الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[. . .](1)
الحديث الثالث
436/ 3/ 81 - عن جابر عن عبد الله رضي الله عنهما قال: "دبر رجل من الأنصار غلامًا له.
-وفي لفظ- بلغ النبي - صلي الله عليه وسلم -: أن رجلًا من أصحابه أعتق غلامًا له عن دبر لم يكن له مال غيره. فباعه [رسول الله صلى الله عليه وسلم](2) بثمانمائة. درهم، ثم أرسل ثمنه إليه" (3).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: هذا العبد المدبر اسمه يعقوب القبطي، والسيد أبو مذكور. وقيل: بذكور. حكاه أبو نعيم (4)، والذي اشتراه نعيم بن
(1) إحكام الأحكام زيادة (باب بيع المدبر).
(2)
زيادة من المرجع السابق.
(3)
البخاري (2141)، ومسلم (997)، والنسائي (8/ 304)، والسنن الكبرى له (6248، 6249)، وأبو داود (3957)، والبيهقي في السنن (4/ 178)، والحميدي (2/ 513)، وابن أبي شيبة (5/ 77)، والبغوي (9/ 365)، وأحمد (3/ 305، 369).
(4)
معرفة الصحابة لأبي نعيم رقم (3086).
عبد الله النحام [بنون ثم حاء مهملة قال الجوهري (1): يقال نحم الرجل ينحم بالكسر فهو نحام مأخوذ من النحم وهو التنحنح
والزحير.
ثانيها: جاء في بعض طرق هذا الحديث في غير الصحيح: أن الذي دبر هذا الغلام مات، فباعه النبي - صلي الله عليه وسلم - بعد موته. ولا يصح ذلك، وجاء في بعض طرقه أيضًا: أنه إنما باع صدقة المدبر لا نفسه. ولا يصح أيضًا. وقد أوضحت ذلك في "تخريجي لأحاديث الرافعي" فسارع إليه.
ثالثها: معنى "دبر وأعتق عن دبر" أعتقه بعد موته أي قال: أنت حر بعد موتي. فكأنه علق عتقه بموته، والموت دبر الحياة، وبه سمى التدبير في غير الرقيق كالخيل وغيره مما يوصي به. وقيل: سمى تدبيرًا، لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه، وأمر آخرته بإعتاقه وهو مردود إلى الأول أيضًا، لأن التدبير في الأمر مأخوذ من لفظ الدبر أيضًا، لأنه نظر في عواقب الأمر وإدباره.
رابعها: فيه جواز التدبير وصحته وهو إجماع، ثم ذهب الشافعي ومالك والجمهور أنه يحسب عتقه من الثلث. وخالف الليث وزفر، فقالا: هو من رأس المال.
خامسها: جواز بيع المدبر قبل موت سيده، لهذا الحديث قياسًا على بيع الموصى بعتقه فإنه جائز إجماعًا وهو مذهب الشافعي وأصحابه. وممن جوّزه عائشة وطاوس وعطاء والحسن
(1) انظر: لسان العرب، مادة (نحم).
ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود. وكما يجوز بيعه يجوز هبته، والوصية به وغيرهما من التصرفات المزيلة للملك، سواء كان التدبير مطلقًا أم قصدًا، خلافًا لأبي حنيفة في المطلق. ولمالك في المطلق والمقيد معًا. وعن أحمد روايتان: إحداهما كمذهبنا والأخرى أن له بيعه للدين فقط، ويمتنع بيع المدبر. قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين ومنهم أبو حنيفة ومالك وتأولوا معه على أنه عليه الصلاة والسلام إنما باعه في دين كان على سيده، كما رواه النسائي والدارقطني (1). وروي أنه عليه الصلاة والسلام باعه وقضى عنه دينه، ودفع الفضل إليه. وروي عن عائشة (2) رضي الله عنها أنها باعت مدبرة لها سحرتها ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة ولا خالفها، وهذا يدل على جواز بيعه مطلقًا قالوا: ولأنه تعليق للعتق بصيغة انفرد السيد بها، فيتمكن من بيعه كالمعلق عتقه بدخول [الدار](3).
وتأوله بعض المالكية: على أنه لم يكن له مال غيره فرد تصرفه. قال: هذا القائل وكذلك برد كل من تصدق بكل ماله. وهذا واه، والصواب نفاذ تصرف من تصدق بكل ماله.
ومنهم من يقول: أنا أقول بجواز بيعه في صورة كذا وفي صورة كذا، والواقعة واقعة حال لا عموم لها، فيجوز أن يكون في الصورة التي أقول بجواز بيعه فيها، فلا تقوم على الحجة في المنع
(1) الدراقطني (4/ 137، 138، 140).
(2)
الدارقطني (4/ 141).
