المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا - الإحاطة في أخبار غرناطة - جـ ٤

[لسان الدين بن الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌[تتمة قسم الثانى]

- ‌ومن الغرباء

- ‌عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن بن محمد ابن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد الحضرمي

- ‌عبد المهيمن بن محمد الأشجعي البلّذوذي

- ‌عبد العزيز بن عبد الواحد بن محمد الملزوزي

- ‌ومن العمّال

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز الأسدي العراقي

- ‌عبد القادر بن عبد الله ابن عبد الملك بن سوّار المحاربي

- ‌ومن الزهّاد والصلحاء وأولا الأصليون

- ‌عبد الأعلى بن معلا

- ‌عبد المنعم بن علي بن عبد المنعم بن إبراهيم ابن سدراي بن طفيل

- ‌ومن الطارئين وغيرهم

- ‌عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن فتح ابن سبعين العكّي

- ‌دعواه وإزراؤه:

- ‌وفيما يسمى بإحدى عيون الإسلام من الأسماء العينية وهم عتيق وعمر وعثمان وعلي، وأولا الأمراء والملوك وهم ما بين طارىء وأصلي وغريب

- ‌دخوله غرناطة وإلبيرة:

- ‌عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة التجيبي

- ‌ومن الغرباء

- ‌عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن

- ‌علي بن حمود بن ميمون بن حمود بن علي بن عبيد الله ابن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن علي ابن أبي طالب

- ‌علي بن يوسف بن تاشفين بن ترجوت

- ‌ظهور الموحدين في أيامه:

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عتيق بن زكريا بن مول التجيبي

- ‌عمر بن يحيى بن محلّى البطّوي

- ‌عامر بن عثمان بن إدريس بن عبد الحق

- ‌علي بن بدر الدين بن موسى بن رحّو بن عبد الله ابن عبد الحق

- ‌علي بن مسعود بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن مسعود المحاربي

- ‌علي بن لب بن محمد بن عبد الملك ابن سعيد العنسي

- ‌علي بن يوسف بن محمد بن كماشة

- ‌عثمان بن إدريس بن عبد الله بن عبد الحق بن محيو

- ‌القضاة الأصليون

- ‌عتيق بن أحمد بن محمد بن يحيى الغساني

- ‌علي بن محمد بن توبة

- ‌علي بن عمر بن محمد بن مشرف بن محمد بن أضحى ابن عبد اللطيف بن الغريب بن يزيد بن الشمر ابن عبد شمس بن الغريب الهمداني

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌عثمان بن يحيى بن محمد بن منظور القيسي

- ‌علي بن أحمد بن الحسن المذحجي

- ‌علي بن عبد الله بن الحسن الجذامي النّباهي المالقي

- ‌المقرئون والعلماء

- ‌علي بن أحمد بن خلف بن محمد بن الباذش الأنصاري

- ‌علي بن محمد بن دري

- ‌علي بن عمر بن إبراهيم ابن عبد الله الكناني القيجاطي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدي

- ‌عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الأموي

- ‌علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح ابن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد

- ‌علي بن إبراهيم بن علي الأنصاري المالقي

- ‌علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي

- ‌الكتاب والشعراء وأولا الأصليون منهم

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان ابن حسن الأنصاري

- ‌علي بن عبد الرحمن بن موسى بن جودي القيسي

- ‌ومن الطارئين

- ‌عمر بن خلاف بن سليمان بن سلمة

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عمر الغساني

- ‌علي بن محمد بن علي بن البنا

- ‌علي بن محمد بن علي العبدري

- ‌علي بن عبد العزيز ابن الإمام الأنصاري

- ‌أخباره في الجود والجلالة:

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الجذامي

- ‌علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري

- ‌علي بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌ومن الطارئين والغرباء

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد الخشني

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني

- ‌علي بن صالح بن أبي الليث الأسعد بن الفرج بن يوسف

- ‌علي بن أبي جلّا المكناسي

- ‌علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن علي ابن سمحون الهلالي

- ‌علي بن محمد بن عبد الحق الزرويلي

- ‌علي بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد الله ابن يحيى بن عبد الله بن يحيى الغافقي

- ‌محنته ودخوله غرناطة:

- ‌علي بن عبد الله بن محمد ابن يوسف بن أحمد الأنصاري

- ‌عمر بن علي بن غفرون الكلبي

- ‌علي بن يحيى الفزاري

- ‌الزهاد والصلحاء والصوفية والفقراء

- ‌عتيق بن معاذ بن عتيق بن معاذ بن سعيد بن مقدم بن سعيد بن يوسف بن مقدم اللخمي

- ‌علي بن علي بن عتيق بن أحمد بن محمد ابن عبد العزيز الهاشمي

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن عثمان الأشعري

- ‌ومن الطارئين

- ‌علي بن عبد الله النميري الششتري

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌عامر بن محمد بن علي الهنتاني

