الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويلاحظ أنه عبر في قوله: (أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مصْبِحِينَ) فعبر بلفظ الإصباح، وهنا في هذه الآية عبر بـ مشرقين، وكان التعبير الأول مناسبا للآية؛ لأنه كان والملائكة يأمرون لوطا والأبرار معه بالخروج، فكان المناسب التعبير بالإصباح باعتباره نهاية الليل.
وعبر هنا بالإشراق باعتباره أول النهار، وهو وقت، إذ المناسب في ذلك أن يستقبلوا النهار المشرق بتلك الداهية الدهياء التي تجعل نهارهم أسود من قلوبهم المربدة بأقبح السوء.
ولقد ذكر سبحانه ما يدعو المنكرين إلى الاعتبار بقصص قوم، وأشباههم وإن ما نزل بهم هو سبيل دائم مستمر ينزل بالفساق، فيعتبر المؤمنون، فقال تعالى:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
(75)
أي لعلامات واضحة مرشدة،
(لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) أي للمفكرين، الذين يتفهمون الأمور ويتعرفونها بمنطق العقل المستقيم، فيقيسون حاضرهم على غيرهم، ويعتبرون بما نزل بالسابقين، وأنه نازل بهم إن عملوا عملهم وساروا في طريقهم، واتخذوا طريقتهم.
وذلك لأن هذه سنة مستقيمة غير متخلفة؛ ولذا قال تعالى:
(وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ
(76)
الضمير في (إنها) يعود على الآيات، أي وإن هذه الآيات لثابتة بطريق مستقيم مقيم لَا يتخلف أبدا، فإنها سنة اللَّه تعالى في خلقه وحكمته البالغة في أمره؛ ولذا قال تعالى:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
(77)
أي إن في هذا الأمر المذكور بما فيه قصة لوط لآية أي لعبرة للمؤمنين، أي للذين أوتوا قلوبا مؤمنة مذعنة للحق، معترفة لَا تماري في الحق، ولا تجادل في اللَّه تعالى، وهو العليم الحكيم.
وهنا ملاحظة أن الآيات ذكرت بلفظ الجمع في قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) وهنا ذكرت بالمفرد في قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ) فما السر في ذلك؟.