الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طول كرم ثم نابلس، وعطف على القدس فاحتلها، وقد تهافت الأهالي على قتاله من كل جانب فهاجمهم وكسر جمهور القبائل الشمالية عند شعفاط، ولكن أهالي الخليل هزموه عند برك سليمان وحصروه في القدس فاستعاد نشاطه وقارعهم ثانية وظفر بهم.
خطأ إداري لإبراهيم باشا ووقائعه في اللجاة ووادي
التيم:
لا جرم أن إبراهيم باشا أخطأ في تطبيق قانون التجنيد في الشام على نحو ما فعل أبوه في مصر، وكان عليه أن يقنع والده بالعدول عنه إلى حين، لأن صاحب
القطر الأصلي لم يقطع آماله من استرجاعه وهو يسعى بكل ممكن إلى استخلاصه من غاصبه، وكل ما تنفر منه قلوب الرعية يفرح به لأنه يخدم مصلحته. فمسألة التجنيد قللت من أنصار الحكومة المصرية في القطر لقلة اعتياد الناس الجندية في ذاك العصر، وقد أصبح القوم يعدون التجنيد من باب إلقاء النفس في التهلكة، وزال من الأفكار معنى الدفاع عن الوطن والذب عن مقصد شريف، وهذا الروح كان قد ضعف في الأمة بعد أن حكمها الغرباء قروناً بالعنف والقهر. قال في معلمة الإسلام: إن تجنيد الشعب في الشام أدى إلى هجرة عدد عظيم من أهلها إلى آسيا الصغرى والعراق. ووضع اليد على الحيوانات للأعمال العسكرية نتج منه انحطاط الزراعة والتجارة، ولئن كان أمن قد استتب في الأرجاء فإن الغضب العام لم يكن أقل منه. وجاء في تاريخ حماة أن إبراهيم باشا كان يحشر الناس لبناء الثكنة العسكرية في حماة ويقبض على كل من يجده في البلد فكانوا يفرون منه إلى رؤوس الجبال وتارة يختبئون في الأنهار وربما قلع الإنسان عين نفسه أو قطع إصبعه ليعفى من الخدمة العسكرية. ولقد اتفق دروز وادي التيم مع دروز حوران وعرب تلك الجهات وأبو تجنيد أولادهم، فأرسل والي دمشق 1251 عليهم جنداً فالتقوا به في جنوبي اللجاة في وعرة هناك كتبت فيها الهزيمة على المصريين، ثم أرسل عليها قائداً اسمه محمد باشا فقاتلوه وقتلوه وقتلوا خلقاً كثيراً، ثم أنفذ إبراهيم باشا أحد رجاله شريف باشا إلى قرية أم الزيتون في وادي اللوى في أربعمائة فارس فقتلهم
الشيخ حمدان الدرزي عن آخرهم ولم يبق إلا على مقدمهم. وذكروا في سبب هذه الوقائع أن إبراهيم باشا طلب 180 نفراً للجندية من جبل الدروز الشرقي كما طلب 1200 من دروز لبنان وأرسلهم إلى عكا، فطلب المشايخ إبدال ذلك بالمال وأوهموه الطاعة فلما عادوا إلى إقليمهم ثاروا عليه، فتوجه إليهم الجند بقيادة علي آغا البصيلي كبير طائفة الهوارة والصعايدة ومعه
عبد القادر آغا أبو جيب فعقدوا هناك مع كبراء الدروز مجلساً للمشاورة في هذا الأمر، فامتنع الدروز من تسليم الأنفار وأرادوا الاستعاضة عنهم بالبدلات العسكرية. فقال البصيلي: إني أُرسل مراسلة استشير بها أفندينا. وعلى ذلك قرّ القرار. وفي تلك الليلة كبست الدروز العساكر وأذقانهم كؤوس المنية، وقتل أبو جيب وكان المتسلم في حوران وجبل الدروز، ولم يسلم من القتل سوى البصيلي وخمسة عشر نفراً، ثم جمع الدروز أمتعتهم ودخلوا اللجاة فجاءهم عسكر إبراهيم باشا فقتلوه. وهذه هي الوقعة التي قتل فيها الفريق محمد باشا. وقد بلغ عدد المقاتلة من الدروز والعرب عشرة آلاف. وفي مدونات مشايخ الدروز أنفسهم أن المقاتلة منهم لم يتجاوزوا الثمانمائة مقاتل ومعهم مائتان من عرب السلوط أحلافهم. وكانوا يربطون الطرق وينهبون القوافل بين بيروت ودمشق ويقتلون كل من وجدوه منفرداً من العسكر النظامي.
