الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانتشروا في إنكلترا وأميركا وروسيا وألمانيا. وكانوا يظاهرون هرتسل في جميع المناقشات يرمون إلى أن يكونوا هيئة صهيونية أرثوذكسية أمينة للتوراة والتقاليد في كلما يتعلق بالحياة اليهودية.
3ً فعال زيون الحزب الديمقراطي: هو حزب اليسار الذي يوجد بين صفوفه بعض مشاهير الاشتراكيين وعددهم قليل، ولكنهم برهنوا على اقتدار وحذق وتغلبوا عل حزب مندلستون في المؤتمر، وكان مركزهم في النمسا وسويسرا، ويوجد فرقة متطرفة اسمها فرقة العملة الاشتراكية الصهيونية ويظن أن هذه الفرقة تخدم غرضها الاشتراكي أكثر من عملها الصهيوني.
4ً الزيون زيونست: توجد فرقة بهذا الاسم في الجمعية العمومية نشأت على أثر الناقشات التي دارت في المؤتمر السادس، وزعيم هذه الفرقة اوسيشكن واضع أصول الفرقة الجديدة الذي صرح أن سياسة هرتسل فشلت، والحركة الصهيونية تحتاج إلى العمل السريع في فلسطين بدون انتظار منحة أو امتياز، ويجب شراء الأرض حالاً بقسم من مال المصرف القومي.
5ً التريتوياليين: قوام هذه الفرقة هم الذين رغبوا في قبول استعمار شرقي إفريقية ثم عدلوا خطتهم وقرروا أن يستحصلوا على كل أرض في أي بلد بشرط أن ينالوا فيها استقلالهم الإداري. وظهرت فرق أخرى لم تنل شهرة مثل الفرق التي تقد ذكرها. ومنها فرق الصهيونيون السياسيين الذين عقدوا اجتماعاً خاصاً سنة 1905.
6ً الصهيونية السياسية الحقيقية: وهم يعتقدون أن طلب الحكم الإداري لليهود مبالغ فيه ويريدون أن يهتم الصهيونيون في الإسراع بمشروع استعمار فلسطين وجوارها، وهنالك فرق صغيرة.
الصهيونية في الحرب:
كانت القيادة الصهيونية العامة في برلين مؤلفة من ستة أعضاء رئيسهم واربورغ، وكان أربعة منهم في برلين وواحد في لينينغراد والآخر في أميركا الشمالية، فلما أعلنت الحرب العظمى سنة 1914 توقفت أعمال الصهيونية السياسية ولم يلبثوا
أن نقلوا إدارتهم العامة إلى كوبنهاغن ونقلوا الإدارة الملية إلى هولندا وتظاهروا بالحياد التام أمام جميع الدول وتربصوا ليروا أين تكون الغنيمة لينصرفوا إليها، أما عضوهم في الولايات المتحدة فقد أخذ يجمع حوله
الصهيونيين وألف لجنة عاملة. ورغم هذه الاستعدادات السياسية فإن مركز الحركة الصهيونية لم يكن في كوبنهاغن ولا في أمستردام ولا في نيويورك بل كان في لندرا لأنها محور العالم، وفازوا بحمل بعض الدول على الاعتراف بحقوقهم التاريخية في فلسطين على ضعف الروح الصهيوني في إنكلترا. ولم تعلن تركيا الحرب في تشرين الثاني سنة 1914 حتى انتبه الرأي العام اليهودي وأيقن اليهود أن المسألة الشرقية سيعاد البحث فيها فانتعشت آمالهم يوم صرح رئيس الوزارة الإنكليزية أن جرس جنازة تركيا قد دُق لا في أوربا فقط بل في آسيا أيضاً واستبشروا بأن تأسيس دولة يهودية في فلسطين أصبح ممكناً ومعقولاً وبرز حاييم ويزمن أستاذ جامعة منشستر فقبض على قياد الحركة الصهيونية العامة، وكان هذا صهيونياً لم يشغل وظيفة مهمة في ترتيباتهم السابقة على أنه كان دائماً يميز نفسه في المؤتمرات، وكان يحض بشدة على العمل داخل فلسطين ويذكر ما يترتب على ذلك من الفوائد، ويقاوم بعنف جميع الذين كانوا يطلبون أن تقتصر الجهود الصهيونية على السياسة فقط. وهو الداعي إلى تأسيس جامعة عبرية في فلسطين وهو الذي اعتبر دخول تركيا في الحرب عهداً جديداً لفلسطين، وفرصة نادرة يجب أن يستفاد منها. وقابل رجال السياسة الإنكليزية يومئذ وفتح باباً للمفاوضات التي أدت إلى تصريح بلفور المعلوم وإلى اتفاق سان ريمو وإلى اعتراف إنكلترا بتسهيل تأسيس الوطن الثومي اليهودي. وقد كان ويزمن يعمل بنفسه دون مشورة أو مساعدة أحد غير بضعة نفر من صغار الصهيونيين، فرأى أن يدعو إلى لندن العضوين الروسيين في المؤتمر الصهيوني ليساعداه في العمل وانضم إليهم فيلسوف
الصهيونية اشير كنزبرغ المعروف باحاد هعام: أحد القوم والمشهور بتعصبه لنشر العلم والتهذيب بين الصهيونيين فألفوا لجنة غير منتخبة لكنها ربما كان يعتمد عليها من أكثر الصهيونيين وحاولوا مراجعة الحكومة البريطانية وإكمال المفاوضات التي باشرها ويزمن.
