المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ٤

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌[تتمة قسم الثانى]

- ‌ومن الغرباء

- ‌عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن بن محمد ابن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد الحضرمي

- ‌عبد المهيمن بن محمد الأشجعي البلّذوذي

- ‌عبد العزيز بن عبد الواحد بن محمد الملزوزي

- ‌ومن العمّال

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز الأسدي العراقي

- ‌عبد القادر بن عبد الله ابن عبد الملك بن سوّار المحاربي

- ‌ومن الزهّاد والصلحاء وأولا الأصليون

- ‌عبد الأعلى بن معلا

- ‌عبد المنعم بن علي بن عبد المنعم بن إبراهيم ابن سدراي بن طفيل

- ‌ومن الطارئين وغيرهم

- ‌عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن فتح ابن سبعين العكّي

- ‌دعواه وإزراؤه:

- ‌وفيما يسمى بإحدى عيون الإسلام من الأسماء العينية وهم عتيق وعمر وعثمان وعلي، وأولا الأمراء والملوك وهم ما بين طارىء وأصلي وغريب

- ‌دخوله غرناطة وإلبيرة:

- ‌عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة التجيبي

- ‌ومن الغرباء

- ‌عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن

- ‌علي بن حمود بن ميمون بن حمود بن علي بن عبيد الله ابن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن علي ابن أبي طالب

- ‌علي بن يوسف بن تاشفين بن ترجوت

- ‌ظهور الموحدين في أيامه:

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عتيق بن زكريا بن مول التجيبي

- ‌عمر بن يحيى بن محلّى البطّوي

- ‌عامر بن عثمان بن إدريس بن عبد الحق

- ‌علي بن بدر الدين بن موسى بن رحّو بن عبد الله ابن عبد الحق

- ‌علي بن مسعود بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن مسعود المحاربي

- ‌علي بن لب بن محمد بن عبد الملك ابن سعيد العنسي

- ‌علي بن يوسف بن محمد بن كماشة

- ‌عثمان بن إدريس بن عبد الله بن عبد الحق بن محيو

- ‌القضاة الأصليون

- ‌عتيق بن أحمد بن محمد بن يحيى الغساني

- ‌علي بن محمد بن توبة

- ‌علي بن عمر بن محمد بن مشرف بن محمد بن أضحى ابن عبد اللطيف بن الغريب بن يزيد بن الشمر ابن عبد شمس بن الغريب الهمداني

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌عثمان بن يحيى بن محمد بن منظور القيسي

- ‌علي بن أحمد بن الحسن المذحجي

- ‌علي بن عبد الله بن الحسن الجذامي النّباهي المالقي

- ‌المقرئون والعلماء

- ‌علي بن أحمد بن خلف بن محمد بن الباذش الأنصاري

- ‌علي بن محمد بن دري

- ‌علي بن عمر بن إبراهيم ابن عبد الله الكناني القيجاطي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدي

- ‌عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الأموي

- ‌علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح ابن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد

- ‌علي بن إبراهيم بن علي الأنصاري المالقي

- ‌علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي

- ‌الكتاب والشعراء وأولا الأصليون منهم

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان ابن حسن الأنصاري

- ‌علي بن عبد الرحمن بن موسى بن جودي القيسي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن خلاف بن سليمان بن سلمة

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عمر الغساني

- ‌علي بن محمد بن علي بن البنا

- ‌علي بن محمد بن علي العبدري

- ‌علي بن عبد العزيز ابن الإمام الأنصاري

- ‌أخباره في الجود والجلالة:

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الجذامي

- ‌علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري

- ‌علي بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد الخشني

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني

- ‌علي بن صالح بن أبي الليث الأسعد بن الفرج بن يوسف

- ‌علي بن أبي جلّا المكناسي

- ‌علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن علي ابن سمحون الهلالي

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق الزرويلي

- ‌علي بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد الله ابن يحيى بن عبد الله بن يحيى الغافقي

- ‌محنته ودخوله غرناطة:

