المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌75 - واجبنا نحو آل بيت النبي - دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ - جـ ٢

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أحاديث ضعيفةوموضوعة ولا أصل لها

- ‌خطورة انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس

- ‌أسباب انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس:

- ‌من الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة:

- ‌1 - عدم تقبل الناس للأحاديث الصحيحة بعد سماعهم للأحاديث الضعيفة:

- ‌2 - إيقاع المسلم في الشرك الصريح:

- ‌3 - التشنيع على أهل الحديث:

- ‌4 - تعليم الناس ما لم يثبت:

- ‌5 - تأصيل أصول مخالفة للشريعة:

- ‌6 - إفساد الأخلاق:

- ‌7 - تغيير سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌8 - إلغاء قواعد في أصول الفقه:

- ‌9 - التفرقة بين المسلمين:

- ‌10 - تشويه سمعة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌11 - إعانة المستهترين على الاجتراء على الله بالمعاصي:

- ‌12 - الابتداع في العبادة، ومخالفة السنة:

- ‌13 - مساواة المسلمين بأهل الذمة:

- ‌14 - الصد عن سبيل الله:

- ‌15 - إلقاء الشك والريبة بين المسلمين؛ ونشر الخرافة بينهم:

- ‌16 - التضييق على الناس في أمورٍ من المباحات:

- ‌17 - أحيانًا تؤدي الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى احتقار النساء:

- ‌نماذج منأثر الحديثالضعيف والموضوعفي تخريب العقائد

- ‌أولًا: في أسماء الله وصفاته وتوحيده:

- ‌ثانيا: في حقيقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌مَن أرادُوا شَيْنَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ثالثا: في العصبيات والأهواء:

- ‌رابعا: الأحاديث الموضوعة والخرافة:

- ‌خامسًا: الأحاديث الموضوعة في القرآن:

- ‌أحاديثضعيفة وموضوعة ولا أصل لها

- ‌تنبيهاتقبل قراءة الأحاديث

- ‌التنبيه الأول:

- ‌التنبيه الثاني:

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌التنبيه الرابع:

- ‌التنبيه الخامس:

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العَيْن

- ‌موضوعات عامة

- ‌52 - أقسام البركة

- ‌53 - من صور البركة

- ‌54 - البركة في المجتمع المسلم

- ‌55 - عندما ترد الأرض بركتها

- ‌56 - كيف نحصل على البركة

- ‌57 - من وسائل الحصول على البركة

- ‌58 - التبرك المشروع والتبرك الممنوع

- ‌59 - قصة أصحاب الأخدود

- ‌60 - استضعاف وثبات

- ‌61 - الثبات حتى الممات

- ‌63 - مفهوم الإصلاح في الإسلام

- ‌64 - خصائص الشريعة الإسلامية

- ‌65 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌66 - دين اسمه العلمانية

- ‌67 - شريعة الله لا شريعةالبشر حتى لا تغرق السفينة

- ‌68 - الشريعة خيرٌ كلها

- ‌71 - الاختلاط بين الرجال والنساء

- ‌72 - الفرق بين الخلوة والاختلاط

- ‌74 - من الثمار المُرّة للاختلاط

- ‌75 - واجِبُنا نحو آل بيت النبي

- ‌76 - معاوية بن أبي سفيان

- ‌77 - من فضائل معاوية

- ‌78 - من صفات معاوية

- ‌82 - السبيل إلى سلامة الصدر

- ‌83 - السهر

- ‌84 - أضرار السهر

- ‌85 - أنواع الهموم

- ‌86 - علاج الهموم

- ‌88 - مَن ترك لله عوضه الله

- ‌90 - المسجد الأقصىفي قلب كل مسلم

- ‌91 - لا يضر السحابَ نبحُ الكلاب

- ‌92 - الله سبحانه وتعالىيدافع عن خليله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌93 - المولد النبوي هل نحتفل

- ‌94 - لماذا لانحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌95 - كشف شبهاتمن قال بجواز الاحتفال بالمولد

- ‌96 - كشفشبهات حول الاحتفال بالمولد

- ‌97 - رأس السنة هل نحتفل

- ‌98 - شم النسيم هل نحتفل

- ‌99 - حكمالاحتفال بشم النسيم

- ‌100 - عيد الأم هل نحتفل

الفصل: ‌75 - واجبنا نحو آل بيت النبي

‌75 - واجِبُنا نحو آل بيت النبي

صلى الله عليه وآله وسلم (1)

