الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا مطمئنين له بعد فزع المفاجأة:
(لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
(53)
وهو إسحاق صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ذكر في آية أخرى بأن امرأته عجبت لأنها كانت عاقرا وعجوزا، وذلك يعين أنه إسحاق صلى الله عليه وسلم، ووصف الغلام بأنه (عَلِيم) ليتم معنى البشارة، لأنها لَا تكون كاملة إلا إذا كان عالما وليس خاملا، وأولئك رسل الله تعالى يتكلمون عنه، وهو لَا يعلم الغيب المكنون في لوح محفوظ، كانت المفأجاة الثانية بهذه البشرى وإن كانت مفاجأة سارة لَا توجب وجلًا ولكن توجب عجبا؛ ولذا قال:
(أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ
…
(54)
(عَلَى) هنا بمعنى (مع) والاستفهام للتعجب فهو تعجب من أن يبشر مع الكِبَر قد مسَّه، أي أصابه وأحس به وأثر فيه أثره، (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)، أي فبأي خبر عجيب تبشرون؛ وذلك لأن مجرى الأسباب العادية يجعل ذلك متعسرا لأنه شيخ مسَّه الكبر، وامرأته عجوز عقمت في صدر شبابها فكيف تنجب في دَبْر حياتها.
قال الرسل:
(بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ
(55)
الحق هو الأمر الثابت، واللَّه لَا يبشر إلا بالحق الثابت، فلا تكن من الداخلين في صفوف القانطين من رحمة الله الذين يحسبون أن الأسباب الجارية بين الناس تُعجِز إرادة اللَّه تعالى الفاعل المختار الذي هو خالق الأسباب والمسببات فلا يتقيد بها.
تنبه أبو الأنبياء لرحمة ربه بعد أن نبهوه، فقال:
(وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ
(56)
نفى خليل الله عن نفسه القنوط بإثبات أن القنوط لَا يكون إلا من الذين يضلون عن اللَّه، ولا يعرفون قدره، وأنه لَا يقيده شيء من خلقه إنه فعَّال لما يريد.
والاستفهام هنا إنكاري بمعنى النفي، والمعنى لَا يقنط من رحمة اللَّه إلا الذين ضلوا عن الحق وغاب عنهم.
وإنه بإحساس النبوة، وإيمانها قام في نفسه أنهم جاءوا لأمر أخطر من هذا، ولذا قال لهم:
(فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ
(57)
(الفاء) لربط ما بعدها بما قبلها، أي