- ‌علي بن عبد الله بن محمد ابن يوسف بن أحمد الأنصاري

- ‌عمر بن علي بن غفرون الكلبي

- ‌علي بن يحيى الفزاري

- ‌الزهاد والصلحاء والصوفية والفقراء

- ‌عتيق بن معاذ بن عتيق بن معاذ بن سعيد بن مقدم بن سعيد بن يوسف بن مقدم اللخمي

- ‌علي بن علي بن عتيق بن أحمد بن محمد ابن عبد العزيز الهاشمي

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن عثمان الأشعري

- ‌ومن الطارئين

- ‌علي بن عبد الله النميري الششتري

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عامر بن محمد بن علي الهنتاني

- ‌ومن الطارئين في القضاة والغرباء

- ‌عاشر بن محمد بن عاشر بن خلف بن رجا ابن حكم الأنصاري

- ‌عياض بن محمد بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي

- ‌عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى ابن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى ابن عياض اليحصبي

- ‌عقيل بن عطية بن أبي أحمد جعفر بن محمد ابن عطية القضاعي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن محمد التميمي ثم العبادي الجاهلي

- ‌ومن الأصليين من ترجمة المحدّثين الفقهاء والطلبة النجباء

- ‌عيسى بن محمد بن أبي عبد الله بن أبي زمنين المرّي

- ‌عيسى بن محمد بن عيسى بن عمر بن سعادة الأموي

- ‌غالب بن أبي بكر الحضرمي

- ‌ومن المقربين

- ‌غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام ابن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن خفاف ابن أسلم بن مكتوم المحاربي، أبو بكر

- ‌غالب بن حسن بن غالب بن حسن بن أحمد بن يحيى ابن سيد بونه الخزاعي

- ‌غالب بن علي بن محمد اللخمي الشقوري

- ‌فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌الفتح بن علي بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المشهور

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌فرج بن قاسم بن أحمد بن لب التغلبي

- ‌ومن الصوفية والصلحاء

- ‌فضل بن محمد بن علي بن فضيلة المعافري

- ‌ومن العمال الأثرا

- ‌فلّوج العلج

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌قاسم بن عبد الله بن محمد الشّاط الأنصاري

- ‌قاسم بن عبد الكريم بن جابر الأنصاري

- ‌قاسم بن يحيى بن محمد الزّروالي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌قرشي بن حارث بن أسد بن بشر بن هندي بن المهلب ابن القاسم بن معاوية بن عبد الرحمن الهمداني

- ‌قاسم بن محمد بن الجد العمري

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌قاسم بن أحمد بن محمد بن عمران الحضرمي

- ‌قاسم بن خضر بن محمد العامري

- ‌سوّار بن حمدون بن عبدة بن زهير بن ديسم بن قديدة ابن هنيدة

- ‌حاله وبعض آثاره وحروبه:

- ‌مبدأ أمره وحروبه وشعره:

- ‌سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الخليفة بقرطبة

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان

- ‌سعيد بن سليمان بن جودي السّعدي

- ‌ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌سهل بن محمد بن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم ابن مالك الأزدي

- ‌سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن أحمد ابن عبد السلام الحميري الكلاعي

- ‌ومن القضاة في هذا الحرف

- ‌سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء بين أصلي وغيره:

- ‌سعيد بن محمد بن إبراهيم بن عاصم بن سعيد الغساني

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌سهل بن طلحة

- ‌سالم بن صالح بن علي بن صالح بن محمد الهمداني

- ‌هشام بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله

- ‌ومن ترجمة الأعيان والكبرا والأماثل والوزرا

- ‌هاشم بن أبي رجاء الإلبيري

- ‌يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي

- ‌رئيس الغزاة ويعسوب الجند الغربي:

- ‌من كان على عهده من الملوك:

- ‌يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة ابن نافع الفهري

- ‌ومن غير الأصليين

- ‌يحيى بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عزفة اللخمي

- ‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا

- ‌يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن توقورت بن وريابطن ابن منصور بن مصالة بن أمية بن وايامى الصنهاجي ثم اللمتوني

- ‌يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌يوسف بن عبد المؤمن بن علي

- ‌يوسف بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو

- ‌يعقوب بن عبد الحق بن محيو بن بكر بن حمامة ابن محمد بن رزين بن فقوس بن كرناطة بن مرين

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌يحيى بن رحو بن تاشفين بن معطي بن شريفين