فضل محبة الله تعالى:

إن أعظم ما يُحَصِّلُه العبد في دنياه وآخرته هو محبة الله تعالى له، فهي الغاية التي يتنافس فيها المتنافسون ، وإليها شَخَصَ العاملون ، وإلى عَلَمها شمر الصادقون ، فهي جنة الدنيا ولذة القلب وقوته وحياته ، فالقلب لا يفلح ولا يصلح ولا يتنعم ولا يبتهج ولا يلتذ ولا يطمئن ولا يسكن إلا بمعرفة الله عز وجل ومحبته ، فمحبة العبد لربه ومحبة الله لعبده هي النور والشفاء والسعادة واللذة ، تالله لقد ذهب أهل المحبة بشرف الدنيا والآخرة.

إن مِن محبة الله وطاعته محبةَ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته، قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران:31)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (رواه البخاري ومسلم).

ومن علامات محبته صلى الله عليه وآله وسلم محبة من أحبّ، وطاعة من أمر بطاعته، ومن ذلك محبه آل بيته صلى الله عليه وآله وسلم.

مَن هم أهل البيت؟

القولُ الصحيحُ في المرادِ بآل بيت النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم هم مَن تَحرُم عليهم الصَّدقةُ، وهم أزواجُه وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبد المطلب، وهم بنُو هاشِم بن عبد مَناف؛ ويدلُّ لدخول بنِي أعمامه في أهل بيته ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أنَّه ذهب هو والفضل بن عباس إلى رسول

(1) انظر: فضلُ أهل البيت وعلوُّ مكانتِهم عند أهل السُّنَّة والجماعة، للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر.

ص: 522

الله صلى الله عليه وآله وسلم يطلبان منه أن يُولِّيهما على الصَّدقةِ ليُصيبَا مِن المال ما يتزوَّجان به، فقال لهما: “ إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ “، ثمَّ أمر بتزويجهما وإصداقهما من الخُمْس.

وقد ألْحَق بعضُ أهل العلم - منهم الشافعي وأحمد - بنِي المطلب بن عبد مَناف ببَنِي هاشم في تحريم الصَّدقة عليهم؛ لمشاركتِهم إيَّاهم في إعطائهم من خمس الخُمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن جُبير بن مُطعِم، الذي فيه أنَّ إعطاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لبَنِي هاشم وبنِي المطلب دون إخوانِهم من بنِي عبد شمس ونوفل؛ لكون بنِي هاشم وبَنِي المطلب شيئًا واحدًا.

فأمَّا دخول أزواجه رضي الله عنهن في آلِه صلى الله عليه وآله وسلم، فيدلُّ لذلك قول الله عز وجل:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)} (الأحزاب: 33 - 34).فإنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على دخولِهنَّ حتمًا؛ لأنَّ سياقَ الآيات قبلها وبعدها خطابٌ لهنَّ.

حديث الكساء:

ولا يُنافي ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أم المؤمنين عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1).

(1) الأحزاب: 33، والمرط: كساء، وجمعه: مروط، والمرحَّل: الموشى المنقوش عليه صور رحال الإبل.

ص: 523

لأنَّ الآيةَ دالَّةٌ على دخولِهنَّ؛ لكون الخطابِ في الآيات لهنَّ، ودخولُ عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم في الآيةِ دلَّت عليه السُّنَّةُ في هذا الحديث، وتخصيصُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لهؤلاء الأربعة رضي الله عنهم في هذا الحديث لا يدلُّ على قَصْرِ أهل بيته عليهم دون القرابات الأخرى، وإنَّما يدلُّ على أنَّهم مِن أخصِّ أقاربه.

وعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} (1)(رواه مسلم).

وعن عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ رَبِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} (2) فِى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِىٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِى فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» .

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِىَّ اللهِ؟» ، قَالَ:«أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ» . (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

(أَنْتِ عَلَى مَكَانِك وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ) أَنْتِ على خَيْرٌ وَعَلَى مَكَانِك مِنْ كَوْنِك مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَلَا حَاجَةَ لَك فِي الدُّخُولِ تَحْتَ الْكِسَاءِ، وكَأَنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم مَنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانٍ عَلِيٍّ رضي الله عنه.

