الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما سمعت أذناي عن كلّ عالم
…
وما جاد من نطمي وما راق من نثري «1»
على شرط أصحاب الحديث وضبطهم
…
بريّ من «2» التّصحيف عار من «3» النّكر
وجدّي رشيق شاع في الغرب ذكره
…
وفي الشّرق أيضا فادر إن كنت لا تدري «4»
ولي مولد من بعد عشرين حجّة
…
ثمان على السّتّ المئين «5» ابتدا عمري «6»
وبالله توفيقي عليه توكّلي
…
له الحمد في الحالين «7» في العسر واليسر
حدّثني شيخنا أبو بكر بن الحكيم، قال: أصابتني حمّى، فلمّا انصرفت عني، تركت في شفتي بثورا علي، فزارني الفقيه أبو الحجاج السّاحلي، فأنشدني «8» :
[السريع]
حاشاك أن تمرض حاشاكا
…
قد اشتكى قلبي لشكواكا
إن كنت محموما ضعيف القوى
…
فإنّني أحسد حمّاكا
ما رضيت حمّاك إذ باشرت
…
جسمك حتى قبّلت فاكا
مولده: عام سبعة وستين وستمائة «9» .
وفاته: توفي، رحمه الله، بالحمراء العليّة، في السابع والعشرين لشهر رمضان من عام اثنين وخمسين وسبعمائة.
ومن الكتّاب والشعراء بين أصلي وغيره:
يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري
«10»
يكنى أبا بكر، ويعرف بابن الصّيرفي، من أهل غرناطة.
حاله: كان نسيج وحده في البلاغة والجزالة، والتّبريز في أسلوب التاريخ، والتملؤ من الأدب، والمعرفة باللغة والخبر. قال أبو القاسم «1» : من أهل المعرفة بالأدب والعربية والفقه والتاريخ، ومن الكتاب المجيدين والشعراء المطبوعين المكثرين. كتب بغرناطة عن الأمير أبي محمد تاشفين «2» ، وله فيه نظم حسن.
مشيخته: قرأ على شيوخ بلده، وأخذ عن العالم الحافظ أبي بكر بن العربي ونمطه.
تواليفه: ألّف في تاريخ الأندلس كتابا سماه «الأنوار الجلية، في أخبار الدولة المرابطيّة» ضمّنه العجاب إلى سنة ثلاثين وخمسمائة. ثم وصله إلى قرب وفاته، وكتابا آخر سمّاه «تقصّي الأنباء وسياسة الرؤساء» .
شعره: قال: أنشدت الأمير تاشفين في هلاك ابن رذمير: [البسيط]
أشكو الغليل بحيث المشرب الخضر
…
حسبي وإلّا فورد ما له صدر
تجهّمت لي وجوه الصبر منكرة
…
ولا حظتني عيون حشوها حذر
إني لأجزع من ذاك الوعيد وفي
…
ملقى الأسنّة منّا معشر صبروا «3»
فلّت سلاحي الليالي أيّ ظالمة
…
ولو أعادت شبابي كنت أنتصر
مشيّعا كنت ما استصحبت من أمل
…
كما يشيّع سهم النّازع الوتر
فها أنا وعزيز في نامسة
…
تسود في عينه الأوضاح والغرر
يا حيّ عذرة، فتياكم بنازلة
…
لم تنفصل يمن عنها ولا مضر
ما الحكم عندكم إذ نحن في حرم
…
على جناية رام سهمه النّظر
أرعاني الشّهب في أحشاء ليلتها
…
حمل من الصّبح أرجوه وأنتظر
يفترّ عن برد من حوله لهب
…
أو عن نبات أقاح أرضه سقر
وبين أجفانه نهيف الأمير أبي
…
محمد تاشفين أو هو القدر
سيف به ثلّ عرش الروم واطّادت
…
قواعد الملك واستولى به الظّفر
وأدرك الدين بالثّأر المنيم على
…
رغم وجاءت صروف الدهر تعتذر
منى تنال وأيام مفضّضة
…
مذهبات العشايا ليلها سحر
وفي الذّؤابة من صنهاجة ملك
…
أغرّ أبلج يستسقى به المطر
مؤيد من أمير المسلمين له هوى
…
ورأي ومن سير له سير
أنحى على الجور يمحو رسم أحرفه