وفي الاتفاق السري المعقود بين فرنسا وإنكلترا سنة 1916 القاضي بأن تأخذ فرنسا شمالي فلسطين وإنكلترا ميناءي حيفا ويافا وتجعل فلسطين وما فيها من الأماكن المقدسة تحت حكم خاص للاحتفاظ بمصالح دول الحلفاء الدينية ولم تذكر المسألة الصهيونية ولم يرد ذكر ما وراء الأردن والبحر الميت وخليج
العقبة وكان من المنتظر أن تدخل هذه المناطق في الدولة العربية أو الحلف العربي الذي كان في النية إيجاده بموجب معاهدة سرية عقدت مع شريف مكة الملك حسين ومفوض بريطانيا.
وفوضت الحكومة الإنكليزية مارك سايكس النائب الإنكليزي بمفاوضة زعماء العرب والأرمن والصهيونيين فعقد اجتماعاً رسمياً مع الصهيونيين في شباط سنة 1917 ولم يشترك فيه أحد من العرب وقد شهده ويزمن وسكولوف وهربرت بنتويش وكاون وساقر وهربرت صموئيل المندوب السامي السابق لفلسطين وجمس روتشلد. وبعد البحث الطويل توطدت العلائق بين الصهيونيين والحكومة الإنكليزية ووضعت القضية الصهيونية على أساس قانوني وفوض ويزمن وسكولوف أن ينوبا عن الصهيونيين فيما بعد، وأبلغت الحكومة الإنكليزية هذه المفاوضة إلى الحكومة الفرنسية، وذهب سكولوف إلى باريس ليبين لفرنسا أغراض الصهيونية وعلاقتها بالحالة السياسية الدولية الراهنة، وقابل ناظر الخارجية المسيو كامبون وأخذ منه هذا التصريح إن الحكومة الفرنسية لا يمكنها إلا أن تشعر بالعطف على غرضكم الذي يتوقف نجاحه على فوز الحلفاء وإنه
مسرور بإعلان هذا التأكيد. ثم توجه سكولوف إلى روما واستحصل تأكيداً بالعطف على الحركة الصهيونية من رئيس الوزارة الإيطالية والبابا.
ونشطت الحركات العسكرية في فلسطين وتقدمت بسرعة فائقة حتى وقع احتلال القدس سنة 1917 فرنّ صدى ذلك في لندن وأجاب تصريح بلفور الشهير الذي ضمن في كتاب أُرسل إلى اللورد روتلد وهذا نصه: تنظر حكومة جلالة الملك البريطانية بعين الرضى إلى إنشاء وطن قومي في فلسطين، وتبذل الجهد في سبيل ذلك على أن لا يجري ما يضر بحقوق غير اليهود في فلسطين سواء من الوجهة الدينية والمدنية ولا ما يضر باليهود من الحقوق والمقام السياسي في سواها من الممالك.
فقابل اليهود هذا التصريح بالترحيب واصطبغوا جميعهم بالصبغة الصهيونية وقاموا بمظاهرات في كل مكان واكتسب هذا التصريح موافقة دول الحلفاء الكبيرة فوافقت عليه فرنسا وإيطاليا واليابان سنة 1918 أما الولايات المتحدة فإنها لما لم
تكن أعلنت الحرب على تركيا لم توافق عليه، ولكن الرئيس ويلسون أرسل في آب سنة 1918 كتاباً إلى رئيس لجنة الصهيونيين الأميركيين هذا نصه: راقبت برغبة شديدة العمل الأساسي الذي قامت به لجنة ويزمن في فلسطين بمساعدة الحكومة البريطانية وهاأنذا أتخذ هذه الفرصة لأظهر امتناني بتقدم الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة وفي ممالك الحلفاء منذ تصريح بلفور الذي يحمل موافقة إنكلترا على تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ووعد الحكومة الإنكليزية بأنها تساعد ما استطاعت وتضمن الوصول إلى هذه الغاية على ألا يضر هذا العمل بحقوق غير اليهود العرب المدنية والدينية من سكان فلسطين أو يعبث بحقوق اليهود خارج فلسطين.