- ‌ومن الطارئين في القضاة والغرباء

- ‌عاشر بن محمد بن عاشر بن خلف بن رجا ابن حكم الأنصاري

- ‌عياض بن محمد بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي

- ‌عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى ابن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى ابن عياض اليحصبي

- ‌عقيل بن عطية بن أبي أحمد جعفر بن محمد ابن عطية القضاعي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن محمد التميمي ثم العبادي الجاهلي

- ‌ومن الأصليين من ترجمة المحدّثين الفقهاء والطلبة النجباء

- ‌عيسى بن محمد بن أبي عبد الله بن أبي زمنين المرّي

- ‌عيسى بن محمد بن عيسى بن عمر بن سعادة الأموي

- ‌غالب بن أبي بكر الحضرمي

- ‌ومن المقربين

- ‌غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام ابن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن خفاف ابن أسلم بن مكتوم المحاربي، أبو بكر

- ‌غالب بن حسن بن غالب بن حسن بن أحمد بن يحيى ابن سيد بونه الخزاعي

- ‌غالب بن علي بن محمد اللخمي الشقوري

- ‌فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر

- ‌فرج بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌الفتح بن علي بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المشهور

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌فرج بن قاسم بن أحمد بن لب التغلبي

- ‌ومن الصوفية والصلحاء

- ‌فضل بن محمد بن علي بن فضيلة المعافري

- ‌ومن العمال الأثرا

- ‌فلّوج العلج

- ‌ومن المقرئين والعلماء

- ‌قاسم بن عبد الله بن محمد الشّاط الأنصاري

- ‌قاسم بن عبد الكريم بن جابر الأنصاري

- ‌قاسم بن يحيى بن محمد الزّروالي

- ‌ومن الكتّاب والشعراء

- ‌قرشي بن حارث بن أسد بن بشر بن هندي بن المهلب ابن القاسم بن معاوية بن عبد الرحمن الهمداني

- ‌قاسم بن محمد بن الجد العمري

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء والطلبة النجباء

- ‌قاسم بن أحمد بن محمد بن عمران الحضرمي

- ‌قاسم بن خضر بن محمد العامري

- ‌سوّار بن حمدون بن عبدة بن زهير بن ديسم بن قديدة ابن هنيدة

- ‌حاله وبعض آثاره وحروبه:

- ‌مبدأ أمره وحروبه وشعره:

- ‌سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الخليفة بقرطبة

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان

- ‌سعيد بن سليمان بن جودي السّعدي

- ‌ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌سهل بن محمد بن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم ابن مالك الأزدي

- ‌سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن أحمد ابن عبد السلام الحميري الكلاعي

- ‌ومن القضاة في هذا الحرف

- ‌سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني

- ‌ومن المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء بين أصلي وغيره:

- ‌سعيد بن محمد بن إبراهيم بن عاصم بن سعيد الغساني

- ‌ومن الكتاب والشعراء

- ‌سهل بن طلحة

- ‌سالم بن صالح بن علي بن صالح بن محمد الهمداني

- ‌هشام بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله

- ‌ومن ترجمة الأعيان والكبرا والأماثل والوزرا

- ‌هاشم بن أبي رجاء الإلبيري

- ‌يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي

- ‌رئيس الغزاة ويعسوب الجند الغربي:

- ‌من كان على عهده من الملوك:

- ‌يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة ابن نافع الفهري

- ‌ومن غير الأصليين

- ‌يحيى بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عزفة اللخمي

- ‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا

- ‌يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن توقورت بن وريابطن ابن منصور بن مصالة بن أمية بن وايامى الصنهاجي ثم اللمتوني

- ‌يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر

- ‌يوسف بن عبد المؤمن بن علي

- ‌يوسف بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو

- ‌يعقوب بن عبد الحق بن محيو بن بكر بن حمامة ابن محمد بن رزين بن فقوس بن كرناطة بن مرين

- ‌الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء

- ‌يحيى بن رحو بن تاشفين بن معطي بن شريفين

- ‌يحيى بن طلحة بن محلّى البطوي، الوزير أبو زكريا

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن الحكيم اللخمي

- ‌يحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق

- ‌يوسف بن هلال

- ‌ومن القضاة الأصليين وغيرهم

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن كثير بن وسلاسن ابن سمال بن مهايا المصمودي

