الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
66 - دين اسمه العلمانية
العَلَمانية SECULARISM ترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدًا عن الدين.
وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE ، وقد ظهرت العلمانية في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية.
ومدلول العَلَمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيسًا في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
وتتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة، وهذا واضح فيما ينسبه النصارى إلى السيد المسيح عليه السلام من قوله:«اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله» .
أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)} (الأنعام: 162).
الأفكار والمعتقدات:
- بعض العلمانيين ينكرون وجود الله أصلًا.
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان.
- الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب.
- فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي.
- تطبيق مبدأ النفعية Pragmatism على كل شيء في الحياة.
- اعتماد مبدأ الميكيافيلية في فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق.
- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الإجتماعية.
وإذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين؛ لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيرًا ولا قليلًا لأنه لا يعطل قانونًا فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجًا للحياة، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانُه الاحتكام إلى شرع الله.
ومن ناحية أخرى فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقى الدين النصراني قائمًا في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوشها من الرهبان والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية له ولا كهنوت ولا أكليروس.
بعض الثمار الخبيثة التي أنتجتها العلمانية في بلاد المسلمين، وإلا فثمارها الخبيثة أكثر من ذلك بكثير:
1 -
الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة.
2 -
الزعم بأن الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
3 -
الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف.
4 -
رفض الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى، وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة، والاستعاضة عن الوحي الإلهي المُنزَّل على سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم، بالقوانين الوضعية التي اقتبسوها عن الكفار المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، واعتبار الدعوة إلى العودة إلى الحكم بما أنزل الله وهجر القوانين الوضعية، اعتبار ذلك تخلفًا ورجعية وردة عن التقدم والحضارة، وسببًا في السخرية من أصحاب هذه الدعوة واحتقارهم، وإبعادهم عن تولي الوظائف التي تستلزم الاحتكاك بالشعب والشباب، حتى لا يؤثروا فيهم.
5 -
تشويه الحضارة الإسلامية وتحريف التاريخ الإسلامي وتزييفه، وتصوير العصور الذهبية لحركة الفتوح الإسلامية، على أنها عصور همجية تسودها الفوضى، والمطامع الشخصية.
6 -
تضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح.
7 -
إذابة الفوارق بين حَمَلة الرسالة الصحيحة، وهم المسلمون، وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد، وصهر الجميع في إطار واحد، وجعلهم جميعًا بمنزلة واحدة من حيث الظاهر، وإن كان في الحقيقة يتم تفضيل أهل الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان على أهل التوحيد والطاعة والإيمان، فالمسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والمجوسي كل هؤلاء وغيرهم، في ظل هذا الفكر بمنزلة واحدة يتساوون أمام القانون، لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني.
وفي ظل هذا الفكر لا حرج عندهم أن يكون اليهودي أو النصراني أو غير ذلك من النِحَل الكافرة حاكمًا على بلاد المسلمين، وهم يحاولون ترويج ذلك في بلاد المسلمين تحت ما سموه بـ (الوحدة الوطنية)، بل جعلوا (الوحدة الوطنية) هي الأصل وكل ما خالفها من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم طرحوه ورفضوه، وقالوا:«هذا يعَرّض الوحدة الوطنية للخطر!!» .
8 -
الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي، ونشر الإباحية والفوضى الأخلاقية، وتهديم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، وتشجيع ذلك والحض عليه: وذلك عن طريق:
أ - القوانين التي تبيح الرذيلة ولا تعاقب عليها، وتعتبر ممارسة الزنا والشذوذ من باب الحرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة ومصونة.
ب - وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز التي لا تكَلّ ولا تمَلّ من محاربة الفضيلة، ونشر الرذيلة بالتلميح مرة، وبالتصريح مرة أخرى ليلًا ونهارًا.
جـ - محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات.