ولجنة ويزمن التي أشار إليها الرئيس ويلسن لجنة صهيونية أرسلتها الحكومة
الإنكليزية إلى فلسطين سنة 1918 ومنحتها سلطة واسعة، أي أن تكون بمثابة الهيئة الاستشارية للسلطات البريطانية في كل ما يتعلق بالمسائل التي تمس اليهود أو الوطن اليهودي القومي بموجب تصريح حكومة جلالة الملك. وتنحصر أغراضها في ما يأتي:
1 أن تكون حلقة اتصال بين السلطات البريطانية واليهود في فلسطين.
2 أن تشترك في توزيع الإحسان على أهالي فلسطين وأن تساعد على إرجاع المنفيين منها واللاجئين إليها.
3 أن تعاون على تقدم المستعمرات اليهودية وعلى تنظيم السكان اليهود في فلسطين.
4 أن تساعد المعاهد اليهودية في فلسطين لإعادة عملها ونشاطها.
5 تسعى لإحكام العلاقة الودية بين اليهود وغيرهم من سكان فلسطين العرب.
6 تجمع ما تراه مناسباً من المعلومات وتقدم تقريراً فيما يمكن عمله لترقي الاستعمار اليهودي وتقدم القطر عموماً.
7 تبحث إذا كان في الإمكان تأسيس جامعة عبرية في فلسطين وتختار محلها، فاختارت جبل الطور وافتتحتها بوضع الحجر الأساسي بحضور رؤساء الحكومة.
ولما غُلبت تركيا وحلفاؤها وعقد مؤتمر باريز، دخلت النهضة الصهيونية في طور جديد فذهب ويزمن وسكولوف إلى باريز ليمثلا الصهيونيين ويبينا مطاليبهم وجاء غيرهم من صهيونيي الأصقاع المختلفة، وقد سمع مجلس
الحلفاء الأعلى اقتراحاتهم في جلسته المنعقدة في 27 شباط سنة 1919 وهذه هي
أولاً: وجوب اعتراف الدول بحق اليهود التاريخي في فلسطين وشد أزرهم لإعادة بناء وطنهم القومي.
ثانياً: أن تسلم سلطة الحكم العليا في فلسطين إلى جمعية الأمم وأن يعهد إلى إنكلترا
بالوصاية عليها وتكون مسؤولة أمام جمعية الأمم.
ثالثاً: أن يضاف إلى صك الانتداب لحكومة فلسطين الشروط الآتية:
1 تجعل فلسطين في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية يضمن معها تأسيس الوطن القومي اليهودي، وأن يؤول ذلك في النهاية إلى إيجاد حكومة مستقلة على أن لا يعمل شيء يعبث بحقوق غير اليهود العرب في فلسطين أو بحقوق اليهود التي يتمتعون بها خارج فلسطين.
2 وللوصول إلى هذه الغاية تقوم الدولة الوصية: أبتشجيع الهجرة اليهودية وإسكان اليهود في الأرض الفلسطينية مع المحافظة على حقوق السكان الحاليين الثابتة من غير اليهود العرب.
ب تعضيد وكالة يهودية في فلسطين وفي العالم للإشراف على بناء الوطن القومي اليهودي في فلسطين وأن يعهد إلى هذا المجلس بمراقبة التعليم اليهودي.
ج بعد الاقتناع بأن قانون هذه الوكالة لا يتضمن جلب الربح الخاص يجب أن يفضل على غيره بإعطاء المشاريع الاقتصادية وتمنح له الأولوية في كل امتياز في الأعمال العامة أو في استثمار الثروة الطبيعية التي تجد الحكومة من الضرورة إعطاءها لها.
3 تساعد الدولة الوصية جهد استطاعتها على توسيع الحكم الذاتي للمقاطعات أو المراكز الممكن إقامتها بالنظر إلى حالة القطر.
4 تعطى الحرية التامة في ممارسة العبادات الدينية لجميع الأديان في فلسطين دون تمييز بين السكان مهما اختلفت جنسياتهم أو حقوقهم المدنية.
ولم يقد اقتراح بإدارة الأماكن المقدسة ورأوا تركها لرأي الدول الكبرى.