- ‌يحيى بن طلحة بن محلّى البطوي، الوزير أبو زكريا

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن الحكيم اللخمي

- ‌يحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق

- ‌يوسف بن هلال

- ‌ومن القضاة الأصليين وغيرهم

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن كثير بن وسلاسن ابن سمال بن مهايا المصمودي

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد ابن أبي الأحوص القرشي الفهري

- ‌يوسف بن موسى بن سليمان بن فتح بن أحمد ابن أحمد الجذامي المنتشاقري

- ‌ومن المقرئين

- ‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي

- ‌يحيى بن عبد الكريم الشنتوفي

- ‌يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن محمد بن قاسم ابن علي الفهري

- ‌ومن الكتّاب والشعراء بين أصلي وغيره:

- ‌يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري

- ‌ومن ترجمة الشعراء من السفر الأخير وهو الثاني عشر المفتتح بالترجمة بعد

- ‌يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد السلام التطيلي الهذلي

- ‌يحيى بن بقي

- ‌يوسف بن محمد بن محمد اليحصبي اللوشي، أبو عمر

- ‌يوسف بن علي الطرطوشي، يكنى أبا الحجاج

- ‌ومن ترجمة المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء:

- ‌يحيى بن محمد بن عبد العزيز بن علي الأنصاري

- ‌ومن العمال

- ‌يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف ابن رضوان بن يوسف بن رضوان بن محمد بن خير بن أسامة الأنصاري النّجاري

- ‌ومن ترجمة الزهاد والصلحاء

- ‌يحيى بن إبراهيم بن يحيى البرغواطي

- ‌[ترجمة ابن الخطيب]

- ‌ذكر بعض ما صدر لي من التشريعات الملوكية أيام تأبّشي بهذه الغرور

- ‌المقطوعات المشتملة على الأغراض العديدة

- ‌ومن المقطوعات أيضا:

- ‌ومن الأوصاف وما يرجع إليها

- ‌ومن أغراض الإشارات الصوفية وغيرها من الوعظ والجدّ والحكم، ولعلّ ذلك ماحيا لما تقدّمه بفضل الله

- ‌رسالة السياسة

- ‌فهارس الإحاطة

- ‌فهرس تراجم الأعلام

- ‌فهرس الكنى والألقاب

- ‌فهرس الكتب والمؤلّفات

- ‌فهرس الأماكن والبقاع

- ‌فهرس القوافي

- ‌فهرس الأرجاز

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي

‌ومن المقرئين

‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي

«1»

يكنى أبا زكريا، شيخنا أبو زكريا بن هذيل، رحمه الله، أرجدوني «2» الأصل، ينسب إلى سلفه أملاك ومعاهد كولابج هذيل، مما يدل على أصالة.

حاله: كان آخر حملة الفنون العقلية بالأندلس، وخاتمة العلماء بها، من طبّ وهندسة وهيئة وحساب وأصول وأدب، إلى إمتاع المحاضرة، وحسن المجالسة، وعموم الفائدة، وحسن العهد، وسلامة الصّدر، وحفظ الغيب، والبراءة من التصنّع والسّمت، مؤثرا للخمول، غير مبال بالناس، مشغولا بخاصّة نفسه.

خدم أخيرا باب السلطان بصناعة الطّب، وقعد بالمدرسة بغرناطة يقرئ الأصول والفرائض والطب.

عمن أخذ: قرأ على جملة من شيوخ وقته، كالأستاذ أبي بكر بن الفخار، أخذ عنه العربية والأدب. وقرأ الطب على أبي عبد الله الأركشي، وأبي زكريا القصري، وجملة من الإسلاميين بالعدوة. وقرأ كراسة الإمام فخر الدين الرازي، المسماة بالآيات البيّنات، على الأستاذ أبي القاسم بن جابر. ونظر الأصول على الأستاذ النظّار أبي القاسم بن الشّاط. وأخذ الحساب عن أبي الحسن بن راشد. والحساب والهندسة والأصول وكثيرا من عمليات الحساب وجبره ومقابلته والنجوم، على الأستاذ أبي عبد الله بن الرّقام، ولازمه كثيرا.

تواليفه: وله تصانيف وأوضاع منها، ديوان شعره المسمى بالسليمانيات والعربيات وتنشيط الكسل. ومنها شرحه لكرّاسة الفخر، وهو غريب المأخذ، جمع فيه بين طريقتي القدماء والمتأخرين من المنطقيين. وكتابه المسمى ب «الاختيار والاعتبار في الطّب» . وكتابه المسمى ب «التذكرة في الطبّ» .

