الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فطمع الأهلون فيه ولم يعطوه مال الدورة، فألحق به الجزار جنده قاصداً قهره وعسكره. فركب وركب العسكر وتوجه نحو عسكر الجزار فدارت بين الفريقين حرب انتصر فيها والي دمشق على الجزار، وقتل الأول من عسكر الثاني خلقاً، ورجع لم يعترضه أحد وقد جمع الأموال الأميرية برمتها. وفيها قامت الإنكشارية على أعيان حلب وقتلوا كثيراً منهم حتى كانوا يقتلون السيد وهو يصلي في المحراب، فعرض الحال على الدولة فجاء شريف باشا والياً على حلب فمنعته الإنكشارية من دخولها، فتعهد بأن يكون مسعفاً لهم فدخل وأتته الأشراف فقوي بأسهم على الإنكشارية وبعد ذلك أرسل إلى الإنكشارية سراً أن يثوروا بالسادات فكبسوهم ليلاً وقتلوا منهم مائتين وخمسين نفساً وأخذ منهم شريف باشا خمسمائة ألف قرش وقدمها للدولة، وقويت شوكة الإنكشارية في حلب.
وفي سنة 1213 ضرب الجند الدالاتية جميع قرى دمشق وأكلوا مغلها وحرقوا دوابها وصار منهم قتل وسلب. قال ابن آقبيق: وقال أيضاً في حوادث هذه السنة: إنه كثرت الفتن وانحل الحكم حتى بقي إطلاق البارود من القلعة سبعة أيام. وانتشرت الفوضى في الأحياء والبلاد لا حكم فيها لحاكم ولا متسلم، وأفندية البلد دمشق مسجونون عند الباشا في المخيم وبقي ذلك حتى رحل الباشا، وبقي عسكره يومين وليلتين نهبوا في خلالها ما في القرى من مأكول ومنظور وعزم غالب أهلها على الرحيل لما أوقع فيهم الجند من الضرر.
محاولة نابوليون فتح الشام واستيلاؤه على غزة
ويافا:
بينا كانت الفتن الأهلية بين العمال على المال، والشام قد ضعفت فيها كل قوة، والدولة كلما رأت عاملاً قوياً تكتفي بأن تضع في جواره عاملاً آخر تملي له من قوتها حتى يظل في خصام مع جاره، والضعف في الإدارة ظاهر كل الظهور، والناس من الجزار في قسم عظيم من ديار الشام في أمر مريج، وهي مفتحة الأبواب خالية من أسباب الدفاع إلا ما كان من أسوار
أُمهات مدنها أتى نابوليون بونابرت مصر 1213 وفتحها ولما شعر باجتماع الجيوش لمحاربته وأنه إن لم يفاجئ الدولة العلية في الشام قبل أن تتم استعداداتها الحربية تكون عواقب الأمور وخيمة عليه وأن من يحتل مصر لا يكون آمناً عليها إلا إذا احتل القطر الشامي فلهذه الدواعي قام من مصر ومعه ثلاثة عشر ألف مقاتل قاصداً الشام من طريق العريش.
ولما بلغ أحمد باشا الجزار قدوم الجيش الفرنسي من مصر إلى عكا أسرع - على رواية نقولا الترك - بتدبير ما يحتاج إليه في الحصار، وأرسل إلى يافا العسكر وحصنها بالمدافع والقنابر، وامتد إلى مدينة غزة بعساكره وعشائره ووصلت جيوشه إلى قلعة العريش. وأقاموا فيها وتنبهت الغز للجهاد. وفي شهر شعبان سنة 1213 خرجت العساكر الفرنسية إلى مدينة بلبيس والصالحية وكتب إلى الجنرال كليبر أن يتوجه من دمياط في البر على طريق قَطية. ولما سيّر بونابرت العساكر أحضر علماء الدين وقال لهم: إن الغز المماليك الهاربين مني قد التجئوا إلى أحمد باشا الجزار فجمع لهم العساكر وحضر إلى العريش وعزموا على الحضور إلى الديار المصرية فلذلك أخذتني الغيرة وعزمت أن أسير إليهم بالعساكر وأن أخرجهم من قلعة العريش، ثم جاء الفرنسيون إلى هذه القلعة وكان فيها ألف وخمسمائة مقاتل فحاصرها ثمانية أيام، ولما فرغت مؤونتهم وبارودهم أرسلوا يطلبون الأمان، وأن يخرجوا من القلعة بغير سلاح، وبعد ذلك حضر قاسم بك
المسكوبي في عسكر ومهمات فبلغ بونابرت وصوله وربطوا عليه الطريق وكبسوه ليلاً وذبحوا عساكره ولم يسلم منهم إلا القليل. وعندئذ أمر الجنرال دوكوا قائد مصر ووكيل بونابرت التجار أن تسير بالقوافل إلى الشام لينتفع بالمكاسب أصحاب التجارة وينتفع سكان الشام ببضائع مصر حسب العادة السابقة. وسار أمير الجيوش بالعساكر من قلعة العريش إلى خان يونس واستخلص غزة من الغز عساكر الجزار فوجد في غزة حواصل ذخيرة من بقسماط وشعير وأربعمائة قنطار بارود واثني عشر مدفعاً ومستودعاً كبيراً من الخيام والقنابر. ولما بلغ يافا بني المتاريس أمامها وأرسل يطلب إلى حاميتها التسليم وكانت نحو ثمانية آلاف فأبت وقتلت الرسول فأدار عليها المدافع وقوي الصدام فقتل