المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌90 - المسجد الأقصىفي قلب كل مسلم - دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ - جـ ٢

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أحاديث ضعيفةوموضوعة ولا أصل لها

- ‌خطورة انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس

- ‌أسباب انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس:

- ‌من الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة:

- ‌1 - عدم تقبل الناس للأحاديث الصحيحة بعد سماعهم للأحاديث الضعيفة:

- ‌2 - إيقاع المسلم في الشرك الصريح:

- ‌3 - التشنيع على أهل الحديث:

- ‌4 - تعليم الناس ما لم يثبت:

- ‌5 - تأصيل أصول مخالفة للشريعة:

- ‌6 - إفساد الأخلاق:

- ‌7 - تغيير سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌8 - إلغاء قواعد في أصول الفقه:

- ‌9 - التفرقة بين المسلمين:

- ‌10 - تشويه سمعة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌11 - إعانة المستهترين على الاجتراء على الله بالمعاصي:

- ‌12 - الابتداع في العبادة، ومخالفة السنة:

- ‌13 - مساواة المسلمين بأهل الذمة:

- ‌14 - الصد عن سبيل الله:

- ‌15 - إلقاء الشك والريبة بين المسلمين؛ ونشر الخرافة بينهم:

- ‌16 - التضييق على الناس في أمورٍ من المباحات:

- ‌17 - أحيانًا تؤدي الأحاديث الضعيفة والموضوعة إلى احتقار النساء:

- ‌نماذج منأثر الحديثالضعيف والموضوعفي تخريب العقائد

- ‌أولًا: في أسماء الله وصفاته وتوحيده:

- ‌ثانيا: في حقيقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌مَن أرادُوا شَيْنَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ثالثا: في العصبيات والأهواء:

- ‌رابعا: الأحاديث الموضوعة والخرافة:

- ‌خامسًا: الأحاديث الموضوعة في القرآن:

- ‌أحاديثضعيفة وموضوعة ولا أصل لها

- ‌تنبيهاتقبل قراءة الأحاديث

- ‌التنبيه الأول:

- ‌التنبيه الثاني:

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌التنبيه الرابع:

- ‌التنبيه الخامس:

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العَيْن

- ‌موضوعات عامة

- ‌52 - أقسام البركة

- ‌53 - من صور البركة

- ‌54 - البركة في المجتمع المسلم

- ‌55 - عندما ترد الأرض بركتها

- ‌56 - كيف نحصل على البركة

- ‌57 - من وسائل الحصول على البركة

- ‌58 - التبرك المشروع والتبرك الممنوع

- ‌59 - قصة أصحاب الأخدود

- ‌60 - استضعاف وثبات

- ‌61 - الثبات حتى الممات

- ‌63 - مفهوم الإصلاح في الإسلام

- ‌64 - خصائص الشريعة الإسلامية

- ‌65 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌66 - دين اسمه العلمانية

- ‌67 - شريعة الله لا شريعةالبشر حتى لا تغرق السفينة

- ‌68 - الشريعة خيرٌ كلها

- ‌71 - الاختلاط بين الرجال والنساء

- ‌72 - الفرق بين الخلوة والاختلاط

- ‌74 - من الثمار المُرّة للاختلاط

- ‌75 - واجِبُنا نحو آل بيت النبي

- ‌76 - معاوية بن أبي سفيان

- ‌77 - من فضائل معاوية

- ‌78 - من صفات معاوية

- ‌82 - السبيل إلى سلامة الصدر

- ‌83 - السهر

- ‌84 - أضرار السهر

- ‌85 - أنواع الهموم

- ‌86 - علاج الهموم

- ‌88 - مَن ترك لله عوضه الله

- ‌90 - المسجد الأقصىفي قلب كل مسلم

- ‌91 - لا يضر السحابَ نبحُ الكلاب

- ‌92 - الله سبحانه وتعالىيدافع عن خليله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌93 - المولد النبوي هل نحتفل

- ‌94 - لماذا لانحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌95 - كشف شبهاتمن قال بجواز الاحتفال بالمولد

