الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
398/ 7/ 75 - عن عبد الله بن عباس [رضي الله عنهما](1) قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم -[بيت ميمونة، فأُتي بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل فرفع رسول صلى الله عليه وسلم يده [فلم يأكل] (2) فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه. قال، خالد: فاجتررته، فأكلته والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر"(3).
[قال رضي الله عنه](4): المحنوذ: المشوي بالرضف، وهي الحجارة المحماة] (5).
(1) في ن هـ ساقطة.
(2)
زيادة من متن العمدة.
(3)
البخاري (5391)، ومسلم (1945، 1946)، والنسائي (7/ 197، 198)، وأبو داود (3794)، والموطأ (1181)، والبيهقي (9/ 323)، والدارمي (2/ 93)، والطبراني (3158، 3817، 3821)، والبغوي (2799).
(4)
زيادة من متن العمدة.
(5)
في ن هـ بياض.
والكلام عليه من وجوه:
الأول: في التعريف براويه وقد سلف في باب الاستطابة. وخالد بن الوليد تقدمت نبذة من ترجمته في الزكاة، وميمونة أم المؤمنين سلف التعريف بها في باب الغسل، وهي خالة ابن عباس وخالد بن الوليد.
الثاني: في التعريف بما أبهم فيه، وذلك في موضعين:
الأول: قوله: "فأُتي بضب محنوذ"، والتي أتت به هي أم حفيد (1) -بلا هاء على الأصوب الأشهر- واسمها هزيلة بنت
(1) أقول وبالله التوفيق ومنه استمد العون والشديد: جاءت تسميتها في البخاري (5391)، ومسلم (44/ 1946) حفيدة بن الحارث -وهو متفق عليه-.
وعند مسلم أيضًا (45/ 1946) أم حفيد والنسائي (7/ 199)، وابن الجارود برقم (894)، وفي مسند أحمد (برقم (1978، 1979، 2299، 2569).
واسمها هزيلة كما في رواية الموطأ (1810)، وهو مرسل سليمان بن يسار جاء في الفتح (9/ 164) باسم عطاء بن يسار وهو غلط فليصحح. وقد ترجم لها ابن عبد البر بهذا الاسم في الاستيعاب برقم (4109).
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (9/ 664): وحكى بعض شراح العمدة في اسمها حميدة بميم وفي كنيتها أم حميد بميم بغير هاء، وفي رواية بهاء وبفاء ولكن براء بدل الدال وبعين مهملة بدل الحاء بغير هاء وكلها تصحيفات. اهـ.
وقال ابن بشكوال -رحمنا الله وإياه - في غوامض الأسماء المبهمة (512): قال الباهلي: قال لنا يعقوب الدورقي في أم حفيد هذه: يقال لها =
الحارث، وهي صحابية. وقيل: حفيدة بالهاء، وقيل: أم حفيدة، وقيل أم حميد بالميم بدل الفاء وقيل حميدة، وكله بضم الحاء
مصغر، ويقال أم حفرة بالراء، ويقال: أم حفر، حكاها ابن العطار في "شرحه"، وهزيلة هذه أخت أم خالد لبابة الصغرى وأم عباس
لبابة الكبرى.
الموضع الثاني: قوله: "فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل"، ولا يحضرني تسميتها، لكن جاء في "صحيح مسلم" من حديث يزيد بن الأصم عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام بينما هو عند ميمونة، وعندها الفضل بن العباس وخالد بن الوليد وامرأة أخرى إذ قرب إليهم خوان عليه لحم: فلما أراد النبي - صلي الله عليه وسلم - أن يأكل قالت له ميمونة: إنه لحم ضب، فكف يده. وقال:"هذا لحم لم آكله قط"، وقال لهم:"كلوا" فأكل منه الفضل وخالد [بن الوليد](1) والمرأة، وقالت ميمونة: لا آكل من شيء إلَّا شيء يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: "الضب" بفتح الضاد حيوان بري معروف يشبه الجرذون، لكنه كبير القد له أخبار طريفة عند العرب، ويذكرون عنه عجائب كثيرة من جملتها أن الذكر له ذكوان والأنثى لها فرجان، وولده يسمى الحسل، ومن عجائبه أن أسنانه لا تتبدل ولا يتقلع منها شيء، ولهذا يقال لا أبدل سن الحسل، والحسل هو الضب ومعنى
= أم حفين، وأم عفين. قال الباهلي اسمها هزيلة. اهـ.