…
حتى استجار بأحداق المهى الحور
يا تاشفين، أما تنفكّ بادرة
…
من راحتيك المنايا الحمر تبتدر؟
وكم ترنّح في روض جداوله
…
بيض السيوف وملتفّ للقنا شجر
هي التّرايك فوق الهام لا حبب
…
والسّابغات على الأعطاف لا القدر
لك الكتائب ملء البيد غازية
…
إذا أتت زمر منها مضت زمر
على ساكبها للنّقع أردية من
…
تحتها جلّق من تحتها زبر
تدبّ منها إلى الأعداء سابلة
…
عقارب ما لها إلّا القنا إبر
بعثتها أسدا شتّى إذا مرجت
…
جنّ الوغا انقضّ منها أنجم زهر
يا أيها الملك الأعلى الذي سجدت
…
لسيفه الهام في الهيجاء والقصر
أعر حرار ضلوعي برد ما نهلت
…
خيل الزّبير ونار الحرب تستعر
حيث الغبار دخان والظّبا لهب
…
والأسنّة في هام العدا شرر
والنّقع يطفو وبيض الهند راسية
…
إن الصواعق يوم الغيم تنكدر
أعطى الزبير فتى العلياء صارمه
…
لكن بسعدك ما لم يعطه عمر
ولّته أظهرها الأبطال خاضعة
…
تكبو وتصفعها الهنديّة البتر
بحر من الخلق المسرود ملتطم
…
يسيل من كل سيف نحوه نصر
أمّ ابن الزبير ابن رذمير بداهية
…
عضّت ومسّك من أظفاره ظفر
لقد نفحت من التّيجان في محم
…
وأين من فتكات الضّيغم النّمر؟
لقد نجوت طليق الركض في وهن
…
من الأسنّة حتى جاءك القدر
خلعت درعا واعتضت الظّلام بها
…
وخاض بحر الوغا مركوبك الخطر
ومنها:
ما بال إنجيلك المتروك ما ذمرت
…
نفوس قومك منه الآي والسّور
أهديتها غير مشكور مضمّرة
…
ملء الأعنّة منها الزّهو والأسر
وظلّ طفل من البولاد دانية
…
سمراء «1» ترضعه اللبّات والثّغر
وعابس للمنايا «1» وهي ضاحكة
…
من خدّه بثغور زانها أشر
وكل حارسة في الرّوع لابسها
…
منسوجة من عيون ما لها نظر
أعدت للحرب إنذارا سخوت بها
…
على الرّجال التي منها لها وزر
قضتك من حمير صيد غطارفة
…
فضّ الرجاحة عوص الدهر ينحبر
ملثّمون حياء كلّما سفرت لهم
…
وجوه المنايا في الوغا سفروا
جادوا بطعن كأسماع المحاص
…
إلى ضرب كما فغرت أفواهها الحمر
وحدت عنها محيّا مروّعة
…
فضت بما مجّ في أحشائك الذّعر
فرّت إلى حتفها من حتفها فمضت
…
والموت يطردها والموت ينتظر
قالوا: نجا بذماء «2» النّفس منك فما
…
نجا وقد بقرته الحيّة الذّكر
توزّعت نفسا على حشيّتها
…
من «3» للوساوس يحدو جيشها السّهر؟
نصر عزيز وفتح ليس يعدله
…
فتح ولله فيه الحمد والشكر
فاهنأ به ابن أمير المسلمين ودم
…
للملك ما قامت الآصال والبكر
واهنأ بعيدك وافخر شانئيك به
…
فإنّها نسك الأسياف لا الجزر
جاورت بحرك تغشاني مواهبه
…
فمن بذاك ونظمي هذه الدّرر
وأنشد أيضا من شعره قوله، رحمة الله عليه:[الخفيف]
ركبت خيلها جيوش الضّلال
…
وسرت من رماحها بذبال
ملقيات دروعها لا لوقت
…
فيه تنضو الجلود رقش الصّلال
حثّ في إثرها الأمير بعقبا
…
ن جياد هوت بأسد رجال
في صقيل البريك تحدث للشم
…
س بعكس الشّعاع حمّى اشتعال
لاث بالريح عمّة من غبار
…
ومشى للحديد في أذيال
كلّما جرّها على الصّلد أبقت
…
كخطوط الصّلال فوق الرمال
لبست أمرها على الرّوم حتى
…
فجئتها كعادة الآجال
أبدلت هامها قصار قدود
…
بطوال من الرّماح الطوال