- ‌96 - كشفشبهات حول الاحتفال بالمولد

- ‌97 - رأس السنة هل نحتفل

- ‌98 - شم النسيم هل نحتفل

- ‌99 - حكمالاحتفال بشم النسيم

- ‌100 - عيد الأم هل نحتفل

الفصل: ‌90 - المسجد الأقصىفي قلب كل مسلم

‌90 - المسجد الأقصى

في قلب كل مسلم

عجبًا أذَلُّ الناسِ تَغْصبُ أرضَنا

وتَعِيثُ في حُرُمَاتِنا استِهْتَارَا

في المسجدِ الأقصَى تُدار رُؤوسُهم

ويُدَنّسُون رِحابَه اسْتِحْقَارَا

قُولُوا بربّي كيفَ يهدأُ بالُنا

والقُدسُ خلّفْنا عليها العَارَا

والقدسُ تصرخُ أنقذوني فالعِدَا

رامُوا بإسراءِ النبيِّ دمَارَا

ها هُم بَنُو صهيونَ داسُوا حُرْمَتِي

جعَلُوا الغوايةَ والفسادِ شعارَا

إسلامُنا بالأمسِ أنشأَ أمَّةً

كانَتْ تعيشُ مذلةً وصَغَارَا

فغَدَتْ بفضلِ اللهِ أعظمَ أمَّةٍ

كانَتْ لكُلّ الحائرينَ مَنَارَا

وإذا اتخَذْنا دينَنَا مِنْهاجَنا

فبِهِ نُرَبِّي صفوةً أبرارَا

يشدَّ المسلمون رحالهم إلى المسجد الحرام لأداء مناسك الحج، ويشدُّون رحالهم إلى المسجد النبوي، ولو أنهم استطاعوا لشدُّوا رحالهم إلى المسجد الأقصى، ولكنَّه تحت غصب وعدوان اليهود، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وما دمنا لا نستطيع في هذه الحال شدَّ الرحال إلى المسجد الأقصى بالأجساد فهيا نشدُّ إليه الرحال بالأرواح والفؤاد، فنتجول في تاريخه وفضائله وبركاته وشيء من أحكامه.

أمَّا حدوده فكل ما كان داخل السور فهو من المسجد الأقصى وما لا فلا.

وأمَّا تاريخ بناء المسجد الأقصى فقد أخبر الصادق الصدوق بأنَّه ثاني مسجد وُضِعَ على ظهر الأرض، فعن أَبي ذَرٍّ سدد خطاكم عَنْهُ قَالَ قُلْتُ:«يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟» ، قَالَ:«الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» . قَالَ: قُلْتُ: «ثُمَّ أَيٌّ؟» ، قَالَ:

ص: 688

«الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قُلْتُ:«كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟» ، قَالَ:«أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ» (رواه البخاري).

(أَيّ مَسْجِد وُضِعَ فِي الْأَرْض أَوَّلُ) بِضَمِّ اللَّام، مِثْل قَبْلُ وَبَعْدُ، وَالتَّقْدِير أَوَّل كُلّ شَيْء. (الْمَسْجِد الْأَقْصَى) يَعْنِي مَسْجِد بَيْت الْمَقْدِس، وَقِيلَ لَهُ الْأَقْصَى لِبُعْدِ الْمَسَافَة بَيْنه وَبَيْن الْكَعْبَة، وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَوْضِع عِبَادَة، وَقِيلَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَقْذَار وَالْخَبَائِث، وَالْمَقْدِس الْمُطَهَّر عَنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم: (أَرْبَعُونَ سَنَة) فِيهِ إِشْكَال، لِأَنَّ إِبْرَاهِيم بَنَى الْكَعْبَة، وَسُلَيْمَان عليه السلام هُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى (1) وَبَيْنهمَا أَكْثَر مِنْ أَلْف سَنَة.

وَالجَوَاب أَنَّ الْإِشَارَة إِلَى أَوَّل الْبِنَاء وَوَضْع أَسَاس الْمَسْجِد وَلَيْسَ إِبْرَاهِيم أَوَّل مَنْ بَنَى الْكَعْبَة وَلَا سُلَيْمَان أَوَّل مَنْ بَنَى بَيْت الْمَقْدِس، قَالَ الْقُرْطُبِيّ:«إِنَّ الْحَدِيث لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيم وَسُلَيْمَان لَمَّا بَنَيَا الْمَسْجِدَيْنِ اِبْتَدَآ وَضْعهمَا لَهُمَا، بَلْ ذَلِكَ تَجْدِيد لِمَا كَانَ أَسَّسَهُ غَيْرهمَا» .