شعره: وجرى ذكره في التاج المحلّى بما نصه «3» : درّة بين الناس مغفلة، وخزانة على كل فائدة مقفلة، وهدية من الدهر الضّنين لبنيه محتفلة. أبدع من رتّب

ص: 334

التعاليم وعلّمها، وركّض في الألواح قلمها، وأتقن من صور الهيئة ومثّلها، وأسس قواعد البراهين وأثّلها، وأعرف من زاول شكاية، ودفع عن جسم نكاية، إلى غير ذلك من المشاركة في العلوم، والوصول من المجهول إلى المعلوم، والمحاضرة المستفزّة للحلوم، والدّعابة التي ما خلع «1» العذار فيها بالملوم. فما شئت من نفس عذبة الشّيم، وأخلاق كالزهر من بعد الدّيم، ومحاضرة تتحف المجالس والمحاضر، ومذاكرة يروق النواظر «2» زهرها الناضر. وله أدب ذهب في الإجادة كل مذهب، وارتدى من البلاغة بكل رداء مذهب، والأدب نقطة من حوضه، وزهرة من زهرات روضه، وسيمرّ له في هذا الديوان، ما يبهر العقول، ويحاسن بروائه ورائق بهائه الفرند المصقول.

فمن ذلك ما خرّجته من ديوان شعره المسمّى ب «السّليمانيات والعربيات «3» » من النّسيب «4» : [الطويل]

ألا استودع الرحمن بدرا مكمّلا

بفاس من الدرب الطويل مطالعه

وفي «5» فلك الأزرار يطلع «6» سعده

وفي أفق الأكباد تلفى مواقعه

يصيّر مرآه منجّم مقلتي

فتصدق في قطع الرجاء قواطعه

تجسّم من نور «7» الملاحة خدّه

وماء الحيا فيه ترجرج مائعه

تلوّن كالحرباء في خجلاته

فيحمرّ قانيه ويبيضّ ناصعه

إذا اهتزّ غنّى حليه فوق نحره

كغصن النّقا غنّت عليه سواجعه

يذكر حتف الصّبّ عامل قدّه «8»

وتقطف «9» من واو العذار توابعه

أعدّ الورى «10» سيفا كسيف لحاظه

فهذا هو الماضي وذاك يضارعه «11»

ص: 335

ومن أخرى في النّسيب، وتضمّنت التّورية الحسنة «1» :[الطويل]

وصالك هذا أم تحيّة بارق؟

وهجرك أم ليل السّليم «2» لتائق؟

أناديك والأشواق تركض حجرها «3»

بصفحة خدّي من دموع سوابق

أبارق ثغر من عذيب رضابه

قضت مهجتي بين العذيب وبارق

ومنها»

:

فلا تتعبن ريح الصّبا في رسالة

ولا تخجل الطّيف الذي هو «5» طارقي

متى طمعت عيني الكرى بعد بعدكم

فإني في دعوى الهوى غير صادق

قوله: «أبارق ثغر من عذيب رضابه» ينظر إلى قول ابن النبيه في مثل ذلك:

[الكامل]

يلوي على زرد العذار دلاله

كم فتنة بين اللّوى وزرود

ومن قصيدة ثبتت في السليمانيات «6» : [الطويل]

بدا بدر تمّ فوقه الليل عسعسا

وجنّة أنس في صباح تنفّسا

حوى النجم قرطا والدّراري مقلّدا

وأسبل من مسك الذوائب حندسا

كأنّ سنا الإصباح رام يزورنا

وخاف العيون الرامقات فغلّسا

أتى يحمل التوراة ظبيا مزنّرا

لطيف التثنّي أشنب الثّغر ألعسا

وقابل أحبار اليهود بوجهه

فبارك ربّي «7» عليه وقدّسا

ومنها، وتماجن ما شاء، غفر الله له:

رويت ولوعي من «8» ضلوعي مسلسلا

فأصبحت في علم الغرام مدرّسا

نفى النوم عني كي أكون مسهدا

فأصبحت في صيد الخيال مهندسا

غزال من الفردوس تسقيه أدمعي

ويأوي إلى قلبي مثيلا «9» ومكنسا

ص: 336

طغى ورد خدّيه بجنّات صدغه

فأضعفه بالآس نبتا وما أسا

قوله: طغى ورد خديه، البيت، محال على معنى فلاحي، إذ من أقوالهم: أنّ الآس، إذا اغترس بين شجر الورد، أضعفته بالخاصية.

