المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السابع 421/ 7/ 80 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ١٠

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌74 - باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌75 - باب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث [الثامن]

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌76 - باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌77 - باب الأضاحي

- ‌78 - باب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌79 - باب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌80 - باب الجهاد

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌كتاب العتق

- ‌81 - باب العتق

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث السابع 421/ 7/ 80 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي

‌الحديث السابع

421/ 7/ 80 - عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي - صلي الله عليه وسلم - إلى حنين -وذكر قصة - فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلًا عليه بينة فله سلبه قالها ثلاثًا"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: في التعريف براويه، وقد سلف في باب الاستطابة.

ثانيها: صفة هذه القصة أن أبا قتادة قتل رجلًا، وأخذ سلبه آخر. فلما قال عليه الصلاة والسلام:"من قتل قتيلًا" إلى آخره، وكان هذا القول بعد الفراغ من القتال. قال ذلك الرجل: هو قاتله وعندي سلبه، فأرضه من حقه، فقال الصديق: لاها الله إذًا لا يعمد إلى أَسدٍ من أُسدٍ الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال عليه الصلاة والسلام: "صدق فأعطه إياه" فأخذه وباعه وكان درعًا

(1) البخاري (3142)، ومسلم (1175)، وابن ماجه (2837)، وأبو داود (3717)، والترمذي (162)، والحميدي (423)، والبيهقي في السنن (9/ 50)، والدارمي (2/ 259)، وابن الجارود (1076)، وعبد الرزاق (5/ 236)، وابن أبي شيبة (7/ 649)، ومالك (2/ 363)، وأحمد (5/ 306).

ص: 307

واشتريت به مخرفًا في بني سلمة، وكان ذلك أول مال تأثلته في الإِسلام" (1)، وقوله: "ثلاثًا"، أي كرر هذه اللفظة ثلاثًا وذلك في

مجلس واحد بين كل واحدة بينهما فصل ما. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون قالها متواليًا ليكون أثبت في نفس السامع، وأن يكون

مفرقًا. قلت: وهذا هو المصرح به في الحديث.

ثالثها: "حنين"، واد بين مكة والطائف وراء عرفات بينه وبين مكة بضعة عشر ميلًا، وهو معروف.

وبين غزوة "حنين" و"فتح مكة" خمس عشر ليلة، فإن الفتح كان في عشرين رمضان سنة ثمان "وحنين" خامس شوال منها وكان يقصر في هذه المدة الصلاة.

رابعها: روى أبو داود في "سننه"(2) من حديث أنس، أن أبا قتادة قتل ذلك اليوم عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم. وفي رواية لأحمد (3):"فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلًا".

(1) الذي يظهر من سياق المؤلف -رحمنا الله وإياه- للقصة أنه أوردها بالمعنى.

(2)

الذي في سنن أبي داود (2718)، ومسند أحمد (3/ 190، 279)، وأبو طلحة لا كما ذكره المؤلف رحمه الله.

(3)

مسند أحمد (3/ 114، 190، 279)، والذي في المسند (عشرين رجلًا)، وإنما جاء ذلك في صحيح ابن حبان (4841).

تنبيه: ذكر ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (8/ 40)"راجلًا" بدل "رجلًا" ونسبه لأحمد. وبعد الاطلاع على المسند وجد الصواب "رجلًا" في الموضعين فليصحح. وعند أبي "داود" كذلك.

ص: 308

خامسها: "البينة" في الأصل هي العلامة، والمراد هنا علامة توضح أنه القاتل: إما إخبار واحد، أو ظن راجح برؤية سهم القاتل أو سيفه أو نحو ذلك، بما يرجح جانبه، فيما يدعيه من استحقاق السلب.

واعلم أن السلب منسوب إلى جميع الجيش، فلا يقبل إقرار من هو في يده أنه القاتل على الباقين، إلَّا إذا كان مختصًا به [فيؤاخذ](1) بإقراره.

سادسها: السلب هو الشيء المسلوب سمي به، لأنه يسلبه كالمخيط بمعنى المخيوط، وهو عندنا ثياب القتيل والخف وآلات الحرب: كدرع وسلاح ومركوب وسرج ولجام وكذا سوار ومنطقة وخاتم [ونفقته](2) معه وجنيبة تقاد معه لا حقيبة مشدودة على الفرس كما بسطته في كتب الفروع.

وعن أحمد: الفرس ليست من السلب.

سابعها: في فوائده وأحكامه.

الأول: أن السلب للقاتل، لعموم هذا الحديث، ولا ينبغي هذا أن يكون السلب للجيش أولًا ثم أعلم عليه الصلاة والسلام أنه للقاتل مقبلًا غير مدبر.