9 -
محاربة الدعوة الإسلامية عن طريق:
أ - تضييق الخناق على نشر الكتاب الإسلامي، مع إفساح المجال للكتب الضالة المنحرفة التي تشكك في العقيدة الإسلامية، والشريعة الإسلامية.
ب - إفساح المجال في وسائل الإعلام المختلفة للعلمانيين المنحرفين لمخاطبة أكبر عدد من الناس لنشر الفكر الضال المنحرف، ولتحريف معاني النصوص الشرعية، مع إغلاق وسائل الإعلام في وجه علماء المسلمين الذين يُبصِّرون الناس بحقيقة الدين.
10 -
مطاردة الدعاة إلى الله، ومحاربتهم، وإلصاق التهم الباطلة بهم، ونعتهم بالأوصاف الذميمة، وتصويرهم على أنهم جماعة متخلفة فكريًا، ومتحجرة عقليًا، وأنهم رجعيون، يُحاربون كل مخترعات العلم الحديث النافع، وأنهم متطرفون متعصبون لا يفقهون حقيقة الأمور، بل يتمسكون بالقشور ويَدَعون الأصول.
11 -
التخلص من المسلمين الذين لا يهادنون العلمانية، وذلك عن طريق النفي أو السجن أو القتل.
12 -
إنكار فريضة الجهاد في سبيل الله، ومهاجمتها واعتبارها نوعًا من أنواع الهمجية وقطع الطريق.
وذلك أن الجهاد في سبيل الله معناه القتال لتكون كلمة الله هي العليا، وحتى لا يكون في الأرض سلطان له القوة والغلبة والحكم إلا سلطان الإسلام، والقوم - أي العلمانيين - قد عزلوا الدين عن التدخل في شؤون الدنيا، وجعلوا الدين - في أحسن أقوالهم - علاقة خاصة بين الإنسان وما يعبد، بحيث لا يكون لهذه العبادة تأثير في أقواله وأفعاله وسلوكه خارج مكان العبادة. فكيف يكون عندهم إذن جهاد في سبيل إعلاء كلمة الدين؟!!
والقتال المشروع عند العلمانيين وأذنابهم إنما هو القتال للدفاع عن المال أو الأرض، أما الدفاع عن الدين والعمل على نشره والقتال في سبيله، فهذا عندهم عمل من أعمال العدوان والهمجية التي تأباها الإنسانية المتمدنة – بزعمهم -!!
13 -
إحياء الحضارات القديمة، والدعوة إلى القومية أو الوطنية، وهي دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس أو اللغة أو المكان أو المصالح، على ألا يكون الدين عاملًا من عوامل التجميع، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعد عاملًا من أكبر عوامل التفرق والشقاق.
14 -
تربية الأجيال تربية لادينية، وإفساد التعليم وجعله خادمًا لنشر الفكر العلماني وذلك عن طريق:
أ- بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية بالنسبة للتلاميذ، والطلاب في مختلف مراحل التعليم.
ب- تقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية إلى أقصى حد ممكن.
جـ - منع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة صريحة في كشف باطلهم.
د- تحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني، أو على الأقل أنها لا تعارضه.
هـ- إبعاد الأساتذة المتمسكين بدينهم عن التدريس، ومنعهم من الاختلاط بالطلاب، وذلك عن طريق تحويلهم إلى وظائف إدارية أو عن طريق إحالتهم إلى المعاش.
و- جعل مادة الدين مادة هامشية، حيث يكون موضعها في آخر اليوم الدراسي، وهي في الوقت نفسه لا تؤثر في تقديرات الطلاب.
14 -
اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها.
لماذا يرفض المسلمون العلمانية:
1 -
نحن نرفض العلمانية لأنها تُحِل ما حرم الله:
إذا كانت الشريعة مُلْزِمة من حيث المبدأ، فإن في داخل هذه الشريعة أحكامًا ثابتة لا تقبل التغيير، وأحكامًا عامة ثابتة في ذاتها، ولكنها تقبل أن تدخل تحتها متغيرات. ومن بين الثوابت التي لا تقبل التغيير ولا يدخل تحتها متغيرات، أحكام العبادات كلها، والحدود، وعلاقات الجنسين.