(1)
زيادة من مسلم.
ذلك لا أمل ما بقي سن الحسل. قال ابن خالويه في أوائل كتاب "ليس" الضب لا يشرب الماء ويعيش سبعمائة سنة فصاعدًا، ويقال: إنه يبول في كل أربعين يومًا قطرة ولا يسقط له سن، ويقال: إن سنه قطعة واحدة ليست مفرجة، والعرب تقول على لسان الضب إنه قيل له رد الماء وردًا يا ضب، فقال: أصبح قلبي صَرِدًا، لا يشتهي أن يَرِدَا، إلَّا عَرَادًا عَرِدًا، وَصلِّيَانًا بَرِدًا، وعَنْكَثًا مُلْتَبِدَا. ويأكل ولده، فلذلك قيل:"أعق من ضب"، قال ابن خالويه: وليس في الدنيا حيوان لا يسمع ولا يشرب الماء إلَّا النعام ولا مخ له، ومتى ذلقت رجل واحدة، له لم ينتفع بالباقية والضب لا يشرب ولكنه يسمع.
الرابع: "المحنوذ" قد فسره المصنف ومنهم من أطلق أنه الشوي، وقدمه النووي في "شرحه"(1) لمسلم على الأول.
(1) شرح مسلم (13/ 99).
قال البخاري رحمه الله صحيحه باب الشواء وقول الله تعالى: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)} ، أي: مشوي، قال ابن حجر في الفتح (9/ 542)، قوله: باب الشواء بكسر الشين المعجمة وبالمد معروف. فقوله: "وقول الله تعالى: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)} كذا في الأصل وهو سبق قلم والتلاوة "أن جاء" كما سيأتي قوله "مشوي" كذا ثبت قوله: "مشوي"، في رواية السرخسي، وأورده النسفي بلفظ "أي مشوي"، وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى:{فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)} ، أي: محنوذ وهو المشوي مثل قتيل في قتول، وروى الطبري عن وهب بن منبه عن سفيان الثوري مثله، وعن ابن عباس أخص منه، قال حنيذ، أي: نضيج، ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد الحنيذ المشوي النضيج، ومن طرق عن قتادة والضحاك وابن إسحاق مثله، ومن طريق =
قوله: "لم يكن بأرض قومي" ظاهره أنه لم يكن جودًا فيها، وقد حكي عن بعض العلماء أن الضب موجود عندهم بمكة غير أنه قليل، وأنهم لا يأكلونه (1).
ومعنى "أعافه" أكرهه تقذرًا، قاله أهل اللغة. ويقال: عِفْتُ الشيء أَعَافُهُ عَيْفًا إذا كرهته.
وعِفْتُهُ أَعِيفُهُ عِيَافَةً من الزجر.
وعافته: الطير تعيف إذا حام على الماء، ليجد فرصة ليشرب.
وقوله: "فاجتررته" هو بالراء المكررة، وذكره بعض من تكلم على ألفاظ المهذب بالراء بعد الزاي، أي: قطعته والصواب الأول. قال النووي في "شرح المهذب"(2) وهو المعروف في كتب الفقه والحديث وغيرها.
الخامس: في فقهه، وفيه مسائل:
أهمها: [حل](3)[أكل](4) الضب، فإنه عليه الصلاة والسلام
= السدي، قال: الحنيذ المشوي في الرضف، أي: الحجارة المحماة وعن مجاهد والضحاك نحوه، وهذا أخص من جهة أخرى وبه جزم الخليل صاحب اللغة ومن طريق شمر بن عطية قال: الحنيذ الذي يقطر ماؤه بعد أن يشوي، وهذا أخص من جهة أخرى والله أعلم. اهـ. انظر أيضًا (664).