وروى مشاقة أن العسكر المصري الذي أُرسل لأول مرة على دروز حوران كانوا 450 مقاتلاً من الهوارة قتلوا إلا قليلاً، فأرسل إبراهيم باشا عليهم نحو ستة آلاف من العسكر النظامي مجهزين بالمدافع مع أن الدروز يومئذ لم يكونوا أكثر من 1600 مقاتل. ولما عجز شريف باشا والي دمشق عن كبح جماح الدروز جاء إبراهيم باشا من شمالي الشام وكان هناك يرقب حركة الأتراك فساق قوة أُخرى، فرأى الرعب قد دبّ في قلوب عسكره من رهبة الدروز فعمد إلى ضربهم من جهة صرخد بفرسان الأكراد. ودارت رحى الحرب بينهم وتهارب الدروز من وجه إبراهيم باشا ورجاله إلى أن قادوهم إلى سهل دام، وهناك رجعوا عليهم وأعملوا السيف فيهم وفتكوا بجموعهم، ولما عرف إبراهيم باشا أن عسكره ذُعر من شجاعة الدروز عمد إلى تسميم الماء الذي كانوا يستقون منه فأرسل إلى الدكتور كلوت بك يستحضر منه
محلولاً قاتلاً فرفض هذا إجابة طلبه وحاول أن
يمنعه من استعمال تلك الواسطة لما فيها من القسوة التي تشمل الحريم والأطفال معاً، أما إبراهيم باشا فكان يرى مصلحة الدولة أولاً والرعية ثانياً، ولما عجز عن إخضاع العصاة ألزم علماء الكيمياء بصنع محلول سليماني ألقاه في المياه وأعلم الدروز بذلك، فاضطر الدروز إلى ترك المكان بعد أن مات منهم عدد كبير عطشاً وأتوا إلى إقليم البلان. وكان دروز وادي التيم وإقليم بالبلان ينجدون دروز حوران بقيادة شبلي العريان ولما ضاق بهم ذراع إبراهيم باشا استدعى من مصر عسكراً من الأرناؤد فأمده أبوه بأربعة آلاف جندي بقيادة مصطفى باشا، وهم الذين حارب الدروز بهم في الوعرة أيضاً فلم يظفروا بهم. وكانت دروز الأقاليم تنجد دروز حوران سراً أولاً ثم أخذت تنجدهم علناً. أما نصارى لبنان فتجندوا أولاً مع العساكر المصرية وحضروا الوقائع التي حدثت بين المصريين والدروز في حوران ووادي التيم. وتجمع العصاة في قرية حينة من إقليم البَلاّن، فأطلق الأمير مجيد شهاب الغارة عليهم فانهزموا وقتل منهم 150 رجىً وبلغ شبلي العريان ذلك فحضر بعسكره من الوعرة وحاصر العسكر المصري في سراي حاصبيا فقتل من أمراء حاصبيا الأمير علي ثم أرسل العريان إلى الأمير محمود خليل أن يخرج من السراي ولا يشارك العسكر النظامي فخرج بجماعته اللبنانيين، واضطرمت نار الحرب بين العسكر المصري والعريان، ففر الجند المصري منهزماً نحو البقاع فتبعه العريان بمن معه وأعمل في أقفيتهم السلاح فقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل وتشتت من عسكره في البقاع وعاد فخيم في قرية عيحا قرب راشيا، فأتته الدروز وتحصنوا قبالته في غابة هناك، وانتشب الحرب بينه وبينهم فلم يظفر بهم، ثم اشتبك الدروز مع عسكر إبراهيم باشا في وادي بكا فهجم عليهم إبراهيم باشا بعسكره وأطلق عليهم النار وأطبقت العساكر من كل جانب، فقتلوا من الجند المصري وقتل منهم مقتلة عظيمة اضطروا عقيبها إلى الفرار. قيل أنه قتل من
الدروز في الوقعة الأولى 620 عدا من تأثرهم إبراهيم باشا وقتلهم، ثم حدثت وقعة في قلعة صخور وتفرق الدروز، وطلب العريان الأمان من إبراهيم باشا فأجابه إليه وجعله قائداً على ألف فارس هوارة. وفي سنة 1252 توجه الأمير مسعود