الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس عشر
429/ 15/ 80 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني [(1)] وعرضت عليه يوم الخندق [وأنا ابن خمس عشرة](2) فأجازني" (3).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: "غزوة أُحُد" كانت في يوم السبت النصف من شوال سنة ثلاث.
"وغزوة الخندق" كانت في شوال، وقيل: في جمادى الآخرة، وقيل: في ذي القعدة سنة أربع، وقيل: خمس، وهو يوم الأحزاب،
(1) في متن العمدة زيادة (في المقاتلة).
(2)
في هـ ساقطة. وفي متن العمدة زيادة (سنة).
(3)
البخاري (9407)، مسلم (1868)، والترمذي (1136) ، وأبو داود (2957)، وابن ماجه (2543)، والنسائي (6/ 155)، وفي الكبرى (5624، 8877)، وأحمد (2/ 17)، وأبو عوانة (4/ 53، 54)، وعبد الرزاق (5/ 310، 311).
ومقتضى هذا على القول الثاني، وهو مخالف لمقضى الحديث الصحيح، فإن مقتضاه أن يكون سنة خمس عشرة، لكنه موافق للأول، أو يكون ابن عمر طعن في الرابعة عشر يوم أُحُد وفي السادسة عشر يوم الخندق، فعبر عنهما بما ذكر.
فائدة: رد النبي - صلي الله عليه وسلم - يوم أُحُد مع ابن عمر زيد بن ثابت، وأسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وأسيد بن ظهير، وعرابة بن أوس وزيد بن أرقم، وأبا سعيد الخدري. وأجازهم يوم الخندق. وقيل: إن بعض هؤلاء إنما رده يوم بدر. وأجازه يوم أُحُد، لأجل البلوغ وعدمه، ذكره كله ابن عبد البر في "سيرته"(1) ومن رد يوم أُحُد [عقيب](2) بن عمرو أخو سهيل بن عمرو، وزيد بن حارثة الأنصاري، وسعد بن خيثمة. وفي هذا نظر، لأنه تغيب فكيف يرد. وسعد بن حبته جد أبي يوسف القاضي وهو بحاء مهملة مفتوحة، ثم موحدة ثم مثناة فوق.
الوجه الثالث: معنى "لم يجزني وأجازني"، أي: جعلني يوم الخندق رجلًا في حكم المقاتلين، بخلاف يوم أُحُد بدليل رواية مسلم: عرضني يوم أُحُد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة. الحديث. وفي لفظ:"فاستصغرني".
الوجه الرابع: في فقهه، هو دال على أن البلوغ بالسن يحدد
(1) الدرر في اختصار المغازي والسير (147).
(2)
في الإِصابة (4/ 255). ذكره بالتكبير والذي رد ابنه سعد كما ذكره أيضًا في أسد الغابة (3/ 422).
بخمس عشرة سنة، وهو مذهب الشافعي والأوزاعي وابن وهب، وأحمد وغيرهم. قالوا باستكمال خمس عشرة سنة ليصير مكلفًا، وإن لم يحتلم فيجري عليه جميع الأحكام من وجوب العبادات وغيرها، ويستحق سهم الرجل من الغنيمة، ويقتل إن كان من أهل الحرب.
وفي المسألة قول ثان: أنه يحدد بسبع عشرة.
وثالث: بثمان عشرة، وهذه الأقوال الثلاثة عند المالكية، والمشهور عندهم ثالثها. وفرق أبو حنيفة: بين الغلام والجارية، فقال ثمان عشرة في الغلام وسبع عشرة في الجارية. واعتذر عن هذا الحديث بأن الإِجازة في القتال حكمه منوطة بالإِطاقة والقدرة عليه، فأجازه عليه الصلاة والسلام لابن عمر في الخمس عشرة، لأنه رآه مطيقًا للقتال، ولم يكن مطيقًا له قبلها، لا لأنه أراد الحكم عن البلوغ وعدمه، ويرد هذا رواية ابن حبان:"فلم يجزني ولم يرني بلغت". وقال في الثاني: "فأجازني ورآني بلغت"، وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما بلغه هذا الحديث، جعله حدًّا بين الصغر والكبر، وكتب إلى عماله. أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة، ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال، وعمل به الصحابة والتابعون.
الوجه الرابع: هو دال أيضًا، على أن الخندق كانت سنة أربع، وهو الصحيح وجماعة من أهل السير والتواريخ قالوا إنها كانت سنة خمس، وهذا الحديث يرده لأنهم أجمعوا على أن أُحُد كانت سنة
ثلاث، فتكون الخندق سنة أربع، لأنه جعلها في هذا الحديث بعدها بسنة.
الوجه الخامس: هو دال أيضًا على أنه ينبغي للإِمام استعراض الجيش قبل الحرب، فمن وجده أهلًا أجازه، ومن وجده غير أهل رده، كما فعل عليه الصلاة والسلام.