الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاذكر سهادي قبل التّنادي «1»
…
واسهد له قبل أن يفوت
فعن قريب يكون ظعني
…
سخطت يا صاح أم رضيت
حرف الياء الملوك والأمراء
يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي
«2»
أمير المسلمين بالأندلس، أبو الحجّاج.
حاله وصفته: كان «3» أبيض أزهر، أيّدا، برّاق الثنايا، أنجل، رجل الشّعر أسوده، كثّ اللحية، تقع العين منه على بدر تمام، يفضل الناس بحسن المرأى وجمال الهيئة كما يفضلهم مقاما ورتبة، عذب اللسان، وافر العقل، عظيم الهيبة، إلى ثقوب الذهن، وبعد الغور، والتفطّن للمعاريض، والتّبريز في كثير من الصنائع العملية، مائلا إلى الهدنة، مزجيا للأمور، كلفا بالمباني والأثواب، جمّاعة للحلي والذّخيرة، مستميلا لمعاصريه من الملوك. تولّى الملك بعد أخيه بوادي السّقائين من ظاهر الخضراء، ضحوة يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي الحجة عام ثلاثة «4» وثلاثين وسبعمائة، وسنّه إذ ذاك خمسة عشر عاما وثمانية أشهر. واستقلّ «5» بالملك، واضطلع بالأعباء، وتملّأ الهدنة ما شاء. وعظم مرانه لمباشرة الألقاب، ومطالعة الرسم، فجاء نسيج وحده، ثم عانى شدائد العدو، فكرم يوم الوقيعة العظمى بظاهر طريف موقعه «6» ، وحمد بعد في منازلة الطّاغية عند الجثوم على الجزيرة «7» صبره، وأجاز البحر في شأنها، فأفلت من مكيدة العدو التي تخطّاها أجله، وأوهن حبلها «8» سعده.
ولما نفذ فيها «9» القدر، وأشفت الأندلس، سدّد الله أمور «10» المسلمين بها على يده،
وراخى مخنّق الشّدة بسعيه، فعرفت الملوك رجاحته، وأثنت على قصده، إلى حين وفاته «1» .
أمه: أم ولد تسمى بهارا، طرف في الخير والصون والرجاحة.
ولده: كان له ثلاثة من الولد، كبيرهم محمد أمير المسلمين من بعده، وتلوه أخوه إسماعيل «2» المستقر في كنفه، محجورا عليه التصرف إلى أعمال التدبير، وثالثهم اسمه قيس، شقيق إسماعيل.
وزراء دولته: تولّى وزارته لأول أمره، كبير الأكرة ونبيه الدهّاقين «3» ، من منتجعي المدر بحضرته، أبو إسحاق بن عبد البر، لمخيّلة طمع نشأت لمقيمي الدولة فيما بيده، سدّا لحال بها على عوز طريقه إلى حضرته، إلى ثالث شهر المحرم من العام. وأنف الخاصة والنبهاء رياسته، فطلبوا من السلطان إعاضته، فعدل عنه إلى خاصة دولتهم الحاجب أبي النعيم رضوان «4» ، مظنّة التّسديد، ومحطّ الإنفاق، فاتصل نظره مستبدا عليه، في تنفيذ الأمور، وتقديم الولاة والعمال، وجواب المخاطبات، وتدبير الرعايا، وقود الجيوش. ثم نكبه «5» ، وأحاط به مكروها، مجهول السبب، ليلة الأحد الثاني والعشرين لرجب عام «6» أربعين وسبعمائة.
وتولّى الوزارة بعده، ابن عمة أبيه القائد «7» أبو الحسن علي بن مول بن يحيى بن مول الأمي، ابن عم وزير أخيه، رجل جهوري حازم؛ مؤثر للغلظة على الشّفقة «8» ، ولم ينشب أن كفّ استبداده، فانكدر نجم سعادتهم، والتأثث حاله، ولزمته شكاية سدكت فاستنقذته «9» . وأقام لرسم «10» الوزارة كاتبه شيخنا نسيج وحده أبا الحسن بن الجياب إلى أخريات شوال عام «11» تسعة وأربعين وسبعمائة. وهلك، رحمه الله، فأجري لي الرّسم، وعصّب لي تلك المثابة، مضاعف الجراية، معزّزة بولاية القيادة.