(3)
زيادة من ن هـ.
من بيعه في غيرها، كما يقول مالك في جواز بيعه في الدين على التفصيل المذكور في هذهبه. قال القاضي عياض (1): والأشبه عندي أنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك نظرًا له إذ لم يترك لنفسه مالًا. والصحيح ما قاله أصحاب الشافعي ومن وافقهم: أن الحديث على ظاهره، وأنه يجوز بيع المدبر بكل حال ما لم يمت السيد.
سادسها: نظر الإِمام في مصالح رعيته وأمره إياهم بما فيه الرفق لهم، وبإبطال ما يضر من تصرفاتهم التي يمكن فسخها [(2)].
(1) إكمال المعلم (3/ 514).
(2)
ن هـ ز، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله قال مؤلفه رحمه الله وهو الشيخ الإِمام العلَاّمة أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي النحوي عرف بابن الملقن نجز هذا الشرح مساء يوم السبت ثاني عشر من المحرم سنة ست وستين وسبعمائة وقد اشتمل والحمد لله على فنون من هذا العلم كعلم اللغة العربية والأحكام الشرعية وأسماء الصحابة والتابعين. وما تيسير من مآثرهم ومناقبهم وبيان مبهماته ومهماته والجمع بين المختلفات ومذاهب علماء الإِسلام والأماكن العظام، فله الحمد على تيسير كل ذلك وأمثاله وأنعامه وأفعاله، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، اللهم انفع به مؤلفه وقارئه وكاتبه والناظر فيه ومالكه وجميع من سمعه والمسلمن علقه كاتبه لنفسه ولمن شاء ربه من بعده، فقير رحمة ربه محمد بن رجب بن عبد العال بن موسى بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم الشافعي الزبيري لطف الله به وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين، ووافق الفراغ من كماله في وقت مبارك بعد الأذان وقبل صلاة الصبح التاسع من ربيع الآخرة سنة تسعين وثمانمائة وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وآله التابعين.
آخر كتاب شرح العمدة للشيخ الإِمام العالم العلَاّمة أبي حفص عمر بن الشيخ الإِمام العالم العلَاّمة أبي الحسن علي بن الشيخ الإِمام العالم العلَاّمة أبو العباس أحمد الشافعي الشهير بابن أبو الحسن النحوي. غفر الله ذنوبه وستر عيوبه، والله الموفق للصواب وإليه وجميع المسلمين بمحمد (1) وآله. المرجع والمآب به الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وذكر مؤلفه المذكور عفا الله عنه أن هذا الشرح نجز مساء يوم السبت ثاني عشر من شهر الله المحرم سنة ست وستين وسبعمائة أحسن الله تقضيها وما بعدها في خير وعافية، وقد اشتمل بحمد الله ومنه على فنون من هذا العلم كعلم العربية واللغة والأحكام الشرعية وأسماء الصحابة والتابعين وما تيسر من مآثرهم ومناقبهم وبيان مبهماته ومهماته، والجمع بين المختلفات، ومذاهب علماء الإِسلام والأماكن العظام، فله الحمد على تيسير ذلك وأمثاله وأفضاله، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين اللهم انفع به مؤلفه وكاتبه وقارئه، والناظر فيه وجميع المسلمين
…
آمين.
وعلقه لنفسه أجمع فقير رحمة ربه المعترف بذنبه محمَّد بن سليمان عوض بن سليمان البكري الشافعي في مستهل ربيع الآخر من شهور سنة ست وستين وسبعمائة غفر الله له ولوالديه وبجميع المسلمين وكتبه أجمع من خط مؤلفه اللهم صلِّى على محمَّد وآله.
(1) هذا توسل بدعي لا يجوز فينبغي على القارئ والكاتب والمتكلم تجنبه.
تم الكتاب بمعونة الملك الوهاب سائلًا الله عز وجل أن يجعله ذخرًا يوم القيامة ووالديّ، ولمؤلفه ووالديه، وناسخيه ووالديهم، وجميع المسلمين وأن يمنحنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، وأن يغفر لنا زلاتنا ويستر عوراتنا ويكشف كربتنا وأن يصلح لي نيتي وذريتي وأن يجعلهم هداة مهتدين وأن يجعلنا ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأن يصلح حال أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم وأن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات، كما أسأله أن يجعله خالصًا لوجه الكريم وأن ينفع به ممن اطلع عليه وقرأه وكتبه وسعى في نشره تعلمًا وتعليمًا وطباعة. وصلَّي الله وسلَّم على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. تم كتابته والتعليق عليه وتصحيحه في مدينة بريدة حرسها الله من كل سوء وديار المسلمين.
أبو أحمد/
عبد العزيز بن أحمد بن محمَّد بن حمود المشيقح
15/ 12/ 1415 هـ