وقال أيضا من قصيدة مهيارية «1» : [الرمل]

نام طفل النّبت في حجر النّعامى

لاهتزاز الطّلّ «2» في مهد الخزامى

وسقى الوسميّ أغصان النّقا

فهوت تلثم أفواه النّدامى

كحّل الفجر لهم جفن الدّجى

وغدا في وجنة الصّبح لثاما

تحسب البدر محيّا ثمل

قد سقته راحة الصبح مداما

حوله الزهر «3» كؤوس قد غدت

مسكة الليل عليهنّ ختاما

يا عليل الريح «4» رفقا علّني

أشف بالسّقم الذي حزت سقاما

وابلغن «5» شوقي عريبا «6» باللّوى

همت في أرض بها حلّوا غراما

فرشوا فيها من الدّرّ حصى

ضربوا فيها من المسك خياما

كنت أشفي غلّة من صدّكم «7»

لو أذنتم لجفوني أن تناما

واستفدت «8» الرّوح من ريح الصّبا

لو أتت تحمل من سلمى سلاما

نشأت للصّبّ منها زفرة

تسكب الدّمع على الرّبع سجاما

طرب البرق مع القلب بها

وبها الأنّات طارحن الحماما

طلل لا تستفي «9» الأذن به

وهو للعينين قد ألقى كلاما

ترك السّاكن لي من وصله

ضمّة الجدران لثما والتزاما «10»

نزعات من سليمان بها

فهم القلب معانيها فهاما

شادن يرعى حشاشات الحشا

حسب حظّي منه أن أرعى الذّماما

ص: 337

وقال من قصيدة أولها في غرض النسيب «1» : [الطويل]

أأرجو أمانا منك واللحظ غادر

ويثبت عقلي «2» فيك والطّرف ساحر؟

أعدّ سليمان أليم عذابه

لهدهد «3» قلبي فهو للبين صائر «4»

أشاهد منه الحسن في كل نظرة

وناظر أفكاري بمغناه «5» ناظر

دعت للهوى أنصار سحر جفونه

فقلبي له عن طيب نفس مهاجر

إذا شقّ عن بدر الدّجى أفق زرّه «6»

فإني بتمويه العواذل كافر

وفي حرم السّلوان طافت «7» خواطري

وقلبي لما في وجنتيه مجاور

وقد ينزع القلب المبلّى «8» لسلوة

كما اهتزّ من قطر الغمامة طائر

يقابل أغراضي بضدّ مرادها

ولم يدر أنّ الضّدّ للضّدّ قاهر

ونار اشتياقي صعّدت مزن أدمعي

فمضمر سرّي فوق خدّي ظاهر

وقد كنت باكي العين والبين غائب

فقل لي كيف «9» الدمع والبين حاضر

وليس النّوى بالطبع مرّا وإنما

لكثرة ما شقّت عليه المرائر

ومنها في وصف ليلة «10» :

وزنجيّة فات الكؤوس بنحرها

قلائد ياقوت عليها الجواهر

ولا عيب فيها غير أنّ ذبالها

يقطّب فتبدو للكؤوس «11» سرائر

تجنّبت فيها نيل كل صغيرة

وقد غفرت فيها لديّ الكبائر

ومن السّليمانيات من قصيدة «12» : [الكامل]

يا بارقا، قاد الخيال فأومضا

اقصد بطيفك مدنفا قد غمّضا

ذاك الذي قد كنت تعهد نائما

بالسّهد من بعد الأحبّة عوّضا

ص: 338

لا تحسبنّي معرضا عن طيفه

لكن منامي عن جفوني أعرضا

عجب الوشاة لمهجتي أن لم تذب

يوم النّوى وتشكّكت فيما مضى

ومنها:

خفيت لهم من سرّ صبري آية

ما فهّمت إلّا سليمان الرّضا

لله درّك ناهجا سبل الهوى

فلمثله أمر الهوى قد فوّضا

أمّنت نملا فوق خدّك سارحا

وسللت سيفا من جفونك منتضى

ومن الأمداح قوله من قصيدة «1» : [الطويل]

