الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مولده: سنة أربع وثمانين وثلاثمائة بقرطبة.
وفاته: توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة «1» .
علي بن إبراهيم بن علي الأنصاري المالقي
«2»
يكنى أبا الحسن، صاحبنا حفظه الله.
حاله: آية الله في الحفظ، وثقوب الذهن، والنجابة في الفنون، وفصاحة الإلقاء، خريج طبعه، وتلميذ نفسه، ومبرز اجتهاده. إمام في العربية، لا يشقّ فيها غباره حفظا وبحثا وتوجيها واطلاعا وعثورا على سقطات الأعلام، ذاكر للغات والآداب، قائم على التفسير، مقصود للفتيا، عاقد للوثيقة، مشارك في الفنون، ينظم وينثر، فلا يعدو الإجادة والسّداد، سليم الصدر، أبيّ النفس، كثير المشاركة، مجدي الصّحبة، بعيد عن التّسمّت. رحل عن بلده مالقة بعد التبريز في العدالة والشهرة بالطلب، واستقرّ بالمغرب، فأقرأ بمدينة أنفا، منوّها به، ثم بسلا، واستوطن بها، رئيس المدرسة بها، مجمهرا بكرسيّها، فارعا بمنبرها بالواردة السلطانية، يفسر كتاب الله بين العشاءين، شرحا كثير العيون، محذوف الفضول، بالغا أقصى مبالغ الفصاحة، مسمعا على المحال النّابية، ويدرس من الغدوات بالمدرسة، دولا في العربية والفقه، أخذه بزمام النبل، مترامية إلى أقصى حدود الاضطلاع. وحضر المناظرة بين يدي السلطان، فاستأثر بشقص «3» من رعيه، وأعجب بقوة جأشه، وأصالة حفظة، فأنمى جراياته، ونوّه به.
مشيخته: قرأ ببلده على الأستاذين، علمي القطر؛ القاضي العالم أبي عبد الله ابن تبر، والقاضي النظار أبي عمرو بن منظور. وتلا القرآن على المقرئ أبي محمد بن أيوب. وذاكر بغرناطة إمام العربية أبا عبد الله بن الفخّار ورئيس الكتاب شيخنا أبا الحسن ابن الجيّاب. وبالمغرب كثيرا من أعلامه، كالرئيس أبي محمد الحضرمي، والقاضي أبي عبد الله المقرئ وغيرهما «4» . وهو الآن بحاله الموصوفة قاضيا بشرقي مالقة، وأستاذا بها متكلما، معجز من مفاخر قطره.
شعره: مما يؤثر من شعره منقولا من خطّ صاحبنا أبي الحسن بن الحسن:
[البسيط]
رحماك رحماك في قلب يقلّبه
…
شوق يكاد بلفح الوجد يذهبه
هام الفؤاد بمعنى للجمال بدا
…
عليك في السّرّ للأرواح أعجبه
ولاح منك لذي الإشراف جوهرة
…
ألاحت الحسن عمّا كان يحجبه
فلو هم الصّحب أن الرّوح تيّمها
…
ماضي الجفون برود الثّغر أشنبه
يظلّ معتقلا من خوط قامته
…
بأسمر غالني منه مؤرّبه
وذي فرند يدبّ الموت في شطب
…
منه ويوحش في جنح تلهّبه
يخاله ذو الصّدا ماء فيبصره
…
يودّ في الحال أن لو كان يشربه
بالهندوانيّ والذي «1» توشّجه
…
وبالصّبابة والأرواح ملعبه
كساه سرّ الجمال المحض حلّته
…
إذ جاده من نكوب الجود صيّبه
وقام يرفل فيها وهي ضافية
…
فأقبلت نحوه الأرواح تطلبه
هيهات من دونه باب بظاهره
…
يجر الفناء «2» وجند الروح يرهبه
فمرنا والموت فيه عين عيشته
…
فأوج مرقى حياة الروح مرقبه
نيدت لوائحه من بحر جوهره
…
برقا يغير على الغيران خلّبه
وتستعير له روحا مظاهره
…
سرّ الجمال بها يبدو تحجّبه
بدر وفي أفق الأرواح مطلعه
…
مهما أفاقت وإلّا فهي مغربه
بخاطر منه سرّ لا يفارقه
…
وإن غدا بغرام الشوق يلهبه
لي هواه والبعد ينهاني ويصدقني
…
في نصحه وصريح الوجد يكذبه
سرّ الغرام غريب ليس يعلمه
…
إلّا الذي قد غدا يرضيه مغضبه
وللصّبابة أقوام وموردهم
…
بها من الأنس أحلاه وأعذبه
وليس يعرف هذا حقّ معرفة
…
إلّا الذي قد تجلّى عنه غيهبه
وأبصر الحسن قد لاحت لوائحه
…
وغرّ مستبشر الأضواء كوكبه
بذات أهيف من سرّ الحياة «3»
…
طرس يغالبه طورا فيغلبه
وفي لجين الجمال المحض قد فعلت
…
فعلا يردّ لها في الحكم مذهبه
أروم إعجامه هونا وتطمعني
…
فيه النّفاسة والأنفاس تعرفه
فمن لمثلي بكتمان ومن نفسي
…
أخو بيان مع الساعات يسهبه
لبانة السّرّ أن تحظى بمرقبة
…
إلى سبيل من الزّلفى تقرّبه
تسمو على منكب الجوزاء ذروتها
…
عن رقّة بشهود الفرق تسلبه
وفي مصافّات سرّ القبض يبسطه
…
لدى الوجود الذي قد عزّ مطلبه
فيرتقي في مراقي الجمع مختطفا
…
إلى المقام الذي إليه «1» بغيته
فذاك أعظم ما يرجوه أن سبقت
…
عنّا يد نحو باب العزّ تجذبه
ومن منظومه في النسيب قوله: [الكامل]
لمحمد البرقاء حسن باهر
…
كلّ الورى حلف الصّبابة فيه
السّحر مفتون بغنج لحاظه
…
والشّهد ممزوج بريق «2» فيه
فسحره أضنى المتيّم في الهوى
…
حتى يكاد سقامه يخفيه
ولو انه بالشّهد جاد ورشفه
…
لصد لكان من الصّدا يشفيه
بصدوده قلبي يقطّع في الهوى
…
يا ليته بوصاله رافيه
وصدّر كتابا بقوله يخاطبني»
: [الوافر]
أنسيانا فديتك يا حياتي
…
لمن لم ينس «4» حبّك للممات
ورجما بالظنون أخا حنين
…
إليك رهين «5» شوق وانبتات
يمينا بالنهار إذا تجلّى
…
وبالقمر المنير وبالآيات «6»
لقد أحللت حبّك من فؤادي
…
محلّ الروح من بثّ الجهات «7»
وشعره بديع، وإدراكه عجيب، وعارضته قوية.