معنى هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما له من مكانة عند ربه سبحانه وتعالى، جمع عليًّا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم تحت ثوب ثم دعا الله أن يدخلهم في أهل بيته بدلالة

(1) الأحزاب:33.

(2)

الأحزاب:33.

ص: 524

قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» ؛ فلو كانوا داخلين في الآية من قَبْل لَمَا دعا لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث بذهاب الرجس والتطهير، ولَمَا خاطَبَ اللهَ سبحانه وتعالى بقوله:«اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِى» ، فالله سبحانه وتعالى قد بَيَّنَ في الآية أن المخاطَب هن نساء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يقصد من قوله:«اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِى» أنه يريد تعريف الله سبحانه وتعالى مَن هُم أهل بيته، ولكن أراد مِن ربّه ضَمَّهُم لأهل البيت.

ولذلك عندما أرادت أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أن تدخل تحت الكساء قال لها صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ» أي أنك قد ذُكِرْتِ بالآية فلا حاجة لدخولك تحت الكساء، وإنما أطلب من الله أن يضيف هؤلاء إلى أهل البيت.

مُجملُ عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في أهل البيت:

عقيدةُ أهل السُّنَّة والجماعة وسَطٌ بين الإفراطِ والتَّفريط، والغلُوِّ والجَفاء في جميعِ مسائل الاعتقاد، ومِن ذلك عقيدتهم في آل بيت الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنَّهم يَتوَلَّونَ كلَّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبد المطلِّب، وكذلك زوجات النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم جميعًا، فيُحبُّون الجميعَ، ويُثنون عليهم، ويُنْزلونَهم منازلَهم التي يَستحقُّونَها بالعدلِ والإنصافِ، لا بالهوى والتعسُّف، ويَعرِفون الفضلَ لِمَن جَمع اللهُ له بين شرِف الإيمانِ وشرَف النَّسَب، فمَن كان من أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنَّهم يُحبُّونَه لإيمانِه وتقواه، ولصُحبَتِه إيَّاه، ولقرابَتِه منه صلى الله عليه وآله وسلم.

ومَن لَم يكن منهم صحابيًّا، فإنَّهم يُحبُّونَه لإيمانِه وتقْواه، ولقُرْبِه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويَرَون أنَّ شرَفَ النَّسَب تابعٌ لشرَف الإيمان، ومَن جمَع اللهُ له بينهما فقد جمع له بين الحُسْنَيَيْن، ومَن لَم يُوَفَّق للإيمان، فإنَّ شرَفَ النَّسَب لا يُفيدُه شيئًا، وقد قال الله عز وجل:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ “. (رواه مسلم). ومعناه أنَّ العملَ هو الذي يَبلُغُ بالعبدِ درجات الآخرة، كما قال تعالى:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} (الأنعام: 132)، فمَن أبطأ به عملُه أن يبلُغَ به المنازلَ العاليةَ عند الله تعالى لَم يُسرِع به نسبُه، فيبلغه تلك

ص: 525

الدَّرجات؛ فإنَّ اللهَ رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)} (المؤمنون: 101).

ويشهد لهذا كلِّه ما في الصحيحين عن عمرو بن العاص سدد خطاكم أنَّه سمع النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “ أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ “، يشير إلى أنَّ ولايتَه لا تُنال بالنَّسَب وإن قَرُب، وإنَّما تُنال بالإيمان والعمل الصالح، فمن كان أكملَ إيمانًا وعملًا فهو أعظم ولايةً له، سواء كان له منه نسبٌ قريبٌ أو لم يكن، وفي هذا المعنى يقول بعضُهم:

وربِّكَ مَا الإنسانُ إلَاّ بدينِهِ فلَا

تَتْرُكِ التقوَى اتِّكالًا على النَّسب

لقدْ رفعَ الإسلامُ سلمانَ فارسٍ

وقدْ وضعَ الشركُ النَّسِيبَ أبا لهب

أهل السنة وسط في حب آل البيت بين المذاهب:

فالشيعة يغالون في حب آل البيت، ومنهم من يطوف على قبورهم، ويدعوهم بكشف الضر وجلب النفع، ومنهم من يزعم أنهم يعلمون الغيب

إلخ.