قَوْلُهُ: (فَصَلِّهْ) بِهَاءٍ سَاكِنَة وَهِيَ هَاء السَّكْت.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْفَضْل فِيهِ) أَيْ فِي فِعْل الصَّلَاة إِذَا حَضَرَ وَقْتهَا.

(1) فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عليه السلام لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللهَ عز وجل خِلَالًا ثَلَاثَةً: سَأَلَ اللهَ عز وجل حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللهَ عز وجل مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللهَ عز وجل حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (رواه النسائي وصححه ابن حجر والألباني).

(حُكْمًا يُصَادِف حُكْمه) أَيْ يُوَافِق حُكْم اللهِ تَعَالَى، وَالْمُرَاد التَّوْفِيق لِلصَّوَابِ فِي الِاجْتِهَاد وَفَصْل الْخُصُومَات بَيْن النَّاس. (فَأُوتِيَهُ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول مِنْ الْإِيتَاء وَنَائِب الْفَاعِل ضَمِير مُسْتَتِر لِسُلَيْمَان وَالضَّمِير الْمَنْصُوب لِمَسْئُولِهِ. (أَنْ لَا يَأْتِيه) أَيْ لَا يَجِيئهُ وَلَا يَدْخُلهُ أَحَد. (لَا يَنْهَزهُ) لَا يُحَرِّكهُ. (أَنْ يُخْرِجهُ) مِنْ الْإِخْرَاج أَوْ الْخُرُوج وَالظَّاهِر أَنَّ فِي الْكَلَام اِخْتِصَارًا وَالتَّقْدِير أَنْ لَا يَأْتِيه أَحَد إِلَّا يُخْرِجهُ مِنْ خَطِيئَته كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه.

ص: 689

في الحديث السابق ما يدل على أن سليمان عليه السلام بنى مسجدًا ولم يبن هيكلًا كما تزعمه اليهود، كما يدل الحديث السابق على أن بناء سليمان عليه السلام لم يكن بناء ابتداءٍ وتأسيس، وإنما كان بناء تجديد للمسجد.

من فضائل المسجد الأقصى:

1 -

من فضائل المسجد الأقصى إخبار الله تعالى في كتابه بأن البركة حوله؛ قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} (الإسراء: 1).

{الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} أي: بكثرة الأشجار والأنهار والخصب الدائم.

ومن بركته تفضيله على غيره من المساجد سوى المسجد الحرام ومسجد المدينة، وأنه يطلب شد الرحل إليه للعبادة والصلاة فيه.

2 -

ومن فضائل المسجد الأقصى استحباب شدّ الرحال إليه على وجه العبادة، وهذا باتفاق العلماء، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» (رواه البخاري ومسلم)؛ ولهذا فقد أجمع العلماء على استحباب السفر إلى بيت المقدس للعبادة المشروعة فيه كالصلاة والدعاء والذكر وقراءة القرآن والاعتكاف وغيرها.

3 -

ومن فضائل المسجد الأقصى وبركاته أن الصلاة فيه بمئتي صلاة وخمسين صلاة؛ لأن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم بألف صلاة، وصلاة في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من أربع صلوات في المسجد الأقصى.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ سدد خطاكم قَالَ: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الأَرْضِ، حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ

ص: 690

مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا، أَوْ قَالَ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (رواه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي والألباني). الشطن: هو الحبل.

4 -

ومن فضائل المسجد الأقصى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسري إليه وصلى بالأنبياء هناك، ومنه عرج به إلى السماء حيث وصل إلى السماوات العلى، إلى سدرة المنتهى، وفُرِضَتْ عليه الصلوات الخمس التي يؤديها المسلمون كل يوم وليلة، والتي راجع فيها ربنا عز وجل حتى وصلت إلى هذا العدد بعد أن كانت خمسين صلاة فبقيت خمسين في الميزان وخمسًا في الأداء والأفعال، ثم عاد إليه ثم رجع إلى مكة في نفس الليلة صلى الله عليه وآله وسلم.

