الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
422/ 8/ 80 - عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: أتى النبي - صلي الله عليه وسلم -[عينٌ من المشركين -وهو في سفر- فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال [النبي - صلي الله عليه وسلم -](1): "اطلبوه واقتلوه" فقتلته، فنفلني سلبه.
وفي رواية، فقال:"من قتل الرجل؟ فقالوا: ابن الأكوع، فقال: "له سلبه. اجمع"] (2).
الكلام عليه وجوه:
أحدها: في التعريف براويه، وقد سلف في صلاة الجمعة، وأنه منسوب إلى جده، فإنه سلمة بن عمرو بن الأكوع.
ثانيها: اللفظ الأول الذي أورده المصنف هو للبخاري، إلَّا أنه
(1) زيادة من متن العمدة.
(2)
في ن هـ ساقطة. والحديث أخرجه البخاري (3051)، ومسلم (1754)، وأبو داود (2653، 2654)، وابن ماجه (2836)، وشرح معاني الآثار (3/ 227)، وأحمد (4/ 46، 49، 50)، والبيهقي (6/ 307)(9/ 147)، والطبراني (6272، 6273)، وأبو عوانة (4/ 122، 123)، وشرح السنة (2709).
قال "فنفله سلبه" بدل "فنفلني رسول الله - صلي الله عليه وسلم - سلبه"، وهو بمعناه، وترجم عليه الحربي إذا دخل دار الإِسلام بغير أمان.
والرواية الثانية: هي لفظ مسلم، وذكر أن ذلك في غزوة هوازن، وساقه مطولًا وأدخله أبو "داود" في باب الجاسوس المستأمن.
ثالثها: "الجاسوس" هو صاحب سر الشر، كما أن الناموس صاحب سر الخبر، يقال: اعتان له إذا أتاه بالخبر، ويقال له: ذو العينين أيضًا والعين من الألفاظ المشتركة، تطلق بإزاء أمور:
أحدها: ما ذكرنا.
ثانيها: حاسة الرؤية.
ثالثها: عين الماء.
رابعها: عين الركبة، ولكل ركبة عينان، وهي نقرتان في مقدمها عند الساق.
خامسها: عين الشمس.
سادسها: الدينار.
سابعها: المال الفاض.
ثامنها: عين الميزان، وهي ترجيح إحدى الكفتين على الأخرى.
تاسعها: عين الشيء خياره.
عاشرها: عين الشيء نفسه، يقال هو هو عينًا وهو هو عينه.
الحادي عشر: المعاينة، ومنه قولهم: لا أطلب أثرا بعد عين، أي: بعد معاينة.
الثاني عشر: القليل بلد قليل العين، أي: قليل الناس.
الثالث عشر: ماء عن يمين قبلة العراق يقال: أنشأت السحابة من قبل العين.
الرابع عشر: العين مطر أيام لا [يقلع](1).
الخامس عشر: أسود العين [جبل](2).
السادس عشر: رأس عين بلدة.
السابع عشر: العين من حروف المعجم.
الثامن عشر: يقال هو عبدي عين: أي هو كالعبد ما دمت تراه، فإذا غبت فلا.
التاسع عشر: يقال: أنت على عيني في الإِكرام والحفظ جميعًا، قال تعالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)} (3).
العشرون: يقال في الجلد عين، وهي دوائر رقيقة، وذلك عيب فيه (4).
رابعها: "السلب" تقدم بيانه في الحديث قبله والسلب الذي أخذه ابن الأكوع، هو جمل أحمر، عليه رحله وسلاحه، كما جاء مبينًا في "صحيح مسلم".
(1) في الأصل (يقطع)، وما أثبت يوافق ن هـ والمنجد في الفقه (32).
(2)
في ن هـ ساقطة.
(3)
سورة طه: آية 39.
(4)
للاطلاع على تفاصيلها، راجع مادة (ع ي ن)، والمنجد في اللغة (32، 259)، وشجر الدر في تداخل الكلام بالمعاني المختلفة (88، 144، 161، 193، 235، 231، 244)، ومعجم البلدان (4/ 174، 175)، وتاج العروس (فصل العين مع النون)(18/ 400، 414).