وقد طلب أن يدخل ضمن حدود فلسطين المجرى الأسفل لنهر الليطاني وهضاب جبل الشيخ الجنوبية منابع الأردن ومن الشرق الجولان ونهر اليرموك وما يليهما
من المناطق الجنوبية التي كانت من نصيب فرنسا في اتفاقية سايكس بيكو واعتبرت هذه المناطق من الأسس لتقدم الاستعمار الفلسطيني وأدلوا بحجج
تاريخية. فسمع مجلس الحلفاء أقوال الصهيونيين ولم يصدر قراراً حاسماً لاشتغاله بمسائل أهم من معضلة فلسطين.
وضع اليهود ثقتهم بالحكومة الإنكليزية وما خامرهم شك في صداقتها ولم تحدثهم أنفسهم أنها تتأخر عن مناصرتهم أو إنجاز ما وعدتهم به وقلقوا فقط لأنها ليست وحدها صاحبة الحل والعقد في أمرهم، ولذلك كانت هذه الفترة حرجة جداً في تاريخ اليهود فإما أن يقضي لهم أو يحكم عليهم. ولقد كان من المنتظر إحداث تغييرات تلائم المطاليب الصهيونية لأن الحكومة الفرنسية صدقت عل وعد بلفور لها ومعاهدة سايكس بيكو بطلت لانحلال روسيا، إلا أن اتفاق الحكومة الإنكليزية مع الملك حسين كان له شأن يذكر، ونشاط الحركة الوطنية العربية في فلسطين ومقاومتهم الصهيونية، أسمعت المراجع الرسمية صوتها وعاكست الخطط البريطانية المتحيزة للصهيونيين، كما أن بعض المقامات الدينية النصرانية أظهرت استياءها مخافة أن يتمكن اليهود من السيادة في هذا القطر، أضف إلى هذا أن اليهود اللاصهيونيين في أميركا وأوربا كانوا يقاومون الصهيونية بشدة، فمجموع هذه العوامل أخر سير القضية الصهيونية لكن العاملين الأولين معاهدة الملك حسين ومقاومة العرب كلن لهما الأثر الأكبر في ذلك.
كان العرب يستندون في سياستهم على الأمير فيصل حليف دول الحلفاء وكان هذا يتنازعه عاملان متناقضان، أحدهما العرب الذين يطلبون إليه بشدة مقاومة الصهيونية، والثني بعد نظره الذي جعله يسعى بإخلاص للتعاون مع قواد الصهيونيين، فتحرج مركزه بين هذه المطالب المتناقضة، وغلب عليه العرب فلم يرض عن تأسيس وطن قومي يهودي في فلسطين، ثم عدل عن هذا الرأي وأرسل
كتاباً إلى أحد زعماء اليهود الأميركان، هذه خلاصتهم: إننا نشعر أن العرب واليهود هم أبناء عم في الجنس وأنهم تحملوا اضطهادات متشابهة من الدول القوية، وقد ساعدهم حسن الطالع بأن يتمكنوا من الصعود معاً إلى الدرجة الأولى من سلم آمالهم الوطنية، ونحن العرب وخاصة المتعلمين ننظر برغبة شديدة إلى النهضة الصهيونية، وقد اطلع وفدنا في باريز الآن على الاقتراحات التي قدمتموها أمس إلى مؤتمر السلام ونحن نعتبر أن هذه الاقتراحات معتدلة
ولائقة، وسنعمل جهدنا وما في وسعنا لمساعدة اليهود أبداً ونتمنى لهم وطناً ينزلون فيه على الرحب والسعة. وإني أتطلع وشعبي أيضاً إلى مستقبل نستطيع فيه أن نتبادل التعاون لتصبح الأصقاع التي نشترك في الاهتمام بها ذات مركز بين الأمم المتمدنة في العالم.
ولقد حدثني أحد أخصّاء الملك فيصل أن الكولونيل لورنس قدم إليه كتاباً بالإنكليزية وطلب منه أن يوقع عليه ففعل دون أن يعرف ما فيه لأنه كان موضع ثقته!. وعلى كل فالملك فيصل مسؤول سواء عرف ما تضمنه الكتاب أم لم يعرف ولكن إذا نظرنا أيام حكمه نجد أنه لم يفد الصهيونيين إلا باتخاذه حجة على رضى العرب عن الصهيونية.