5 -

ومن فضائل المسجد الأقصى أن الدجال لا يدخله، فقد روى جُنَادَةُ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ فَقَالَ:«أَتَيْنَا رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَلَا تُحَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّاسِ» ، فَشَدَّدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ:«قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِينَا فَقَالَ: «أَنْذَرْتُكُمُ الْمَسِيحَ وَهُوَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ - قَالَ أَحْسَبُهُ قَالَ: الْيُسْرَى - يَسِيرُ مَعَهُ جِبَالُ الْخُبْزِ وَأَنْهَارُ الْمَاءِ، عَلَامَتُهُ يَمْكُثُ فِى الأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ كُلَّ مَنْهَلٍ لَا يَأْتِى أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ الْكَعْبَةَ وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ والْمَسْجِدَ الأَقْصَى وَالطُّورَ» . (رواه الإمام أحمد وصححه الأرنؤوط).

6 -

ومن فضائل المسجد الأقصى أن نبي الله محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يصلون وقبلتهم المسجد الأقصى في ابتداء فرضية الصلاة، ثم تحولت القبلة إلى الكعبة بعد الهجرة بستة أو سبعة عشر شهرًا فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ سدد خطاكم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ «صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا» (رواه البخاري).

ص: 691

تنبيه: برغم بركات المسجد الأقصى وفضائله ومزاياه، فإن المسجد الأقصى ليس حَرَمًا بإجماع العلماء، ومن الخطأ وصفه بالحرم أو ثالث الحرمين كما هو شائع، فإن الحرم ما حرم الله صيده ونباته، ولم يحرم الله صيدًا ونباتًا إلا في مكة والمدينة.

من أبرز علامات الإيمان الحب في الله والبغض في الله:

إن من أبرز علامات الإيمان الحب في الله والبغض في الله والمولاة والمعاداة من أجل العقيدة الحقة ، ومن أجل دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه ، ولا يرضى من الأديان غيره ، فكل دين غير دين الإسلام فهو باطل وغير مقبول عند الله ، قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85)، فدين الإسلام هو الحق وما سواه فهو باطل وضلال، قال تعالى:{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (يونس:32).

إن عداوة الدين هي أقصى العداوات وأشدها، وهي التي لا هوادة في عداوتها، فكل العداوات قد يرجى زوالها إلا عداوة من يعاديك من أجل عقيدتك ودينك، إلا أن تتبعه وتسير معه على دينه، قال تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة:120) ، وكل من كان أبعد عن الحق وأعتق للباطل كانت عداوته لهل الحق أشد وأبشع، ولهذا كانت عداوة اليهود وعداوة المشركين أشد العداوات للإسلام وأهله ، لا يألون جهدًا في الوقيعة بالمسلمين في دمائهم وأعراضهم وأموالهم قال تعالى:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (المائدة: 82).

فهؤلاء اليهود الذين لعنهم الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ، ووصفهم بأنهم سماعون للكذب آكالون للسحت ، وأنهم قالوا العزير ابن الله ، وقالوا يد الله مغلولة ، وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، تعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

ص: 692

إن هؤلاء اليهود هذا دأبهم في دابر الأزمان ، وهذا ديدنهم مع سائر الأنبياء والمرسلين وأولياء الله المتقين ، إنهم أعداء الإسلام ، أعداء العدل والوئام ، أعداء المرسلين وعباد الله المؤمنين ، لا يرقبون في مؤمن إلًا ولا ذمّة وأولئك هو المعتدون.

كم تكرر منهم العداء على العاملين ، وكم تجبروا على المستضعفين ، وكم نكثوا أيمانهم ، وكم نبذوا مواعيد ومواثيق ، أو كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم، لقد استمرؤوا إزهاق الأرواح واغتصاب الأموال وانتهاك الحرمات ، لقد تجرأوا على حرق المسجد الأقصى والاستهانة به وبشعائر دين الإسلام، ويحاولون هدمه ونسفه بين حين وآخر على عباد الله القانتين والقائمين والرُكّع السجود.