ولا يحضرني اسم هذا الرجل المقتول بعد البحث عنه.
و"النفل" بالفاء العطاء من الغنيمة غير السهم المستحق بالقسمة، فهو الزائد على الواجب، ومنه نافلة الصلاة. والنافلة: ولد الولد. والأنفال: العطايا [واحد](1) نفل بفتح الفاء وتسكن أيضًا. ويقال: نفل تنفيلًا، وذكر بعضه أهل اللغة: أن الأنفال الغنائم وأطلقه الفقهاء على ما يجعله الإِمام لبعض الغزاة لأجل الترغيب وتحصيل مصلحة أو عوض عنها.
خامسها: في أحكامه:
أحدها: الجلوس عند أصحابه لإِيناسهم بالحديث وتعليم العلم خصوصًا في الأسفار ووقت الحاجة إلى ذلك، وفي "صحيح مسلم" أن ذلك كان وقت التضحي فإنه قال:"بينا نحن نتضحى معه إذ جاء رجل" فذكره.
ثانيها: الأمر بطلب الجاسوس الكافر الحربي وقتله، والإِجماع قائم على ذلك، لما فيه من كشفه لعورات المسلمين. واختلف العلماء في الجاسوس المعاهد والذمي، هل ينقض عهده ويقتل؟ على قولين:
أحدهما: يصير ناقضًا للعهد بذلك، فإن رأى الإِمام استرقاق أرقه، ويجوز قتله.
ثانيهما: لا ينتقض عهده بذلك، وبه قال جمهور العلماء، قال الشافعية: إلَّا أن يكون قد شرط عليه انتقاض العهد بذلك.
(1) في ن هـ ساقطة.
أما الجاسوس المسلم: فقال الشافعي، والأوزاعي [وأبو حنيفة] (1) وبعض المالكية والجمهور: يعزره الإِمام بما يراه من ضرب وحبس ونحوهما، ولا يجوز قتله.
وقال مالك: يجتهد فيه الإِمام، ولم يفسر الاجتهاد، ونقل القاضي عياض: عن أكابر [أصحابه](2) أنه يقتل، قال: واختلفوا في تركه بالتوبة، وقال [ابن] (3) الماجشون: إن عرف [قتل](4) وإلَّا عزر.
ثالثها ورابعها: أن القاتل يستحق السلب، وأنه لا يخمس، وتقدم الكلام فيه في الحديث قبله واضحًا. وقد يحتج به من يراه غير واجب بالشرع، بل بتنفيل الإِمام، لقوله "فنفلنيه"، وفيه ضعف ما.
[رابعها](5): أنه يستحق سلبه وإن كان هاربًا، وقد ذكر الفقهاء صورًا فيما يستحقه القاتل وترددوا في بعضها، فإن كان اسم السلب منطلقًا على كل ما معه، فقد يستدل به فيما اختلف فيه من بعض الصور، بل يستدل به على أنه كل ما على القتيل كيف كان، لأنه لم يستثن مما عليه شيئًا.
(1) في ن هـ ساقطة.
(2)
في الأصل (الصحابة)، وفي ن هـ (أصحابنا)، وما أثبت من إكمال إكمال المعلم (5/ 69).
(3)
زيادة من المرجع السابق.
(4)
في الأصل (جاز)، وفي ن هـ ساقطة، وما أثبت من المرجع السابق.
(5)
في ن هـ (خامسها).
[خامسها](1): استحباب سؤال الإِمام عمن فعل فعلًا جميلًا ليثني عليه ويعطيه ما يستحق عليه.
[ثامنها](2): استحباب مجانسة الكلام إذا لم يكن فيه تكلف ولا فوات مصلحة.
[تاسعها](3): مبادرة الرعية إلى امتثال أمر إمامهم ما لم يكن معصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
[عاشرها](4): قال القاضي: فيه جوازتنفيل جميع ما أخذته السرية، لأن سلبه كان جملة ما غنموه، وما كان مع سلمة غيره من الذين بعثهم النبي - صلي الله عليه وسلم -، ولا يخلو ما ذكره من نظر.
(1) في ن هـ (سادسها).
(2)
في ن هـ (سابعها).
(3)
في ن هـ (ثامنها).
(4)
في ن هـ (تاسعها).