(1)
انظر: الاستذكار (27/ 187)، والفتح (9/ 664 - 665).
(2)
(9/ 11)، وفيه غلط (أي: وطعنه)، فليصحح.
(3)
في ن هـ ساقطة.
(4)
في الأصل ساقطة.
أمر خالدًا على أكله مع العلم به وتقريره أحد الطرق الشرعية مع قوله: "إنه ليس بحرام"(1)، وفي رواية أخرى في الصحيح: "كلوا
فإنه حلال" (2)، وقد قام الإِجماع على ذلك، وعلى أنه ليس بمكروه، وما حكاه القاضي عياض (3) عن قوم أنهم حرموا، وكذا ما حكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته، وما حكاه ابن المنذر عن علي لا يصح عنهم، وإن صح فهم محجوجون بالنصوص وإجماع من قبلهم (4).
وأما حديث إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد الحضرمي، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل:"نهى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن أكل الضب"(5)، فلا يصح أن يكون معارضًا لهذا الحديث الصحيح، على أن الخطابي (6)
(1) أخرجه البيهقي (9/ 323)، وأصله في الصحيحين عدا هذه اللفظة.
(2)
البخاري (7267)، ومسلم (1944)، وأحمد (2/ 137)، والبيهقي (9/ 323)، في المخطوطة "كلوه" وما أثبت من البخاري ومسلم.
(3)
إكمال إكمال المعلم (5/ 283).
(4)
نقل ابن حجر في الفتح (9/ 665) كراهة على له.
وقال: قلت: قد نقله ابن المنذر عن علي، ثم تعقب نقل الإِجماع قائلًا، فأي إجماع يكون بعد مخالفته؟ اهـ. أي مخالفة علي.
(5)
أخرجه أبو داود (3796)، والبيهقي (9/ 326).
أقول: له شاهد عند الطبراني في الكبير (22/ 333) من حديث أبي مريم وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 41)، وقال: فيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في أهل الحجاز. اهـ. =
(6)
معالم السنن (5/ 311).
قال: ليس إسناده بذاك. وذكره ابن الجوزي في "علله"(1)، وقال: إنه حديث لا يصح وإسماعيل (2) ضعيف. قال. وروى من حديث جابر أيضًا (3). قال أبو حاتم الرازي (4)[فيه ليس بالقوي](5)، وقال البيهقي في "خلافياته" و"سننه"(6) تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة.
= قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (9/ 665) عن الحديث أخرجه أبو داود بسند حسن، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريع بن عبيد، عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل، وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي، وهؤلاء شاميون ثقات ولا يغتر بقول الخطابي: إسناده ليس بذاك. وقول ابن حزم: فيه ضعفاء ومجهولون، وقول البيهقي، تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة وقول ابن الجوزي: لا يصح ففي كل ذلك تساهل لا يخفي، فإن رواية، إسماعيل عن الشاميين قوية عند البخاري وقد صحح الترمذي بعضها. اهـ. محل المقصود منه.
(1)
العلل المتناهة (2/ 172).
(2)
في المرجع السابق زيادة (بن عياش).
(3)
هذا وهم من المؤلف -رحمنا الله وإياه- وإنما المذكور من رواية عائشة رضي الله عنها، ولفظه "قالت: نهى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن أكل لحم الضب"، قال أبو حاتم الرازي خالد ليس بالقوي". اهـ.
(4)
الجرح والتعديل (3/ 359).
(5)
العبارة في العلل (2/ 172)، خالد ليس بقوي أما في "الجرح" السؤال عنه وقال فيه: ليس بالقوي.
(6)
السنن الكبرى (9/ 326)، معرفة السنن (14/ 93)، مختصر الخلافيات (5/ 88).
قلت: إسماعيل إذا روى عن الشاميين [كان](1) حجة كما نص عليه ابن معين والبخاري وغيرهما، وكذا البيهقي (2) نفسه في باب ترك الوضوء من الدم (3).