واختلف العلماء فيه على قولين:

أحدهما: أنه يستحقه، سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من

(1) في مسلم (12/ 60) فيؤخذ.

(2)

في ن هـ (فصه).

ص: 309

قتل قتيلًا فله سلبه، أو لم يقل ذلك، وبه قال الشافعي، والأوزاعي، والليث، والثوري، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، وابن جرير وغيرهم، قالوا: وهذا الحديث فتوى منه عليه الصلاة والسلام وإخبار عن حكم الشرع، فلا يتوقف على قول أحد (1).

والقول الثاني: لا يستحق القاتل ذلك لمجرد القتل، وإنما هو لجميع الغانمين: كسائر الغنيمة، إلَّا أن يقول قبل القتال "من قتل قتيلًا فله سلبه" وبه قال مالك وأبو حنيفة ومن تابعهما، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقًا من النبي - صلي الله عليه وسلم -، وليس بفتوى وإخبار عام (2).

واستضعف هذا: فإنه صرح في هذا الحديث في الصحيح بأنه عليه الصلاة والسلام قال هذا بعد الفراغ من القتال واجتماع الغنائم (3). وقال الشيخ تقي الدين (4): هذا يتعلق بقاعدة، وهي أن

(1) انظر: الاستذكار (14/ 138).

(2)

انظر: الاستذكار (14/ 138).

(3)

كما هو مصرح في سياق الحديث "خرجنا مع النبي - صلي الله عليه وسلم - يوم حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلًا من المشركين علا رجلًا من المسلمين، فاستدبرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل عليّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقني عمر بن الخطاب، فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي - صلي الله عليه وسلم -، فقال: من قتل قتيلًا فله سلبه" الحدث. فيتضح أنه قال ذلك بعد أن فرغ القتال.

(4)

إحكام الأحكام (4/ 519).

ص: 310

تصرفات الشارع في أمثال هذا إذا ترددت بين التشريع، والحكم الذي يتصرف فيه ولاة الأمور، هل يحمل على الأول أو على الثاني؟ والأغلب حمله على الأول، إلَّا أن مذهب مالك في هذه المسألة فيه قوة، لأن قوله عليه الصلاة والسلام من قتل قتيلًا" (1) [إلى آخره] (2) يحتمل [(3)] الأمرين [6] (4) [لكن] (5) جاءت أمور في أحاديث ترجح الخروج [عن الأغلب] (6) [حمله] (7) مثل قوله عليه الصلاة والسلام بعدما أمر أن يعطي السلب [للقاتل] (8) فقابل هذا القاتلُ خالد بن الوليد بكلام فقال عليه الصلاة والسلام بعده "لا تعطه يا خالد" (9).

فلو كان مستحقًا له بأصل التشريع لم يمنعه منه بسبب كلامه لخالد فدل على أنه كان على وجه النظر فلما كلَّم خالد بما يؤذيه استحق العقوبة بمنعه، نظرًا إلى غير ذلك من الدلائل.

(1) في المرجع السابق زيادة (فله سلبه).

(2)

غير موجودة في المرجع السابق.

(3)

في المرجع السابق زيادة (ما ذكرناه من).

(4)

في المرجع السابق زيادة (أعني التشريع العام، وإعطاء القاتلين في ذلك الوقت السلب تنفيلًا -فإن حمل على الثاني فظاهر. وإن ظهر حمله على الأغلب -وهو التشريع العام-.

(5)

في إحكام الأحكام (فقد).

(6)

في المرجع السابق عن هذا الظاهر.

(7)

في ن هـ والمرجع السابق ساقطة.

(8)

في المرجع السابق (قاتلًا).

(9)

أخرجه أبو داود (2721)، وأحمد (3/ 72)، وسعيد بن منصور في سننه (2698).

ص: 311

قلت: قد أجبت عن هذا الحديث بجوابين:

أحدهما: لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخبره تعزيرًا له لإِطلاقه لسانه، في حق خالد وانتهاك حرمة الوالي ومن ولاه (1).

