الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة ذكر عيون الجنة وبعض أنهارها، فنصَّت على الكوثر والبيدخ، وبعض أوصافهما وخصائصهما، فهي أنهار جارية في غير أخاديد، ونصت على العينين النضاختين والعينين الجاريتين، وأن الأخيرتين أفضل، وقد عقد لكل ذلك ابن القيم رحمه الله بابا في ذكر أنهار الجنة وعيونها وأصنافها ومجراها الذي تجري عليه، وقال: "قد تكرر في القرآن في عدة مواضع قوله تعالى: {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}
(1)
، وفي موضع:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}
(2)
وفي موضع: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ
= الرواة عنه قبل الاختلاط فإن سماعه منه قدم، وذلك أن السفيانين كلاهما يروي عن أبي إسحاق والثوري سماعه منه قديم صحيح، وابن عيينه سماعه منه بأخرة؛ والثوري متقدم الطبقة فهو من السابعة، التقريب (2458)، وابن عيينة من الثامنة، التقريب (2464)، ونجد في ترجمة إدريس -وهو من السابعة التقريب (298) - من تهذيب الكمال أن الثوري يروي عنه، وهو -أي الثوري- يروي كذلك عن أبي إسحاق، فالظاهر تقدم سماع إدريس كالثوري من أبي إسحاق واللَّه أعلم! صفة الجنة (37) رقم (72)، وورد في تفسير ابن أبي حاتم -جمع المحقق- (10/ 3327) دون إسناد، ونسبه السيوطي في الدر (7/ 716) إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأورده ابن القيم من طريق ابن أبي شيبة في حادي الأرواح (122)، وذكره ابن عيسى في توضيح المقاصد (2/ 527).
(1)
أولها في سورة البقرة، الآية (25).
(2)
سورة التوبة، الآية (100).
الْأَنْهَارَ}
(1)
، وهذا يدل على أمور:
أحدها: وجود الأنهار فيها حقيقية.
الثاني: أنهار جارية لا واقفة.
الثالث: أنها تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم، كما هو المعهود في أنهار الدنيا. . . -ثم ذكر رحمه الله أنواع الأنهار من خمر ولبن وماء وعسل وعقبها بقوله- ذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة، ونفى عن كل واحد منها الآفة التي تعرض له في الدنيا، فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتغير طعمه إلى الحموضة، وأن يصير قارصا، وآفة الخمر كراهة مذاقها المنافي في اللذة وشربها، وآفة العسل عدم تصفيته، وهذا من آيات الرب تعالى أن تجري أنهار من أجناس لم تجر العادة في الدنيا بإجرائها، ويجريها في غير أخدود، وينفى عنها الآفات التي تمنع كمال اللذة بها. . . وتأمل اجتماع هذه الأنهار الأربعة التي هي أفضل أشربة الناس؛ فهذا لشربهم وطهورهم، وهذا لقوتهم وغذائهم، وهذا لِلَذَّتِهم وسرورهم، وهذا لشفاعتهم ومنفعتهم واللَّه أعلم"
(2)
.
وأما الكوثر فقال ابن أبي العز: "الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيا، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير تغمده اللَّه برحمته في آخر تاريخه
(1)
أولها سورة الأعراف، الآية (43)، ثم يونس (9)، والكهف (31).
(2)
حادي الأرواح (121 فما بعدها).
الكبير المسمى بـ البداية والنهاية"
(1)
، وهو شيء اختص به صلى الله عليه وسلم قال السيوطي:"باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالكوثر"
(2)
.
(1)
شرح العقيدة الطحاوية (227)، ومما ألف فيه مستقلا الحوض والكوثر لبقي بن مخلد، والذيل عليه لابن بشكوال.
(2)
الخصائص الكبرى (2/ 225)، وانظر الشفا للقاضي عياض (1/ 209 - 210).