المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علي بن عبد الله النميري الششتري - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ٤

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌[تتمة قسم الثانى]

- ‌ومن الغرباء

- ‌عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن بن محمد ابن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد الحضرمي

- ‌عبد المهيمن بن محمد الأشجعي البلّذوذي

- ‌عبد العزيز بن عبد الواحد بن محمد الملزوزي

- ‌ومن العمّال

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز الأسدي العراقي

- ‌عبد القادر بن عبد الله ابن عبد الملك بن سوّار المحاربي

- ‌ومن الزهّاد والصلحاء وأولا الأصليون

- ‌عبد الأعلى بن معلا

- ‌عبد المنعم بن علي بن عبد المنعم بن إبراهيم ابن سدراي بن طفيل

- ‌ومن الطارئين وغيرهم

- ‌عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن فتح ابن سبعين العكّي

- ‌دعواه وإزراؤه:

- ‌وفيما يسمى بإحدى عيون الإسلام من الأسماء العينية وهم عتيق وعمر وعثمان وعلي، وأولا الأمراء والملوك وهم ما بين طارىء وأصلي وغريب

- ‌دخوله غرناطة وإلبيرة:

- ‌عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة التجيبي

- ‌ومن الغرباء

- ‌عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن

- ‌علي بن حمود بن ميمون بن حمود بن علي بن عبيد الله ابن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن علي ابن أبي طالب

- ‌علي بن يوسف بن تاشفين بن ترجوت

- ‌ظهور الموحدين في أيامه:

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عتيق بن زكريا بن مول التجيبي

- ‌عمر بن يحيى بن محلّى البطّوي

- ‌عامر بن عثمان بن إدريس بن عبد الحق

- ‌علي بن بدر الدين بن موسى بن رحّو بن عبد الله ابن عبد الحق

- ‌علي بن مسعود بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن مسعود المحاربي

- ‌علي بن لب بن محمد بن عبد الملك ابن سعيد العنسي

- ‌علي بن يوسف بن محمد بن كماشة

- ‌عثمان بن إدريس بن عبد الله بن عبد الحق بن محيو

- ‌القضاة الأصليون

- ‌عتيق بن أحمد بن محمد بن يحيى الغساني

- ‌علي بن محمد بن توبة

- ‌علي بن عمر بن محمد بن مشرف بن محمد بن أضحى ابن عبد اللطيف بن الغريب بن يزيد بن الشمر ابن عبد شمس بن الغريب الهمداني

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌عثمان بن يحيى بن محمد بن منظور القيسي

- ‌علي بن أحمد بن الحسن المذحجي

- ‌علي بن عبد الله بن الحسن الجذامي النّباهي المالقي

- ‌المقرئون والعلماء

- ‌علي بن أحمد بن خلف بن محمد بن الباذش الأنصاري

- ‌علي بن محمد بن دري

- ‌علي بن عمر بن إبراهيم ابن عبد الله الكناني القيجاطي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدي

- ‌عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الأموي

- ‌علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح ابن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد

- ‌علي بن إبراهيم بن علي الأنصاري المالقي

- ‌علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي

- ‌الكتاب والشعراء وأولا الأصليون منهم

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان ابن حسن الأنصاري

- ‌علي بن عبد الرحمن بن موسى بن جودي القيسي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن خلاف بن سليمان بن سلمة

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عمر الغساني

- ‌علي بن محمد بن علي بن البنا

- ‌علي بن محمد بن علي العبدري

- ‌علي بن عبد العزيز ابن الإمام الأنصاري

- ‌أخباره في الجود والجلالة:

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الجذامي

- ‌علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري

- ‌علي بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد الخشني

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني

- ‌علي بن صالح بن أبي الليث الأسعد بن الفرج بن يوسف

- ‌علي بن أبي جلّا المكناسي

- ‌علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن علي ابن سمحون الهلالي

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق الزرويلي

- ‌علي بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد الله ابن يحيى بن عبد الله بن يحيى الغافقي

- ‌محنته ودخوله غرناطة:

- ‌علي بن عبد الله بن محمد ابن يوسف بن أحمد الأنصاري

- ‌عمر بن علي بن غفرون الكلبي

- ‌علي بن يحيى الفزاري

- ‌الزهاد والصلحاء والصوفية والفقراء

- ‌عتيق بن معاذ بن عتيق بن معاذ بن سعيد بن مقدم بن سعيد بن يوسف بن مقدم اللخمي

- ‌علي بن علي بن عتيق بن أحمد بن محمد ابن عبد العزيز الهاشمي

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن عثمان الأشعري

- ‌ومن الطارئين

- ‌علي بن عبد الله النميري الششتري

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عامر بن محمد بن علي الهنتاني

- ‌ومن الطارئين في القضاة والغرباء

- ‌عاشر بن محمد بن عاشر بن خلف بن رجا ابن حكم الأنصاري

- ‌عياض بن محمد بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي

- ‌عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى ابن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى ابن عياض اليحصبي

- ‌عقيل بن عطية بن أبي أحمد جعفر بن محمد ابن عطية القضاعي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن محمد التميمي ثم العبادي الجاهلي

- ‌ومن الأصليين من ترجمة المحدّثين الفقهاء والطلبة النجباء

- ‌عيسى بن محمد بن أبي عبد الله بن أبي زمنين المرّي

- ‌عيسى بن محمد بن عيسى بن عمر بن سعادة الأموي

- ‌غالب بن أبي بكر الحضرمي

- ‌ومن المقربين

- ‌غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام ابن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن خفاف ابن أسلم بن مكتوم المحاربي، أبو بكر

- ‌غالب بن حسن بن غالب بن حسن بن أحمد بن يحيى ابن سيد بونه الخزاعي

- ‌غالب بن علي بن محمد اللخمي الشقوري

- ‌فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌الفتح بن علي بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المشهور

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌فرج بن قاسم بن أحمد بن لب التغلبي

- ‌ومن الصوفية والصلحاء

- ‌فضل بن محمد بن علي بن فضيلة المعافري

- ‌ومن العمال الأثرا

- ‌فلّوج العلج

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌قاسم بن عبد الله بن محمد الشّاط الأنصاري

- ‌قاسم بن عبد الكريم بن جابر الأنصاري

- ‌قاسم بن يحيى بن محمد الزّروالي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌قرشي بن حارث بن أسد بن بشر بن هندي بن المهلب ابن القاسم بن معاوية بن عبد الرحمن الهمداني

- ‌قاسم بن محمد بن الجد العمري

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌قاسم بن أحمد بن محمد بن عمران الحضرمي

- ‌قاسم بن خضر بن محمد العامري

- ‌سوّار بن حمدون بن عبدة بن زهير بن ديسم بن قديدة ابن هنيدة

- ‌حاله وبعض آثاره وحروبه:

- ‌مبدأ أمره وحروبه وشعره:

- ‌سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الخليفة بقرطبة

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان

- ‌سعيد بن سليمان بن جودي السّعدي

- ‌ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌سهل بن محمد بن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم ابن مالك الأزدي

- ‌سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن أحمد ابن عبد السلام الحميري الكلاعي

- ‌ومن القضاة في هذا الحرف

- ‌سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء بين أصلي وغيره:

- ‌سعيد بن محمد بن إبراهيم بن عاصم بن سعيد الغساني

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌سهل بن طلحة

- ‌سالم بن صالح بن علي بن صالح بن محمد الهمداني

- ‌هشام بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله

- ‌ومن ترجمة الأعيان والكبرا والأماثل والوزرا

- ‌هاشم بن أبي رجاء الإلبيري

- ‌يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي

- ‌رئيس الغزاة ويعسوب الجند الغربي:

- ‌من كان على عهده من الملوك:

- ‌يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة ابن نافع الفهري

- ‌ومن غير الأصليين

- ‌يحيى بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عزفة اللخمي

- ‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا

- ‌يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن توقورت بن وريابطن ابن منصور بن مصالة بن أمية بن وايامى الصنهاجي ثم اللمتوني