وضمضم: هذا حمصي فلا ينبغي أن يعمل به إذًا من هذا الوجه وأسرف ابن حزم القول في تضعيفه، فقال في "محلاه"(4) حديث عبد الرحمن بن شبل فيه ضعفاء ومجهولون فسقط، وهذا غريب منه فالحديث في أبي داود عن محمَّد بن عوف (5)، وهو ثقة عن الحكم بن نافع أبي اليمان احتج به الشيخان (6)، عن
(1) في ن هـ ساقطة.
(2)
السنن (1/ 142).
(3)
الترجمة في السنن هكذا "باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث".
(4)
المحلى (7/ 431).
(5)
محمَّد بن عوف، أبو جعفر، ويقال: أبو عبد الله الحمصي، الحافظ، قال أبو حاتم ثقة صدوق، ووثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة اثنتين وسبعين ومئتين بحمص.
ترجمته: الجرح والتعديل: الترجمة 241، ثقات ابن حبان (9/ 143)، وتهذيب الكمال (26/ 236).
(6)
الحكم بن نافع: أبو اليمان الحمصي، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم سئل أبي عن أبي اليمان: هو نبيل ثقة صدوق، وقال العجلي: لا بأس به. وقال الموصلي: كان ثقة
…
، مات سنة إحدى وعشرين، وقيل: اثنتين وعشرين ومئتين من ذي الحجة. ترجمته: الجرح والتعديل 13 الترجمة 586، وتاريخ البخاري الكبير =
إسماعيل بن عياش، وهو حجة عن الشاميين، كما قررناه (1) عن ضمضم (2) وثقه [(3)] ابن معين وغيره عن شريح (4) وثقه النسائي وغيره
= 12 الترجمة 2691، وطبقات ابن سعد (7/ 472)، وتهذيب الكمال (7/ 146).
(1)
إسماعيل بن عياش بن سُليم العنسي أبو عتبة الحمصي، وثقه يحيى بن معين، ولد سنة اثنتين ومئة على اختلاف فيه وتوفي سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة.
ترجمته في التاريخ الكبير (1/ 1/ 370)، وتاريخ بغداد (6/ 227، 228)، وتهذيب الكمال (3/ 163).
(2)
ضمضم بن زرعة بن ثوب الحضرمي الحمصي مختلف في توثيقه. وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم ضعيف. وقال صاحب كتاب "تاريخ الحمصيين" لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات".
ترجمته في "تاريخ الدارمي"(443) البخاري الكبير (4 الترجمة 3048)، الجرح والتعديل (4 الترجمة 2055)، وتهذيب الكمال (13/ 327).
(3)
في ن هـ زيادة (واو).
(4)
شريح بن عبيد بن شريح بن عبدٍ بن عريب الحضرمي أبو الصلت، وأبو الصواب الشامي الحمصي قال العجلي: شامي تابعي ثقة، وقال الدارمي، عن دحيم: من شيوخ حمص الكبار ثقة.
وقال النسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات".
ترجمته: الجرح والتعديل (4/ 1464)، وعلل أحمد (1/ 365)، وتهذيب الكمال (12/ 446).
تنبيه: جاء في الفتح (9/ 665)، شريح بن عتبة وهو غلط، والصحيح ما أثبت، فليصحح.
عن أبي راشد (1)، قال العجلي: شامي ثقة، فأين الضعف والجهالة.
(1) أبو راشد الحُبْرانيُّ الشامي الحمصي، ويقال: الدمشقي أحمد يقال: اسمه أخضر، ويقال: اسمه أخضر بن خُوط ويقال أيضًا اسمه: النعمان بن بشير قال: العجلي شامي تابعي، ثقة، ما لم يكن بدمشق في زمانه أفضل منه. ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 457)، والثقات لابن حبان (5/ 583)، وتهذيب الكمال (33/ 299، 300).
أقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون والتسديد في الجمع بين أحاديث النهي وأحاديث الإِباحة نقلًا عن ابن حجر -رحمنا الله وإياه - في الفتح (9/ 666) بتصرف برقم (1951).
تحمُل أحاديث النهي على أول الأمر بدليل ما أخرجه مسلم برقم (1951) من رواية أبي سعيد "ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت"، وحديث عبد الرحمن بن حسنة عند أحمد (4/ 196)، ومسند أبي يعلى (931)، وابن أبي شيبة (8/ 266).
قال ابن حزم في المحلى (7/ 431)، حديث صحيح إلَّا أنه منسوخ بلا شك. اهـ.
وأيضًا ابن حجر في الفتح (9/ 665)، وذلك عند تجويز أن يكون مما مسخ وحينئذٍ أمر بإكفاء القدور. ويؤيد ذلك حديث ابن مسعود عند مسلم (2663) قال: سئل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن القردة والخنازير، أهي من مسخ الله؟ فقال:"إن الله عز وجل يهلك قومًا، أو يعذب قومًا، فيجعل لهم نسلًا، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك".
تنبيه: جاء في الفتح (9/ 665) اسم الراوي عبد الرحمن بن حسنة وعزوه لأبي داود وهو خطأ، فلم يخرجه أبو داود عن عبد الرحمن في حسنة وإنما خرجه عن ثابت بن وديعة، ووهم رحمه الله بخطأ آخر وهو تسمية الصحابي بالضحاك فيصحح.
يراجع ثم توقف فلم يأمر ولم ينه بدليل حديث ابن عمر: "لست بآكله ولا =
المسألة الثانية: الإِعلام بما شك في أمره ليتضح حاله.
[المسألة](1) الثالثة: أن مطلق النفرة وعدم الاستطابة ليس دليلًا على الحرمة، بل [أمر](2) مخصوص بذلك إن قيل بأن ذلك من أسباب التحريم، أعني الاستحباب كما يقوله الشافعي [رحمه الله](3) وأبعد بعض أصحابه فحرّم اللحم إذا أنتن. وقد علل في رواية المصنف عدم الأكل بالعيافة. وفي رواية للطبراني في "أكبر معاجمه"(4)"إنا أهل تهامة نعافها، وأنتم يا أهل نجد تأكلونها"(5).
= محرمه" البخاري (5536)، ومسلم (1943)، وغيرهما ثم قال ابن حجر وحمل الإِذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا نسل له -كما سبق-.
ثم بعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله ولا يحرمه، كما في حديث الباب ومرسل سليمان بن يسار وقوله:"إني تحضرني من الله حاضرة" الموطأ (1810) ثم أكل بعد ذلك على مائدته فدل على الإِباحة -كما في حديث الباب- وتكون الكراهة للتنريه في حق من يتقذره، وتحمل أحاديث الإِباحة على من لا يتقذره ولا يلزم من ذلك أنه يكره مطلقًا. اهـ. وانظر: كلام ابن حزم في المحلى (7/ 431، 432) فإنه ساق قريبًا من هذا.
(1)
في ن هـ ساقطة.
(2)
في ن هـ ساقطة.
(3)
في ن هـ ساقطة.
(4)
انظر: تخريج حديث الباب.
(5)
لفظ الحديث: "لا تفعلا، إنكم أهل نجدٍ تأكلونها، وإنا أهل تهامة نعافها"، وعن رواية ميمونة، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (8/ 268)، وأبو يعلى (7084) ، والطبراني في الكبير (23/ 436)(24/ 21)، وذكره =
وفي أفراد "مسلم"(1) من حديث جابر بن عبد الله [يقول](2) أُتي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بضب، فأبى أن يأكل منه. وقال:"لا أدري لعله من القرون التي مسخت".
وفي "المعجم الصغير"(3) للطبراني من حديث جابر بن سمرة سئل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن الضب فقال: أمة مسخت [والله أعلم](4)، ثم قال لم يروه عن روح بن القاسم إلَّا محمَّد بن سواء.
