الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث عشر
96/ 13/ 15 - عن أبي قتادة الأنصاري، رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي وهو حامل أمامة ابنة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها"(1).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: أبو قتادة تقدم التعريف به في باب الاستطابة.
ثانيها: أمامة: هذه ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان [رسول الله](2) صلى الله عليه وسلم يحبها، ويحملها في الصلاة، تزوجت بعلي بعد
(1) البخاري (516) في الصلاة، باب: إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة و (5996)، ومسلم (543) في المساجد، والنسائي (3/ 10) في السهو، باب: حمل الصبايا في الصلاة، والدارمي (1/ 316)، والموطأ (1/ 170) في قصر الصلاة في السفر، وأبو داود (917) في الصلاة، باب: العمل في الصلاة، وأحمد (5/ 295، 296، 297، 303، 304، 310، 311)، والحميدي (422)، والشافعي (1/ 96)، وابن حبان (1109، 1110)، والطبراني في الكبير (22/ 1066 حتى 1071).
(2)
في ن ب ساقطة.
وفاة فاطمة بوصاية فاطمة رضي الله عنهم، وتزوجها بعد وفاة علي المغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب] (1) بوصاية علي، لأنه [يخاف](2) أن يتزوجها معاوية، فولدت للمغيرة يحيى وبه كان يكنى، وهلكت عن المغيرة، وقيل: إنها لم تلد لعلي ولا [للمغيرة](3).
ثالثها: "زينب" بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدتها خديجة في الجاهلية سنة ثلاثين من الفيل، وهي أكبر بناته، واختلف بين القاسم وبينها أيهما أكبر، تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع، فلما أسر يوم بدر وفادى نفسه وأطلق، أخذ [](4) النبي صلى الله عليه وسلم[عليه](5) العهد أن ينفذها [إليه](6) إذا عاد إلى مكة، ففعل فجاءت مهاجرة إلى المدينة، وولدت من أبي العاص غلامًا، يقال له: علي، وجارية، يقال لها: أمامة السالفة [فلما](7) أسلم أبو العاص وهاجر، ردها النبي [صلى الله عليه وسلم إليه](8) بالنكاح الأول.
وقيل: بعقد جديد، وماتت بالمدينة سنة ثمان، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها.
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب د (وخاف).
(3)
في الأصل (لغيره)، وما أثبت من ن ب د.
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في ن ب زيادة (عليه).
(6)
في ن ب ساقطة.
(7)
في ن ب د (ولما).
(8)
في ن ب تقديم وتأخير.
رابعها: "أبو العاص" فهو ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد العاص بن شمس وأسقط المصنف عبد العزى، ووقع في الموطأ (1)"ربيعة" بدل "ربيع"، وكذا رواه البخاري (2) من رواية مالك، وقال الأصيلي: هذا نسبة إلى الجد (3). وقال الشيخ تقي الدين: هذا قاله بعضهم وأن "ربيعه" بعد "الربيع"، وهذا ليس بمعروف.
وفي اسمه أقوال: مُهَشم.
وقيل: مقسم.
وقيل: لقيط.
وقيل: ياسر.
وقيل: القاسم.
وقيل: هشيم.
أمه: هالة بنت خويلد بن أسد أخت خديجة لأبيها وأمها.
قال أبو عمر: وكان أبو العاص مواخيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكر النبي صلى الله عليه وسلم مصاهرته، وأثنى عليه خيرًا، هاجرت زينب وتركته على شركه حتى كان قبل الفتح أسلم وهاجر، فردها عليه كما سلف مات
(1) ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 246) من رواية الأصيلي.
(2)
البخاري (516).
(3)
قال ابن حجر في الفتح (1/ 591): نعم نسبه مالك إلى جده في قوله: "ابن عبد شمس"، وإنما هو ابن عبد العزى بن عبد شمس.
في ذي الحجة سنة [اثنتي](1) عشرة، ويقال: إنه استشهد في بعض المغازي، ثم أحرق بالنار حتى صار فحمة رضي الله عنه.
وأما قول المصنف: "ولأبي العاص بن الربيع" دون نسبة أمامة إليه، وإنما نسبها إلى [أمها تنبيهًا على أن الولد إنما ينسب إلى](2) أشرف أبوبه دينًا ونسبًا، لأنه عليه السلام لما حملها كان أبوها مشركًا، وكانت أمها هاجرت فنسبها إليها دونه وبيّن بعبارة لطيفة أنها لأبي العاص بن الربيع تحريًا للأدب في نسبتها، نبه على ذلك الشيخ علاء الدين بن العطار رحمه الله.
[خامسها](3): في أحكامه وفوائده.
الأولى: فيه دلالة على صحة صلاة من حمل آدميًّا أو حيوانًا طاهرًا من طير أو شاة وغيرهما، وإن كان غير مستجمر؛ لأنه الغالب على الصغار، بل على الكبار في ذلك الوقت، ولو قيل: الغالب على الصغار عدم الاستنجاء [لكان](4) سائغًا.
الثانية: فيه أن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة، حتى يتحقق نجاستها، وكره الحسن الصلاة في ثوب الأطفال، حكاه عنه المحب الطبري في (أحكامه) في باب: ما يعفى عنه من الفعل.
(1) في ن د (اثنتي).
(2)
زيادة من ن ب د.
(3)
في ن ب (رابعها).
(4)
في الأصل ساقطة، ومثبتة من ن ب د.
الثالثة: أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، وكذا الكثير المتفرق.
الرابعة: فيه التواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم.
الخامسة: فيه دلالة للشافعي ومن وافقه على حمل الصبى والصبية في الصلاة، وسواء [الفرض في ذلك](1) والنقل، وسواء [في ذلك](2) الإِمام والمأموم والمنفرد.
وحمله أصحاب مالك: على أن ذلك كان في النافلة، وحكاه القاضي عياض (3) عن ابن القاسم عن مالك، وأفسده النووي (4) بأن قوله في الصحيح:"يؤم الناس" صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة.
قلت: بل ورد ذلك صريحًا، فروى أبو داود (5) في سننه: أن ذلك كان في [ظهر أو عصر](6) وروى الزبير بن بكار في كتاب النسب، والطبراني (7) في أكبر معاجمه عن عمرو بن سليم: أن ذلك كان في صلاة الصبح.
(1) تقديم وتأخير بن الأصل ون ب د.
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 245).
(4)
شرح مسلم (5/ 32).
(5)
أبو داود (917) في الصلاة، باب: العمل في الصلاة.
(6)
في ن ب د (الظهر أو العصر).
(7)
الطبراني (22/ 442).
وادعى [بعض](1) المالكية: أنه منسوخ.
واستدلوا: بما روي عن مالك أنه منسوخ بتحريم العمل في الصلاة وهو حديث (2): "إن في الصلاة لشغلًا".
ورده الشيخ تقي الدين (3): بأن حديث: "إن في الصلاة لشغلًا" كان [قبل قدوم عبد الله بن مسعود من الحبشة، وأن قدوم زينب
وابنتها إلى المدينة كان] (4) بعد ذلك، ثم لو ثبت أنه بعده لكان فيه إثبات النسخ بالاحتمال، وهو لا يجوز.
[وادعى بعضهم: أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم قاله القاضي عياض (5)، معللًا بأنه عليه الصلاة والسلام يعصم من ملابسة بول الولد، وإذا كان يعصم من ذلك فهو خاص.
وضعفه الشيخ تقي الدين (6): بأنه لا [يلزم](7) إن كان قبل
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
البخاري أطرافه (1199)، ومسلم (538)، وأبو داود (923) في الصلاة، باب: رد السلام في الصلاة، والنسائي (3/ 19)، وابن خزيمة (855، 858)، وأحمد (1/ 376، 409، 415)، وابن أبي شيبة (2/ 73، 74)، والدارقطني (1/ 341) سيأتي في ح (113) التعليقة (3).
(3)
إحكام الأحكام (2/ 351).
(4)
زيادة من ن ب د.
(5)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 245).
(6)
إحكام الأحكام (2/ 352).
(7)
في ن ب ساقطة.
قدوم عبد الله بن مسعود، لا يلزم من الاختصاص في أمر الاختصاص في آخر بلا دليل ولا مدخل للقياس في مثل هذا. والأصل عدم التخصص، وضعفه بغر ذلك أيضًا،.
وادعى بعضهم (1): أنه كان لضرورة.
قالوا: لرواية أشهب عن مالك أن ذلك كان لضرورة إذا لم يجد من يكفل الولد، ولا يجوز ذلك [بحب](2) الولد.
وفرق الباجي (3): بين الضرورة وغيرها، فقال: إذا لم يجد كافلًا يجوز فيهما وإلَاّ ففي النافلة فقط، ولا يخفى بطلان ذلك.
وقال غيره: قد يكون حمله لها: لأنه لو تركها بكت، وشغلت سرّه في صلاته أكثر من شغله [لحملها (4)](5).
قال النووي (6): كل هذه الدعاوى باطلة أو مردودة، فإنه لا دليل عليها، ولا ضرورة إليها، وهو كما قال.
