الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51).
وإذا كان يعلمهم جميعا، فإن البعث لهم جميعا، وسيحشرهم إليه جميعا؛ ولذا قال تعالى:
(وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
(25)
إن ربك خالقك ومربيك والقائم على شئون كل حي، العليم بأدواره من يوم وجد حيا إلى أن يُرمس ميتا، فالتعبير بـ (رَبَّكَ) تذكير بالتكوين واستمرار القيام على ما كون ومن كون، والضمير (هو) للدلالة على أنه هو الذي أنشأ وهو الذي يحشر، فهو حجة على الإمكان، وأن ذلك لَا يستحيل، لأنه أوجده أولا، فهو يعيده ثانيا، و (يَحْشُرُهُمْ)، أي يجمعهم، وعبر بـ (يَحْشُرُهُمْ) للدلالة على كثرتهم ولقائهم في وقت واحد؛ لأن جمعهم كذلك في وقت واحد، ويكونون أمام اللَّه تعالى في يوم واحد هو يوم تقوم الساعة وإن ذلك من دواعي حكمته، وعلمه الذي لَا يخفى عليه شيء في الأرض، ولا في السماء؛ ولذا قال تعالى في مقام الآية الكريمة:(إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)، أي أن ذلك اقتضته حكمته.
كما قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)
، وهو عليم أين يكونون، وعلى أي حال، ولو كانوا حجارة أو حديدا فسيعيدهم، إنه عليم بكل شيء.
* * *
قصة خلق الإنسان والجن
قال اللَّه تعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ
صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)
* * *
ذكرت قصة خلق الإنسان وإبليس قبل ذلك، وليس في ذكرها الآن تكرارا لما ذكر أولا وثانيا، بل إن لكل واحدة عبرة في ناحيتها، وكلها يشترك في أمرين ثابتين، وهو أن اللَّه تعالى كرم الإنسان، فجعله فوق الجن والملائكة، إن استقام على طريقه، والثاني أن اللَّه تعالى كرمه منذ بدء الخليقة وفي كل مرة من ذكر القصة تفصيل لأمور لم يكن في المرة الأخرى، ففي مرة ذكرها في سورة الأعراف، كيف كان الإغواء، وكيف قاسمها أنه لهما من الناصحين، وفي هذه المرة صارح بالإغواء وإصراره عليه، ونتيجة هذا الإغواء، وفي السابقات لم يكن تصريح بهذا، ولنرو القصة الحق، كما نتلوها من القرآن الكريم.