- ‌يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌يوسف بن عبد المؤمن بن علي

- ‌يوسف بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو

- ‌يعقوب بن عبد الحق بن محيو بن بكر بن حمامة ابن محمد بن رزين بن فقوس بن كرناطة بن مرين

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌يحيى بن رحو بن تاشفين بن معطي بن شريفين

- ‌يحيى بن طلحة بن محلّى البطوي، الوزير أبو زكريا

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن الحكيم اللخمي

- ‌يحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق

- ‌يوسف بن هلال

- ‌ومن القضاة الأصليين وغيرهم

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن كثير بن وسلاسن ابن سمال بن مهايا المصمودي

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد ابن أبي الأحوص القرشي الفهري

- ‌يوسف بن موسى بن سليمان بن فتح بن أحمد ابن أحمد الجذامي المنتشاقري

- ‌ومن المقرئين

- ‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي

- ‌يحيى بن عبد الكريم الشنتوفي

- ‌يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن محمد بن قاسم ابن علي الفهري

- ‌ومن الكتّاب والشعراء بين أصلي وغيره:

- ‌يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري

- ‌ومن ترجمة الشعراء من السفر الأخير وهو الثاني عشر المفتتح بالترجمة بعد

- ‌يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد السلام التطيلي الهذلي

- ‌يحيى بن بقي

- ‌يوسف بن محمد بن محمد اليحصبي اللوشي، أبو عمر

- ‌يوسف بن علي الطرطوشي، يكنى أبا الحجاج

- ‌ومن ترجمة المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء:

- ‌يحيى بن محمد بن عبد العزيز بن علي الأنصاري

- ‌ومن العمال

- ‌يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف ابن رضوان بن يوسف بن رضوان بن محمد بن خير بن أسامة الأنصاري النّجاري

- ‌ومن ترجمة الزهاد والصلحاء

- ‌يحيى بن إبراهيم بن يحيى البرغواطي

- ‌[ترجمة ابن الخطيب]

- ‌ذكر بعض ما صدر لي من التشريعات الملوكية أيام تأبّشي بهذه الغرور

- ‌المقطوعات المشتملة على الأغراض العديدة

- ‌ومن المقطوعات أيضا:

- ‌ومن الأوصاف وما يرجع إليها

- ‌ومن أغراض الإشارات الصوفية وغيرها من الوعظ والجدّ والحكم، ولعلّ ذلك ماحيا لما تقدّمه بفضل الله

- ‌رسالة السياسة

- ‌فهارس الإحاطة

- ‌فهرس تراجم الأعلام

- ‌فهرس الكنى والألقاب

- ‌فهرس الكتب والمؤلّفات

- ‌فهرس الأماكن والبقاع

- ‌فهرس القوافي

- ‌فهرس الأرجاز

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌علي بن عبد الله النميري الششتري

فقلت: [البسيط]

في كل واحدة منهن أسرار

لا تنقضي، ولها في اللفظ أسرار

إن رمت حصر معانيها بما سمعت

أذناك ليس لها بالسّمع إخصار

فاصحب خبيرا بما يرضى الحجاب

ستارها وكذاك «1» الحرّ ستّار

ولعلّه يكون، إن شاء الله، كما ذكرته، وأعرّف بما أنشدته.

ولي جملة قصائد وأزجال منظومة على البديهة والارتجال، نطق بها لسان المقال، معربا عمّا وجدته في الحال، قصدت بها الدخول مع ذلك الفريق، وأودعتها غوامض أسرار التحقيق. فمن بعض نكت الكتاب، ما يعجب منه ذو والألباب، نكتة سرّ الفقير، يشير إليه بجميع الكائنات، فلا حديث معجم، ولا موجود مبهم، فهو إذا يتكلم دون حدّه وبلسان وجده، والفقيه يتكلم فوق قدره وبلسان غيره، وهذا ما حضرني في الوقت، مع مزاحمة الشواغل، فتصفّحوا، واصفحوا، وتلمحوا واسمحوا. ولكم الفضل في قبول هذه العجالة واليسير من هذه المقالة. انتهى.

