ ذَلِك أوّل مَا طعن بِهِ على الْوَلِيد لأنّ أَبَا زبيد كَانَ يخرج مِنْهَا إِلَى الْوَلِيد فيسمر عِنْده وَيشْرب مَعَه ويشقّ الْجَامِع وَهُوَ سَكرَان فَلَمَّا شهد على الْوَلِيد بِشرب الْخمر عَزله عُثْمَان عَن الْكُوفَة وحدّه فِي الْخمر.

وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: وَلما اعتزل الْوَلِيد بن عقبَة عليّاً وَمُعَاوِيَة صَار إِلَى الرّقة وَكَانَ أَبُو زبيد ينادمه.

وَقَالَ صَاحب الأغاني: وَمَات الْوَلِيد قبل أبي زبيد فمرّ أَبُو زبيد بقبره فَوقف ثمَّ قَالَ:

ص: 193

الْكَامِل.

(يَا هاجري إِذْ جِئْت زائرة

مَا كَانَ من عاداتك الهجر)

(يَا صَاحب الْقَبْر السّلام على

من حَال دون لِقَائِه الْقَبْر)

ثمَّ انْصَرف. وَكَانَ يَجِيء إِلَى قَبره فيشرب عِنْده ويصبّ الشَّرَاب على قَبره ويبكي. وَبَقِي أَبُو زبيد إِلَى أَيَّام مُعَاوِيَة.

قَالَ أَبُو حَاتِم وَغَيره: كَانَ يَجْعَل لَهُ فِي كل يَوْم أحد طعامٌ كثير ويهيأ لَهُ شرابٌ كثير وَيذْهب أَصْحَابه يتفرقون فِي الْبيعَة ويحملنه النِّسَاء فيضعه فِي ذَلِك الْمجْلس فيشرب والنّصارى حوله فَجَاءَهُ الْمَوْت فَقَالَ: الطَّوِيل

(إِذا جعل الْمَرْء الَّذِي كَانَ حازماً

يحلّ بِهِ حلّ الحوار وَيحمل)

(فَلَيْسَ لَهُ فِي الْعَيْش خير يُريدهُ

وتكفينه مَيتا أعفّ وأجمل)

(أَتَانِي رَسُول الْمَوْت يَا مرْحَبًا بِهِ

لآتيه وسوف وَالله أفعل)

ثمَّ مَاتَ فَجَاءَهُ اصحابه فوجدوه مَيتا فَدفن على البليخ وَهُوَ مَوضِع إِلَى جَانب قبر الْوَلِيد بن عقبَة. وَفِي ذَلِك يَقُول أَشْجَع السّلميّ وَقد مرّ بقبرهما: الوافر

(مَرَرْت على عِظَام أبي زبيدٍ

وَقد لاحت ببلقعة صلود)

ص: 194