الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظيم، وكانوا ظالمين؛ لأنهم كانوا يطففون في الكيل والميزان، وكانوا ظالمين؛ لأنهم فتنوا المؤمنين عن إيمانهم، وكانوا ظالمين؛ لأنهم هددوا نبيهم بالرجم، وقالوا:(. . . وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ. . .)، وهكذا توالى ظلمهم وتسلسل؛ لأن الظلم يولد ظلما.
وقد بين اللَّه سبحانه وتعالى أن الظلم عاقبته وخيمة، فقال:
(فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ
(79)
الانتقام ليس هنا التشفي من الجاني والأخذ بغير حق، بل معناها إنزال العقوبة مماثلة لما ارتكبه، ولأنه كان ظلما متواليا، واعتداء مستمرا، فكان العقاب مماثلا له، وشفاء لغيظ من جنى عليهم.
وإن أولئك ليعرفون أن ذلك أمامهم، فالمثُلات بين أيديهم (لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ)، أي طريق بين واضح ينتهي بما انتهى به الأول، والإمام هو ما يعلن ويؤتم به، وأمامهم المثُلات البينة الموضحة، وإن عليهم إذ يعتبروا بغيرهم، ولكنهم ضلوا عن بينة والعقوبة معلومة بينة.
هذه إشارات إلى قصة مدين مع نبيهم شعيب، والجزاء الذين نالوه.
ومثلها قصة أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، وقال سبحانه وتعالى فيهم:
(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ
(80)
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81)
جاء في تفسير القرطبي: " الحجر، ويطلق على معان منها حجر الكعبة، ومنها الحرام كما في قوله، وأنعام وحرث حجر قال تعالى:(. . . حِجْرَا مَّحْجُورًا)، والعقل كما في قوله تعالى:(. . . لِذِي حِجْر)، والحجر ديار ثمود وهي المراد منها وهي مدينة بين مكة وتبوك، وهو الوادي الذي كانت تسكنه ثمود، وقد مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، ونبه جيشه إليه، وإلى ما فيه من عبر، وقد جاء ذلك في كتب السير، وصحاح السنة،