(1) أقول وظاهر الحديث حرمانه منه لانتهاك حرمة الوالي كما يدل عليه لفظ الحديث من رواية عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع زيد حارثة في غزوة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورًا، فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه اياه، فاتخذه كهيئة الدَّرْقِ ومضينا فلقيا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سَرْجٌ مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يُفْرِي بالمسلمين، فقعد له المدديُّ خلف صخرة، فمر به الرومي فَعَرْقب فرسه، فخر، وعلاه فقتله

وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من المسلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته، قلت: لتردُّنُه عليه أو لأعَرِفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصصت عليه قصة المددي، وما فعل، خالد، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:"يا خالد، ما حملك على ما صنعت"؟ قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد استكثرته، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:"يا خالد رد عليه ما أخذت منه"، قال عوف: فقلت له: دونك يا خالد، ألم أف لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وما ذلك"؟ فأخبرته، قال فغضب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال:"يا خالد لا ترد عليه، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كَدَرُهُ". أخرجه مسلم (1853)، وسقته بلفظ أبي داود (2719)، وأحمد (6/ 28)، والبيهقي في السنن (6/ 310)، ومعاني الآثار (3/ 231)، إلى هذا ذهب ابن حبان فقال: قوله صلى الله عليه وسلم: "يا خالد لا تعطه"، أراد به في ذلك الوقت، ثم أمره فأعطاه". اهـ. (11/ 176).

ص: 312

الثاني: لعله استطاب قلب صاحبه، فتركه باختياره، وجعله للمسلمين، وكأن المقصود بذلك استطابة قلب خالد للمصلحة في إكرام الأمراء (1)، فتكون واقعة عين لا تقتضي العموم. وفي المسألة قول ثالث، أنه إن كان السلب يسيرًا فهو للقاتل، وإن كان كبيرًا خمس، وسيأتي وفي "سنن أبي داود" بإسناد جيد من حديث عوف بن مالك وخالد بن الوليد أنه عليه الصلاة والسلام قضى بالسلب للقاتل، و"لم يخمس السلب"(2)، وأخرجه أبو حاتم بن حبان في "صحيحه" عن عوف أنه عليه الصلاة والسلام "لم يخمس السلب"(3)، وفي صحيح مسلم بمعناه.

الثاني عشر: شرط الشافعي في استحقاقه أن يغزو بنفسه في قتل كافر ممتنع في حال القتال، والأصح أن القاتل لو كان ممن له رضخ ولا سهم له كالمرأة والصبي والعبد يستحق السلب أيضًا.

وقال مالك: لا يستحقه إلَّا القاتل.

وقال الأوزاعي والشاميون: لا يستحق [السلب](4) إلَّا في قتيل قتله قبل التحام [القتل](5) فأما من قتل في حال التحام [القتل](6) فلا

(1) ذكرهما النووي في شرح مسلم (12/ 64).

(2)

أبو داود (2721)، وأحمد (6/ 26)، وسنن سعيد بن منصور (2698)، وابن الجارود (1077).

(3)

ابن حبان (4844).

(4)

زيادة من شرح صحيح مسلم (12/ 59).

(5)

في المرجع السابق ون هـ (الحرب).

(6)

في المرجع السابق وهـ (الحرب).

ص: 313

يستحقه (1).

وقال أبو ثور وابن المنذر: ويستحقه وإن كان المقتول منهزمًا (2).

وقال أحمد: لا يكون إلَّا في المبارزة.

الثالث: اختلفوا في تخميس السلب على أقوال.

أصحها: عند الشافعية لا يخمس، لظاهر الحديث، بل صريح حديث عوف وخالد السالفين، وبه قال أحمد وابن جرير وابن المنذر وآخرون (3).

وثانيها: نعم، وهو قول مكحول ومالك والأوزاعي، وهو قول ضعيف للشافعي (4).

ثالثها: نعم، إذا كثر، وبه قال عمر بن الخطاب وإسحاق بن راهويه فعله عمر مع البراء بن مالك حين بارز المرزبان فقتله، فكان

(1) الاستذكار (14/ 138، 139).

(2)

الاستذكار (14/ 140).

(3)

وحجتهم في ذلك أثر عمر رضي الله عنه أنه قال: "كنا لا نخمس السلب على عهد رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، أخرجه عبد الرزاق (5/ 233)، والأموال لأبي عبيد (310).

وأيضًا عموم قوله صلى الله عليه وسلم "من قتل قتيلًا فله سلبه" فملكه إياه ولم يستثن عليه شيئًا منه ولا استثنى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - شيئًا من سنته من جملة الغنيمة غير سلب القاتل. انظر الاستذكار (14/ 140، 141) فقد ذكر ذلك.

(4)

المرجع السابق.

ص: 314

قيمة منطقته وسواريه ثلاثين ألف فخمس ذلك (1).

وعنه: أنه يخمس على القاتل وحده.

ووقع في "شرح الفاكهي" عقب هذا نقلًا عن ابن عطية (2) أنه روى [في ذلك](3) حديث عن النبي - صلي الله عليه وسلم - في أبي داود، وهو حديث مالك بن عوف الأشجعي. انتهى. وهذا الحديث هو في عدم التخميس كما أسلفته في ذلك وراويه "عوف بن مالك" لا "مالك بن عوف".