لقد هتكوا بالمسلمين العاملين بغيًا وعدوانًا واستهانة بالمسلمين واحتقارًا لهم وجرحًا لشعور عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

اليهود ومراحل الصراع:

إن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم قدم الحياة على ظهر هذه الأرض، والأيام دُول كما قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: 14).

ولا شك أننا نعيش مرحلة من مراحل الدولة للباطل وأهله، يوم أن انشغل عن الحق أهله حيث تمكن أخس وأحقر وأذل أمم الأرض من أبناء يهود من إقامة دولتهم اللعينة الحقيرة على الثرى الطاهر في الأرض المباركة وسيطروا على مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحرقوا منبر صلاح الدين، بل وهم يقومون الآن بحفريات خطيرة في المسجد الأقصى لهدمه وتدميره وإقامة ما يسمونه بالهيكل المزعوم!!

وقد صرح أكبر حاخاماتهم في القدس بأنه لابد من هدم المسجد الأقصى لإقامة ما يسمونه بالهيكل المزعوم ثم قال: «إن العرب سيغضبون أول الأمر لكن سيصبح الأمر عاديًا بعد ذلك» !!

ص: 693

جريمة حرق المسجد الأقصى:

احترق المسجد الأقصى المبارك بِيَد الغدر ونار الحقد، بجريمة بشعة خُطِّط لها بليل ودُبِّر لها بإحكام، ونُفِّذت في ظلّ الاحتلال أول جريمةِ حرقٍ للمسجد الأقصى في تاريخه.

لقد استيقظ أهل القدس ورأوا المسجد صباح يوم الحادي والعشرين من شهر أغسطس لعام ألف وتسعمائة وتسع وستين، استيقظوا على استغاثات المسجد، تنطلق من حناجر المرابطين الذين هبّوا لإطفاء الحريق بنور إيمانهم وصدق عزيمتهم وثبات موقفهم الذي لا يرضخ لمخطّطات العدوان ولا يستكين لجرائم المحتلين. ولقد شاهد العالم ألسنة النيران التي علت قبّة المسجد تشكو إلى الله ظلمَ الظالمين واعتداء المعتدين الذين لا يرعَون للمقدسات حُرْمةَ، ولا يَرْقُبُون في مؤمنٍ إلًا ولا ذمة.

إنّ الحريق الذي استهدف المسجد الأقصى وجودًا وحضارة لم يتوقّف عند إحراق منبر صلاح الدين الأيوبي والأجزاء التي تمثّل فنّ الحضارة والعمارة الإسلامية على امتداد التاريخ الإسلامي في المسجد الأقصى، بل امتدّ هذا الحريق وانتشر في ربوع أرضنا المباركة بأشكال متعدّدة؛ في محاولات لطمس معالم هذه الديار وفرض التهويد على الأرض والمقدسات، وفي الطليعة وبؤرة الصراع تأتي مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

لقد زحف ويزحف التهويد على هذه المدينة من خلال المستعمرات والمستوطنات التي تتطوَّقها من جميع جهاتها، بل امتدّت هذه المستوطنات إلى أحيائها العربية، ومن شأنها تقطيع أوصال هذه الأحياء وفصلها عن بعضها البعض. كما انتشر سرطان الاستيطان في الأراضي الفلسطينية من خلال مصادرات الأراضي من أصحابها الشرعيين لإقامة المستوطنات وابتلاع أكبر قدر من الأرض في بناء وإقامة الطرق والشوارع الالتفافية، مما أحرق مقوّمات الاقتصاد لأبناء شعبنا الذي يعتمد على

ص: 694

الزراعة واستغلال الأرض التي جُرّفَتْ من قبل الاحتلال ودمّرت مزارعها وقطعت الملايين من أشجارها.

لم يكن الحريق المشؤوم للمسجد الأقصى المبارك الاعتداءَ الوحيد على هذا المسجد، بل تعددت أشكال العدوان التي استهدفت وتستهدف المسجد من خلال الحفريات التي جرت وتجري خاصّة في الجهة الجنوبيّة الشرقية من جدران المسجد، ومن الجهة الغربية التي كان من أخطرها نفق البراق الذي يمتدّ من ساحة البراق بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد الأقصى وأسفل الأروقة والمدارس الإسلامية التي تعود إلى فترات متقدمة من العصر الأمويّ والعباسي والمملوكي، وصولًا إلى العهد العثماني. هذا النفق الذي أثر وما يزال يؤثِّر على العمائر الإسلامية والأملاك الوقفية الواقعة فوقه بالتصدع والتشقق، ويعرضها لخطر الانهيار.

