الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صعيد واحد، في أرض بيضاء كأنها سبيكة فضّة، يكون أول كلام يتكلم به أن ينادي مناد:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} إلى قوله: {سَرِيعُ الْحِسَابِ}
(1)
"
(2)
.
التحليل والتعليق
تضمن أثر ابن مسعود رضي الله عنه بيان صفة أرض المحشر وهي أنها تكون أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة
(3)
، وقد نص القرآن على تبديل الأرض غير
(1)
سورة غافر، الآية (17).
(2)
إسناده حسن، عاصم هو ابن أبي النجود صدوق له أوهام كما سبق (912)، الأهوال (158) رقم (146)، وسيكرره بإسناد آخر من طريق ابن المبارك برقم (261)، وذكره السيوطي في الدر (7/ 280) وهو بلفظ المصنف، وأخرجه بنحوه ابن المبارك في الزهد (115) رقم (388)، والطبري نحوه كذلك في تفسيره (13/ 250)، والطبراني نحوه أيضًا في الكبير (9/ 205) رقم (9001) وقال الحافظ في الفتح (11/ 375):"وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبري في تفاسيرهم والبيهقي في الشعب. . . ورجاله رجال الصحيح وهو موقوف، وأخرجه البيهقي من وجه آخر مرفوعا وقال: الموقوف أصح، وأخرجه الطبري والحاكم من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن بن مسعود بلفظ: "أرض بيضاء كأنها سبيكة فضة"، ورجاله موثقون أيضًا"، وأورده السيوطي في الدر (5/ 57) ونسبه إلى:"عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث".
(3)
وقد ورد هذا المعنى بألفاظ مختلفة انظر على سبيل المثال فتح الباري (11/ 375).
الأرض في قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}
(1)
، وفي المراد بتغيّر الأرض خلاف بين السلف: هل المراد تبديل ذاتها وعينها والإتيان بأخرى مكانها، أم تبديل صفتها مع بقاء ذاتها؟ والأثر الذي في المبحث يؤيد تبديل الذات؛ لأنها تصير أرضا أخرى من فضة، لم يعص فيها اللَّه طرفة عين، ولم يسفك فيها دم حرام، ولكل قول أدلة معتبرة وأحاديث صالحة، ولذلك جنح ابن حجر رحمه الله إلى الجمع بينها، فحمل أحاديث التبديل في الذات على أرض المحشر الذي يعقب الصعقة الأولى، وأحاديث تبديل الصفات فقط على أرض الدنيا وما يحدث في الحشر الأول الذي يصعق الناس بعده، فقال:"يمكن الجمع بأن ذلك كله -يقصد الأحاديث الواردة في تبديل الصفات فقط- يقع لأرض الدنيا، لكن أرض الموقف غيرها"
(2)
، وذهب شيخ الإسلام إلى أن استحالة الأرض عن صورتها وكيفياتها لا يلزم منه عدمها وفسادها، بل أصلها باق، وإن حصل لها ما حصل
(3)
، وشبه الشيخ حافظ حكمي هذا التبديل مع بقاء الأصل بجلود أهل النار، فإنها كلما نضجت جلودهم بدلهم اللَّه جلودا غيرها وهي هي التي فعلت المعاصي واستوجبت العذاب
(4)
، ومن
(1)
سورة إبراهيم، من الآية (48).
(2)
المصدر السابق، وانظر التذكرة للقرطبي (215).
(3)
مجموع الفتاوى (15/ 110).
(4)
معارج القبول (2/ 7872).
العلماء من لم يجزم فيها بشيء لأنها أمور غيبية ولا نص فيها قاطع للنزاع فنؤمن بالتبديل وما صح من كيفياته الثابتة، قال ابن جرير:"أولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: يوم تبدل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها، وكذلك السماوات اليوم تبدل غيرها كما قال جل ثناؤه، وجائز أن تكون المبدلة: أرضا أخرى من فضة، وجائز أن تكون نارا، وجائز أن تكون خبزا، وجائز أن تكون غير ذلك، ولا خبر في ذلك عندنا من الوجه الذي يجب التسليم له أَيُّ ذلك يكون، فلا قول في ذلك يصح إلا ما دل عليه ظاهر التنزيل"
(1)
، قال الشيخ ابن عيسى:"التبديل قد يكون في الذات، كما في بدلت الدراهم بالدنانير، وقد يكون في الصفات، كما بدلت الحلقة خاتما، والآية تحتمل الأمرين، وبالثاني قال الأكثر"
(2)
.
(1)
تفسير ابن جرير (7/ 479).
(2)
شرح الشافية الكافية (1/ 88)، وانظر معارج القبول (2/ 781).