وقد مرت الأيام واليهود يبذلون جهودهم لحل معضلة فلسطين المعقدة فلم يتوصلوا إلى حل مرضي لأن بعض الدول رفض قبول قواعد الرئيس ويلسون وبعضها تردد مساومة. وأخيراً اختلف اليهود والإدارة العسكرية في فلسطين وأظهروا أن فلسطين أرضهم وما على العرب إلا أن يرحلوا عنها، فثارت ثائرة العرب وتمرد روحهم الوطني ووقفوا بالمرصاد للصهيونيين فاتفق أن كانت جماهير جبل الخليل قادمة إلى القدس للاشتراك في موسم النبي موسى سنة 1920 فتحرش بهم اليهود تحرشاً اعتبره أهل الخليل اعتداء فهاجموهم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة.
وما كاد البرق يتناقل هذه الحادثة إلى سان ريمو حيث كان وزراء بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مجتمعين لتقرير صورة المعاهدة التي ستقدم إلى تركيا والتي لم يكن فيها نص على فلسطين سوى أن تسلم بها تركيا إلى الحلفاء وهم يفعلون بها ما يرونه مناسباً. وقد كانوا ينوون تأجيل النظر في مسألتها وتعيين شكل حكومتها النهائي ولكن حوادث القدس التي ربما كانت مدبرة من اليهود أو الحكومة غيرت هذا المنهج وأسرع الحلفاء في تصفية الخلاف بينهم، وبحثوا في فلسطين واعترفوا بمطالب الصهيونيين، وأضافوا هذه الفقرة إلى المعاهدة المصدقة في سان ريمو:
توافق الدول الموقعة على هذه المعاهدة بموجب المادة 22 من صك الانتداب وتعهد بإدارة فلسطين بالحدود التي ستقررها دول الحلفاء إلى دولة وصية تختار
من الدول المذكورة تكون مسؤولة بتنفيذ التصريح الذي فاه به بلفور في 2 شباط سنة 1917 بالنيابة عن الحكومة البريطانية والذي وافقت عليه دول الحلفاء وفيه تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين على أن لا يمس حقوق العرب المدنية والدينية ولا المركز السياسي الذي يتمتع به اليهود خارج فلسطين. وقد تقرر أيضاً في سان ريمو أن تكون الحكومة الإنكليزية الحكومة الوصية على فلسطين. فأبدلت الحكومة الإنكليزية الإدارة العسكرية في فلسطين بإدارة مدنية وعينت على رأس هذه الإدارة هربرت صموئيل الصهيوني الصميم فتولى منصب المندوب السامي في فلسطين في 1 حزيران سنة 1920 فقاطعه الوطنيون ولكنه باشر بتأسيس إدارة مدنية وجابهه مشكلتان صعبتان وهما:
1 الحدود
2 مواد الانتداب،
وحلن هاتان المشكلتان بالتدريج وفي المفاوضات بين بريطانيا وفرنسا، أما الحدود التي اقترحها الصهيونيون أمام المجلس الأعلى فلم توافق عليها فرنسا لأنها
أصرت على الحدود المقررة في معاهدة سايكس بيكو وبعد مباحثات طويلة تنازل الفرنسيون عن مقاطعة المطلة وبانياس أما صور وصيدا والمجرى الأسفل لنهر الليطاني ومنابع نهر الأردن والشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية والجولان واليرموك فقد أُخرجت منها، خلا عدة أميال أُضيفت إلى فلسطين من شاطئ اليرموك الغربي قبل أن يصب في الأردن.
وقد قابل اليهود هذا الحل باستياء شديد لأنهم رأوه يؤثر في استعمارهم ويضر بفلسطين وسورية. وأظهر الفرنسيين أنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم إلا إذا توقفت إنكلترا وفرنسا إلى تعديل الاتفاق فيعطى إلى فلسطين ما يزيد من مياه الأردن الشمالي واليرموك لتنتفع منها بتوليد قواها الكهربائية أو استعمالها في ري الأرض وغير ذلك. وهكذا أُضيف إلى صك الانتداب بعض ما يتطلب اليهود وما يعود عليهم بالنفع واقتصرت الولايات المتحدة من مطالبها من فلسطين على أن تكون حقوقها التجارية مضمونة. فكاد هذا التأخير يجعل مستقبل فلسطين السياسي غامضاً لأن المفاوضات سارت ببطء ولم تنته حتى تموز سنة 1922 حين بحث في الوصاية وصدقت عليها عصبة جمعية الأمم. وفي صيف سنة 1921 كان عدل صك الانتداب بشأن شرقي الأردن بفقرة هذا نصها: للدولة الوصية الحق بتأجيل أو عدم تنفيذ بعض المواد الواردة في صك الانتداب الذي يتعلق