وأما النواصب فيبغضون آل البيت ويحاربونهم، والخوارج منهم قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وشنعوا عليه.

وأما أهل السنة فيحبون آل البيت ويذكرون فضائلهم، ويعتبرون حبهم إيمانًا، وبغضهم نفاقًا، لكنهم لا يغلون فيهم، فلا يطوفون حول قبورهم؛ لأن الله أمر بالطواف حول الكعبة فقط، ولأن الطواف عبادة والعبادة لا تكون إلا لله

وكذلك لا يدَّعون فيهم أنهم يعلمون الغيب، قال تعالى: {

قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل: 65).

وهذه العقيدة - عقيدة أهل السنة في آل البيت رضوان الله عليهم - موجودة في كتبهم: كتب الحديث، وكتب العقائد، وكتب الفقه، حيث يذكرها كل صاحب

ص: 526

مصنَّف في الموضع الذي يناسبه، ففي كتب الحديث تجد أبوابًا في فضائلهم، وفي كتب العقائد تجد أبوابًا في بيان المعتقد فيهم، وفي كتب الفقه تجد أبوابًا فيما يتعلق بهم من أحكام، كتحريم الصدقة عليهم، وغير ذلك.

فضائل آل البيت:

أولا: فضائل عامة: ومنها

1 -

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} (الأحزاب: 33).

2 -

حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» (رواه مسلم) وهذا عام في كل أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وأهلَ السُّنَّة والجماعة هم أسعَدُ الناس بتنفيذ وصيَّة النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيتِه التي جاءت في هذا الحديث؛ لأنَّهم يُحبُّونَهم جميعًا ويتوَلَّونَهم، ويُنزلونَهم منازلَهم التي يستحقُّونَها بالعدلِ والإنصافِ، وأمَّا الشيعة فهم أبعدُ الناسِ عن هذه الوصيَّة؛ فإنَّهم يُعادُون العبَّاس وذُريَّتَه، بل يُعادون جمهور أهل البيت.

3 -

قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: «كُلُّ سَبَبٍ ونَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ سَبَبي ونَسَبي» ، (رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وللحديث طرقٌ كثيرة، جوَّدَ بعضَها ابنُ كثير، وصححه ابن السَّكَن، والحاكم، والضياء، والذهبي، والألباني، وغيرُهم).

4 -

أحاديث الصلاة عليهم في التشهد:

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: «أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟» ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ

ص: 527

اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (رواه مسلم).

وعن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُمْ قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟» ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:«قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (رواه البخاري).

ثانيًا: الفضائل الخاصة:

1 -

عن عَلِيّ بن أبي طالب سدد خطاكمقَالَ: «وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صلى الله عليه وآله وسلم إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» (رواه مسلم).

(فَلَق الْحَبَّة) شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ. (وَبَرَأَ النَّسَمَة) خَلَقَ النَّسَمَة وَهِيَ الْإِنْسَان، وَقِيلَ: النَّفْس.

2 -

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص سدد خطاكم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ:«أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاء» . قَالَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي» (رواه البخاري ومسلم).

قَالَ الْقَاضِي عياض: هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ سَائِر فِرَق الشِّيعَة فِي أَنَّ الْخِلَافَة كَانَتْ حَقًّا لِعَلِيٍّ سدد خطاكم، وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا. ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَكَفَّرَتْ الرَّوَافِض سَائِر الصَّحَابَة فِي تَقْدِيمهمْ غَيْره، وَزَادَ بَعْضهمْ فَكَفَّرَ عَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي طَلَب حَقّه بِزَعْمِهِمْ.

وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْأُمَّةَ كُلّهَا وَالصَّدْر الْأَوَّل فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْل الشَّرِيعَة، وَهَدَمَ الْإِسْلَام.

وَهَذَا الْحَدِيث لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ فِيهِ إِثْبَات فَضِيلَة لِعَلِيٍّ سدد خطاكم، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَل مِنْ غَيْره أَوْ مِثْله، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِاسْتِخْلَافِهِ بَعْده، لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ سدد خطاكم حِين اِسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك.

