الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سقى الله والسّقيا بكفّيه تربة
…
مباركة ضمّتك أسرع ما هتن
ولا برحتها ديمة مستهلة
…
إذا ركضتها الرّيح قام بها جرن
فلا زلت في روض وروح ورحمة
…
ومقبرة تترى على ذلك الجنن
علي بن عمر بن إبراهيم ابن عبد الله الكناني القيجاطي
«1»
يكنى أبا الحسن، أصله من بسطة، واستوطن غرناطة، حتى عدّ من أهلها قراءة وإقراء ولزوما.
حاله: من «العائد» «2» : أوحد زمانه علما وتخلّقا وتواضعا وتفنّنا. ورد على غرناطة مستدعى عام اثني عشر وسبعمائة، وقعد بمسجدها الأعظم يقرئ فنونا من العلم، من قراءات وفقه وعربية وأدب. وولّي الخطابة، وناب عن بعض القضاة بالحضرة، مشكور المأخذ، حسن السّيرة، عظيم النفع. وقصده الناس، وأخذ عنه البعيد والقريب «3» . وكان أديبا لو ذعيّا، فكها، حلوا، وهو أول أستاذ قرأت عليه القرآن والعربية والأدب، إثر قراءة المكتب.
مشيخته: قرأ على أبيه ببلده بسطة القرآن، بالرّوايات السبع، وجمعها في ختمة، وعلى الأستاذ أبي عبد الله بن مساعد الغسّاني. وقرأ بغرناطة القرآن على الأستاذ أبي عبد الله بن مستقور، والأستاذ أبي جعفر الطبّاع، والأستاذ الشهير أبي الحسن بن الضايع، والأستاذ النحوي أبي الحسن الأبّدي، وعلى القاضي أبي عمرو بن الرّندي، والفقيه القاضي أبي علي بن الأحوص، وعلى الفقيه النّسابة أبي جعفر بن مسعدة، والأستاذ العلامة أبي جعفر بن الزبير. ولقي الشيخ الصالح وليّ الله أبا إسحاق بن عبيدس، وحضر مجالسه العامة. وذكر أنه كان يفتتح مجلسه الذي يتكلم فيه بقوله: لا حول ولا قوة إلّا بالله، كنز من كنوز الجنة، رزقنا الله الأدب مع الله، واستعملنا فيما يرضيه، ويرضي رسوله، وجعل حظّنا في الدار الآخرة. ولقي الإمام بجامع بسطة الخطيب الراوية أبا الحسن بن نافع، وغيرهم، وله تواليف في
فنون، وشعر، ونثر. فمن شعره قوله «1» :[الكامل]
روض المشيب تفتّحت أزهاره
…
حتى استبان ثغامه «2» وبهاره
ودجى الشباب قد استبان صباحه
…
وظلامه قد لاح فيه نهاره
فأتى حمام لا يعاف وقوعه
…
ومضى غراب «3» لا يخاف مطاره
والعمر مثل البدر يرمق «4» حسنه
…
حينا ويعقب بعد ذاك سراره
ما للإخاء تقلّصت أفياؤه
…
ما للصّفاء تكدّرت آثاره
والحرّ يصفح إن أخلّ خليله
…
والبرّ يسمح إن تجرّأ جاره «5»
فتراه يدفع إن تمكن جاهه
…
وتراه يرفع «6» إن علا مقداره
ولأنت تعلم أنني زمن الصّبا
…
ما زلت زندا والحياء سواره
والهجر ما بين الأحبّة لم يزل
…
ترك الكلام أو السّلام مثاره
ولكم تجافى عن جفاء «7» خليله
…
فطن وقد ظفرت به أظفاره
ولكم أصرّ على التّدابر مدبر
…
أفضى إلى ندم به إصراره
فأقام كالكسعيّ بان نهاره
…
أو كالفرزدق فارقته نواره «8»
أنكرتم من حقّ معترف لكم
…
بالحقّ ما لا ينبغي إنكاره
والشّرع قد منع التقاطع نصّه
…
قطعا وقد وردت به «9» أخباره
والسّنّ سنّ تورّع وتبرّع
…
وتسرّع لتشرّع «10» تختاره
ما يومنا من أمسنا قدك «1» اتّئد
…
ذهب الشّباب فكيف يبقى عاره؟
هلّا حظرتم أو حذرتم منه ما
…
حقّ «2» عليكم حظره وحذاره
عجبا لمن يجري هواه لغاية
…
محدودة إضماره مضماره
يأتي ضحى ما كان يأتيه دجى
…
فكأنّه ما شاب منه عذاره
فيعدّ ما تفنى «3» به حسناته
…
ويعيد ما تبقى به أوزاره
فالنفس قد أجرته ملء عنانه «4»
…
يشتدّ في مضمارها «5» إحضاره «6»
والمرء من إخوانه في جنّة «7»
…
بل جنّة تجري بها أنهاره
فاليمن «8» قد مدّت إليه يمينه
…
واليسر قد شدّت عليه يساره
شعر به أشعرت بالنصح الذي
…
يهديه «9» من أشعاره إشعاره
ولو اختبرتم نقده بمحكّه «10»
…
لامتاز بهرجه ولاح «11» نضاره
هذا هدى فيه «12» اقتده تنل المنى «13»
…
أو أنت في هذا وما تختاره
وعليكم مني سلام مثل ما
…
أرجت بروض يانع أزهاره
ومن شعره في الرّثاء قوله من قصيدة «14» : [الطويل]
حمام حمام فوق أيك الأسى تشدو
…
تهيج من الأشجان ما أوجد الوجد
وذلك شجو في حناجرنا شجى
…
وذلك لهو «15» في ضمائرنا جدّ
أرى أرجل الأرزاء تشتدّ نحونا
…
وأيديها تسعى إلينا فتمتدّ
ونحن أولو سهو عن الأمر ما لنا
…
سوى أمل إيجابنا عنده جحد