الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهم مقدمة الصهيونية الذين كانوا يحاولون أن يقيموا بناء القومية اليهودية في فلسطين ويعيدوا لصهيون أي القدس مجدها بإنشاء المعبد الذي خرب وعرش داود.
انسيال الدروز على جبل حوران ووقائعهم:
مضت قرون على لبنان قبل منحه استقلاله النوعي عقيب حوادث الشام وهو بورة الفتن، ومنبعث الثورات والقلاقل، لأنه كان فيه كتلتان عظيمتان بل دينان مختلفان الموارنة والدروز. كل منهما يريد التوسع في السلطة، وكل منهما تعلم الطاعة
لرؤسائه وعقاله، يسير بقيادتهم يوم الكريهة، أو يجتمع تحت لواء صاحب إقطاعه راضياً مختاراً، وكل منهما يستمد من قوة غريبة. والموارنة أقدم استمداداً وصلات بالأمم اللاتينية من جيرانهم، وجيرانهم أشد بأساً وأكثر مضاء أثبتوا في مقاتلتهم الصليبيين، فكان قتالهم لهم أشد من مناجزة بعض الطوائف الإسلامية من سكان أرجاء الساحل لهم. فلما وقع ما وقع في حوادث لبنان عام 1860 قضت الطبيعة على بعض رجال طائفة الدروز أن يهاجروا إلى جبل حوران فرحلوا إليه في فريق من إخوانهم أهل وادي التيم والجبل الأعلى وصفد وعكا وغوطة دمشق وإقليم البلان وكان منهم طائفة فروا من وجه القضاء في الأصقاع الأخرى، وآخرون أتوا حوران بدافع الحاجة، فكثروا سواد من كانوا حلوا في هذه الربوع أيضاً من أبناء مذهبهم، وأول نزول الدروز في حوران بعد وقعة عين دارة المشهورة في لبنان سنة 1710م 1122هج فتألفت كتلة منهم هناك وقويت عقيب حوادث الشام، وأخذ الدروز يرجعون إلى أخلاق البادية بعد أن أوشكوا أن يدخلوا في الحضارة في اللبنانيين الغربي والشرقي.
اعتز قدماء الدروز بإخوانهم الذين جاءوهم وأخذوا يجمعون شملهم على عادتهم بإمرة قوادهم، وكان أهمهم بنو حمدان ثم أسرة بني الأطرش التي أصبح معظم الجبل بتدبير كبيرهم إسماعيل الأطرش خاضعاً لهم، وسلطة هذا البيت تتناول أكثر أنحاء الجبل والأكثرية معهم على الأغلب. ومنذ نزول الدروز في حوران ما برحوا يناوشون النصارى والسنيين من أهل القرى والبادية
القتال، حتى استقلوا به استقلالاً تاماً، وكانت أول وقائعهم المشهورة بعد وقائع إبراهيم باشا ما حدث سنة 1296 بينهم وبين أهل بسر الحريري من أجل فتاة، فهجم الدروز على بسر وقتلوا من أهلها ثمانية أو عشرة أشخاص وقتل من أهل بسر خمسة أثناء الدفاع عن أنفسهم، وعند ذلك تجمع الحورانيون ألوفاً، وأراد مدحت باشا أن يجيب
الحورانيين إلى مطالبهم وهي إنزال العقوبة بثلاثة وعشرين رجلاً من الدروز، فأبى الدروز إلا أن يعطوا دية عن القتلى، وقصد أن يسوق قوة على حوران للتهديد لا للضرب، ثم حلت المسألة صلحاً.
قال عثمان نوري في تاريخه: وعقيب ذلك طلب مدحت باشا إعفاءه من ولاية سورية، فاغتبط عبد الحميد بذلك لأنه كان يرى أن بقاءه طويلاً في هذه الديار لا يجوز، لأنه تذرع بعمرانها وهو منه موجس خيفة على الدوام. وقال كان النزاع والجدال قائمين على ساق وقدم بين أهالي سورية المتباينين في الدين والجنس، فلما وليها مدحت باشا دخلت في طور السكينة والأمن، ولا سبيل إلى تقرير الحكم العثماني في أرض تتأثر فيها الأفكار بالنفوذ الأجنبي إلا بانتظام الإدارة وإجراء العدل وتنظيم المالية، وهذا ما عمله مدحت باشا. وكان عبد الحميد يرائيه، ويحول دون أمانيه، بحيث أن السلطان لم يكن يتوقف ساعة عن بث بذور الاضطراب في الولاية لينتقم من مدحت باشا، وذلم بتحريض مثل المشير أحمد أيوب باشا وجميل باشا عليه اه.
انتهت مسألة الدروز بعد أن ساقت الدولة عليهم قوة إلى القراصة من عمل نجران وقتلت منهم ستمائة واستأمن الرؤساء، ولم يكن سواد الدروز في الجبل إذ ذاك أكثر من عشرة آلاف، وتسمى هذه الوقعة بوقعة القراصة وهو ماء قرب نجران، ولما لم تحسن الدولة الإدارة في الجبل زادت جرأة الدروز إلى أن كانت سنة 1298 فهجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانهما على بكرة أبيهم ولم يبقوا حتى على الأطفال الرضع، فسيقت عليهم حملة بقيادة المشير حسين فوزي باشا أسفرت عن ربط دية شرعية مقسطة عليهم، وتأسيس قائم مقامية جبل الدروز مؤلفة من ثمان نواح وتعيين القائم مقام والمديرين منهم.
كانت الدولة تقاسي الأمرين في تأديب عصاة الدروز كل مرة. قال مدحت باشا
في مفكراته سنة 1297 والذي زاد في الطين بلة أن فرنسا تحمي الموارنة