الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجاويف الشرايين إلى أعماق البدن جعل تعلقه بالقلب نفخا فيه، وإضافة الروح إلى نفسه لما مر في (النساء)، والمعنى أن الله نفخ من روحه هو تصوير لخلق الحياة، وإضافتها إليه سبحانه وتعالى لأنه خالقها ومنشئها، وليس ثمة نفخ، وإنما هو تصوير للخلق والتكوين، وعلى هذا يكون معنى نفخنا فيه من روحنا، فليس فيها دلالة على أن عيسى من روح الله كما أن آدم ليس من روح الله، وإنما هو من خلق الله تعالى ".
قال تعالى:
(فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
(30)
توكيدان بلفظين للسجود جميعهم، أحدهما بقوله:(كلهم)، وثانيهما بقوله:(أجمعون)، فقد سجدوا سجودا مؤكدا لم يمتنع منهم أحد، وذلك لتكريم آدم، وفي سورة البقرة بيان لسبب التكريم.
وقد استثنى اللَّه تعالى إبليس من الساجدين فقال:
(إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
(31)
والاستثناء هنا منقطع على أن إبليس لم يكن من الملائكة، وكلهم كان مطالبا بالسجود الذي طولبوا به، وإذا كان منهم أو داخلا في عمومهم فإن الاستثناء يكون متصلا، وقد ظهر بهذا تمرده وشذوذه، أما تمرده وخروجه عن الطاعة فلأنه أبي، وقد أمر بالسجود، وأما شذوذه، والشذوذ ومجابهة الجموع بالباطل أساس الانحراف، فقد أشار الله تعالى إليه بقوله تعالى:(أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ).
خاطبه الخالق جلت قدرته فقال:
(يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
(32)
والمعنى أن رب الوجود ومنشئه سأله عن المسوغ الذي سوغ له ألا يكون مع الساجدين، أي شيء أثبت لك وسوغ ألا تكون مع الساجدين، مع أن سجودهم كان يستحثك على أن تسجد مثلهم.
فأجاب إبليس قال:
(لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
(33)
والنفي نفي وجحود، أي لم يكن من شأني أن أسجد لبشر خلقته