الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصقعا، منقطع القرين في عصره، منفردا عن النّظير في مصره، عزيزا، أنوفا، فاضلا، صالحا، خيّرا، شريف النفس، منقبضا، وقورا، صموتا، حسن المعاشرة، طيب المحادثة.
مشيخته: حدّث عن والده الشيخ الراوية أبي عبد الله، وعن الأستاذ ابن يربوع. ولقي بإشبيلية الأستاذ أبا الحسن الدبّاج، ورئيس النحاة أبا علي الشّلوبين، وغيرهما.
شعره: ومن شعره، وإن كان غير كثير، قوله:[الخفيف]
شرّد النوم عن جفونك وانظر
…
كلمة توقظ النفوس النّياما
فحرام على امرئ يشاهد
…
حكمة الله أن يلذّ المناما
وقوله: [الرمل]
ليس للمرء اختيار في الذي
…
يتمنّى من حراك وسكون
إنّما الأمر لربّ واحد
…
إن يشا «1» قال له: كن فيكون
وفاته: توفي في المحرم من عام ستين وستمائة، ودفن بمقبرة باب إلبيرة.
وحضر جنازته الخاصة والعامة، السلطان فمن دونه، وكلّ ترحّم عليه، وتفجّع له.
حدّثني حافده شيخنا، قال: أخرج الغالب بالله، يوم وفاته، جبّة له، لبسته مرفوعة، من ملفّ أبيض اللون، مخشوشنة، زعم أنها من قديم مكسبه من ثمن مغنم ناله، قبل تصيّر الملك إليه، أمر ببيعها، وتجهيزه من ثمنها، ففعل، وفي هذا ما لا ما مزيد عليه من الصّحة والسلامة، وجميل العهد، رحم الله جميعهم.
يوسف بن علي الطرطوشي، يكنى أبا الحجاج
«2»
حاله: من «العائد» : كان، رحمه الله، من أهل الفضل والتواضع، وحسن العشرة، مليح الدّعابة، عذب الفكاهة، مدلّا على الأدب جدّه وهزله، حسن الخط، سلس الكتابة، جيّد الشعر، له مشاركة في الفقه وقيام على الفرائض. كتب بالدار السلطانية، وامتدح الملوك بها، ثم توجّه إلى العدوة، فصحب خطة القضاء عمره، مشكور السيرة، محفوفا بالمبرّة.
وجرى ذكره في «الإكليل» بما نصّه «1» : روض أدب لا تعرف الذّواء «2» أزهاره، ومجموع فضل لا تخفى آثاره، كان في فنون الأدب مطلق الأعنّة، وفي معاركه ماضي الظّبا والأسنّة. فإن هزل، وإلى تلك الطريقة اعتزل، أبرم من الغزل «3» ما غزل، وبذل من دنان راحته ما بذل «4» . وإن صرف إلى المعرب «5» غرب «6» لسانه، وأعاره لمحة من إحسانه، أطاعه عاصيه، واستجمعت لديه أقاصيه. ورد على الحضرة الأندلسية والدنيا شابّة، وريح القبول هابّة، فاجتلى محاسن أوطانها، وكتب عن سلطانها. ثم كرّ إلى وطنه»
وعطف، وأسرع اللحاق كالبارق إذا خطف. وتوفي عن سنّ عالية، وبرود من العمر بالية «8» .
ومن شعره أيام حلوله بهذه البلاد، قوله يمدح الوزير ابن الحكيم، ويلمّ بذكر السّلم في أيامه:[البسيط]
رضاكم إن مننتم خير مرهوب
…
وما سوى هجركم عندي بموهوب
لكم كما شئتم العتبى وعتبكم
…
مقابل الرضى من غير تثريب
منوا بلحظ رضى لي ساعة فعسى
…
أنال منه لدهري طبّ مطبوب
فكم أثارت لي الأيام وابتسمت
…
ثغور سعدي بتقريب فتقريب
قد كنّ بيضا رعابيبا بقربكم
…
والآن يوصفن بالسّود الغرابيب
آها لدهر تقضّى لي بباكم
…
مرتّب للأماني أيّ ترتيب
ما كان إلّا كأحلام سررت بها
…
فواصلت حال تقويض بتطنيب
يا ليت شعري هل تقضى بعودته
…
فأقدر الحسن منه بعد تجريب؟
ومنها:
يا أيها السيد الأعلى الذي يده
…
حازت ندى السّحب مسكوبا بمسكوب
فلو سألنا بلاد الله عن كرم
…
فيها لكفّيه والأنواء منسوب
لقلن: إن كان جود لا يضاف لذي ال
…
وزارتين فجود غير محسوب
فالعود جنس ولكن في إضافته
…
للهند يختصّ عود الهند بالطّيب
من سيّد لا يوفّي الحمد واجبه
…
ولو تواصل مكتوبا بمكتوب
له المحامد لا تحصى ولا عجب
…
فرمل عالج «1» شيّ غير محسوب
تناول الشّرف الأقصى بعزمة ذي
…
ظنّ نبيل الأماني غير مكذوب
وواصل المجد من آياته شرفا
…
بمجده وصل أنبوب بأنبوب
وجاء مكتسبا أعلى ذخائره
…
والمجد ما بين موروث ومكسوب
ردء الخليفة لا يرتاح من نصب
…
في بذل نصح لحفظ قائم «2» منصوب
موفّق الرأي مأمون النّقيبة في
…
تدبير ذي حنكة صحّت وتدريب
تهابه النفس إذ ترجوه من شرف
…
فشأنه بين مرهوب ومرغوب
ومنها:
يا أوحد العصر في فضل وفي كرم
…
خصال قاطع دهر «3» في التّجاريب
أعد فديت لأمري منعما نظرا
…
ينل به همّ حالي بعض تشبيب
لولا ارتكاب حسود الأمر «4» في ضرري
…
ما كان ظهر النّوى عندي بمركوب
هذا زماني ومنك الأمن حاربني
…
حتى أراني في حالات محروب
فامنن بتفريج كربي بالرضا فإذا
…
رضيت لم أك من شيء بمكروب
إن لم أذق من رضاكم ما ألذّ به
…
فلا حياة بمأكول ومشروب
ومن شعره: [المتقارب]
بذكرك تشرح آي العلا
…
وتسند أخباره في الصحيح
بأفقك يشرق بدر السّنا
…
وباسمك يحسن نظم المديح
وما يحسن العقد إلّا إذا
…
تحلّت به ذات وجه مليح
وفاته: كان حيّا عام أحد وأربعين وسبعمائة.