فماذا فعلت العلمانية بهذه الثوابت؟
إن الأنظمة العلمانية تبيح الزنا برضا الطرفين، و «المتشدد» منها يشترط موافقة الزوج أو الزوجة، والكثير منها يبيح اللواط للبالغين، وكلها يبيح الخمر والخنزير!!
فأما الزنا برضى الطرفين فنجد مثلًا أن قانون العقوبات في مصر والعراق يؤكد على أن الزنا إذا وقع برضى الطرفين وهما غير متزوجَيْن وسِنّهما فوق الثامنة عشرة، فلا شيء عليهما، وإن كانا متزوجين فلا عقوبة عليهما ما لم يرفع أحد الزوجين دعوى ضد
الزوج الخائن (قانون العقوبات المصري، مواد 267، 279، وقانون العقوبات العقوبات العراقي، المواد 232، 240).
وإذن ففي شريعة العلمانية يكتسب الزنا شرعية حين يقع برضاء الطرفين والصلة بامرأة بالغة برضائها لا تقوم به جريمة إذا لم يقع في ظروف تجعله داخلًا تحت قانون مكافحة الدعارة.
وتبيح العلمانية ظهور النساء على شواطئ البحر بملابس الاستحمام مع أنها تكشف العورات. فالعِرض في شريعة العلمانية هو مجرد حرية السلوك الجنسي، ولكل شخص في هذه الشريعة أن يتخذ لنفسه السلوك الجنسي الذي يروق له، والأفعال التي يحرّمها قانون العلمانية في جرائم العرض، إنما يحَرّمها لكونها تشكل اعتداء على الحرية الجنسية فحسب لا باعتبارها أمرًا يغضب الله ويحرّمه الدين، فإذا اتخذت الجريمة صورة الاغتصاب أو هتك العرض بالقوة فإن القانون الوضعي يُحرّم ذلك لكونه اعتداءً على الحرية الجنسية، لأن الجاني قد أرغم المجني عليه على سلوك جنسي لم تتجه إليه إرادته ورغبته.
ونفس الأمر نجده في جريمة الزنا فهي لا تعد جريمة إذا كان الطرفان غير متزوجين، أو إذا ارتكبها الزوج في غير منزل الزوجية، ولا تتحرك الدعوى الجنائية في جريمة الزنا إلا بناء على شكوى من الزوج، وللزوج الحق في التنازل عن الشكوى بعد تقديمها، وبالتالي تنقضي الدعوى الجنائية، وتوقف إجراءات رفع الدعوى الجنائية وللزوج حق وقف تنفيذ العقوبة!!
ذلك قانون العلمانية، وتلك فلسفته فيما يتعلق بجرائم العِرْض والزنا، وما ذُكِرَ ليس إلا شرحًا لنصوص هذا القانون الذي تُحْكَمُ به محاكمنا، ويدرسه طلاب كلية الحقوق. قانون يمجد الحرية الجنسية، ويجعل من الشرطة حاميًا لها، بل وتشرف الدول العلمانية على الملاهي الليلية وتعد لها شُرطة خاصة لحمايتها، وكأنها بيوت رسمية للبغاء، بل هي على الحقيقة كذلك فلا يستطيع إنسان كائنًا مَن كان، مَنْع راقصة من
الذهاب إلى هذه الملاهي، وإلا اعتُبِرَ ذلك مَنْعٌ لموظفة من أداء وظيفتها، وتعرض مَنْ منعها للعقوبة الجنائية والمدنية، واحتفظ صاحب الملهى بحق مقاضاتها ومطالبتها بالتعويض لعدم وفائها بالتزامها التعاقدي معه!!.
وهكذا تبيح العلمانية الزنا، وتهيئ له الفرص، وتعد له المؤسسات، وتقيم له الحفلات في الملاهي والمسارح.
