الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بين اللَّه طريق العلم الهادي المرشد، وهي هبات اللَّه تعالى التي وهبها للإنسان فقال:(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)، هذه طرائق؛ فالسمع ينقل العلم الغيبي وينقل العلم الحسي، والفؤاد وهو هنا العقل يربط بين ما سمع وأبصر من آيات، ويكون حكمه القطعي الرشيد.
وإنها مسئولة فيسأل السمع لماذا لم يسمع الحق وينصت إليه، ويسأل البصر لماذا لم ير الآيات وينظرها نظرة إدراك وتعرف، والعقل لماذا لم يفكر فيما تنقله إليه الحواس، ولماذا لم يأخذ بأسباب العلم ويتبع الأوهام فيكون الخبال ووراءه الضلال.
وقوله: (كُلُّ أوْلَئِكَ) الإشارة إلى السمع والبصر والفؤاد، وكل واحد منها كان مسئولا بمفرده، ومسئولا في جماعته و (أولئك) يشار بها إلى الجمع مذكرا كان أو مؤنثا، أو كان خليطا واللَّه تعالى أعلم.
ونهى الله تعالى بعد ذلك عن العُجْب والخيلاء، وهو سبيل الضلال كالأوهام:
(وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا
(37)
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)
" المرح " الخيلاء والعُجْب، والفرح بما أوتي من صحة أو كل مال أو جاه أو سلطان، ومرَحا مصدر أي ذا مرح، وهناك قراءة بالكسر (1)، وتكون حالا أي مَرِحا معجبا مختالا متزينا معتزا بما أعطيه.
قال تعالى: (إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ)، أي تخترقها بوطائك مهما تكن قوتك، (وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا)، أي لن تتناهد السماء وتناصبها، حتى تبلغ طولها، وتعلو عليها، أي إنك مهما تكن في قوتك لن تكون قادرا على خرق الأرض أو التطاول إلى السماء، وهذا يدل على عجزه مهها زعم نفسه قويا، وأنه
(1) قراءة (مرحا) بكسر الراء، لم أجدها في العشر المتواترة.