كما نفذ المعتدون من خلال هذا النفق إلى (بئر قايتباي) الواقع في مواجهة قبة الصخرة المشرفة، إلا أن الأوقاف الإسلامية استطاعت وبوقفة شجاعة من أبناء هذه الديار إعادة الأمور إلى سابق عهدها، وتجنيب أرض المسجد الأقصى دنس هذا العدوان.

إن المسجد الأقصى المبارك الذي تعرض لاعتداءات كثيرة في ظل الاحتلال من الحرق إلى الحفريات، إلى إطلاق النار في ساحاته وفي أروقته وتحت قبابه، ومقتل الأبرياء من المصلين في رحابه الطاهرة، وهم يذودون عنه بصدورهم العارية إلا من وهج الإيمان وقوّة الإرادة والعقيدة في ردّ العدوان، وإفشال أهداف المعتدين في فرض الأمر الواقع على المسجد ومرافقه والتدخل في شؤونه، في هجمة تستهدف السيطرة عليه لتنفيذ أحلام الحالمين بهيكل مزعوم على أنقاضه، لا سمح الله.

وفي الوقت الذي تشتدّ فيه وطأة الاحتلال على شعبنا وأرضنا بقصف الأبرياء في المدن والقرى والمخيمات وسقوط القتلى على ثرى هذه الأرض الطاهرة التي أبت وأبى شعبها المرابط أن يركع إلا لله وحده، فلن تلين قناة هذا الشعب للحصار

ص: 695

والإغلاق والحواجز، ولا لجدران الفصل العنصرية التي تمزق أوصال الوطن في محاولات يائسة للنيل من شعبنا والقفز عن تضحياته لتمرير مخططات الاحتلال وتنفيذ أهدافه التي ما عادت خافية على أبناء شعبنا وعلى أبناء الشعوب الإسلامية.

أسئلة مريرة:

لماذا نسيت أو تناست الأمة تاريخ اليهود؟!! لماذا يا قوم والتاريخ بين أيدينا مسطور؟!! لماذا يا قوم والحقائق معلومة للأحياء، بل وللأموات داخل القبور؟!!

لماذا نسيت الأمة تاريخ اليهود؟!!

سؤال يحتاج إلى جواب، والجواب في كلمات قاطعة لأن المؤامرة على هذا الدين وعلى هذه الأمة قد حبكت تعليميًا وإعلاميًا حبكًا دقيقًا محكمًا!!

وضعوا المناهج الدراسية لنا ولأبنائنا وضعًا دقيقًا فشوهوا العقيدة وشوهوا مفهوم لا إله إلا الله، ونَحَّوْا عن الحكم شريعة الله وشوهوا التاريخ الإسلامي، ومجَدوا المناهج الجاهلية الأرضية. مجدوا جاهلية (حورس)!! وجاهلية (مينا)!! وجاهلية (خوفو)!! علمونا في المناهج أن (ماجلان) عبقري وبطل كل زمان!! ولم يعلمونا أنه هو الذي أضرم في المسلمين النيران!! علمونا أن الدين هو الرجعية والتخلف!!

علّمونا أن الحملة الفرنسية كانت فتحًا لمصر ولم تكن غزوًا ولم يخبرونا أن نابليون قد دخل الجامع الأزهر بخيوله لحرق قلوب العلماء والمسلمين!! علمونا أن العلمانية هى الصراط المستقيم!! ومن يعرض عنها فإن له معيشة ضنكا!! علمونا أن التمسك بالدين رجعية، وأن التمسك بالدين تخلف، وأن خليفة المسلمين هو الرجل المريض!! علمونا منذ اللحظات الأولى في هذه المناهج الدراسية حب جبران، والسوبر مان وشكسبير وسارتر وسيمون ديبوفوار وكل الوجوديات وما بها من أفكار وأن هؤلاء هم الذين يقولون الحق ويعدلون به!!!