‌ومن الطارئين

‌علي بن عبد الله النميري الششتري

«2»

عروس الفقراء، وأمير المتجرّدين، وبركة الأندلس، لابس العباءة الخرقة، أبو الحسن. من أهل ششتر، قرية من عمل وادي آش، معروفة، وزقاق الشّشتري معروف بها. وكان مجوّدا للقرآن، قائما عليه، عارفا بمعانيه، من أهل العلم والعمل.

حاله: قال شيخنا أبو عثمان بن ليون في صدور تهذيبه لرسالته العلمية: الإمام الصّوفي المتجرّد، جال البلاد والآفاق، ولقي المشايخ، وسكن الرّبط، وحجّ حجّات، وآثر التجرّد والعبادة. وذكره القاضي أبو العباس الغبريني، قاضي بجاية، في كتابه المسمّى عنوان الدّراية فيمن عرف في المائة السابعة بمدينة بجاية، وقال: الفقيه الصوفي الصالح العابد، أبو الحسن الشّشتري من الطلبة المحصّلين، والفقراء

ص: 172

المنقطعين، له علم وعمل بالحكمة، ومعرفة بطريق الصوفية، وله تقدم في النظم والنثر، على طريقة التحقيق. وأشعاره في ذلك، وتواشيحه ومقفّياته وأزجاله، غاية في الانطباع. وكان كثيرا ما يجوّد عليه القرآن. ونظمه في التحقيق كثير.

مشيخته: أخذ عن القاضي محيي الدين أبي القاسم محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة الأنصاري الشاطبي، وعن غيره من أصحاب السّهروردي صاحب العوارف والمعارف. واجتمع بالنّجم بن إسرايل الدّمشقي الفقير سنة خمس وستمائة.

قال: ألفيته على قدم التجرد، وله أشعار وأذواق في طريق القوم، وكان من الأمراء وأولاد الأمراء، فصار من الفقراء وأولاد الفقراء، وخدم أبا محمد بن سبعين، وتلمذ له. وكان الشيخ أبو محمد دونه في السّن، لكن استمرّ باتّباعه، وعوّل على ما لديه، حتى صار يعبر عن نفسه في منظوماته وغيرها، بعبد الحق بن سبعين، وبه استدل أصحاب أبي محمد على فضله. ويقال: إنه لما لقيه يريد المشايخ، إن كنت تريد الجنة، فصر إلى الشيخ أبي مدين، وإن كنت تريد ربّ الجنة فهلم. ولما مات الشيخ أبو محمد، انفرد بعده بالرياسة والإمامة على الفقراء والمتجرّدين والسّفّارة، وكان يتبعه في أسفاره ما ينيف على أربعمائة فقير، فيقسّمهم الترتيب في وظايف خدمته.

كراماته: قالوا: نادى يوما، وهو مع أصحابه في برّية، يا أحمد، فقال أحدهم: ومن هذا، فقال تسرّون به غدا. فلما وردوا من الغد قابس، وجدوا أحمد قد جاء من الأسر، فقال: صافحوا أخاكم المنادى بالأمس. قالوا: ودخل عليه ببجاية أبو الحسن بن علّال من أمنائها، وهو يذكر في العلم، فأعجبته طريقته، فنوى أن يؤثر الفقراء من ماله بعشرين دنيرا. ثم ساق شطرها، وحبس الباقي ليزوّدهم به، فرأى النبيّ صلى الله عليه وسلم، في النّوم، ومعه أبو بكر وعمر، فقال: ادع لي يا رسول الله، فقال لأبي بكر: أعطه، فأعطاه نصف رغيف كان بيده، فقال له الشيخ في الغد: لو أتيت بالكل، لأخذت الرغيف كله.

تواليفه: له كتاب «العروة الوثقى في بيان السنن وإحصاء العلوم» . وما يجب على المسلم أن يعمله ويعتقده إلى وفاته. وله «المقاليد الوجودية في أسرار إشارات الصوفية» . وله الرسالة القدسية في توحيد العامة والخاصة. والمراتب الإيمانية والإسلامية والإحسانية. والرسالة العلمية، وغير ذلك.

