الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضمير في (هم) يعود إلى الذين (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا) وهم بعض أهل الجحود وقوله تعالى: (وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ) فيه تعريف الطرفين، وهو يفيد القصر، أي أن أكثر هؤلاء لَا يكونون إلا كافرين، فإن الكفر يكون بإنكار الحق، وعدم الإقرار به كما في قوله تعالى:(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ. . .).
بعد ذلك بين الله تعالى حالهم بعد البعث فقال:
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
(84)
الجملة موصولة بما قبلها، على جزاء للكفر، ومعرفة النعم ثم إنكارها، (وَيَوْمَ) منصوب لفعل محذوف أي اذكر اليوم، وذكر اليوم هو ذكر ما يجري فيه من أحداث وبعث ونشور، وحساب وعقاب وثواب، فإذا كانوا ينكرون النعمة، فليذكروا اليوم وما جرى فيه، وقوله تعالى:(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا) والشهيد هو الرسول الذي بعث لها داعيا إلى الحق معرفا به نذيرا وبشيرا وهاديا إلى اللَّه بإذنه وذكر بعث الرسول، ولم يذكر بعث الأمة لأن بعث الشهيد الذي يشهد لها أو عليها هو بعث للأمة، فكان بعث الرسول عليه الدلالة صراحة، وبعث الأمة كان بدلالة الاقتضاء، أو كان ذكر بعث الرسول صراحة لبيان مقام الرسول عند اللَّه، ولبيان أن الرسول الذي يدعوكم هو الذي يشهد لكم وعليكم وعنكم يوم الحساب فأجيبوا داعي اللَّه إذ يدعوكم له لتنجوا من عذاب اللَّه تعالى، وقوله تعالى:(ثمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) التعبير بـ (ثُمَّ) هنا الدالة على التعقيب والتراخي للدلالة على أنهم بعد شهادة النبيين طلبوا أن يعتذروا، فلم يقبل منهم، ولمقام هذا الكلام المطوى كان العطف بـ (ثُمَّ) الدالة على التراخي، فلا يؤذن لهم لأنه لَا حاجة إلى مخاصمة كما هو شأنهم في الدنيا، بل إن اللَّه عليم بهم، وشهادة أنبيائهم فيهم صادقة غير مكذوبة كما كانوا يتوهمون في الدنيا.