ص: 528

وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّ هَارُون الْمُشَبَّه بِهِ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَة بَعْد مُوسَى، بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاة مُوسَى، وَقَبْل وَفَاة مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَة عَلَى مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أَهْل الْأَخْبَار وَالْقَصَص. قَالُوا: وَإِنَّمَا اِسْتَخْلَفَهُ حِين ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبّه لِلْمُنَاجَاةِ».اهـ باختصار من (شرح صحيح مسلم للنووي).

3 -

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ سدد خطاكم عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

مَعْنَاهُ مَنْ كُنْت أَتَوَلَّاهُ فِعْلِيٌّ يَتَوَلَّاهُ - مِنْ الْوَلِيِّ ضِدُّ الْعَدُوِّ - أَيْ مَنْ كُنْتُ أُحِبُّهُ فِعْلِيٌّ يُحِبُّهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: مَنْ يَتَوَلَّانِي فِعْلِيٌّ يَتَوَلَّاهُ.

قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «يَعْنِي بِذَلِكَ وَلَاءَ الْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)} (محمد:11) وَقَوْلُ عُمَرَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنهما: “ أَصْبَحْت مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» أَيْ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

4 -

عن أَبي بَكْرَةَ سدد خطاكم قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (رواه البخاري).

5 -

عَنْ ابْنِ عُمَرَ سدد خطاكم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

6 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ سدد خطاكم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلا ابْنَي الخَالَةِ عِيسَى بْنِ مَرْيَم ويحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَفَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَائِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ لِمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الألباني).

7 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سدد خطاكم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«العَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ صِنْوِ أَبِيهِ» ، (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

ص: 529

(صِنْوُ أَبِيهِ): أَي أَصله وَأَصله شَيْء وَاحِد أَو مثله فِي رِعَايَة الْأَدَب وَحفظ الْحُرْمَة.

8 -

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَوَضَعْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم طَهُورًا، فَقَالَ:«مَنْ وَضَعَ هَذَا؟» ، قَالَتْ مَيْمُونَةُ:«عَبْدُ الله» ، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم:«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الألباني).

من فضائل زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

1 -

قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (الأحزاب: 6)؛ فقد وصفهنَّ بأنَّهنَّ أمّهات المؤمنين.

2 -

كونهنَّ خُيِّرْن بين إرادة الدنيا وزينتها، وبين إرادة الله ورسوله والدار الآخرة، فاخترنَ اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرة، رضي الله عنهن.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} (الأحزاب: 28 – 29)

لما اجتمع نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغيرة، وطلبْن منه النفقة والكسوة، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات، شَقَّ ذلك على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا.

فأراد اللهُ عز وجل أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته رضي الله عنهن، ويُذْهِبَ عنهن كل أمر ينقص أجرهن، فأمر رسوله أن يخَيِّرَهُنّ فقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} (الأحزاب: 28)، أي: ليس لكن في غيرها مطلب، وصِرْتُنَّ ترْضَيْنَ لوجودها، وتغضَبْنَ لفَقْدِها، فليس لي فيكن أرَبٌ وحاجة، وأنتن بهذه الحال.

ص: 530

{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} شيئًا مما عندي، من الدنيا {وَأُسَرِّحْكُنَّ} أي: أفارقكن {سَرَاحًا جَمِيلًا} من دون مغاضبة ولا مشاتمة، بل بسعة صدر، وانشراح بال، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي.

{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} أي: هذه الأشياء مرادُكُنَّ، وغاية مقصودِكُنَّ، وإذا حصل لَكُنَّ الله ورسوله والجنة، لم تُبالِينَ بسعة الدنيا وضيقها، ويُسرِها وعسرها، وقنعْتُنَّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما تيسر، ولم تطلُبْنَ منه صلى الله عليه وآله وسلم ما يشق عليه، {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} رتب الأجر على وصفهن بالإحسان؛ لأنه السببُ الموجِبُ لذلك، لا لكَوْنِهِنَّ زوجاتٍ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإن مجرد ذلك لا يكفي، بل لا يفيد شيئًا، مع عدم الإحسان، فخيَّرهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك فاخْتَرْن اللهَ ورسوله، والدار الآخرة، كلُهُنّ، ولم يتخلف منهن واحدة، رضي الله عنهن.