دخوله غرناطة: دخلها ونزل برابطة العقاب، وتكرّر إليها، إذ بلده من عمالتها.

ص: 173

شعره: من ذلك قوله «1» : [الطويل]

لقد تهت عجبا بالتّجرّد والفقر

فلم أندرج تحت الزمان ولا الدّهر

وجاءت لقلبي نفحة قدسيّة

فغبت بها عن عالم الخلق والأمر

طويت بساط الكون والطّيّ نشره

وما القصد إلّا الترك للطّيّ والنّشر

وغمّضت عين القلب عن غير مطلق «2»

فألفيتني ذاك الملقّب بالغير

وصلت لمن لم تنفصل عنه لحظة

ونزّهت من أعني من «3» الوصل والهجر

وما الوصف إلّا دونه غير أنني

أريد به التشبيه «4» عن بعض ما أدري «5»

وذلك مثل الصوت أيقظ نائما

فأبصر أمرا جلّ عن ضابط الحصر

نقلت «6» له الأسماء تبغي بيانه

فكانت له الألفاظ سترا على ستر

ومن شعره أيضا قوله في الغرض المذكور «7» : [الكامل]

من لامني لو أنه قد أبصرا

ما ذقته أضحى به متحيّرا

وغدا يقول لصحبه إن أنتم

أنكرتم ما بي أتيتم منكرا

شذّت أمور القوم عن عاداتهم

فلأجل ذاك يقال: سحر مفترى

ومن شعره القصيدة الشهيرة ولها حكاية «8» : [الطويل]

أرى طالبا منّا الزيادة لا الحسنى

بفكر رمى سهما فعدّى به عدنا

وطالبنا مطلوبنا من وجودنا

يغيب «9» به عنّا «10» لدى الصّعق إن عنّا

تركنا حظوظا من حضيض لحوطنا «11»