حريص على جرّ الذوائب والقنا

إذا كعّت «2» الأبطال والجوّ عابس

وتعتنق الأبطال لولا سقوطها

لقلت لتوديع أتته الفوارس

إذا اختطفتهم كفّه فسروجهم

مجال وهم في راحتيه فرائس

وقال يمدح السلطان أمير المسلمين أبا الوليد بن «3» نصر عند قدومه من فتح أشكر «4» من قصيدة أولها «5» : [الطويل]

بحيث البنود الحمر والأسد الورد

كتائب، سكّان «6» السماء لها جند

وتحت لواء النصر ملك هو الورى «7»

تضيق به الدنيا إذا راح أو يغدو

تأمّنت الأرواح في ظلّ بنده

كأنّ جناح الروح «8» من فوقه بند

فلو رام إدراك النجوم لنالها

ولو همّ لانقادت له «9» السّند والهند

ص: 339

بعيني بحر النّقع تحت أسنّة

تنمنمه وهنا كما نمنم البرد

سماء عجاج والأسنّة «1» شهبها

ووقع القنا رعد إذا برق الهند

وفي وصف آلة النّفط:

وظنّوا بأنّ الرعد والصّعق في السما

فحاق بهم من دونها الصّعق والرعد

عجائب «2» أشكال سما هرمس بها

مهندمة «3» تأتي الجبال فتنهدّ

ألا إنّها الدنيا تريك عجائبا

وما في القوى منها فلا بدّ أن يبدو

وكتب وهو معتقل بسبب عمل تولّاه جحدرية أولها «4» : [الطويل]

تباعد عني منزل وحبيب

وهاج اشتياقي والمزار قريب

وإني على قرب الحبيب مع النوى

يكاد إذا اشتدّ الأنين يجيب

لقد بعدت عني ديار قريبة

عجبت لجار الجنب وهو غريب

ومنها:

أعاشر قوما «5» ما تقرّ نفوسهم

فللهمّ فيها عند ذاك ضروب

إذا شعروا من جارهم بتأوّه

أجابته منهم زفرة ونحيب

فلا ذاك يشكو همّ هذا تأسّفا

لكلّ امرئ مما دهاه نصيب

كأني في غاب الليوث مسلّما «6»

يروّعني منها الغداة وثوب

تحكّم فينا «7» الدهر والعقل حاضر

بكلّ قياس والأديب أريب «8»

ولو مال بالجهّال ميلته بنا

لجاء بعذر، إنّ ذا لعجيب

رفيق بمن لا ينثني عن جريمة

بطوش بمن ما أوبقته «9» ذنوب

وتطمعنا «10» منه بوارق خلّب

نقول «11» : عساه يرعوي ويتوب «12»

إذا ما تشبّثنا بأذيال برده

دهتنا إذا جرّ الذيول «13» خطوب

أدار علينا صولجانا ولم يكن

سوى أنه بالحادثات لعوب

ص: 340

ومنها:

أيا دهر، إني قد سئمت تهدّفي

أجرني فإنّ السّهم منك مصيب

إذا خفق البرق الطروق أجابه

فؤادي ودمع المقلتين سكوب

وإن طلع الكفّ الخضيب بسحره «1»

فدمعي بحنّاء الدماء خضيب

تذكّرني الأسحار دارا ألفتها

فيشتدّ حزني والحمام طروب

إذا علقت نفسي بليت وربما

تكاد تفيض أو تكاد تذوب

دعوتك ربّي والدعاء ضراعة

وأنت تناجى بالدعا فتجيب

لئن كان عقبى الصبر فوزا وغبطة

فإني على الصبر الجميل دروب

وبعثت إليه هدية من البادية، فقال يصف منها ديكا، وكتب بذلك، رحمة الله عليه «2» :[المنسرح]

