الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
409/ 3/ 78 - عن عبد الله [بن عباس](1) رضي الله عنهما، قال: بلغ عمر رضي الله عنه أن فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال:"قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فجملوها: فباعوها"(2)؟
جملوها: أذابوها.
الكلام عليه من وجوه:
الأول: هذا البائع سمرة بن جندب رضي الله عنه، كذا ثبت مصرحًا به في "صحيح مسلم"(3)، وذكره أيضًا الخطيب في "مبهماته"(4)
(1) في المخطوط (ابن عمر)، وما أثبت من البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (2223)، ومسلم (1582)، والنسائي (7/ 177)، وفي الكبرى له (4583)، وابن ماجه (3383)، وأحمد (1/ 322، 293، 247)، والحميدي (1/ 13، 14)، وشرح سنة البغوي (8/ 2041)، والبيهقي في السنن (8/ 497، 498)، وابن أبي شيبة (5/ 187)، وعبد الرزاق (6/ 75).
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي (7/ 11).
(4)
الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة (110).
وابن بشكوال (1) وغيرهما، ومن المتأخرين النووي (2) والشيخ تقي الدين (3)، ووقع في "أحكام المحب الطبري" أنه جابر بن سمرة، والظاهر أنه وهم، وكان سمرة بن جندب واليًا على البصرة من قبل عمر، قال ابن ناصر الحافظ: إنما كان يأخذ قيمة الجزية خمرًا، فيبيعه، فيهم ظنا منه أن هذا جائز، وكان على البصرة، فنهاه عمر، فكان ينبغي له أن يوليهم بيعها.
قال ابن عقيل الحنبلي: فهم إذا باعوها أخذوا ثمنها ونحن نأخذه منهم، فهذا الحائل بين الأخذين يخرج اسم المأخوذ منهم عن
اسم القيمة، كما قال عليه الصلاة والسلام لبريرة:"هو عليها صدقة ولنا هدية".
وأجاب غيره بوجهين: أحدهما: أنه باع العصير ممن يتخذه خمرًا، فأطلق اسم الخمر عليه باعتبار ما يؤول إليه. الثاني: أنه خللها، ثم باعها. وفيه خلاف مشهور، ذكرهما الخطابي (4) وغيره. ومن يقول بجواز التخليل يحمل النهي عنه على أنه كان في أول الأمر، عقب تحريمها، حسمًا للباب.
الثاني: تقدم الكلام على الشحوم وأحكامها وما يتعلق بذلك من الادِّهان في الحديث من باب العرايا من كتاب البيوع.
(1) غوامض الأسماء (604).
(2)
الإِشارات إلى بيان الأسماء المبهمات (573).
(3)
أحكام الأحكام (4/ 486).
(4)
معالم السنن (5/ 261).
الثالث: الحديث دال على تحريم الخمر وبيعها، وقد سلف الكلام في بيعها في الموضع المشار إليه أيضًا. وقدمنا هناك عن أبي حنيفة أنه جوز أن يوكل المسلم ذميًّا في بيعها وشرائها، وهو دال أيضًا على تحريم بيع ما حرمت عينه مطلقًا.
الرابع: فيه استعمال الصحابة القياس في الأمور من غير نكير، لأن عمر قاس بيعها عند تحريم عينها على بيع الشحوم عند، تحريمها، وهو قياس من غير شك.
الخامس: فيه أيضًا تأكيد استعمال القياس، حيث دعا عمر على من خالفه وباعها بقوله:"قاتل الله فلانًا".
السادس: فيه أيضًا الدعاء على فاعل ذلك، وهذه لفظة جرت على ألسنتهم من غير قصد لمعناها.
السابع: قد فسَّر المصنف "جملوها"، وقد أوضحناها هناك في الموضع المشار إليه أولًا.
الثامن: فيه دلالة على منع التحيل فيما حرم إذا كان طريقًا لارتكابه، كما فعلته اليهود هنا وفي الصيد يوم السبت.
باب اللباس