الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ)، (هو) دالة على معنى الإله المطلق وهو اللَّه سبحانه، و (إنما) الدالة على القصر، أي قصر الألوهية على إله واحد سبحانه وتعالى.
بعد ذلك التفت عن الخطاب إلى ضمير المتكلم. فقال: (فَإِيايَ فَارْهَبُونِ) الفاء الأولى للإفصاح والمعنى: إذا كان الإله واحدا، (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) والفاء الثانية لربط الكلام، والمعنى إياي أنا وحدي فارهبون؛ لأنه لَا إله إلا أنا، وقد انتقل سبحانه من مقام التنبيه والتعليل بذكر أدلة الوحدانية في خلق السماوات والأرض والتوجيه، والبرهان إلى التخويف ومن لم يقنعه الخوف والإرهاب. وقد قال سبحانه وتعالى: إنه له الطاعة، والجزاء عليها والعبادة، والخضوع والعبودية وحده فقال تعالى:
(وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ
(52)
سيق هذا الكلام الحكيم في سياق بياني، قد يؤخذ منه شكل منطقي، فقد قدم سبحانه وتعالى كلامه السامي، بقوله:(وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)، أي له السماوات والأرض، وما فيها من أحياء وأجرام، وعقلاء وغير عقلاء، وإذا كان مالكا للوجود كله وهو وحده المتصرف بمقتضى الاختصاص الثابت بالملكية، فله العبادة وحده، وله الطاعة وحده، وهو الذي يملك الجزاء وحده؛ ولذلك قال بعد ذلك ما هو كالنتيجة لهاتين المقدمتين:(وَلَهُ الدِّين وَاصِبًا) الدِّين يطلق ويراد منه العبادة وقد يراد منه الطاعة، وكلمة (واصب) قد يراد بها الدائم، وقد يراد المفروض، وقد يراد ما فيه مشقة محتملة، وهذه المعاني تراد جميعها من هذه الآية الكاملة، فله وحده العبادة، وله وحده الطاعة، وله وحده الجزاء، فهو الذي يجزي كلا بما يستحق، وهو الذي اختص باللَّه وحده دائم، ومفروض، ومنه تكليف للنفس بما يوجب الصبر، والمجاهدة.
وقد ختم اللَّه تعالى الآية من الإخبار إلى الخطاب فقال تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ)، الفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها، ذلك أنه يترتب على