إلى المقصد الأقصى إلى المقصد الأسنى

ص: 174

ولم نلف كون الكون إلّا توهّما

وليس بشيء ثابت هاك «1» ألفينا

فرفض السّوا فرض علينا لأننا

أناس بمحو الشّرك والشرك قد دنا

ولكنما «2» كيف السبيل لرفضه

ورافضه المرفوض نحن وما كنّا؟

فيا قابلا بالوصل والوقفة التي

حجبت بها اسمع وارعوي مثل ما أبنا

تبدّت لك الأوهام لمّا تداخلت

عليك ونور العقل أورثك الشّجنا

وسمّت بأنوار فهمنا أصولها

ومنبعها من أين كان فما سمنا

وقد تحجب الأنوار للعقل مثل ما

تبعّد من إظلام نفس حوت ظعنا

وأنّى دجال في القضيّة يدّعي

وأكمل من في الناس من «3» صدع الأمنا

فلو كان سرّ الله يلحق هكذا

لقال لنا الجمهور: ها نحن ما خبنا

وكم دونه من فتنة وبليّة

وكم بهمة من قبل ذلك قد جبنا

وكل مقام لا تقم فيه إنه

حجاب فجدّ السّير واستنجد العونا

ولا تلتفت في السّير إذ كلّ ما «4» به

سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا

ومهما ترى كل المراتب تجتلى

عليك فحل عنها فعن مثلها حلنا

ص: 175

وقل: ليس لي في غير ذلك مطلب

فلا صورة تجلى ولا طرفة تجنى

وسر نحو أعلام اليمين فإنها

سبيل بها يمن فلا تترك اليمنا

أمامك هول فاستمع لوصيّتي

عقال من العقل الذي منه قد تبنا

إمام «1» الورى بالمشكلات وقبلهم

بأوهامه قد أهلك الخرّ والبنّاء

محجّتنا قطع الحجا وهو حجّنا

وحجّتنا شلوه ها بها همنا

يثبّتنا عند الصعود لأنه

يودّ لأنّا للصّعيد قد اخلدنا

تلوح لنا الأطواق منه ثلاثة

كراء وهارب «2» ورؤية ما قلنا

ويظهر باسم «3» السّرّ والنفس مدبرا

وعقلا وخيرا مقبلا عندما يدنى

ولوح إذا لاحت سطور كتابنا

له فيه وهو النّون فالقلم الأدنى

وعرش وكرسيّ وبرج وكوكب

وحشي لجسم الكل في وصفه حرنا

تمرّ خطوط الذهن عند التفاتنا

أحاطته للقصوى «4» التي فيه أحضرنا

ص: 176

مقطّعه الأزمان «1» للدهر مثل

يكيّف للأجسام من نحلة «2» أينا

أقام دوين الدهر مدرة ذاته

ونحن ونفس الكل في بحره عمنا

وفتّق للأملاك جوهره الذي

يشكّله سرّ الحروف فحرّفنا

يفرّق مجموع القضيّة ظاهرا

ويجمع فرقا من تداخله فزنا

وعدّد شيئا لم يكن غير واحد

بألفاظ أسمائها شتّت المعنى

ويعرج والمعراج منه ذواته

لتطويره العلويّ بالوسم أسرينا

ليفلل «3» سفليّا ويوهم أنه

لسفليّه المجهول بالذات أسبطنا

يقدّر خصلا بعد وصل لذاته

وفرض مسافات يجدّ لها الذّهنا

يحلّ لها طور المغبّة شكله

وإن لمعت فيه فيلحقه المفنا

ويلحقه بالشّرط من مثنويّة

يلوح بها وهو الملوّح والمبنى

فنحن كدود القزّ يحصرنا الذي

صنعنا بدفع الحصر سجنا لنا منّا

فكم واقف أردى وكم سائر هذا

وكم حكمة أبدى وكم مملق أغنى!

ص: 177

وتيّم أرباب الهرامس كلّهم

وحسبك من سقراط أسكنه الدّنا

وجرّد أمثال العوالم كلها

وأبدى لأفلاطون في المثل الحسنا

وهام أرسطو أن «1» مشى من هيامه

وبثّ الذي ألقى إليه وما ضنّا

فكان لذي القرنين عونا على الذي

تبدّى به وهو الذي طليه «2» العينا

ويفحص عن أسباب ما قد سمعتم

وبالبحث غطّى العين إذ ردّه عينا

وذوّق للحلّاج طعم اتّحاده

فقال لنا: من لا يحبّط به معنى

فقال له ارجع عن مقالك قال: لا

شربت مداما كلّ من ذاقها غنّى

وأنطق للشّبليّ بالوحدة التي

أشار بها لمّا محا عنده الكونا

أقام لذات الصّغريين «3» لنا حولا «4»