وأما الربا فهو عماد الاقتصاد العلماني، تؤسَّسُ عليه البنوك، وتُقَدَّم به القروض، بل ويدخل الناس فيه كرهًا، ومن شاء فليراجع المواد 226 ـ 233 من القانون المدني المصري، والتي تنص على الفوائد والقواعد المتعلقة بها فتحل ما حرم الله بقوله تعالى:
…
فكيف بمن يقيمون للربا بنوكًا ويعطون للتعامل به الشرعية الكاملة؟.
وأما الخمر فإن النظم العلمانية تبيح شربها، وتفتح المحلات لبيعها وشرائها والتجارة بها، وتجعلها مالًا متقوّمًا يَحْرُم إهداره، بل إن النظم العلمانية تنشئ المصانع لإنتاج الخمور وتعطي على الاجتهاد في إنتاجها جوائز إنتاج، وبالتالي فهي تبيح تصديرها واستيرادها، وعقد الصفقات للتجارة بها، وتحرّم على الأطراف المتعاقدة عدم الالتزام بنصوص العقد أو عدم مطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها، هكذا كأي سلعة تدخل في نظام التغذية!!
وإذن فالعلمانية تحِلّ شرب الخمر وبيعها وعصرها، فتحل ما حرم الله، وتحرم إهدارها والإنكار على شاربها وعدم الوفاء بالالتزام التعاقدي عليها، فهي تحرم ما أحله الله.
فالعلمانية تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحله الله. وليس هذا في الزنا والربا والخمر فقط، أو في الحدود والتعازير فقط، أو في مادة أو أكثر من مواد القانون الوضعي العلماني، بل إن قضية تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحله الله هي قضية النظام القانوني العلماني بأكمله، وبجميع جوانبه المختلفة.
ولما كان تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله كفرًا لمن فعله، ومَن قَبِله، ولنبقى مسلمين يجب علينا أن نرفض الكفر، وشريعة الكفر، وأن نرفض العلمانية التي تقوم على هذه الشريعة التي تحلّ ما حرم الله، وتحرّم ما أحل الله.
2 -
ونحن نرفض العلمانية لأنها كفر بواح:
العلمانية هي قيام الحياة على غير الدين، أو فصل الدين عن الدولة، وهذا يعني – بداهة - الحكم بغير ما أنزل الله، وتحكيم غير شريعته سبحانه، وقبول الحكم والتشريع من غير الله سبحانه وتعالى؛ لذلك فالعلمانية هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في الشريعة، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: «إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء: 59).
فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الإيمان في قلب عبد أصلًا، بل أحدهما ينافي الآخر؛ فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به، وتقرهم عليه،
وتحتمه عليهم. فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمدًا رسول الله بعد هذه المناقضة».
إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، وهي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة. وقبول الكفر والرضا به كفر، ولذلك فلا بد لنا من رفض العلمانية لنبقى في دين الله، ونحقق لأنفسنا صفة الإسلام.
3 -
نحن نرفض العلمانية لتكون شريعة الله هي العليا:
فقد جاء الإسلام ليكون دين البشرية كلها، ولتكون شريعته هي شريعة الناس جميعًا ولتهيمن على ما قبلها من الشرائع، وتكون هي المرجع النهائي، ولتقيم منهج الله لحياة البشرية حتى يرث الله ومن عليها. والمنهج الذي تقوم عليه الحياة في شتى شعبها ونشاطها، والشريعة التي تعيش الحياة في إطارها وتدور حول محورها، وتستمد منها تصورها الاعتقادي، ونظامها الاجتماعي، وآداب سلوكها الفردي والجماعي.
الخلاصة:
العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيدًا عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنه إلَاّ في أضيق الحدود. وعلى ذلك فإن الذي يؤمن بالعلمانية بديلًا عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتدًا ولا ينتمي إلى الإسلام.
والواجب إقامة الحجة عليه واستتابته حتى يدخل في حظيرة الإسلام وإلا جرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة.