المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول 434/ 1/ 81 - عن عبد الله بن عمر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ١٠

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌74 - باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌75 - باب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث [الثامن]

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌76 - باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌77 - باب الأضاحي

- ‌78 - باب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌79 - باب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌80 - باب الجهاد

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌كتاب العتق

- ‌81 - باب العتق

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول 434/ 1/ 81 - عن عبد الله بن عمر

‌الحديث الأول

434/ 1/ 81 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "من أعتق شركًا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قُوِّم عليه قيمة عدلٍ، فأَعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلَّا فقد عتق منه ما عتق"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: صيغة "من" للعموم، فتقتضي دخول أصناف المعتقين في الحكم المذكور، ومنهم المريض، وقد اختلف في ذلك.

فالشافعية يرون أنه إن خرج من الثلث جميع العبد [يقوم](2)

(1) البخاري (2521)، ومسلم (1150)، الترمذي (1346، 1347)، والنسائي في الكبرى (4957)، والنسائي (7/ 319)، وأبو داود (3940)، وابن ماجه (2528)، والموطأ (2/ 592)، والدارقطني (4/ 6، 7)، وأحمد (1/ (56)(2/ 34، 53، 113، 142، 156)، والبيهقي (6/ 96)، والحميدي (2/ 295)، والبغوي في شرح السنة (9/ 356)، وابن أبي شيبة (5/ 201)، وعبد الرزاق (9/ 150).

(2)

في إحكام الأحكام (قوم).

ص: 388

عليه نصيب الشريك، [ويعتق](1) عليه، لأن تصرف المريض في ثلثه كتصرف الصحيح في كله، ونقل أعن، (2) أحمد أنه [لا يقيم](3) في حال [المرض](4)، وذكر [(5)] أبو الوليد بن رشد عن ابن الماجشون فيمن أعتق [حصة](6)[عبد](7) بينه وبين شريكه في المرض، أنه لا يقوم عليه نصيب شريكه، إلَّا من رأس ماله إن صح، فإن لم يصح لم يقم في الثلث على [(8)، حال، وعتق [منه](9)[حصته](10) وحده، والعموم كما ذكرنا يقتضي التقويم وتخصيصه بما يحتمله الثلث مأخوذ من الدليل الدال عل اختصاص تصرف المريض في التبرعات في الثلث.

ثانيها: يدخل في العموم أيضاً المسلم والكافر. وللمالكية في ذلك تصرف، فإن كان الشريكان والعبد كفارًا لم يلزموا بالتقويم، وإن كانا مسلمين والعبد كافرًا فالتقويم، وإن كان أحدهما مسلمًا

(1) في المرجع السابق (وعتق).

(2)

في المرجع السابق غير موجودة.

(3)

في ن هـ (يقوم)، ويوافق المرجع السابق.

(4)

في المرجع السابق (المريض).

(5)

في المرجع السابق (قاضي الجماعة).

(6)

في المرجع السابق (خطه من).

(7)

في ن هـ ساقطة وموجودة في المرجع السابق.

(8)

في ن هـ زيادة (كل).

(9)

في الأصل (فيه)، وما أثبت من هـ وإحكام الأحكام.

(10)

في المرجع السابق (خطه).

ص: 389

والآخر كافرًا فإن أُعتق المسلم كُمَّل عليه، سواء كان العبد مسلمًا أو ذميًّا، وإن أعتق الكافر فقد اختلفوا في التقويم [على ثلاثة مذاهب: الإِثبات، والنفي، والتفريق بين أن يكون العبد مسلمًا [فيلزمه](1) التقويم] (2) وبين أن يكون ذميًّا فلا يلزمه، وإن كانا

كافرين والعبد مسلمًا، فروايتان، أو، (3) للحنابلة أيضًا وجهان فيما إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم -وهو موسر- هل يسري إلى باقيه؟ وهذا التفصيل الذي ذكرناه يقتضي تخصيص صور من هذا [العمومات](4).

أحدها: إذا كان الجميع كفارًا، وسببه ما دل عندهم على عدم التعرض للكفار في خصوص الأحكام الفرعية، [(5)].

ثانيها: إذا كان المعتِق هو الكافر، على [مذهب](6) من يرى [أن لا](7)[تقوم، أو لا تقوم](8)[(9)]، إذا كان العبد كافرًا.

(1) في المرجع السابق (فيلزم).

(2)

في ن هـ ساقطة.

(3)

في الأصل ساقطة، وما أثبت من هـ إحكام الأحكام.

(4)

في هـ (العموم)، وما أثبت يوافق المرجع السابق.

(5)

المرجع السابق زيادة (واو).

(6)

زيادة من هـ وإحكام الأحكام.

(7)

زيادة من المرجع السابق.

(8)

في المرجع السابق (تقويم، أو لا تقويم).

(9)

في الأصل زيادة (إلَّا)، وما أثبت من هـ وإحكام الأحكام، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

ص: 390

[أما](1) الأول: [فرأى](2) أن المحكوم عليه بالتقويم هو الكافر، ولا [التزام](3) له [بفروع الأحكام الإِسلامية](4).

وأما الثاني: [فرأى](5) أن التقويم إذا كان العبد مسلمًا لتعلق حق [العتق بمسلم](6).

ثالثا: إذا كانا كافرين، والعبد مسلمًا على قول، وسببه ما ذكرناه من تعلق حق المسلم بالعتق [(7)]، وهذه التخصيصات: إن أخذت من قاعدة كلية لا مستند فيها إلى نص معين، تحتاج إلى الاتفاق عليها [(8)] وإن استندت إلى نص معين، فلا بدَّ من النظر في دلالته مع دلالة هذا العموم، ووجه الجمع بينهما أو التعارض.

ثالثها: "الشرك" في الأصل مصدر، وهو هذا النصيب، لأن المصدر لا يقبل العتق، [فأطلق](9) على متعلقه، وهو المشترك، والشرك أيضًا الشريك والاشتراك أيضًا، ولا بدَّ في الحديث من

(1) في المرجع السابق (فأما).

(2)

في المرجع السابق (فيرى).

(3)

في المرجع السابق (إلزام).

(4)

في المرجع السابق (بأحكام فروع الإِسلام).

(5)

في المرجع السابق (فيرى).

(6)

في هـ (المسلم بالعتق)، وفي إحكام الأحكام (المعتق بالمسلم).

(7)

في المرجع السابق (واعلم أن).

(8)

في المرجع السابق زيادة (وإثبات تلك القاعدة بدليل).

(9)

في المرجع السابق (وأطلق).

ص: 391

إضمار [تقديره "جزء مشترك" أو ما يقارب ذلك](1) لأن المشترك في الحقيقة: هو جملة العين، أو الجزء المعين منها إذا أُفرد بالتعين، كاليد والرجل مثلًا، وأما النصيب [المعين](2) فلا اشتراك فيه.

رابعها: معنى "قيمة عدل"، أي: لا زيادة ولا نقص وهو بفتح العين.

خامسها: قوله عليه الصلاة والسلام "وإلَاّ فقد عتق منه ما عتق" الصواب أنه مرفوع، كذا رواه مالك (3) وغيره عن الحفاظ، وجعله أيوب (4) من قول نافع الراوي عن ابن عمر. قال القاضي عياض: وما قاله مالك وعبيد الله العمري أولى وقد جواده، وهما في نافع أثبت من أيوب عند أهل هذا الشأن كيف وقد قال أيوب (5) مرة: لا أدري هو من الحديث أم هو شيء قاله نافع، فقد شك، وقد رواه يحيى بن سعيد (6) عن نافع، وقال في هذا الموضع:"وإلَاّ فقد جاز ما صنع" فأتى به على المعنى قال: وهذا كله يرد قول من قال بالاستسعاء.

سادسها: الحديث دال على أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك

(1) في الأصل (جز وما يقاربه)، وفي ن هـ (حرف وما يقاربه)، وما أثبت من المرجع السابق.

(2)

في المرجع السابق (المشاع).

(3)

الموطأ (2/ 592).

(4)

انظر: الاستذكار (23/ 118)، والتمهيد (14/ 266).

(5)

التمهيد (14/ 267).

(6)

انظر: الاستذكار (23/ 118).

ص: 392

قُوِّم عليه باقيه إذا كان موسرًا بقيمة باقيه موسرًا كان العبد مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان الشريك مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان العتيق عبدًا أو أمة، ولا خيار للشريك في هذا، ولا للمعتق، بل يبعد هذا الحكم وإن كرهوه كلهم مراعاة لحق الله تعالى في الحرية والإِجماع قائم على أن نصيب المعتق يعتق بنفس الإِعتاق، وما حكى عن ربيعة (1) أنه قال لا يعتق نصيب المعتق موسرًا كان أو معسرًا قول باطل منابذ للأحاديث الصحيحة والإِجماع فلا يلتفت إليه.

وأما نصيب الشريك فاختلف العلماء على حكمه إذا كان المعتق موسرًا على ستة مذاهب (2):

أحدها: وهو الصحيح في مذهب الشافعي، وبه قال ابن شبرمة والأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن يوسف وأحمد بن حنبل وإسحاق وبعض المالكية أنه عتق بنفس الإِعتاق، ويقوم عليه نصيب شريكه بقيمته يوم الإِعتاق، ويكون ولاء جميعه للمعتق وحكمه من حين الإِعتاق حكم الأحرار في الميراث وغيره من الأحكام، وليس للشريك إلَّا المطالبة بقيمة نصيبه، كما لو قتله. قال هؤلاء: ولو أعسر المعتق بعد ذلك استمر نفوذ العتق، وكانت القيمة دينًا في ذمته، ولو مات أخذت من تركته، فإن لم يكن له تركة ضاعت القيمة، واستمر عتق جميعه. قالوا: فلو أعتق الشريك نصيبه بعد إعتاق الأول نصيبه، كان إعتاقه لغوًا، لأنه قد صار كله حرًّا.

(1) الاستذكار (23/ 126).

(2)

انظر: شرح مسلم للنووي (370/ 11، 138)، وإكمال إكمال المعلم (4/ 153).

ص: 393

المذهب الثاني: أنه لا يعتق إلَّا بدفع القيمة، وهو مشهور مذهب مالك، وبه قال أهل الظاهر، وهو قول للشافعي.

المذهب الثالث: أن الشريك بالخيار إن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، وإن شاء أعتق نصيبه. والولاء بينهما، وإن شاء قُوِّم نصيبه على شريكة المعتق، ثم يرجع المعتق بما دفع إلى شريكه على العبد، يستسعيه في ذلك، والولاء كله للمعتق.

المذهب الرابع: وهو مذهب عثمان البتي بالتاء المثناة فوق: لا شيء على المعتق، إلَّا أن يكون جارية رائعة تراد للوطء، فيضمن ما أدخل على شريكه فيها من الضرر.

المذهب الخامس: حكاه ابن سيرين أن القيمة في بيت المال.

[المذهب السادس](1): يحكى عن إسحاق بن راهويه أن هذا الحكم للعبيد دون الإِماء، وهو قول شاذ مخالف للعلماء كافةً، والأقوال الثلاثة قبله فاسدة مخالفة لصريح الأحاديث وهي مردودة على قائلها. هذا كله إذا كان المعتق لنصيبه موسرًا، فإما إذا كان معسرًا حال الإِعتاق ففيه أربعة مذاهب (2):

أحدها: مذهب مالك الشافعي وأحمد وأبي عبيد وموافقيهم أنه ينفذ العتق في نصيب المعتق فقط، ولا يطالب المعتق بشيء ولا يستسعى العبد، بل يبقى نصيب الشريك رقيقًا كما كان، وبهذا قال علماء الحجاز بهذا الحديث.

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

شرح مسلم (10/ 138)، وإكمال إكمال المعلم (4/ 155).

ص: 394

المذهب الثاني: مذهب ابن شبرمة والأوزاعي وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وسائر الكوفيين وإسحاق يستسعى العبد في حصة الشريك.

واختلف هؤلاء في رجوع العبد بما أدى في سعايته على معتقه.

فقال ابن أبي ليلى: يرجع عليه، وقال أبو حنيفة، وصاحباه: لا يرجع ثم هو عند أبي حنيفة في مدة السعاية بمنزلة المكاتب.

وعند الآخرين: هو حر بالسراية.

والمذهب الثالث: مذهب زفر وبعض البصريين أنه يقوم على المعتق ويؤدي القيمة إذا أيسر.

والمذهب الرابع: حكاه القاضي عياض عن بعضهم أنه إن كان المعتق موسرًا بطل عتقه في نصيبه فيبقى العبد كله رقيقًا كما كان، وهو مذهب باطل.

أما إذا ملك الإِنسان عبدًا كما له، فاعتق بعضه عتق كله في الحال بغير استسعاء. هذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والعلماء كافة (1)، وانفرد أبو حنيفة: فقال يستسعى في بقيته لمولاه، وخالفه أصحابه في ذلك فقالوا بقول الجمهور: وحكى القاضي (2) أنه روى عن طاوس وربيعة وحماد ورواية عن الحسن كقول أبي حنيفة،

(1) انظر: الاستذكار (23/ 126)، وإكمال إكمال المعلم (4/ 155)، وشرح مسلم (10/ 138).

(2)

الاستذكار (23/ 126، 127، 128)، وشرح مسلم (10/ 138).

ص: 395

وقاله أهل الظاهر، وعن الشعبي و [عبيد الله](1) بن الحسن العنبري؛ أن للرجل أن يعتق من عبده ما شاء.

سابعها: لو كان نصيب الشريك مرهونًا، فهل يمنع الرهن سراية العتق إلى نصيب شريكه؟ فيه وجهان للشافعية: والأصح: المنع، وهو ظاهر عموم الحديث، لكنه ليس بالشديد القوة، لأنه خارج عن المعنى المقصود بالكلام، لأن المقصود إثبات السراية إلى نصيب الشريك على المعتق من حيث هو كذلك، لا مع قيام المانع، فالمخالف لظاهر العموم يدعى قيام المانع من السراية، وهو إبطال حق المرتهن. ويقويه بأن تناول اللفظ [لصورة](2) قيام المانع غير قوي، لأنه غير المقصود، والموافق لظاهر العموم يلغى هذا المعنى بأن [المعتق](3) قد قوي على [إبطال حق المالك في العين بالرجوع إلى القيمة فلأن يقوى على](4) إبطال حق المرتهن كذلك أولى. وإذا ألغي المانع عَمِلَ اللفظ العام عمله.

ثامنها: لو كاتب عبدًا ثم أعتق أحدهما نصيبه، فيه من البحث ما أسلفناه من أمر العموم والتخصيص بحالة عدم المانع، والمانع هنا صيانة الكتابة عن الإِبطال، وها هنا زيادة أمر آخر، وهو أن يكون لفظ "العبد" [عند الإِطلاق متناولًا للمكاتب، ولا يكتفي في هذا ثبوت

(1) في الأصل (عبد الله)، وما أثبت يوافق شرح مسلم والاستذكار وهو الصواب، وفي المعلم (عبد الله).

(2)

في ن هـ (لصور)، ويوافق إحكام الأحكام.

(3)

في ن هـ وإحكام الأحكام (العتق).

(4)

زيادة من هـ وإحكام الأحكام.

ص: 396

أحكام الرق عليه، لأن ثبوت تلك الأحكام لا يلزم منه تناول لفظ "العبد"] (1) له عند الإِطلاق، فإن ذلك حكم لفظي يؤخذ من غلبة استعمال اللفظ، وقد لا يغلب الاستعمال، وتكون أحكام الرق ثابتة، وهذا المقام إنما هو في إدراج هذا الشخص تحت هذا اللفظ وتناول اللفظ له أقرب.

تاسعها: أعتق نصيبه، ونصيبُ شريكه مُدَبَّر، فيه ما تقدم من البحث، وتناول اللفظ ها هنا أقوى من المكاتب، ولهذا كان الأصح من قولي الشافعية عند أصحابه أنه يقوم عليه نصيب الشريك والمانع ها هنا: إبطال حق الشريك من قربة مُهِّد [سببها](2).

عاشرها: أعتق نصيبه من جارية ثبت الاستيلاد في نصيب شريكه منها، فلا مانع من إعمال العموم ها هنا أقوى مما تقدم، لأن السراية تتضمن نقل الملك، وأم الولد لا تقبل نقل الملك من ملك إلى ملك عند من يمنع من بيعها، وهذا أصح وجهي الشافعية ومن يجري على العموم يلغي هذا المانع، بإن الإِعتاق وسرايته كالإِتلاف، وإتلاف أم الولد [يوجب القيمة](3).

الحادي عشر: العموم يقتضي أنه لا فرق بين عتق مأذون فيه، أو غير مأذون، والحنفية فرقوا بين الإِعتاق المأذون وغيره. وقالوا: لا ضمان في الأعتاق المأذون فيه كما لو قال لشريكه: أعتق نصيبك.

(1) زيادة من هـ وإحكام الأحكام.

(2)

في إحكام الأحكام (سبيلها)، وفي الحاشية ما أثبت.

(3)

في ن هـ (موجب للقيمة)، وما أثبت يوافق إحكام الأحكام.

ص: 397

الثاني عشر: يقتضي صدور العتق منه باختياره له، فيثبت الحكم حيث كان مختارًا له، وينتفي حيث الاختيار، أما من حيث المفهوم، وإما لأن السراية على خلاف القياس فتختص بمورد النص، وإما لإِبداء معنى مناسب يقتضي التخصيص بالاختيار، وهو أن التقويم سبيله سبيل غرامة المتلفات. وذلك يقتضي التخصيص بصدور أمر يجعله إتلافًا [(1)، [ولا شك أن](2)[أضداد](3) الصيغة المقتضية للعتق بنفسها [داخلة](4) في مدلول الحديث (5)، ولا ورث بعض قريبه، عتق عليه ذلك البعض من غير إختيار، [ولا يسري إلى ما فيه ولا يقوم عليه](6) عند الشافعية، ونص عليه بعض المالكية والحنفية، لعدم [اختيار العتق](7) وسببه معًا، وعن أحمد رواية أنه يعتق (8) أنصيب الشريك، إذا كان موسرًا، [ومثله](9) أن يعجِّز المكاتب نفسه بعد أن اشترى شقصًا

(1) في إحكام الأحكام زيادة (وها هنا ثلاث مراتب: مرتبة لا إشكال في وقوع الاختيار فيها، ومرتبة لا إشكال في عدم الاختيار فيها، ومرتبة مترددة بينهما أما المرتبة الأولى):

(2)

في المرجع السابق غير موجودة.

(3)

في المرجع السابق (إصدار).

(4)

في المرجع السابق (ولا شك في دخولها).

(5)

في المرجع السابق (وأما المرتبة الثانية، فمثالها ما إذا).

(6)

في المرجع السابق (فلا سراية ولا تقويم).

(7)

في المرجع السابق (الاختيار في العتق).

(8)

في المرجع السابق زيادة (عليه).

(9)

في المرجع السابق (ومن أمثلته).

ص: 398

[فعتق](1) على سيده، فإن الملك والعتق يحصلان [بغير](2) اختيار السيد، فهو كالإِرث [(3)]، ولو وجد سبب العتق باختياره [(4)][كقبوله](5)[بيع بعض قريبه](6) أو هبة [أو الوصية له به](7)، وقد نزله [ذلك الشافعي](8) منزلة [المباشرة](9) ونص عليه بعض المالكية في الشراء والهبة، [فيسري إلى ما فيه](10)، وينبغي أن يكون من ذلك تمثيله بعبده عند من يرى العتتى بالمثلة، وهو مالك وأحمد، [ولو أعجز السيد مكاتبه](11) بعد أن اشترى شقصًا ممن يعتق على سيده، فانتقل إليه الملك بالتعجيز، الذي هو سبب العتق، فإنه لما اختاره كان كاختياره لسبب العتق بالشراء وغيره، وفيه اختلاف لأصحاب الشافعي (12)، ويضعف هذا عن الأول أنه لم يقصد

(1) في المرجع السابق (يعتق).

(2)

في المرجع السابق (بعد)، والصواب ما أثبت فلتصحح.

(3)

في المرجع السابق زيادة (وأما المرتبة الثالثة الوسطى: فهي ما إذا).

(4)

في المرجع السابق زيادة (وهذا أيضًا تختلف رتبه، فمنه ما يقوى في تنزيل مباشرة السبب منزلة المباشرة المسبب).

(5)

في المرجع السابق (كقوله) فلتصحح.

(6)

في المرجع السابق (لبعض قريبه في بيع).

(7)

في المرجع السابق (أو وصية).

(8)

في المرجع السابق (الشافعية).

(9)

في المرجع السابق (المباشر وقد).

(10)

في المرجع السابق غير موجودة.

(11)

في المرجع السابق (ومنه يضعف عن هذا، وهو تعجز السيد المكاتب).

(12)

في المرجع السابق (ووجه ضعف).

ص: 399

[التمليك](1)، وإنما قصد التعجيز، فحصل العتق [ضمنًا بخلاف الأول، فإنه منزل منزلة المباشرة باختيار التملك بالقبول، فهو أقوى من التعجيز الذي حصل العتق فيه ضمنًا](2).

الثالث عشر: مثل الاختيار في الملك الاختيار في سببه، فيدخل فيه ما إذا أكره على العتق بحق، فإنه كالاختيار، وفرق بين اختياره ما يوجب العتق في نفس الأمر، وبين اختياره ما يوجب ظاهرًا، فإذا قال أحد الشريكين لصاحبه: قد أعتقت نصيبك -وهما معسران عند هذا القول- ثم اشترى أحدهما نصيب صاحبه، فإنه يحكم بعتق النصيب المشترى، مؤاخذة للمشتري بإقراره، وهل يسري إلى نصيبه؟ بمقتضى ما قررناه:[أو](3) لا يسرى، لأنه لم يختر ما يوجب العتق في نفس الأمر، وإنما اختار ما يوجب الحكم به ظاهرًا.

وقال بعض الحنابلة: يعتق جميعه، وهو ضعيف.

الرابع عشر: ظاهر أعتق التنجيز، وأجرى الفقهاء مجراه:

التعليق بالصفة، مع وجود الصفة، وأما العتق إلى أجل [فاختلفت](4) المالكية فيه، [والمنقول] (5) عن مالك وابن القاسم: رحمهما الله أنه

(1) في هـ والمرجع السابق (التملك).

(2)

العبارة في المرجع السابق (وقد حصل الملك فيه ضمنًا، إلَّا أن هذا ضعيف، والأول أقوى).

(3)

في المرجع السابق (أن) مكررة وهي غلط فلتصحح.

(4)

في ن هـ وإحكام الأحكام (فاختلف).

(5)

في المرجع السابق (فالمنقول).

ص: 400

يقوَّم عليه الآن، فيعتق إلى أجل، وقال سحنون: إن شاء المتمسك قوَّمه الساعة، فكان جميعه حرًّا إلى سنة مثلًا، وإن شاء تماسك،

وليس له بيعه قبل السنة، إلَّا من شريكه، وإذا تمت السنة قُوِّم عليه مبتدىء العتق عند [يوم](1) التقويم.

الخامس عشر: مقتضى الحديث أنه لا فرق في الجزء المعتق بين القليل والكثير، لأجل التنكير الواقع في سياق الشرط.

السادس عشر: إذا أعتق عضوًا معينًا -كاليد والرجل- اقتضى الحديث ثبوت الحكم المذكور فيه، وخلاف أبي حنيفة في الطلاق جارٍ هنا، وتناول اللفظ لهذه الصورة أقوى من تناولها للجزء المشاع، لأن الجزء الذي تفرد بالعتق مشترك حقيقة.

السابع عشر: الحديث يقتضي أن يكون المعتق جزءًا من المشترك، فيتعدى النظر فيما إذا أعتق الجنين، هل يسري إلى الأم؟

الثامن عشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "له" يقتضي أن يكون العتق منه مصادفًا لنصيبه، كقوله: أعتقت نصيبي من هذا العبد، فعلى هذا لو قال: أعتقت نصيب شريكي، لم يؤثر في نصيبه، ولا في نصيب شريكه على الحذهبين، فلو قال للعبد الذي يملك نصفه:"نصفك حرٌّ" أو أعتقت نصفك. فهل يحمل على النصف المختص به، أو يحمل على النصف شائعًا؟ فيه اختلاف لأصحاب الشافعي، وعلى كل حال فقد عتق إما كل نصيبه، أو بعضه، فهو داخل تحت الحديث.

(1) في المرجع السابق ساقطة.

ص: 401

التاسع عشر: ثبوت الحكم في العبد [المشترك وهو مقتضى الحديث](1)، والأمة مثله [وهو قياس بالنسبة إلى هذا الأصل، وفي

معناه الذي لا] (2) ينكره منصف. غير أنه ورد ما يقتضي دخول الأمة في اللفظ، فإنهم اختلفوا في الرواية، فقال القعنبي: عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر "من أعتق شركًا له في مملوك"، وكذلك جاء في رواية أيوب عن نافع، وأما عبيد الله عن نافع.

فاختلفوا عليه ففي رواية أبي أسامة وابن نُمير عنه، "في مملوك" كما في رواية القعنبي عن مالك، وفي رواية بشر بن المفضل عن عُبيد الله "في عبد"، وفي بعض هذه الروايات عموم، وجاء ما هو أقوى من ذلك في رواية موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر "أنه كان يرى في العبد والأمة يكون بين الشركاء، فيعتق أحدهما نصيبه منه، يقول: قد وجب عليه عتقه كله، وفي آخر الحديث "يخبر بذلك ابن عمر عن النبي - صلي الله عليه وسلم -"، وكذلك جاء في رواية صخر بن جويرية عن نافع "يذكر العبد والأمة" قريبًا مما ذكرناه من رواية موسى، وفي آخره، رفع الحديث إلى النبي - صلي الله عليه وسلم -.

العشرون: قوله عليه الصلاة والسلام: "وكان له مال" إن كان بالفاء اقتضى ذلك أن يكون اليسار معتبرًا في وقت العتق. وإن كان بالواو احتمل أن يكون للحال، فيكون الأمر كذلك.

(1) في المرجع السابق (غير وجودة).

(2)

العبارة في المرجع السابق (وهو بالنسبة إلى هذا اللفظ قياس في معنى الأصل الذي لا ينبغي).

ص: 402

الحادي بعد العشرين: قوله عليه الصلاة والسلام: "له مال" يخرج عنه من لا مال له، وبه قال الشافعية فيما إذا أوصى أحد الشريكين بإعتاق نصيبه بعد موته، فأعتق بعد موته، فلا سراية، وإن خرج كله من الثلث، لأن المال ينتقل بالموت إلى الوارث، ويبقى الميت لا مال له، ولا تقويم على من لا يملك شيئًا وقت نفوذ العتق في نصيبه، وكذلك لو كان يملك كل العبد فأوصى بعتق جزء منه، فأعتق [منه جزءًا](1) لم يسر، وكذلك لو دَبًر أحد الشريكين نصيبه، فقال: إذا من فنصيبي منك حر. وكل هذا جاء عليه ما ذكرناه عند من قال به، وظاهر المذهب عند المالكية فيمن قال: إذا مت فنصيبي منك حر: أنه لا يسري، وقيل: إنه يقوَّم في ثلثه، وجعله موسرًا بعد الموت.

الثاني بعد العشرين: أطلق "الثمن" في هذه الرواية والمراد القيمة، فإن "الثمن" ما اشتريت [به](2) العين، وإنما يلزم بالقيمة لا بالثمن، وقد تبين المراد في رواية بشر بن الفضل عن عُبيد الله "ما يبلغ ثمنه يقوم عليه قيمة عدل". وفي رواية عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه "أيما عبد كان بين اثنين فأعتق أحدهما فإن كان موسرًا، فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة -أو قال قيمة- لا وكس ولا شطط"، وفي رواية أيوب:"من كان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل"، وفي رواية موسى "يقام وماله قيمة العدل"، وفي هذا كله ما يبين أن المراد بالثمن القيمة.

(1) في المرجع السابق (غير موجودة).

(2)

زيادة من ن هـ والمرجع السابق.

ص: 403

الثالث بعد العشرين: قوله عليه الصلاة والسلام: "ما يبلغ ثمن العبد" يقتضي تعليق الحكم بمال يبلغ ثمن العبد [فلو](1) كان المال لا يبلغ كمال القيمة، ولكن قيمة بعض النصيب، ففي السراية وجهان، ولأصحابنا فيمكن أن يستدل به من لا يرى السراية بمفهوم هذا اللفظ، ويؤيده أن في السراية بعيضًا لملك الشريك عليه، والأصح عندهم السراية إلى القدر الذي هو موسر به، تحصيلًا للحرية بقدر الأمكان، والمفهوم في مثل هذا ضعيف.

الرابع بعد العشرين: إذا ملك ما يبلغ كمال القيمة إلَّا أن عليه دينًا يساوي ذلك أو يزيد عليه فهل يثبت الحكم في السراية والتقويم؟ فيه الخلاف [(2)] في منع الدين الزكاة، والأصح الثبوت ووجه الشبه بينهما اشتراكهما في كونهما حقًّا لله تعالى، مع أن فيهما حقًّا [للآدمي](3)، ويمكن أن يستدل بالحديث من لا يرى الدين مانعًا ها هنا، أخذًا بالظاهر [ومن يرى الدين](4) مانعًا يخصص هذه الصورة بالمانع الذي يقيمه فيها خصمه، والمالكية على أصلهم في أن من عليه دين بقدر ماله فهو معسر.

الخامس بعد العشرين: [مقتضى الحديث](5) أنه مهما كان للمعتق ما يفي بقيمة نصيب شريكه فيقوم عليه، وإن لم يملك غيره.

(1) في المرجع السابق (فإذا).

(2)

في المرجع السابق زيادة (الذي).

(3)

في الأصل (في الآدمي)، وهو (لأدمي).

(4)

زيادة من المرجع السابق.

(5)

في المرجع السابق (يقتضي الخبر).

ص: 404

هذا هو الظاهر، والشافعية أخرجوا قوت يومه، وقوت من تلزمه نفقته ودَسْت ثوب، وسكنى يوم. والمالكية اختلفوا فقيل: باعتبار قوت الأيام، وكسوة ظهره، كما في الديون التي عليه، ويباع منزله الذي يسكن فيه وشِوارُ بيته. وقال أشهب منهم: إنما يُترك له ما يواريه لصلاته.

السادس بعد العشرين: اختلف العلماء في وقت حصول العتق عند وجود شرائط السراية إلى الباقي. وللشافعي رحمه الله ثلاثة أقوال: أصحها: أنه يحصل بنفس الإِعتاق، وهي رواية عن مالك. وثانيها: أنه لا يحصل إلَّا بأداء القيمة، وهو ظاهر مذهب مالك.

وثالثها: أن يتوقف، فإن أدى القيمة بأن حصول العتق من وقت الإِعتاق، وإلَّا بأن أنه لم يعتق، وألفاظ الحديث المذكور مختلفة عند الرواة. ففي بعضها قوة لمذهب مالك. وفي بعضها ظهور لمذهب الشافعي، وفي بعضها احتمال متقارب وألفاظ هذه الرواية تشعر بما قاله مالك، وقد استدل بها على هذا المذهب، لأنها تقتضي ترتيب التقويم على عتق النصيب، وتعقب الإِعطاء وعتق الباقي للتقويم [(1)]، فالتقويم أما أن يكون راجعًا إلى ترتب في الوجود أو إلى ترتب في الرتبة. والثاني باطل، لأن عتق النصيب الباقي -على قول السراية- بنفس أعتاق الأول: إما مع إعتاق الأول، أو عقيبه.

(1) في المرجع السابق زيادة (فهذا الترتيب بين الإِعطاء وعتق الباقي للتقويم).

ص: 405

فالتقويم إن أريد به الأمر الذي يقوِّم به الحاكم والمقوم فهو متأخر في الوجود عن عتق النصيب، والسراية معًا، فلا يكون عتق نصيب الشريك مرتبًا على التقويم في الوجود، مع أن ظاهر اللفظ يقتضيه.

وإن أريد بالتقويم وجوب التقويم مع ما فيه من المجاز، فالتقويم بهذا التفسير مع العتق الأول يتقدم على [الإِعطاء وعتق الباقي، فلا يكون عتق الباقي متأخرًا عن التقويم على هذا التفسير](1)، لكنه متأخر على ما دل عليه ظاهر اللفظ. وإذا بطل الثاني تعين الأول. وهو أن يكون عتق الباقي راجعًا إلى الترتيب في الوجود، أي يقع أولاً التقويم، ثم الإِعطاء، وعتق الباقي. وهو مقتضى مذهب مالك، إلَّا أنه يبقى على هذا احتمال أن يكون "وعَتَقَ عليه العبد" معطوف على "قوم قيمة عدل" لا على "أعطى" فلا يلزم تأخر عتق الباقي [عن](2) الإِعطاء، ولا كونه معه في درجة واحدة فعليك بالنظر في أرجح الاحتمالين، أعني عطفه على "أعطى" أو عطفه على "قوّم".

وأقوى منه رواية عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه إذ فيها "وكان موسرًا فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة -أو قال: قيمة- لا وكس ولا شطط، ثم يقوم لصاحبه حصته ثم يعتق". فجاء بلفظة "ثم" المقتضية لترتيب العتق على الإِعطاء والتقويم.

(1) في ن هـ ساقطة.

(2)

في المرجع السابق (على).

ص: 406

وأما ما يدل ظاهره للشافعي فرواية حمّاد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عصر: "من أعتق نصيبًا له في عبد، وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتيق". وأما ما في رواية بشر بن المفضل عن عُبيد الله فمما جاء فيها: "من أعتق شركًا له في عبد فقد عتق كله، إن كان للذي أعتق نصيبه من المال ما يبلغ ثمنه، يقوم عليه قيمة عدل، فيدفع إلى شركائه أنصباءهم ويخلي سبيله"، فإن في أوله ما يستدل به لمذهب الشافعي، لقوله:"فقد عتق كله"، فإن ظاهره يقتضي تعقيب عتق كله لإِعتاق النصيب، وفي آخره ما يشهد لمذهب مالك، فإنه قال:"يقوم قيمة عدل فيدفع [إلى شركائه أنصباءهم ويخلي سبيله" تفسير كونه عتق كله بأن يقوم عليه قيمة عدل فيدفع] (1)، فأتبع [الإِعتاق](2) النصيب للتقويم ودفع القيمة للشركاء عقيب التقويم، وذكر تخلية السبيل بعد ذلك "بالواو". قال الشيخ (3) والذي يظهر في هذا أن ينظر إلى هذه الطرق ومخارجها، فإذا اختلفت الروايات في مخرج واحد أخذنا بالأكثر فالأكثر، أو بالأحفظ فالأحفظ، ثم نظرنا إلى أقربها دلالة على المقصود، [فيعمل](4) بها.

وأقوى ما ذكرناه لمذهب مالك لفظة "ثم" وأقوى ما ذكرناه لمذهب الشافعي رواية حمّاد [وقوله: "من أعتق نصيبًا له في عبد

(1) زيادة من المرجع السابق.

(2)

في المرجع السابق (إعتاق).

(3)

إحكام الأحكام (4/ 562).

(4)

في المرجع السابق (فحُمل).

ص: 407

وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل] (1) فهو عتيق لكنه يحتمل أن يكون المراد أن مآله إلى العتق، أو أن العتق قد وجب له وتحقق.

وأما قضية وجوبه بالنسبة إلى تعجيل السراية، أو توقفها على الأداء [المحتمل](2)، فإذا آل الحال إلى هذا، فالواجب النظر في أقوى [الدليل، (3) وأظهرهما دلالة. ثم على تراخي العتق عن التقويم والإِعطاء، أو دلالة [لفظة](4)"عتيق" على تنجيز العتق. هذا بعد أن يجري ما ذكرناه من اعتبار اختلاف الطرق، واتفاقها.

السابع بعد العشرين: يمكن أن يستدل به من يرى السراية بنفس الإِعتاق، على عكس ما قدمناه في الوجه قبله.

وطريقه أن يقال: لو لم تحصل السراية بنفس الإِعتاق، لما تعينت القيمة جزاء للإِعتاق لكن تعينت، فالسراية حاصلة بالإِعتاق، بيان الملازمة أن إذا تأخرت السراية عن الإِعتاق، وتوقفت على التقويم. فإذا أعتق الشريك الآخر نصيبه نفذ، وإذا نفذ فلا تقويم، فلو تأخرت السراية لم يتعين التقويم، لكنها متعينة [بالحديث](5).

الثامن بعد العشرين: اختلف الحنفية في تجزئ الإِعتاق، بعد اتفاقم على عدم تجزئ العتق، فأبو حنيفة: يرى التجزىء فيه وصاحباه لا يريانه.

(1) زيادة من المرجع السابق.

(2)

في المرجع السابق (فمحتمل).

(3)

في المرجع السابق (الدليلين).

(4)

في الأصل ساقط، وفي هـ (لفظ)، وما أثبت من المرجع السابق.

(5)

في المرجع السابق (للحديث).

ص: 408

وانبنى على مذهب أبي حنيفة أن للساكت أن يعتق إبقاء للملك، ويضمن شريكه؛ لأنه جنى على ملكه بالإِفساد، واستسعى العبدَ لأنه ملكهُ، وهذا في حال يسار المعتق، فإن كان في حال إعساره سقط التضمين وبقي الأمران الآخران.

وعند أبي يوسف ومحمد لما لم يتجزأ الإِعتاق عتق كله، ولا يملك أعتاقه. ولهما أن يستدلا بالحديث من جهة ما ذكرناه من تعين القيمة فيه، ومع تجزئ الإِعتاق لا تتعين القيمة.

التاسع بعد العشرين: الحديث يقتضي وجوب القيمة على المعتق للنصيب: إما صريحًا كما في [(1)] الروايات " [قوِّم] (2) عليه قيمة عدل" وإما دلالة سياقه فلا يشك فيها، كما في رواية أخرى. وهذا يرد مذهب من يرى أن باقي العبد يعتق من بيت المال، وهو مروي عن ابن سيرين، ومقتضاه التقويم على الموسر.

وذكر بعضهم قولًا آخر: أنه ينفذ عتق من أعتق ويبقى من لم يعتق على نصيبه، يفعل فيه ما يشاء.

وروي في ذلك عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان بيني وبين الأسود غلام شهد القادسية وأبلى فيها، فأرادوا عتقه -وكنت صغيرًا- فذكر ذلك الأسود لعمر، فقال: اعتقوا [(3)] [ويبقى

(1) في المرجع السابق (بعض).

(2)

في المرجع السابق (يقوم).

(3)

في المرجع السابق زيادة (أنتم).

ص: 409

نصيبه] (1) حتى يرغب في مثل ما رغبتم فيه، أو يأخذ نصيبه". وفي رواية عن الأسود قال:"كان ليس ولإِخوتي غلام أبلى يوم القادسية، فأردت عتقه لما صنع. فذكرت ذلك لعمر فقال: لا تفسد عليهم نصيبهم حتى يبلغوا. فإن رغبوا فيما رغبت فيه، وإلَاّ لم تفسد عليهم نصيبهم"(2). فقال بعضهم: لو رأى التضمين لم يكن ذلك إفساد لنصيبهم. والإِسناد صحيح. غير أن في إثبات قولِ بعدم التضمين عند اليسار بهذا نظر ما. وعلى كل تقدير، فالحديث يدل على التقويم عند اليسار المذكور فيه.

الثلاثون: فيه العمل بالظنون في باب القيم: وهو محل اتفاق لامتناع النص على الجزئيات من القيم: في مدة اليسار.

الحادي بعد الثلاثين: استدل به على أن ضمان المتلفات التي ليست من ذوات الأفعال بالقيمة، لا بالمثل صورة.

الثاني بعد الثلاثين: اشتراط قيمة العدل يقتضي اعتبار ما تختلف به القيمة عرفًا من الصفات التي يعرفها الناس.

الثالث بعد الثلاثين: فيه الرد على ربيعة حيث قال إذا أعتق أحدهما نصيبه من العبد فإنه مردود. وصريح الحديث والإجماع يرده. وقد حمل قوله على منع عتق المشاع.

(1) في المرجع السابق (ويكون عبد الرحمن على نصيبه).

(2)

قال ابن حزم في المحلى (9/ 191) مسألة (1667) وهذا إسناد كالذهب المحض. اهـ.

ص: 410

الرابع بعد الثلاثين: تعليق العتق بإعطاء الشريك حصصهم. حيث رتب على العتق التقويم بالفاء. ثم على التقويم بالفاء الإِعطاء والعتق، وعلى قوله: إنه يسرى بنفس العتق، لا يتوقف العتق على التقويم والإِعطاء. وقد أسلفنا في ذلك ثلاثة أقوال: ثالثها: التوقف ولا ينافي هذا القول لفظ الحديث.

الخامس بعد الثلاثين: قوله عليه الصلاةوالسلام: "وإلَّا فقد عتق منه ماعتق" فهم منه: "عتق منه ما عتق" ففط، لأن الحكم السابق يقتضي عتق الجميع، أعني عتق الموسر، فيكون [عتق](1) المعسر لا يقتضيه.

نعم، يبقى ها هنا: أنه هل يقتضي بقاء الباقي من العبد على الرق، أو يستسعى العبد؟ فيه نظر. والذين قالوا بالاستسعاء منع بعضهم أن يدل الحديث على بقاء الرق في الباقي، وأنه إنما يدل على عتق هذا النصيب فقط، ويؤخذ حكم الباقي من حديث آخر، وسيأتي الكلام في ذلك عقب هذا الحديث الثاني إن شاء الله تعالى.

[السادس بعد الثلاثين: قال المازري: اختلف هل الأفضل عتق الذكور أو الإِناث؟ وهذا الحديث يدل على فضل عتق الذكور، لكن الحديث الآتي يرده، وهذا بناءً منه على أن الحديث لا يتناول الأمة، وهو قول إسحاق بن راهويه لكنه قول مردود وقد

(1) في هـ (عسر).

ص: 411

قدمنا ما فيه] (1).

(1) زيادة من ن هـ.

وما ذكره عن المازري غير موجود في المعلم، بعد الاطلاع على موضعه، وإنما المذكور فيه عن إسحاق: أن معتق نصف الأمة لا يضمن بقية، قيمتها، كما في العبد، لأنه هو المنصوص عليه في الحديث، وقد رد عليه المازري بقوله: وأنكر حذاق أهل الأصول هذا ورأوا أن الاْمة في معنى العبد، وأن هو لا يلتبس على أحد سمع هذا اللفظ وقالوا: إذا كان الفرع في معنى الأصل قطعًا صار كالمنصوص عليه. اهـ. من المعلم (2/ 221، 222).

ص: 412