يخاطب بالتّوحيد إذ ردّه خدنا

وكان خطا بابين ذاتين من يكن

فقيرا يرى البحر فيه قد عمنا

فأصمت للحسنيّ تجريد خلقه

مع الأمر إذ «5» صحّت فصاحته لكنا

تثنّى قضيب البان من سكر خمره

وكان كمثل العمر لكنه ثنّى

ص: 178

وقد شذّ بالشّوذيّ عن ثوبه فلم

يمل نحو أحواز ولا سكن الدّنا

وأصبح فيه السّهرورديّ حائرا

يصيخ لما يلقى الوجود له أذنا

بعمر علي «1» بن الفارض الناظم الذي

تجرّد للأسفار إذ سهّل الحزنا

ولابن قسيّ خلع نعلي «2» وجوب

وليس أخا طلب من المجد قد تبنا

أقام على ساق المسرّة نحله

لمن زمن الأسرار فاستمطر المزنا

ولاح سنا برق من القرب للسّنا

لنجل ابن سينا للذي «3» ظنّ ما ظنّا

وقد قلّد الطّوسي بما قد ذكرته

ولكنه نحو التصوف قد حنّا

ولابن طفيل وابن رشد تيقّظ

رسالة يقظان «4» اقتضت فتحه الجفنا

كسا لشعيب ثوب جمع لذاته

فجرّ على حسّاده الذّيل والودنا

وقد «5» طوّق الطائي بسبط كنانه

بدسكرة الخلّاع إذ ذبّنا «6» الوهنا

ص: 179

تسمّى برفع الروح صبرا ولم

يبل ما يهزّ «1» في المقام ولا قرنا

وباح به نجل الحرائيّ «2» عندما

رأى كتمه ضعفا وتلويحه غينا

وللأمويّ النظم والنثر في الذي

ذكرنا وإعراب كما عنه أعربنا

وأظهر منه الغافقيّ لما خفى

وكشّف عن أطواره الغيم والدّجنا

وبيّن أسرار العبودية التي

عن اعرابها لم ترفع اللّبس واللّحنا

كشفنا غطاء من تداخل سرّها

فأصبح ظهرا ما رأيتم له بطنا

هوانا لدين «3» الحقّ من قد تولّهت

إلى قربة «4» ألبابنا وله هدنا

فمن كان يبغي السّير للجانب الذي

تقدّس لازبا فلا تأخذوا «5» عنّا

وهذه القصيدة غريبة المنزع، وإن لم تخل عن شذوذ من جهة اللّسان، وضعف في الصناعة، أشار فيها إلى مراتب الأعلام من أهل هذه الطريقة، وكأنها مبنية على كلام شيخه الذي خاطبه به عند لقائه حسبما قدمنا، إذ الحسنى الجنّة، والزيادة مقام النظر، فقوله: أرى طالبا منّا الزّيادة لا الحسنى، إشارة إلى ذلك، والله أعلم.

والغافقي الذي ختم به هو شيخنا أبو محمد، وهو مرسي الأصل غافقية، رحم الله جميعهم، ونفعنا بأولي الحظوة لديه.

ص: 180

نثره: وكلامه حسن، ومقاصده غريبة، رضي الله عنه، ونفع به. كتب إليه الشيخ الصوفي أبو علي بن تادررت، لمّا سافر ولم يودّعه، وكان قد قال له: أغيب عنكم أياما قلائل، وأعود إن شاء الله، فأبطأ عنه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الله وحده فقط ليس إلّا وصلواته على ملائه المقرب الأعلى، وعلى سيدهم الخاتم محمد وآله الهداة، وسلامه الحقّ يخصّ العليم بسرّه، في عالم الفرق، ورحمته وبركاته. من أخيه حقيقة في العوالم الأول، لا في عالم العلم الحق، من حيث هو موضوعه بحسب الإضاءة، بمنزله من مدينة بني مدار عمرها الله وأرشدهم، وليس إلّا أني نعتبكم عرفا وعادة، لسفركم دون موادعة، بخلاف سيرتكم الأولى من المشرق الأقصى، إلى المغرب الأقصى، وأمّا بكون حقيقة الأمر الموحد، فلا عتب، بل نقرأ على الماهية سورة الإخلاص التي توحيدها المحض أحاط وأحصى. ثم وعدتم، أنكم ولا بدّ، لا تطول إقامتكم ببجاية كلأها الله، إلّا ليالي «1» قليلة العدد، تأخذون فيها كتبكم وتنفصلون قافلين في أسرع أمد. ثم ظهر غير ذلك من الإقامة إلى هذه المهلة التي نبا كما عندنا الزمان.

وقد ورد من أناس بالتّواتر أنكم ولا بدّ تصومون هنالك رمضان المعظم على الأمان، فقلنا: لحظ البشريّة الحيوانية، وعلمنا أن الأمر ليس سرا لأجل القضايا الحكمية الطّلبية، والمقادير العلمية السرّية. ولا تتحرك ذرّة إلّا بإذنه، ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون في دهره وزمنه، يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب.

ولكنّا أيضا نقرأ، والله لا يخلف الميعاد. وقد يكون غير الوفاء بالعهد في الخلف لمصالح فيها وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا، والله يفعل ما يشاء. ولا تكن معترضا، فلا تلوم إلّا بحسب فرقنا الأول. وأما من حيث الكمالات الثواني والأول، فلا لوم ولا عتب، لرفع المثنوية، وإحالة الكثرة والإضافة، حتى ليس إلّا الوحدة العلمية المعنوية العليّة.