والذي فرّ عن سيوفك أودى
…
بقنا الرّعب في ثنايا الجبال
كنت فيها وأنت في كل حرب
…
مغمد النّصل في طلى الأبطال
يطلع البدر منك حاجب شمس
…
ويرى الليث في إهاب هلال
يا لصنهاجة وحولك منهم
…
خير جيش عليهم خير وال
ملك ليس يركب الدهر إلّا
…
كلّ عالي الركاب عالي القذال
ما عرا الجدب أو علاه «1» الخطب
…
سال غيثا ولاح بدر كمال
وحفيف على أمور خفاف
…
وثقيل على أمور ثقال
لاعب المعطفين بالحمد زهوا
…
شيمة الرّمح هزّة في اعتدال
مسترقّ النفوس خوفا وحسنا
…
إنما السيف هيبة في جمال
شيم كالغمام ينشر في الرو
…
ض بأندابه صغار اللّآل
وسجايا تفتّحت زهرات
…
وخلال تسدّ كل اختلال
أنت يا تاشفين والله واق
…
لك شخص العلا ونفس الكمال
ليس آمال من على الأرض إلّا
…
أن ترى وأنت غاية الآمال
وهنيّا بأن نهضت وأقبل
…
ت عزيز النّهوض والإقبال
وعلى الكفر منك حرّ مجير
…
وعلى الدّين منك برد ظلال
يا فتى والزمان نعمى وبؤس
…
شرّ حال أفضت إلى خير حال
وبما تجزع النفوس من الأم
…
ر له فرجة كحلّ العقال
ربّ أشياء ليس يبلغ منها
…
كنه ما في النّفوس بالأقوال
غير أن الكلام إن جلّ قدرا
…
وعلا كنت فوقه في الفعال
ومن شعره، وقد بيّت العدوّ محلّة الأمير تاشفين، ويذكر حسن ثباته، وقد أسلمه قومه، وهي من القصائد المفيدة، المبدية في الإحسان المعيدة «2» :[الكامل]
يا أيها الملك «3» الذي يتقنّع «4»
…
من منكم البطل الهمام الأروع «5» ؟
ومن الذي غدر العدوّ به دجى
…
فانفضّ كلّ وهو لا يتزعزع؟
تمضي الفوارس والطعان يصدّها
…
عنه ويزجرها «1» الوفاء فترجع
والليل من وضح التّرائك والظّبا «2»
…
صبح على هام الكماة ممنّع «3»
عن أربعين ثنت أعنّتها دجى
…
ألفان ألف حاسر ومقنّع
لولا رجال كالجبال تعرّضت
…
ما كان ذاك السيل مما يردع «4»
يتقحّمون على الرماح كأنهم
…
إبل «5» عطاش والأسنة تكرع «6»
ومن الدّجى لهم «7» على قمم الرّبى
…
وذؤابة بين الظّبا تتقطّع
نصرت ظلام الكفر ظلمة ليلة
…
لم يدر فيها الفجر أين المطلع «8»
لولا ثبوتك تاشفين لغادرت
…
أخرى الليالي وهيبة لا ترقع
فثبتّ والأقدام تزلق والرّدى «9»
…
حول السّرادق والأسنّة تقرع
لا تعظمنّ «10» على الأمير فإنها
…
خدع الحروب وكل حرب تخدع «11»
ولكل يوم حنكة وتمرّس
…
وتجارب في مثل نفسك تنجع
يا أشجع الشجعان «12» ليلة أمسه
…
اليوم «13» أنت على التجارب أشجع
أهديك من أدب الوغا حكما بها
…
كانت ملوك الحرب مثلك تولع
لا أنّني أدرى بها لكنها
…
ذكرى تخصّ المؤمنين وتنفع
اختر من الخلق المضاعفة التي
…
وصّى بها صنع السّوابغ تبّع «14»
والهند وانى للرفيق «1» فإنه
…
أمضى على حلق الدلاص وأقطع
ومن الرواجل ما إذا زعزعته
…
أعطاك هزّة معطفيه الأشجع
ومن الجياد الجرد كلّ مضمّر
…
تشجى بأربعه الرياح الأربع
والصّمّة البطل الذي لا يلتوي
…
منه الصّليب ولا يلين الأخدع
وكذاك قدر في العدو حزامة
…
فالنّبع بالنّبع المثقّف يقرع
خندق عليك إذا اضطربت «2» محلّة
…
سيّان تتبع ظافرا «3» أو تتبع
واجعل ببابك في الثّقات ومن له
…
قلب على هول الحروب مشيّع «4»
وتوقّ من كذب الطلائع إنّه