- ‌يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري

- ‌يحيى بن عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري

- ‌يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد ابن أبي الأحوص القرشي الفهري

- ‌يوسف بن موسى بن سليمان بن فتح بن أحمد ابن أحمد الجذامي المنتشاقري

- ‌ومن المقرئين

- ‌يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي

- ‌يحيى بن عبد الكريم الشنتوفي

- ‌يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن محمد بن قاسم ابن علي الفهري

- ‌ومن الكتّاب والشعراء بين أصلي وغيره:

- ‌يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري

- ‌ومن ترجمة الشعراء من السفر الأخير وهو الثاني عشر المفتتح بالترجمة بعد

- ‌يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد السلام التطيلي الهذلي

- ‌يحيى بن بقي

- ‌يوسف بن محمد بن محمد اليحصبي اللوشي، أبو عمر

- ‌يوسف بن علي الطرطوشي، يكنى أبا الحجاج

- ‌ومن ترجمة المحدّثين والفقهاء وسائر الطلبة النجباء:

- ‌يحيى بن محمد بن عبد العزيز بن علي الأنصاري

- ‌ومن العمال

- ‌يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف ابن رضوان بن يوسف بن رضوان بن محمد بن خير بن أسامة الأنصاري النّجاري

- ‌ومن ترجمة الزهاد والصلحاء

- ‌يحيى بن إبراهيم بن يحيى البرغواطي

- ‌[ترجمة ابن الخطيب]

- ‌ذكر بعض ما صدر لي من التشريعات الملوكية أيام تأبّشي بهذه الغرور

- ‌المقطوعات المشتملة على الأغراض العديدة

- ‌ومن المقطوعات أيضا:

- ‌ومن الأوصاف وما يرجع إليها

- ‌ومن أغراض الإشارات الصوفية وغيرها من الوعظ والجدّ والحكم، ولعلّ ذلك ماحيا لما تقدّمه بفضل الله

- ‌رسالة السياسة

- ‌فهارس الإحاطة

- ‌فهرس تراجم الأعلام

- ‌فهرس الكنى والألقاب

- ‌فهرس الكتب والمؤلّفات

- ‌فهرس الأماكن والبقاع

- ‌فهرس القوافي

- ‌فهرس الأرجاز

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا

‌يحيى بن علي بن غانية الصحراوي، الأمير أبو زكريا

«1»

حاله: كان بطلا شهما حازما، كثير الدهاء والإقدام، والمعرفة بالحروب، مجمعا على تقدمه. نشأ في صحبة الأمير بقرطبة محمد ابن الحاج اللّمتوني وولّاه مدينة إستجة، فهي أول ولايته. وليها يحيى، وتزوج محمد بن الحاج أمّه غانية بعد أبيه وكفله، وأقام معه بقرطبة، إلى أن كان من محمد ابن الحاج ما كان من مداخلة أشياخ مسّوفة على خلع محمد بن يوسف بن تاشفين عن الأمر، وصرف البيعة إلى يحيى الحفيد، الوالي في ذلك العهد بمدينة فاس، ولم يتمّ له الأمر، فأجلي عن نكبته. وانفصل يحيى بن غانية عن جماعته، وأقام متصرّفا في الحروب، معروف الحق والغناء، إلى أن اشتهرت بسالته وديانته، ورغب يديّر بن ورقا، صاحب بلنسية، من السلطان في توجيهه إليه، ليستعين به على مدافعة العدوّ، فأجيب إلى ذلك.

فوصل يحيى بلنسية، وأقام بها ذابّا عن المسلمين، إلى أن توفي يدّير بن ورقا، فولّاه علي بن يوسف إياها وشرق الأندلس، فظهر غناؤه وجهاده، وهزم الله بها ابن رذمير الطّاغية منازلا إفراغة على يده، فطار ذكره، وعظم صيته، واشتهر سعده، وأسل عن البيضة دفاعه.