وبالجملة الله معكم، ولن يتركم أعمالكم، فإن ما يرفع العمد والعماد. قال الله:

ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ

«2» ، وهو معكم أينما كنتم، والله عليم بما تصنعون.

والرّغبة إلى ذاتكم الكاملة الوجودية، ذات الكمالات العلمية القدسية، أن تعجلوا لي، إذ وأنتم مقيمون هنالك:[الطويل]

وأين يجد في عليّين غرفة

وإن شغلتم عن نسخها «3»

ص: 181

والحق لا يشغله شأن عن شأن، فوجّهوا إليّ بها بعض الفقراء والإخوان، وأنا أقسم عليك في ذلك، يا أخي وسيدي، بالسّر فقط الذي يشغله أبدا سرمدا الله فقط، وأن تعجل لي بذلك، وتحيي مواتي، وتجمع أشتاتي، مع كلام تعتنوا لي به من كلامكم، تخصّوني به في كرّاس مبارك، علّمني الله العليم الحكيم منكم سرّ علمه العظيم وحكمته المحيطة، وكفانا سرّ هذه العوالم الأرضية المركبة الحطيطة، ونقلنا من البسيطة لغة إلى العوالم الرّيسة النفيسة البسيطة، ويرقينا به عنها إلى أن نتصل الحظّ المنفصل للتدبير بنقطته الأولى، وإن كان في الحقيقة ما انفصل، ويدخلها حضرة علمنا المحيط الوجودي، الذي ليس وراءها محيط إليه يرقى ويتصل. والسلام الحقّ محض مظهره ومجلاه ومرآته، ورحمة الله وبركاته.

فراجعه الشيخ أبو الحسن الشّشتري المترجم به، رضي الله عنه بما نصّه:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلّى الله على النبيّ محمد، المرسل بالحق لإدحاض الشّك، وإيضاح الغلط، الموصل على أقرب السّبيل للحضرة الإلهية، ومن شطط المختص بجوامع الكلم، المبكت لكل من موّه وسفسط، المبعوث بكلمة الإخلاص، التي حاصلها الله فقط، ورضي الله عن مظهر الوراثة المحمدية في كل زمان، المترجم عن كنز الوجود الذي طلسمه الإنسان، وسلام الله ورحمته على المستمع بأذن أنيته لذلك التّرجمان، المتجوهر بمقام الإسلام والإيمان والإحسان، القارئ على أخباره المنبعثة في أرض فرقة كلّ من عليها فان، بالمعنى الفقير الباطن للسّيار الظاهر المشير الحائم على سلب الاسمين، الدّائر على دائرة قاب قوسين.

المشهور في العالم الأول، بأبي علي الحسين من خبر ماسيه، الوارث الطالب لذاته بها للوصل له. وهو به عنه باحث، المنظور في ذات كمالاته، المنعوت بالوافي لا بالناكث، المعتصم بحبل التحقيق، القائل بالحق، عبده علي الشّشتري، ابن إفادتكم عبد الحق بن سبعين، أما قبل من حيث الأصل، ومع من حيث الوصل، وبعد من حيث الفصل، فإني أقسم بالبدر إذا أدبر، والصّبح إذا أسفر، أن النصاب واقع من حيث الصور، لا من حبّة حقيقة المظهر. فأين هنا أنت أو أنا؟ أو قبل أو بعد؟ أو هند أو دعد؟ أو خلف أو وعد؟ ولا بدّ من المراح في ميدان الخطاب، وبيان المتشابه عليكم، المودع عليكم، في هذا الكتاب، فأول عائق عنكم مرض أحد الأصحاب، ولا انفكاك عند وجود هذه القضية، عند كل طائفة سنيّة، فما ظنّك بالسّبعينية، هذا مع وجود وعد مبين، وزمان معين. ونحن لم نعيّن للموضوع وقتا، ولو عيّنّا لكبر عند الله مقتا. وإنما قلنا: أيام قلائل، ويدخل في ذلك الجمعة والشهر والعام القابل، بل برزخ العالم وإنائه عند النحرير العاقل. ثم لو عيّنّا يوما أو يومين أو جمعتين، ولم

ص: 182