الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان لزمن موسى ما كتبه من معجزات، وكان لزمن عيسى معجزات كتبها سبحانه وقد كانت معجزة عيسى عليه السلام خرقا لنظام الأسباب والمسببات، لأن الزمان كان يناسبه معجزات خارقة لنظام الأسباب والمسببات، وكان عيسى ذاته في وجوده معجزة خارقة لنظام الأسباب، فكذلك كان إبراؤه للأكمه والأبرص، وإحياؤه للموتى، وإخراج الموتى من قبورهم، فكان هذا مناسبا لأجلها وزمنها، وكان كتاب الله تعالى بها، والزمن الذي عاش فيه ورسالته الخالدة، كان يناسبها، كتاب خالد يتحدى الأجيال جيلا بعد جيل، وهو أعظم من كل معجزات عيسى، وموسى وإبراهيم، لأن هذه المعجزات حوادث تنقضي، وتنتهي بزمانها، ولا يراها إلا من شاهدها، ولولا أن القرآن سجلها ما علم بها أحد، أما القرآن فمعجزته خالدة باقية تتحدى الناس جميعا جيلا بعد جيل، لأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم خالدة، فكانت معجزتها خالدة باقية تدل على صدقها أمام كل الناس في كل زمان.
وإن كل زمان له معجزته كما ذكرنا، فلا تكون آية صالحة لكل زمان، وإن الله تعالى يمحو كل معجزة إلا في زمنها، ولذا قال تعالى:
(يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ
(39)
يمحو الله من الآيات ما يشاء محوه منها، ويثبت ما شاء منها، فإذا كانت العصا معجزة في عصر موسى، وأقامت الدليل على رسالة موسى عليه السلام، فإن الله تعالى نسخها، ولا تكون آية لإتيان رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويثبت له آية أخرى، وهي القرآن الكريم، وإذا كان عيسى له آيات خرقت نظام الأسباب والمسببات، فقد نسخها الله تعالى، وأثبت لمحمد صلى الله عليه وسلم معجزة أخرى تناسب رسالته، وتبقى ببقائها، فيثبتها الله تعالى. هذا ما نراه تفسيرا للمحو والإثبات، ونرى أنه يمكن أن يكون التفسير الذي يتسق مع ما قبلها وما بعدها من الآيات، فالكلام في الآيات التي يطلبونها إعناتًا وعنادًا.
وقد قال الزمخشري عدة معان تحتملها الجملة السامية، وهذا نص ما قاله: " إنه يقول يمحو ما يشاء ويثبت، أي يأتي من الشرائع بما شاء، وينسخ منها ما