أيا صديقا جعلته سندا

فراح فيما أحبّه وغدا

طلبت منكم صريدكا «3» خنثا

وجّهتموني «4» مكانه لبدا

صيّر مني مؤرخا ولكم

ظللت في علمه من البلدا

قلت له: آدم أتعرفه؟

قال: حفيدي بعصرنا ولدا

نوح وطوفانه رأيتهما؟

قال: علونا لفيضه «5» أحدا

فقلت: هل لي بجرهم خبر؟

فقال: قومي وجيرتي السّعدا

فقلت: قحطان هل مررت به؟

قال: نفثنا ببرده العقدا

فقلت: صف لي سبا وساكنها

فعند هذا تنفّس الصّعدا

وقال «6» : كم لي بدجنهم سحرا

من صرخة لي وللنؤوم «7» هدا

فقلت: هاروت هل سمعت به؟

فقال: ريشي لسحره «8» نفدا

فقلت: كسرى وآل شرعته؟

فقال: كنّا بجيشه وفدا

ولّوا وصاروا وها أنا لبد «9» ؟

فهل رأيتم من فوقهم أحدا؟

ص: 341

ديك إذا ما انثنى لفكرته

رأى وجودا «1» طرائقا قددا «2»

يرفل في طيلسانه ولها

قد صيّر الدهر لونه كمدا

إذا دجا الليل غاب هيكله

كأنّ حبرا عليه قد جمدا

كأنما جلّنار لحيته

برجان حازا عن الهواء مدا

كأنّ حصنا علا بهامته

أعدّه للقتال فيه عدا

يرنو بياقوتتي لواحظه

كأنما اللحظ منه قد رمدا

كأنّ منجالتي ذؤابته «3»

قوس سماء «4» من أجله بعدا

وعوسج مدّ من مخالبه

طغى بها في نقاره وعدا

فذاك ديك جلّت محاسنه

له صراخ بين الدّيوك غدا «5»

يطلبني بالذي فعلت به

فكم فللنا بلبّتيه مدى

وجّهته محنة لآكله

والله ما كان ذاك منّي «6» سدى

ولم نزل بعد نستعدي عليه بإقراره بقتله، ونطلبه بالقود عند تصرفه في «7» العمل، فيوجه الدّيّة لنا في ذلك رسائل.

ومن شعره في غرض الحسن بن هانىء «8» : [الطويل]

طرقنا ديور القوم وهنا وتغليسا

وقد شرّفوا الناسوت إذ عبدوا عيسى

وقد رفعوا الإنجيل فوق رؤوسهم

وقد قدّسوا الروح المقدّس تقديسا

فما استيقظوا إلّا لصكّة بابهم

فأدهش رهبانا وروّع قسّيسا

وقام بها البطريق يسعى ملبّيا

وقد ليّن «9» الناقوس رفقا «10» وتأنيسا

ص: 342

فقلنا له: آمنّا «1» فإنّا عصابة

أتينا لتثليث وإن شئت تسديسا «2»

وما قصدنا إلّا الكؤوس وإنما

لحنّا له في القول خبثا وتدليسا «3»

ففتّحت الأبواب بالرحب منهم

وعرّس طلاب المدامة تعريسا «4»

فلما رأى زقّي «5» أمامي ومزهري

دعاني: أتأنيسا «6» لحنت وتلبيسا؟

وقام إلى دنّ يفضّ ختامه

فكبّس أجرام الغياهب تكبيسا «7»

وطاف بها رطب البنان مزنّر

فأبصرت عبدا صيّر الحرّ مرءوسا

سلافا حواها القار لبسا فخلتها

مثالا من الياقوت في الحبر مغموسا «8»

إلى أن سطا بالقوم سلطان نومهم

ورأس قتيل «9» الشمع نكّس تنكيسا

وثبت إليه بالعناق فقال لي:

بحقّ الهوى هب لي من الضّمّ تنفيسا

كتبت بدمع العين صفحة خدّه

فطلّس حبر الشعر كتبي تطليسا

فبئس الذي احتلنا وكدنا عليهم

وبئس الذي قد أضمروا قبل ذا بيسا

فبتنا يرانا الله شرّ عصابة

نطيع «10» بعصيان الشريعة إبليسا

وقال بديهة في غزالة من النحاس على بركة في محل طلب منه ذلك فيه «11» :

[الكامل]

عنّت لنا من وحش وجرة ظبية

جاءت لورد الماء ملء عنانها

وأظنّها إذا حدّدت آذانها

ريعت بنا فتوقفت بمكانها

حيّت بقرني رأسها إذ لم نجد «12»

يوم اللقاء تحية «13» ببنانها

حنّت على النّدمان من إفلاسهم

فرمت قضيب لجينها لحنانها

لله درء غزالة أبدت لنا

درّ الحباب تصوغه بلسانها

ص: 343