ص: 696

علمونا كيف يكون الإستسلام بذلٍ وعار؟ بل وكيف يكون القبول للخروج من الأرض والديار؟! ولا زال مسلسل خروج المسلمين من الأرض مستمرًا إلى هذا النهار!! بدأت أولى حلقات (مسلسل خروج المسلمين من الآرض) في بلاد الأندلس. ثم في بلاد مورو في الفلبين، في بخاري، وفي طشقند، وفي طجكستان، وفي تركستان، في كشمير، في الصومال، وفي البوسنة، وفي الشيشان، وفي فلسطين، ولا زال المسلسل مستمرًا حتى الآن!!

وسؤال مرير آخر: لماذا انتصر اليهود وانهزم المسلمون؟! لماذا انتصر اليهود وهم لا يزيدون عن بضعة ملايين، وانهزم المسلمون وهم يزيدون على ألف مليون؟!!

والجواب في آية واحدة محكمة من الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد 11). فلما غيرت الأمة دين ربها وشريعة نبيها وتخلت عن أصل عِزِّها أذلها الله. إنه الذل لليهود الذين يتلاعبون بالعالم الإسلامي!! بل بالعالم كله!! فاستوى المسلمون مع اليهود في المعاصي والبعد عن الملك، فترك الله المسلمين لليهود فذل اليهود المسلمين.

سُنَةُ ثابتة

إن الله لا يحابي أحدًا من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة. سُننُ ربانية في الكون لا تتغير ولا تتبدل لابد أن يعيها المسلمون من جديد.

ما السبيل؟!

بعد هذا العرض المر المؤلم لهذا التاريخ المسطور المعلوم يتساءل الشباب بل والمسلمون: ما السبيل؟! ما الحل؟! ما الطريق؟!

في نقاط محددة نقدم مشروع الخلاص من هذا المأزق الحرج والواقع المر الأليم:

أولًا: أن ترجع الأمة إلى الله - جل وعلا - بتصحيح العقيدة والعبادة وتحكيم الشريعة وتقويم الأخلاق تحويل الإسلام إلى منهج عملي وواقع حياة.

ص: 697

ثانيًا: أن تصطلح الأمة مع شبابها الطاهر المتوضئ، المؤمن الذي تصب الأمة الآن علي رأسه جام غضبها في الوقت الذي تكرم فيه الساقطين والتافهين ممن سيكونون أول من يفر ساعة الجد كفرار الفئران لابد أن تعرف الأمة قدر الشباب الطاهر الذي سيقف في الميدان إذا جد الجد وحمي الوطيس. لابد من الصلح معه فإن أمة تتحدى شبابها الطاهر أمة خاسرة لا كيان لها ولا بقاء.

هذا الشباب هو مصدر القلق والفزع والرعب لأعداء الله - جل وعلا - بل وقد صرح اليهود بذلك فقالوا: «لقد استطعنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في المنطقة أن يظل الإسلام بعيدًا عن حلقة الصراع، ولابد أن يبقى الإسلام بعيدًا عن حلبة الصراع» !!!

إن الصراع بيننا وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود ولكن صراع عقيدة ووجود.

ثالثًا: رفع راية الجهاد في سبيل الله، فلا عِزَّ للأمة إلا بالجهاد. فما ذلت الأمة وهانت إلا يوم أن ضيعت الجهاد، الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذروة سنام هذا الدين. ولقد حرص أعداؤنا على أن يحُولُوا بين الأمة وبين الجهاد وحاولوا بشتى الطرق ألا تربى الأجيال المسلمة على روح الجهاد وسير الأبطال الفاتحين!!

وها هو الواقع يصرخ في وجوه المخمورين الغافلين أن مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية لن تعيد للأمة المكلومة أراضيها أو دمائها أو كراماتها، بل ولا سبيل لذلك مطلقًا إلا برفع راية الحهاد في سبيل الله. فالعالم اليوم لا يحترم إلا الأقوياء!! كما قال الإرهابي الكبير (مناحم بيجن):«إننا نحارب إذن نحن موجودون» !!!

