الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
الحملات على جبل الدروز وعلى الكرك:
وفي سنة 1324 اعتدى دروز حوران على عرب المعجل فغزا الدروز المعجل في النقرة من حوران فقتل المعجل منهم نحو سبعين رجلاً ثم اعتدى المعجل على قافلة درزية وقتلوا رجلاً من أكابر بيوتهم بالقرب من براق، فهاجمهم الدروز في ضمير من مرج الغوطة وقتلوا نحو أربعمائة من العرب، وأبقوا على النساء، وفي سنة 1328 غزا دروز حوران جيرانهم أهل قريتي معربة وغصم وسكانهما مسلمون ونصارى على أثر خصام وقع بين نواطير القرية ونواطير بصرى على الكرم فقتلوا 59 رجلاً وامرأة عدا الجرحى ونهبوا القسم الأعظم من قرى السهوة وجيزة وسماقية وطيسة، فأرسلت عليهم الدولة حملة مؤلفة من ثلاثين ألف جندي
بقيادة سامي باشا الفاروقي فضربهم ضربة خفيفة قتل فيها زهاء ألف رجل منهم ونحو مئة وخمسين من الجند وأحرقت بعض القرى ولا سيما الكفر أهمّ موقع حربي في الجبل وحواليها دار معظم القتال، وغنم الجند والضباط ما فيها من متاع وحلي وأرزاق مما حشره الدروز فيها من أنحاء الجبل، ولم تستفد الدولة من هذه الحملة إلا إحصاء نفوس الجبل، واستأمن الدروز فحكم على بعض زعمائهم وأشقيائهم بالصلب فصلبوا في دمشق وجند بعض شبانهم وعفي عن بعض المجرمين وجرم بعض الأبرياء. وهكذا غرمت الدولة والأمة حتى امتلأ صندوق القائد فيما يقال ولم تنفذ خطط الإصلاح التي وضعت على العادة في كل مرة، ومنها ما يرضى به الدروز لكن تطبيقه يحتاج إلى إخلاص وحكمة. وقد أبان الدروز في هذه الحرب شأنهم في أكثر حروبهم وغاراتهم عن مهارة في الفنون الحربية وشجاعة متناهية.
وأرادت الدولة في تلك السنة أن تحصي نفوس سكان لواء الكرك كما أحصت سكان لواء حوران، فانتقض أهل الكرك على الدولة لأنهم بادية على الأكثر والبادية تخاف الجندية أكثر مما يخاف منها أهل المدن والمزارع لأن عهدهم بالحكومة حديث وصعب التأليف بين طبائعهم ومعاملة الموظفين الفاسدين وكان لواء الكرك أُسس في سنة 1311 على سيف البادية بين الحجاز والشام، وقد ثبت للدولة أن المرسلين يعملون بنشاط لتنصير تلك الأصقاع، وكان ذاك الإقليم من قبل بعيداً عن كل سلطان ويحكمه رؤساء عشائره، ولم يكن أكثر قراهم
معموراً مأهولاً، وكانت ديارهم كأنها قطعة من الحجاز القاحلة لا الشام الخصيبة، وصادف أن قطعت مرتبات عرب بني صخر والخرشان وغيرهم من أهل الوبر، فقام البدو الذين حرموا رواتبهم وهي أربعة آلاف ليرة في السنة، وسطوا على بضع محطات السكة الحديدية الحجازية على طول أكثر من مائتي كيلو متر في
أرض اللواء، ونهبوا قطاراُ بحمولته وقتلوا وجرحوا بعض موظفي الخط، وقام الكركيون باديهم وحاضرهم وأطالوا يد الاعتداء على التجار والموظفين والحامية فقتلوا منهم نحو 150إنساناً، ولو لم يلجأ أكثرهم إلى قلعة الكرك لهلك في هذه الفتنة بضع مئات وحرقت الأماكن الأميرية كلها ونهبت خزانة الحكومة ودور الموظفين وأُحرق قسم منها، وخرب قسم عظيم من المدينة 549 داراً بإطلاق القلعة المدافع عليها وقطع العصاة الأسلاك البرقية وهاموا على وجوههم في البراري، وبعد أن جاء المدد للمحصورين في القلعة قبضت الدولة على عشرات من الثائرين عدا من قتلهم هناك صبراً وحكمت عليهم بأحكام مختلفة وأكثرهم بالقتل. ولم يشترك أهالي معان والطفيلة في هذه الفتنة، وكانت النية أن يقوموا مع الكركيين في يوم واحد. وجرت وقائع بين عسكر الدولة وعرب المجالي وبني حميدة وابن الطريف وكورة وسليط وغورين وكثر ربا وعراق وخنزيرة والمعايطة وعبيد وجلامدة وأغوات بالقرب من قرية كفر ربة استسلم فيها بعضهم، وبلغ عدد القتلى من الكركيين نحو ألفي نسمة. ولم يحدث بعد هذه الوقعة شيء يذكر في أرض الشام اللهم إلا هياج العربان للغارة والنهب في الشمال والجنوب، وكانت الدولة تسوق عليهم قوى خفيفة تارة، وتتركهم وشأنهم تارة أخرى، خصوصاً إذا لم يقع منهم على أهل المدن والقرى اعتداء مباشرة، ولم يتدخل قناصل بعض الدول لمأرب لهم، كأن يكون في القتلى بعض النصارى أو أن تقضي السياسة بأن يوجدوا مسألة جديدة تحب دولة ذاك القنصل استثمارها في دار الملك.
ومن الحوادث التي وقعت في سنة 1324 1906م الخلاف الذي وقع بين الحكومة المصرية والحكومة العثمانية على حدود الشام وعقدت بينهما المعاهدة المعروفة بمعاهدة رفح وتعين الخط الفاصل الإداري بين ولاية الحجاز ومتصرفية