وفي هذا التخيير فوائد عديدة:

منها: سلامة زوجاته رضي الله عنهن عن الإثم، والتعرض لسخط الله ورسوله. فحسم اللهُ بهذا التخيير عنهن، التسخط على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، الموجب لسخطه، المسخط لربه، الموجب لعقابه.

ومنها: إظهار رِفْعَتِهِنَّ، وعلو درجَتَهِنَّ، وبيان عُلُوِّ هِمَمِهِنَّ، أن كان اللهُ ورسوله والدار الآخرة، مرادَهُنَّ ومقصودَهُنَّ، دون الدنيا وحطامها.

ومنها: استعدادُهُنَّ بهذا الاختيار، للأمر الخيار للوصول إلى خيار درجات الجنة، وأن يَكُنَّ زوجاته في الدنيا والآخرة.

ومنها: ظهور المناسبة بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبينهن، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الخلق، وأراد اللهُ عز وجل أن تكون نساؤه كاملاتٍ مُكَمَّلَاتٍ، طيباتٍ مُطَيَّبَاتٍ {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} .

ص: 531

ومنها: أن يكون اختيارهن هذا، سببًا لزيادة أجرِهِنَّ ومضاعفته، وأن يَكُنَّ بمرتبة، ليس فيها أحد من النساء.

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِى فَقَالَ: «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ» . قَالَتْ: «وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ» ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إِلَى {أَجْرًا عَظِيمًا} (1). قَالَتْ: «فَقُلْتُ: فَفِى أَىِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ؛ فَإِنِّى أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ» ، قَالَتْ:«ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» (رواه البخاري ومسلم).

علوُّ مكانة أهل البيت عند الصحابة رضي الله عنهم:

لقد حرص السلف الصالح رحمهم الله من الصحابة والتابعين على هذه الحقوق، وقاموا بها خير قيام، وما ذلك إلا لاستشعارهم مكانة الآل من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وامتثالًا لوصيته صلى الله عليه وآله وسلم بهم.

1 -

أبو بكر الصديق سدد خطاكم:

روى البخاري ومسلم في صحيحهما أنَّ أبا بكر قال لعليٍّ رضي الله عنهما: “ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي» (رواه البخاري ومسلم).

وفي صحيح البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ سدد خطاكم قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ سدد خطاكم، وَحَمَلَ الحَسَنَ، وَهُوَ يَقُولُ: «بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ» وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه: “ قَوْلُهُ (بِأَبِي) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ أَفْدِيهِ بِأَبِي».

ص: 532

2 -

عمر بن الخطاب سدد خطاكم: روى البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسٍ سدد خطاكم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ سدد خطاكم، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وآله وسلم فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا» ، قَالَ:«فَيُسْقَوْنَ» .

والمرادُ بتوسُّل عمر سدد خطاكم بالعباس سدد خطاكم التوسُّلُ بدعائه كما جاء مبيَّنًا في بعض الروايات، وقد ذكرها الحافظ ابن حجر في شرح الحديث في كتاب الاستسقاء من فتح الباري.

واختيار عمر سدد خطاكم للعباس سدد خطاكم للتوسُّل بدعائه إنَّما هو لقرابتِه مِن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا قال سدد خطاكم في توسُّله: “ وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا “، ولم يقل: بالعباس.

ومن المعلوم أنَّ عليًّا سدد خطاكم أفضلُ من العباس، وهو من قرابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لكن العباس أقربُ، ولو كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يُورَث عنه المال لكان العباس هو المقدَّم في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “ أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» (رواه البخاري ومسلم).

وقال عمر بن الخطاب للعباس رضي الله عنهما: “والله لإِسلَامُك يوم أسلمتَ كان أحبَّ إليَّ من إسلامِ الخطاب - يعني والده - لو أسلَمَ؛ لأنَّ إسلامَك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إسلام الخطاب “، (رواه ابن سعد في الطبقات، وابن عساكر في تاريخ دمشق).