ويجب أن نكون على يقين أن المستقبل لهذا الدين رغم كيد اليهود المجرمين والمنافقين. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه في آخر الزمان ستقاتل أمته اليهود فعن أبي هريرة سدد خطاكم أنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» (رواه البخاري) وفي رواية

ص: 698

للبخاري أيضًا: «تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» (رواه البخاري ومسلم).

وفي رواية لمسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم).

(الْغَرْقَد نَوْع مِنْ شَجَر الشَّوْك مَعْرُوف بِبِلَادِ بَيْت الْمَقْدِس).

يا أُمتي وجبَ الكفاحْ

فدعي التشدق والصياحْ

ودَعِي التقاعُسَ ليسَ يُنْصَرُ

مَن تقاعسَ واسْتراحْ

غصَبوا فلسطينًا وقالوا

ما لنا عنها بَراحْ

ما عاد يُجدينا البُكاءُ

على الطُلُولِ ولا النُّواحْ

يا قومْ إن الأمرَ جِدٌّ

قد مضى زمنُ المِزاحْ

سقَط القِناعُ عن الوُجوهِ

وفِعْلُهم بالسرِّ بَاحْ

عادَ الصليبيّونَ ثانيةً

وجالوا في البِطاحْ

عادُوا وما في الشَّرقِ (نور

الدين) يحكُمُ أو (صلاحْ)

عاثوا فسادًا في الدِيَار

كأنها كلْاٌ مُباحْ

لم يخجَلوا من ذبْحِ شيخٍ

لو مشَى في الريح طاحْ

أو صِبْيَةٍ كالزهْرِ لم

يَنْبٌتْ لهم ريشُ الجناحْ

ذبحُوا الصبيَّ وأمَّهُ

وفَتَاتَها ذاتَ الوِشاحْ

عبثوا بأجسادِ الضحايا

في إنتِشاءٍ وانشِراحْ

لم يَشْفِ حِقدهمُ دمٌ

سفحوه في صَلَفٍ وَقَاحْ

ص: 699

فغَدوا علَى الأعراضِ لم

يَخْشَوا قِصَاصًا أو جُناحْ

لم يعبَأوا بقرار أمنٍ

داَنَهُم أو باقِتراحْ

يا أمَّةَ الإسلامِ هُبُّوا

واعْمَلوا فالوقتُ راحْ

الكفْرُ جَمَّعَ شَمْلَهُ

فلِمَ النِّزاعُ والانْتِطاحْ

فتجمَّعُوا وتَجَهَّزوا

بالمُستطاعِ وبالمُتاحْ

يا ألفِ مِليونٍ وأينَ

هُمُو إذا دَعَتِ الجِراحْ

هاتُوا من المليارِ ملْيونًا

صِحاحًا من صِحاحْ

من كُلِّ ألفٍ واحدًا

أغْزُو بِهِم في كُلِّ سَاحْ

لا بُدّ من صُنْعِ الرجالِ

ومِثْلُه صُنْعُ السلاحْ

وصِناعةُ الأبطالِ عِلمٌ

قد دَارَه أُولو الصلاحْ

مَنْ لمْ يُلَقَّنْ أصْلَهُ

مِن أهِلهِ فَقَدَ النجاحْ

لا يُصْنَع الأبطالُ إلا

في مساجِدِنا الفِساحْ

في رَوْضَةِ القُرْآنِ في

ظِلِّ الأحاديثِ الصِحاحْ

لا يستوِي في منطِق

إلايمان سكرانٌ وصاحْ

مَنْ همُّه التَّقْوَى وآخرُ

همُّهُ كأسٌ ورَاحْ

شَعْبٌ بغَيرِ عقيدةٍ

وَرَقٌ تُذَرِّيهِ الريَاحْ

من خانَ (حيَّ على الصلاةِ)

يخُونُ حيَّ على الكِفاحْ

(براح): مُتّسع من الأرض لا نباتَ فيه ولا عمرانَ ولا ماء. (طاح): سقط

(الصَلَف): التَّكبُّر والعُجب. (وَقَاحْ): وقُحَ الشَّخصُ: قلَّ حياؤُه واجترأ على فعل القبائح ولم يعبأ بها. (رَاحْ): خمر.

ص: 700