وادعى الخطابي (7): أن هذا الفعل يشبه أن يكون بغير تعمد حملها في الصلاة، لكنها كانت تتعلق به فلم يدفعها، فإذا قام بقيت
معه، قال: ولا يتوهم أن حملها ووضعها مرة بعد مرة عمدًا، لأنه
(1) الاستذكار (6/ 314).
(2)
في ن د (لحب).
(3)
المنتقى (1/ 304).
(4)
في ن د (يحملها).
(5)
زيادة من ن ب د.
(6)
شرح مسلم (5/ 32).
(7)
معالم السنن (1/ 431).
عمل كثير، ويشغل القلب. فإذا كان علم الخميصة يشغله، فكيف لا يشغله هذا؟! وهذا باطل ودعوى مجردة، كما قاله النووي ومما يرده قوله:(وإذا قام حملها)، وفي رواية [في] (1) مسلم:"وإذا رفع من السجود أعادها"، وفي رواية له:"خرج علينا حاملًا أمامة فصلى"، وذكر الحديث. وأما قصة الخميصة فإنها تشغل القلب بلا فائدة وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب [و](2) إن شغله فيترتب عليه فوائد، فاحتمل ذلك الشغل لها بخلاف الخميصة.
وقال الشيخ تاج الدين الفاكهي رحمه الله: كأن السر في حملها في الصلاة رفعًا لما كانت العرب [تأنفه](3) من [كراهة](4) حمل البنات كبرًا؛ فحملها على عنقه حتى في الصلاة. قال: ونظيره قوله عليه السلام: "الحج عرفة"(5) أي لا حج إلَّا عرفة على طريق المبالغة دفعًا لعادتهم من ترك الوقوف.
وقد ذهب بعضهم إلى أن البيان بالفعل أقوى من البيان بالقول أخذه من قضية الحلاق حين أمرهم عليه السلام[به](6) فأبوا عليه أو بعضهم أو ترددوا فلم يكن إلَّا أن دعا حالقه فلم يتخلف منهم أحد (7).
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب تألفه.
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
زيادة من ن ب د.
(7)
انظر: فتح الباري (1/ 592)، وإحكام الأحكام (2/ 350)، أي: الحلقِ في صلح الحديبية.
السادسة: فيه ترجيح الأصل، وهو الطهارة على الغالب. وفي كلام الشافعي إشارة إليه حيث قال: وثوب أمامة ثوب صبي.
وأورد الشيخ تقي الدين (1) على هذا: بأن هذه حالة فردة، والناس يعتادون تنظيف الصبيان في بعض الأوقات، وتنظيف ثيابهم عن الأقذار، وحكايات الأحوال لا عموم لها، فيحتمل أن يكون هذا وقع في تلك الحالة التي وقع فيها التنظيف.
واعترض بعضهم، فقال: هذا إيراد فيه ضعف. والشيخ أكبر من أن يعذر مثله، فإن الغالب عدم التنظيف بالنسبة إلى الصبيان عملًا
بالوجدان. والحكم للغالب لا للنادر، فلا يصار إلى رد المذاهب المشهورة بالاحتمال المرجوح.
السابعة: استدل النسائي (2) بهذا الحديث على جواز إدخال الصبيان المساجد فإن عورض بالنهي عنه فهو ضعيف (3).
الثامنة: استدل به كما قال الشيخ تقي الدين (4) على أن حمل
(1) إحكام الأحكام (2/ 254).
(2)
النسائي (2/ 45).
(3)
ولفظه: "جنِّبوا مساجدنا صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم"
…
إلخ الحديث، رواه ابن ماجه، وانظر الكلام عليه في: نصب الراية للزيلعي، كتاب الصوم (2/ 491)، والفوائد المجموعة (ص 35)، والمقاصد الحسنة رقم (372)، وضعفه ابن الجوزي والمنذري والهيثمي والحافظ ابن حجر والبوصيري، وقال عبد الحق الأشبيلي:"لا أصل له". اهـ.
(4)
إحكام الأحكام (2/ 254).
المحارم ومن لا يشتهى غير ناقض للطهارة.
قال: وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يكون من وراء حائل.
قال: وهذا يستمد مما ذكرناه على أن حكايات الأحوال لا عموم لها.
وأما القاضي عياض (1). فقال: هذا المأخذ ليس بشيء، لأن من في هذا السن من غيرهن لا اعتبار بلمسه، فكيف بذوي المحارم؟!.
التاسعة: فيه أيضًا أن شغل القلب بالحمل في الصلاة معفو عنه.
العاشرة: فيه إكرام أولاد المحارم: كالبنات والأخوات ونحوهم بالحمل ومؤانستهم جبرًا لهم ولآبائهم وأمهاتهم.
(1) ذكره في إكمال إكمال المعلم (2/ 245).