3 -

عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما فأخذ ابن عباس بركابه فقال: «تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» ، فقال:«هكذا أمِرْنا أن نفعلَ بعلمائنا وكبرائنا» ، فقال زيد:«أرِنِي يدك» ، فأخرج يده فقبَّلها فقال:«هكذا أمِرْنَا أن نفعل بأهل بيت رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم» (رواه ابن سعد في الطبقات، والذهبي في السير، وابن الجوزي في صفة الصفوة والحافظ في الإصابة وجود إسنادها الحافظ في الفتح).

ص: 533

4 -

ولما دخل عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم في حاجة له على عمر بن عبد العزيز، قال له عمر: “إذا كانت لك حاجةٌ فأرسِلْ إليَّ أو اكتب؛ فإني أستحيي من الله أن يَرَاكَ على بابِي» (ذكره القاضي عياض في (الشفا).

حقوق آل البيت:

إن لآل بيت النبوة علينا حقوقا عظيمة يجب مراعاتها والقيام بها، فمنها:

1 -

محبتهم وإجلالهم بما يليق بهم، وإكرام الصالحين منهم وموالاتهم، ومعرفة أقدارهم، قال صلى الله عليه وآله وسلم:«أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ:«وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» (رواه مسلم).

قال الآجُرِّيُّ رحمه الله: “ واجب على كل المسلمين محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإكرامهم واحتمالهم، وحسن مداراتهم والصبر عليهم، والدعاء لهم “.

2 -

استحقاقهم من الخمس والفيء، قال الله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (الأنفال:41)، وقال تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} (الحشر: 7).

3 -

الدعاء لهم في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

4 -

تَوَلّي الصالحين منهم ومجالستهم والأخذ عنهم، والبرّ بهم وتطييب خواطرهم؛ فإنهم من آثار النبي، ومحاولة القرب منهم، ومصاهرتهم تزوجًا أو تزويجًا.

5 -

مناصرتهم والبذل لهم، والذبُّ عنهم، وذكر مناقبهم ومحاسنهم.

ص: 534

6 -

تأكيد مناصحة غير الصالح منهم والشفقة عليه والرحمة به، ودعوته إلى نهج آل البيت الطيبين الطاهرين. ويشترط لهذه الحقوق صحة ثبوت انتسابه لرسول الله في النسب، وصحة انتسابه له في الدين.

تحريم الانتساب بغير حق إلى أهل البيت:

أشرفُ الأنساب نسَبُ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأشرف انتسابٍ ما كان إليه صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أهل بيتِه إذا كان الانتسابُ صحيحًا، وقد كثُرَ في العرب والعجم الانتماءُ إلى هذا النَّسب، فمَن كان من أهل هذا البيت وهو مؤمنٌ، فقد جمَع الله عز وجل له بين شرف الإيمان وشرف النَّسب، ومَن ادَّعى هذا النَّسبَ الشريف وهو ليس من أهله فقد ارتكب أمرًا محرَّمًا، وهو متشبِّعٌ بِما لَم يُعط، وقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: “ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» (رواه مسلم).

(الْمُتَشَبِّعُ) أَي المتزين بِمَا لَيْسَ عِنْده يتكثر بذلك، قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِأَنْ يُظْهِرَ أَنَّ عِنْدَهُ ما ليس عِنْدَهُ يَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ فهومَذْمُومٌ كَمَا يُذَمُّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُورٍ، وقيل: هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ ثِيَابَ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ وَمَقْصُودُهُ أَنْ يُظْهِرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَيُظْهِرَ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالزُّهْدِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ فَهَذِهِ ثياب زُورٍ وَرِيَاءٍ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ.

وقد جاء في الأحاديث الصحيحة تحريمُ انتساب المرء إلى غير نسبِه، قال صلى الله عليه وآله وسلم:«لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (رواه البخاري ومسلم).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللهٍِ صلى الله عليه وآله وسلم مَا لَمْ يَقُلْ» (رواه البخاري).

وَالْفِرَى: جمع فِرْيَة، والْفِرْيَةُ: الْكِذْبَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُتَعَجَّبُ مِنْهَا. (أَنْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ)، أي: في المنام. ومَعْنَى نِسْبَةِ الرُّؤْيَا إِلَى عَيْنَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا شَيْئًا أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُمَا بِالرُّؤْيَةِ وَهُوَ كَاذِبٌ.

ص: 535