أخبار عزمه: حكي عنه أنه تزوج في فتوّته امرأة من قومه شريفة جميلة، وقرّ بها عينا، ثم تركها وطلّقها، فسئل عن ذلك، فقال: والله ما فارقتها عن خلّة تذمّ، ولكن خفت أن أشتغل بها عن الجهاد. ولم يزل يدافع النصارى عن المسلمين بالأندلس، فهزم ابن رذمير، وأقلع محلاتهم عن مدينة الأشبونة، واستمسك به حال الأندلس. وولّي قرطبة وما إليها من قبل تاشفين بن علي بن يوسف، عام ثمانية وثلاثين وخمسمائة، فاستقامت الأمور بحسن سيرته، وظهور سعده، إلى صفر من عام تسعة وثلاثين. وكانت ثورة ابن قسي باكورة الفتنة. ولما خرج إلى لبلة، ثار ابن حمدين بقرطبة دار ملكه في رمضان من العام، واستباح قصره، وانطلقت الأيدي على قومه، وتمّ له الأمر. وبلغ يحيى الخبر، فرجع أدراجه إلى إشبيلية، فثار به أهلها، وناصبوه الحرب وأصابوه بجراحة، فلجأ إلى حصن مرجانة، فأقام به يصابر الهول، ويرقّع القنن. ثم تحرّك إليه جيش ابن حمدين، وكانت بينهما وقيعة انهزم فيها ابن حمدين، واستولى ابن غانية على قرطبة، في شعبان من عام أربعين، وتحصّن ابن حمدين بأندوجر ممتنعا بها. ونهض يحيى إلى منازلته، فاستعان ابن حمدين بملك

ص: 300

قشتالة، وأطمعه في قرطبة، فتحرّك إلى نصرته. ولما وصل أندوجر، أعذر يحيى في الدفاع والمصابرة، ثم انصرف بالجيش إلى قرطبة، وأخذ العدوّ في آثارهم، صحبة مستغيثه ابن حمدين. فنازل قرطبة، وامتنع ابن غانية بالقصر ومائليه من المدينة.

وأدخل ابن حمدين النصارى قرطبة في عاشر ذي الحجة من عام أربعين، فاستباحوا المسجد، وأخذوا ما كان به من النواقيس «1»

، ومزقوا مصاحفه، ومنها زعموا مصحف عثمان، وأنزلوا المنار من الصّومعة، وكان كله فضّة، وحرقت الأسواق، وأفسدت المدينة، وظهر من صبر ابن غانية، وشدّة بأسه، وصدق دفاعه، ما أيأس منه. وكان من قدر الله، أن بلغ طاغية الروم يوم دخولهم قرطبة، اجتياز الموحّدين إلى الأندلس، فأجال طاغيتهم قداح الرأي، فاقتضى أن يهادن ابن غانية، ويتركه بقرطبة في نحر عدوّه من الموحدين، سدّا بينهم وبين بلاده. فعقدت الشروط، ونزل إليه ابن غانية فعاقده، واستحضر له أهل قرطبة، وقال لهم: أنا قد فعلت معكم من الخير، ما لم يفعله من قبلي، غلبتكم في بلدكم وتركتكم رعيّة لي، وقد ولّيت عليكم يحيى بن غانية، فاسمعوا له وأطيعوا. قال المؤرخ: وفخر الطاغية في ذلك اليوم بقومه، وقال:

ولا يريبنكم أن تكونوا تحت يدي ونظري، فعندي كتاب نبيكم إلى جدّي. حدّث ابن أم العماد أبو الحسن، قال: حضرت، وأحضر حقّ من ذهب، فتح وأخرج منه كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى قيصر ملك الروم، وهو جدّه بزعمه. والكتاب بخط علي بن أبي طالب. قال أبو الحسن: قرأته من أوله إلى آخره، كما جاء في حديث البخاري.

وانصرف إلى بلاده، وانصرف ابن حمدين، فكان هلاكه بمالقة، بعد اضطراب كثير.

واستقرّ ابن غانية بقرطبة الغادر به أهلها، فشرع في بنيان القصبة وسدّ عورتها، وسام أهلها الخسف وسوء العذاب، ووالى إغرامهم، واستعجل أمرهم، واتصل سلمه مع العدو إلى تمام أحد وأربعين وخمسمائة، وقد تملك الموحدون إشبيلية وما إليها.

وضيّق عليه النصارى في طلب الإتاوة، واشتطّوا عليه في طلب ما بيده، ونزل طاغيتهم أندوجر وبه رجل يعرف بالعربي، واستدعى ابن غانية، فلمّا تحصّل بمحلّته، طلبه بالتخلّي عن بيّاسة وأبّدة، فكان ذلك. وتشاغل الموحدون بأمر ثائر نازعهم بالمغرب، فكلب العدو على الأندلس، فنازل الأشبونة وشنترين، وألمرية وطرطوشة ولا ردة وإفراغة، وطمع في استئصال بلاد الإسلام، فداخل ابن غانية سرّا من بإشبيلية من الموحّدين، ووصله كتاب خليفتهم بما أحبّ، وتحرك الطاغية في جيوش لا ترام.

وطالب ابن غانية بالخروج عن جيّان وتسليمها إليه، وكاده، حسبما تقدم في اسم

ص: 301