الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة الكلام على الحور من عدة جوانب، حيث تضمنت أنها خلقت من ورد الجنة
(1)
، أو من زعفران، وتضمنت في ذكر جمالها الشيء العجيب فهي في صفاء الياقوت وبياض المرجان، وأن السحابة من الجنة تمطر على أهلها كل شيء حتى إنها لتمطر عليهم كواعب أترابا إذا طلبوها، وأن امرأة من أهل الجنة لو بصقت في سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل، وأنها يحار فيها الطرف من رقة الحلل وصفاء اللون، وهي الشديدة بياض العين والشديدة السواد سواد العين، لشفر الحور العين أطول من جناح النسر، وأن يدها لو دليت على أهل الأرض لأضاءت كما تضي الشمس لأهل الدنيا، بل لذهب ضوء الشمس، وورد أن بعضها أجمل وأحسن من بعض حتى ذكر أن منها اللعبة تعجب بها الحور الأخريات، بل إن من حسن بعضهن أنه لو لم يكتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا جميعا من حسنها، وهن كثيرات حتى إن الرجل لتدعوه إحداهن فتقول: أليس لنا فيك نصيب، فيقول: من أنت، فتجيب بأنها مما أخفي له من قرة أعين، ومع كل هذا الحسن والجمال فإن نساء أهل الدنيا يفضلن عليهن بما قدمن من عمل صالح.
فأما مادة خلقهن: فلم يصح فيها شيء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال
(1)
الظاهر أن هذا لا يشمل الحور العين، بل هو في الجواري عموما كما هو نص الأثر واللَّه أعلم.
ابن القيم: "هذا مروي عن صاحبين، وهما ابن عباس وأنس، وعن تابعيين، وهما أبو سلمى ومجاهد، وبكل حال فهي من المنشآت في الجنة، ليست مولودات بين الآباء والأمهات واللَّه أعلم. . . وإذا كانت هذه الخلقة الآدمية التي هي من أحسن الصور وأجملها، مادّتُها من تراب، وجاءت الصور من أحسن الصور، فما الظن بصورة مخلوقة من مادة الزعفران الذي هناك فاللَّه المستعان. . . وقد روى في مادة خلقهن صفة أخرى"
(1)
.
وباقي الأوصاف منها ما صح ومنها ما لم يصح، وهي أمور غيبية اللَّه أعلم بحقيقتها.
(1)
حادي الأرواح (161 - 162)، وانظر روح المعاني (4/ 181).