الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخبيرون أن العسكر العربي ما اشترك مع العصابات أصلاً ولا في وقعة من الوقائع.
على أن بريطانيا وهي الصديقة المحببة إلى حكومة فيصل لم تخل من اعتداء العصابات عليها، اعتدت على أطراف سمخ في المنطقة البريطانية، كما اعتدت على قطار في الشمال يحمل عسكرا بريطانياً. ومما جرى خلال تلك الفترة اتفاق بريطانيا وفرنسا اتفاقاً عسكرياً على أن تحتل الثانية بعلبك ورياق وحاصبيا وراشيا فزحفت الجنود الفرنسية لاحتلال هذه الأقضية وكانت من عمل الحكومة العربية الفيصلية، وبعد مناوشة في وادي جريبان دامت أربع ساعات بين الجيش العربي والجيش الفرنسي دخل هذا بعلبك، ثم سعى فيصل فأخرجهم من تلك المقاطعة ثانية.
ترامت أخبار العصابات إلى الغرب وتجسمت بالطبع على العادة في نقل الأخبار، وشكا العقلاء من أهل هذه الديار وخافوا عاقبة هذه السياسة، وأسفوا لتقاتل أبناء
الوطن ولتجدد نعرة الدين، ولم يكن قناصل الدول غافلين عما يتم، وكانوا ينقلون أخبار الوقائع في الجملة على وجه الصحة، وأخذت العلائق تتوتر بين الأمير فيصل وحكومة الانتداب في الساحل، وكانت فاتحة أعمال الجنرال غورو في الشام أن طلب إلى فيصل أن يعطيه البقاع لينقل على الخط الحديدي ما يحتاج إليه الجيش الفرنسي في جهات عينتاب فأبى الأمير إجابة الطلب.
الاستفتاء في الدولة المنتدبة:
زينت بريطانيا للحلفاء إرسال وفد يستفتي أهل سورية ولبنان، في الحكومة التي يختارونها للانتداب عليهما فجاء الشام حزيران 1919 وفد أميركي منتدب من الدول ليدرس حالة الشام ويعرف ما يرضيها من الحكومات، فبدأ عمله من الجنوب إلى الشمال، وجاء دمشق فاجتمع إلى العلماء والرؤساء والقادة، فكانت الكلمة في المدن الأربع مجمعة على طلب الاستقلال التام ورفض المعاونة
الفرنسية وطلب المساعدة الأميركية أو البريطانية فقط، وكذلك مدن الداخلية أما في الساحل فالموارنة والطوائف الباباوية طلبوا فرنسا. ويقول الريحاني: إن الأقلية اللبنانية فقط طلبت الانتداب الفرنسي ولم تشمل هذه الأقلية الطوائف المسيحية كلها. قال: ومما يدعو إلى الأسف أن قد كانت اللجنة الأميركية عاملاً آخر من عوامل الشقاق لأنها في طريقة الاستفتاء عززت من حيث لا تدري مبدأ العصبيات الدينية والطائفية.
وقد قالت هذه اللجنة الأميركية إنها زارت 34 مقاطعة من مناطق العرب والإنكليز والفرنسيس، فلسطين وساحل سورية وداخلها فيها 2365000 من المسلمين و 585 و500 من النصارى 140000 من الدروز 110000 من اليهود 450000 من الطوائف الأخرى. وهو إحصاء تقريبي وأنه بلغ مجموع العرائض التي تلقتها اللجنة 91079 عريضة وفي كل واحدة خمسون توقيعاً على
الأقل، وأن مطالب الأهالي تنحصر بطلب إنشاء مملكة ملكية ديمقراطية دستورية لا مركزية.
ولما جاءت اللجنة الأميركية إلى دمشق، أصدر المؤتمر السوري قراراً فحواه طلب الاستقلال التام لسورية، والاحتجاج على المادة الثانية والعشرين من قانون جمعية الأمم، ورفض المساعدة الفرنسية وطلب مساعدة الولايات المتحدة لمدة عشرين سنة، وإن لم تقبل هذه فبريطانيا العظمى بنفس هذه الشروط، وأن العزم معقود على تأسيس حكومة ملكية ديمقراطية يرأسها الأمير فيصل، وتقوم على أسس القومية وتحفظ حقوق الأقلية. وكانت الأكثرية المطلقة في الحكومة العربية بجانب أميركا في مسألة الانتداب، وفي الساحل كانت لفرنسا. ولما كانت أميركا لا تقبل بأن تنتدب على بلد لا شأن لها فيه فالانتداب يكون لبريطانيا، وهذا ما كان يريده فيصل لتكون الأصقاع العربية كلها ذات انتداب واحد، وتكون روحها واحداً وهي الروح البريطاني وخالفه فريق صغير فقال بأن في تعدد الانتدابات فرجاً للشام يقرب أيام استمتاعها بحريتها، ناجية من إشراف الدولة المنتدبة، وقد كانت ثقة الأمير بالإنكليز السكسونيين في القضية السورية عظيمة جداً. كتب إلى صاحب هذه الخطط من باريز يوم 4 آذار 1919 كتاباً خاصاً جاء فيه: وإذا استثنينا بعض من يريد الاستعمار