وعن مالك: رواية أجازها إسماعيل القاضي أن الإِمام بالخيار، إن شاء خمسه، وإن شاء لم يخمسه (4).

الرابع: أن السلب لا يعطي إلَّا لمن له بينة بأنه قتل ولا يقبل قوله بغير بينة، وهو مذهب الشافعي والليث ومن وافقهما من المالكية وغيرهم. ونقله ابن عطية عن الجمهور (5). وقال مالك

(1) ولفظه: "بارز البراء بن مالك أخو أنس بن مالك: مرزبان الزأرة فقتله، فأخذ سلبه، فبلغ ثلاثين ألفًا، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فقال لأبي طلحة: "إنا كنا لا نخمس السلب، وإن سلب البراء قد بلغ مالًا كثيرًا، ولا أرانا إلَّا خامسيه"، أخرجه عبد الرزاق (5/ 233)، والبيهقي (6/ 310)، والأموال لأبي عبيد (310)، والتمهيد (23/ 247).

(2)

في الأصل (باطنه)، وما أثبت من ن هـ، وما أثبت هو الصواب لأنه يوافق ما في المحرر الوجيز (8/ 9).

(3)

زيادة من ن هـ.

(4)

ذكرها في الاستذكار (14/ 141).

(5)

المحرر الوجيز (8/ 9).

ص: 315

والأوزاعي: يمطي لقوله بلا بينة، قالا لأنه عليه الصلاة والسلام أعطاه السلب في هذا الحديث بقول واحد، ولم يحلفه (1).

وأجاب الأول: بأنه محمول على أنه عليه الصلاة والسلام علم أنه القاتل بطريق، وقد صرح صلى الله عليه وسلم بالبينة فلا تلغى. وقد يقول المالكي هذا مفهوم وليس هو بحجة، وقد يجاب: بأنه عليه الصلاة والسلام سماها بينة، وعمل بها فيه مع قوله "لو يعطي الناس بدعواهم [لادعى ناس دماء رجال، وأموالهم، و] (2) لكن البينة على المدعي" الحديث.

وأبعد بعض المالكية، فقال: إنه عليه الصلاة والسلام إنما أعطاه ببينة، وفي الشاهدان:

أحدهما: أن السلب شاهد عرفي على أنه قتله، وهو بمنزلة الشاهد الواحد، ولذلك جعل لوثًا في باب القسامة يحلف مع الورثة. والآخر: هو الذي له شهد له به، واحتج بعضهم للأول بأن أبا قتادة إنما استحق السلب بإقرار من هو بيده، وهو ضعيف؛ لأن الإِقرار إنما ينفع إذا كان المال منسوبًا إلى من هو في يده فيؤخذ بإقراره والمال هنا منسوب إلى جميع الجيش فلا يقبل إقرار بعضهم على الباقين.

ونقل ابن عطية (3): عن أكثر الفقهاء أن البينة هنا واحد بحكم حديث أبي قتادة وضعف قول الأوزاعي، وهو قول عديم النظير.

(1) ذكره في الاستذكار (14/ 147)، وضعفه في المحرر الوجيز (8/ 9).

(2)

زيادة من متن العمدة والحديث سبق تخريجه في آخر باب القضاء.

(3)

المحرر الوجيز (8/ 9).

ص: 316

الخامس: استدل بعضهم لقول الأوزاعي وسحنون أنه لا يستحق السلب إلَّا من قتل أو أنفذ المقاتل، فأما إذا أسره، فإنه لا يستحق، وهو قول للشافعي والأصح أنه يستحقه، لأنه كفى شره فهو في معنى [قتله](1).

السادس: استدل به ابن رشد منهم في كتاب -الجعل والإِجارة- من "المقدمات" على جواز الجعل. وفيه نظر، فإن شرطه أن يكون معلومًا إلَّا ما استثنى للحاجة.

السابع: استحباب إعادة المفتي أو العالم الكلام مرات لقصد الإِبلاغ والبيان.

خاتمة: يؤخذ من إيراد المصنف جواز تقطيع الحديث الواحد من العارف باللفظ والمعنى إذا لم يكن للجملة المقطوعة تعلق بما قبلها، وقد فعل هذا البخاري وغيره من العلماء المحققين.

وفيه أيضًا التنبيه: على اختصار تلك الجملة من الحديث بلفظ يدل عليه بقوله، وذكر قصة أوحديث قال فيه كذا أو نحو ذلك، فيجمع بين الاختصار والتنبيه على أنه بعض حديث.

(1) في ن هـ ساقطة.

ص: 317