الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض المقاومة لعمال الدولة من الترك يخربون ديارهم، ويهلكون من أخذوا على أنفسهم حمايتهم من ضعاف السكان.
حال الشام بعد رحيل نابليون عنه:
كان يظن بعد رحيل نابليون ومعاونة الإنكليز للدولة العثمانية على إخراجه من الشام، أن الدولة تبدل شيئاً من أصول إدارتها وترجع عن استسلامها لعمالها الذين يجبون الجبايات ويرضونها بجزءٍ منها ويحتفظون بالباقي لأنفسهم. ولكن الأحوال بقيت بحالها، وظن الجزار نفسه أنه هو الذي دفع جيش نابليون عن الشام، فعاد يمثل مظالمه ويحمل على الناس مغارمه، ويتناول استبداده المسلمين والنصارى واليهود على السواء، وجنونه فنون.
ولم يكف فلسطين ما حلّ من ظلم الجزار ثم وقائع نابليون حتى قام محمد باشا أبو المرق يسومها العسف والخسف، يجور على أهل بيت المقدس والخليل وغزة والرملة ولدّ، حتى اضطر السادات الأشراف الأبرياء لكثرة مظالمه أن يبيعوا أولادهم كما تباع العبيد والجواري على ما ذكر ذلك أحمد باشا الجزار في كتاب صدر عنه سنة 1217 إلى وكيله في دمشق.
ومن أحداث هذا الدور نهب العسكر الدمشقي 1214 جميع القرى في طريقه إلى غزير في لبنان، وتفرقت عساكر الدولة في ضياع كسروان ونهبوا كل ما وجدوه وذلك للضرب على أيدي الأمير بشير الذي كان على ما يظهر يحاول أن يأكل الخراج، ولذلك قاتله جيش الدولة 1215 مرة أخرى لما جاء إلى نواحي بعبدا في لبنان وقتل من أدركه في المتن، ورجع بشير إلى عاريا وكان عسكر الدولة أحرق عدة بيوت من بعبدا والحدث وسبي النساء وقتل العجائز والأولاد فاجتمع معه أربعة وخمسون رأسا من القتلى فأرسلوها إلى الجزار ونهبوا أموالا ومواشي وأحرقوا عاريا. وذهب والي دمشق سنة 1217 إلى حماة وفتحها وبالغ في الظلم حتى فر غالب أهالي حماة عن بلدهم اتقاء شره، وتفرقوا في دمشق وحلب وطرابلس وأصبحت حماة كالقرية لقلة سكانها.
قال ابن آق بيق: وفي سنة 1217 شغلت دمشق بالظلم وإكرامية الباشا من البلاد واشتغل حسن آغا بالظلم في دمشق وإرهاق القرى بالطروحة والإكراميات وفرض الذخائر ومعاونة الجردة وغير ذلك من المظالم التي لم يسمع لها أثر في السابق قال: ولما خرج عبد الله باشا العظم من دمشق سنة 1218 قاصداً إلى طرابلس ليحارب أهلها، وضرب عسكره بعض القرى ونهبها وظلوا على هذا التخريب حتى بلغوا طرابلس فحاصرها وخرج أهلها هائمين على وجوههم ووقع القتال بين عسكره وعسكر المتسلم وقتل من الفريقين خلق. وكان أحمد باشا الجزار يرسل النجدات إلى عبد الله باشا العظم.
وقال أيضاً: إن الجزار كان يطلب من الأغنياء أموالا يأخذها منهم بعد الحبس والضرب وبقي الطرح على جميع الأصناف وأغلقت الدكاكين بدمشق وبات الناس في كرب والعسكر يحيط بالبلد، والأكراد والشيخ طه الكردي وجنوده يعذبون الخلق أنواع العذاب حتى يقروا لهم بالأموال، والطرح على الخلق أشكال
وضروب من بنّ وتنباك وألاجه وحرير وشاشات وزنانير واستصفاء بيوت وخانات وبساتين وغير ذلك، وظهر في دار ابن عقيل وكيل الجزار بدمشق طمائر ذهب قدرت بنحو خمسمائة كيس. ولم يمن يمر يوم دون أن يقبض على أربعة أو خمسة من أرباب الوجاهة والثروة يسجنون في سجن القلعة ويعذبهم أكراد الجزار بالكماشات والحديد والعصي إلى أن يشرف المعذَّبون على الموت ويشتط العمال في طلب المال من المصادرين ويطوفون بهم في المدينة، فيضطرون إلى بيع جميع ما يملكون ليكفّ عنهم، ووصلت الحال بالأغنياء إلى التسول، وكان قتل النفوس على الأكثر في سبيل أخذ المال مشروعاً كان أو غير مشروع. فقد حدثت فتنة طفيفة بين ملتزم أموال بلاد بشارة، فأرسل الجزار على العصاة عسكراً قتلوا منهم ما ينيف على ثلاثمائة رجل وأسروا عدة، وأرسلوهم إلى عكا جعلوا على الأوتاد ثم أخذ الجزار أموالاً جزيلة من السكان.
ومن الحوادث في أيام عبد الله باشا العظم بدمشق أن القبو قول قصدوا إثارة فتنة 1214 فأغلق آغا القلعة بابها، وحاصره الباشا فاضطر إلى التسليم بعد مدة، فقتل آغا القلعة وهمدت الفتنة، ثم سار عبد الله باشا لمحاربة