وورد في بعض الروايات: " [إني] (5) تحضرني من الله حاضرة" يريد الملائكة عليهم الصلاة والسلام فأحترمهم لأجل رائحته
= الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 41)، وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه". اهـ.
(1)
مسلم (1949).
(2)
زيادة من المرجع السابق.
(3)
(1/ 53)، المعجم الكبير (2/ 80) من رواية ثابت بن وديعة.
وقد جاءت رواية المسخ عن عدة من الصحابة: عن عبد الرحمن بن حسنة عند أحمد، والطبراني في الكبير، وأبي يعلى والبزار. وسمرة بن جندب، عند أحمد، والبزار، والطبراني في الكبير. وعبد الرحمن بن تميم عند أحمد، وحذيفة بن اليمان أخرجه أحمد، والبزار.
تنبيه: سقط في المطبوع من "مجمع الزوائد" اسم "جابر"(4/ 40)، واقتصر على "سمرة" وحسب الاطلاع على المصادر، فإن الحديث من رواية "جابر بن سمرة".
(4)
في المخطوط ساقطة: وما أضيف من المعجم الصغير ومجمع الزوائد.
(5)
في المخطوط (إنه)، وما أثبت من الموطأ (1810) مرسل سليمان بن يسار.
كما أتقي أكل الثوم إكرامًا لهم وقيل: إنما تركه، لأن الله تعالى [أعلمه](1) أنه غضب على سبط من بني إسرإئيل فمسخهم دواب
يدبون في الأرض كما ثبت في "صحيح مسلم"(2) من حديث أبي سعيد الخدري وقيل: إن الشيوخ صاروا خنازير، والصغار قردة، قال:"فلا أدري لعل هذا منها فلست آكلها ولا أنهى عنها". وكان ذلك قبل أن يعلم أن الممسوخ لا يعقب، إذ في الصحيح "أن
الله عز وجل لم يهلك قومًا، أو يعذب قومًا، فيجعل لهم نسلًا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك" (3) ونظير هذا ما ذكره في الفأرة لما قال:"فقدت أمة من بني إسرائيل [لا يدري] (4) ما فعلت ولا أراها إلا الفأر"(5)، قاله ظنًا قبل أن يوحي إليه ما ذكرناه، وعن ابن عباس "أن الممسوخ من بني إسرائيل عاشوا ثلاثة أيام وماتوا".
المسألة الرابعة: جواز دخول أقارب الزوجة بيتها وتبسطهم
(1) في ن هـ (أعلم).
(2)
(1951). نظر: ما قبل المسألة الثالثة من الجمع بين الأحاديث.
(3)
في المخطوط: (إن الله لم يجعل [بمسخ] نسلًا)، وفي ن هـ المسخ وما أثبت من صحيح مسلم (2663)، ومسند أحمد (1/ 390، 413، 433).
(4)
في المخطوط (لا أدري)، وما أثبت من صحيح البخاري ومسلم.
(5)
البخاري (3305) ، ومسلم (2997)، وأحمد (2/ 234، 497).
وجاء بلفظ: "الفأرة يهودية، وإنها لا تشرب ألبان الإِبل".
وبلفظ: "الفأرة مسخ وعلامة ذلك أنها شرب من ألبان الشاة، ولا تشرب ألبان الإِبل".
[فيه](1) إذا علموا أن الزوج لا يكره ذلك.
الخامسة: الأكل من بيت الصديق والقريب الذي لا يكره ذلك، فإن خالدًا أكل منه في بيت خالته [وبيت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وصديقه لا سيما والمهدية](2) خالته أم حفيد، ولعله أراد بالأكل جبر قلبها فإنه عليه الصلاة والسلام عافه ولم يأكله.
السادسة: من تراجم البخاري على هذا الحديث بنحو من سياق المصنف له الأحكام التي تعرف باالدلائل، وكيف معنى الدلالة
وتفسيرها. من كتاب الاعتصام (3).
(1) في ن هـ ساقطة.
(2)
في ن هـ ساقطة.
(3)
الفتح (13/ 329).