الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي بن مسعود بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن مسعود المحاربي
«1»
الوزير، يكنى أبا الحسن.
حاله: كان من أعيان أهل الحضرة، وذوي الهيئات والنباهة من بيوتاتها، أيّدا، حسن الشكل، جهير الصوت، فصيح اللسان ثرثاره، جيد الخطّ، حلو الدّعابة، طيّب النفس، لبقا، ذكيّا، أديبا، فاضلا، لوذعيّا، مدركا. وزر للسلطان أبي الوليد، نزع إليه لمّا دعا إلى نفسه بمالقة من إيالة مخلوعه بعد اصطناعه، وصرف وجهته إلى جهته، فتغلّب على هواه، وأشركه في الوزارة، مع القائد الوزير أبي عبد الله بن أبي الفتح الفهري، وقد مرّ ذكره، فأبرّ عليه بمزيد المعرفة بالأمور الاشتغالية وجماح عنان اللسان والجرأة في أبواب المداخلات الوزارية، فلم يزل يضمّ أذيال الخطّة ويقلّصها عن قسيمه إلى أن لم يبق له منها إلّا الاسم إلى حين وفاته.
وفاته: واستمرّت حاله على رسمه من القيام بالوزارة إلى أن فتك بسلطانه قرابته بباب داره كما تقدّم في اسم السلطان أبي الوليد في حرف الألف، فكرّ أدراجه وهاج بالباطشين، وسلّ سيفه يدافع عنه، فمالت إليه الأيدي، وانصرفت إليه الوجوه، وأصيب بجراحات مثخنة، أتى عليه منها جرح دماغي لأيام، وعلى ذلك فلم يبرح من سدّة السلطان، حتى تعجّل ثأره، وشمل السّيف قتلته، وأخذ البيعة لولده.
وكانت وفاته في السابع والعشرين لشعبان من عام خمسة وعشرين وسبعمائة. ودفن بباب إلبيرة. وكان الحفل في جنازته عظيما، والثناء عليه كثيرا، والرحمة له مستفيضة.
ورثاه شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب، رحمه الله بقوله:[الطويل]
أيا زفرتي، زيدي ويا عبرتي جودي
…
على فاضل الدّنيا على ابن «2» مسعود
على الشامخ الأبيات في المجد والعلا
…
على السّابق الغايات في البأس والجود
على غرّة العصر التي جمعت إلى
…
مهابة مرغوب طلاقة مودود
على من له في الملك غير منازع
…
وزارة ميمون النّقيبة محمود
على من إذا عدّ الكرام فإنه
…
بواجب حقّ الفضل أوّل معدود
ومن كعليّ ذي الشجاعة والرّضا
…
لإصراخ مذعور وإيواء مطرود؟
ومن كعليّ ذي السّماحة والنّدى
…
لإسباغ إنعام وإنجاز موعود؟
ومن كعليّ للوزارة قائما
…
عليها بتصويب عليها وتصعيد؟
ومن كعليّ للإدارة سالكا
…
لها نهج تليين مشوب بتشديد؟
ومن كعليّ للسياسة منفذا
…
أوامر تنفيذ وأحكام توطيد
ومن كعليّ في رضا الله حاكما
…
بإنجاد معدوم وإعدام موجود
ومن كعليّ واصل الرّحم التي
…
تمتّ بتقريب له أو بتبعيد
ومسدي الأيادي البيض بدءا وعودة
…
مردّدة تمحو دجى الثّوب للسّود «1»
أيا كافي السلطان كلّ عظيمة
…
بآراء تسديد وأعمال تمهيد
ويا حامي الملك المشيد بناؤه
…
بصولة محذور وغرّة مقصود
ويا كافل الأيتام يجري عليهم
…
جراية نعمى بابها غير مسدود
ذكرتك في نادي الوزارة صادعا
…
بأمر مطاع حكمه غير مردود
ذكرتك في صدر الكتيبة قائما
…
بخدمة مولّى بعد طاعة معبود
ذكرتك في المحراب والليل دامس
…
تردّد آي الذّكر أطيب ترديد
ودمعك مرفضّ وقلبك واجب
…
لخشية يوم بين عينيك مشهود
عفاء «2» على الدنيا ولا درّ درّها
…
فما جمعها إلّا رهين بتبديد
فمهما حلت منها لديك مسرّة
…
ففي إثرها فارقب مرارة تنكيد
ألهفا على الوجه الجميل معطّرا
…
بدار البلى رهين الأساود والدّود
وعهدي به مستبشرا ومبشّرا
…
بتفريج مكروب وراحة مجهود
لأظلمت الدنيا عليّ لفقده
…
فها أنا أرعاها بمقلة مرصود
وقلّص من ظلّ الرّجاء «3» فراقه
…
فظلّ رجائي بعده غير ممدود
وكم سبحت فلك المنى في بحارها
…
مواخر فاليوم استوت بي على الجود
وهوّن عندي كلّ خطب مصابه
…
فبعد عليّ لست أبكي لمفقود
ولا أدّعي أني وفيت بعهده
…
فلم أرع عهدا حين أودى ولم أود
فلا يشمت «4» الأعداء إن حان حينه
…
فما بالرّدى عار فكل امرئ مود