…
لا رأي للمكذوب «5» فيما «6» يصنع
فإذا احترست بذاك لم يك للعدا
…
في فرصة أو في انتهاز مطمع
حارب بمن يخشى «7» عقابك بالذي
…
يخشى «8» ومن في جود كفّك يطمع
قبل التّناوش عبّ جيشك مفحصا «9»
…
حيث التمكّن والمجال الأوسع
إياك تعبئة الجيوش مضيّقا
…
والخيل تفحص بالرجال وتمرع «10»
حصّن حواشيها وكن في قلبها
…
واجعل أمامك منهم من يشجع
والبس لبوسا لا يكون مشهّرا
…
فيكون نحوك للعدوّ تطلّع
واحتل لتوقع في مضايقة الوغى
…
خدعا ترويها وأنت موسّع «11»
واحذر كمين الرّوم عند لقائها
…
واخفض «12» كمينك خلفها إذ تدفع
لا تبقين «13» النهر خلفك عندما
…
تلقى العدوّ فأمره «14» متوقّع
واجعل «15» مناجزة العدوّ عشيّة
…
ووراءك «16» الصدف «17» الذي هو أمنع
واصدمه أول وهلة لا ترتدع
…
بعد التقدم فالنّكول «1» يضعضع
وإذا تكاثفت «2» الرجال بمعرك
…
ضنك فأطراف الرّماح توسع
حتى إذا استعصت «3» عليك ولم يكن
…
إلّا شماس دائم وتمنّع
ورأيت نار الحرب تضرم بالظّبا
…
ودخانها «4» فوق الأسنّة يسطع «5»
ومضت تؤذّن بالصّميل جيادها
…
والهام تسجد والصّوارم تركع «6»
والرمح يثني معطفيه كأنه
…
في الرّاح لا علق الفوارس يكرع
والريح تنشأ سجسجا هفّافة
…
وهي السّكينة عن يمينك توضع
أقص «7» الكمين على العدوّ فإنه
…
يعطيك من أكتافه ما يمنع
وإذا هزمت عداك فاحذر كرّها
…
واضرب وجوه كماتها إذ ترجع
وهي الحروب قوى النّفوس وحزبها
…
من قوّة الأبدان فيها أنفع
ثم انتهض بجميع من «8» أحمدته «9»
…
حتى يكون لك المحلّ الأرفع
وبذاك «10» تعتب إن تولّت عصبة
…
كانت ترفّه للوغى «11» وترفّع
من معشر إعراض وجهك عنهم
…
فعل الجميل وسخطك المتوقّع
يكبو «12» الجواد وكل حبر «13» عالم
…
يهفو وتنبو المرهفات القطّع
أنّى قرعتم «14» يا بني صنهاجة
…
وإليكم في الرّوع كان المفزع؟
ما أنتم إلّا أسود خفيّة «15»
…
كلّ بكلّ عظيمة تستطلع «16»
ما بال سيدكم تورّط «1» ؟ لم يكن
…
لكم التفات نحوه وتجمّع
إنسان عين لم يصبه «2» منكم
…
جفن وقلب أسلمته الأضلع
تلك التي جرّت عليكم خطّة
…
شنعاء وهي على رجال أشنع
أو ما ليوسف جدّه منن «3» على
…
كلّ وفضل سابق لا يدفع «4» ؟
أو ما لوالده عليّ «5» نعمة
…
وبكل جيد ربقة لا تخلع؟
ولكم بمجلس تاشفين كرامة
…
وشفيعكم فيما يشاء مشفّع
ألا رعيتم ذاك وأحسابكم
…
وأنفتم من قالة تستشنع
أبطأتم عن تاشفين ولم يزل
…
إحسانه لجميعكم «6» يتسرّع
ردّت مكارمه لكم وتوطّأت
…
أكنافه إنّ الكريم سميدع
خاف العدى لكن عليكم مشفقا «7»
…
فهجعتم «8» وجفونه لا تهجع
ومن العجائب أنه مع «9» سنّه
…
أدرى وأشهر «10» في الخطوب «11» وأضلع
ولقد «12» عفا والعفو منه سجيّة
…
ولسطوة لو شاء فيكم موضع
يا تاشفين، أقم «13» لجيشك عذره
…
فالليل «14» والقدر الذي لا يدفع
هجم العدوّ دجى فروّع مقبلا
…
ومضى يهينم «15» وهو منك مروّع
لا يزدهي إلّا سواك بها ولا
…
إلّا لغيرك بالسّنان يقنّع «16»
لمّا سددت له الثّنيّة لم يكن
…
إلّا على ظهر المنيّة مهيع
وكذاك للعيرات «17» إقدام على
…
أسد العرين الورد ممّا يجزع