المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 113/ 2/ 21 - عن زيد بن أرقم رضي - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌15 - باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌16 - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌[الحديث الأول]

- ‌17 - باب وجوب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌18 - باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌19 - باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌20 - باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌21 - باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌22 - باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌23 - باب الوتر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 113/ 2/ 21 - عن زيد بن أرقم رضي

‌الحديث الثاني

113/ 2/ 21 - عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)}، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام"(1).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: في التعريف براويه هو أنصاري خزرجي، في كنيته أقوال أشهرها: أبو عمرو، نزل الكوفة وابتنى بها دارًا، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعون حديثًا، اتفقا على أربعة، وانفرد [البخاري](2) بحدثين [ومسلم](3) بستة. روى عنه أنس وجماعة كثيرة من كبار التابعين، مات بالكوفة سنة ثمان وستين.

(1) البخاري (1200، 4534)، ومسلم (539)، وأبو داود (949)، والترمذي (405، 2986)، والنسائي (3/ 18)، والبغوي (722)، والبيهقي (2/ 248)، وابن خزيمة (856)، وابن حبان (2245، 2246، 2250)، وأحمد (4/ 368)، والطبراني (5063، 5064)، والطبري في تفسيره (5524).

(2)

في ن ب د (خ. م).

(3)

في ن ب د (خ. م).

ص: 341

الثاني: قوله: "كنا نتكلم في الصلاة" هذا حكمه حكم المرفوع، ولا يجيء فيه التفصيل بين الإِضافة إلى زمنه صلى الله عليه وسلم وبين عدمها، لأنه ذكر نزول الآية {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} ومعلوم أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أمروا ونهوا عن الكلام لبعضهم بعضًا، وكان ذلك ناسخًا.

الثالث: هذا اللفظ أحد ما [يستدل](1) به على الناسخ والمنسوخ، وهو ذكر الراوي. تَقَدُمِ أحدِ الحكمين على الآخر. قال الشيخ تقي الدين (2): وليس كقوله هذا منسوخ من غير بيان التاريخ، فإن ذلك قد ذكروا أنه لا يكون دليلًا لاحتمال أن يكون الحكم بالنسخ عن طريق اجتهادي منه.

الرابع: في هذا الحديث دلالة على أن تحريم الكلام كان بالمدينة بعد الهجرة (3)، فإن زيدًا مدني وأخبر أنهم كانوا يتكلمون

(1) في الأصل (يدل)، وما أثبت من ن ب د.

(2)

إحكام الأحكام (2/ 477).

(3)

قال ابن حجر في الفتح (3/ 74): ظاهر في أن نسخ الكلام في الصلاة وقع بهذه الآية "أي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} ، فيقتضي أن النسخ وقع بالمدينة، لأن الآية مدنية باتفاق، فَيُشْكِلُ ذلك على قول ابن مسعود. إن ذلك وقع لما رجعوا من عبد النجاشي. وكان رجوعهم من عنده إلى مكة، وذلك أن بعض المسلمين هاجر إلى الحبشة، ثم بلغهم أن المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكة، فوجدوا الأمر بخلاف ذلك، واشتد الأذى عليهم فخرجوا إليها أيضًا.

فكانوا في المرة الثانية أضعاف الأولى. وكان ابن مسعود مع الفريقين. =

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واختلف في مراده بقوله: "فلما رجعنا" مثل أراد الرجوع الأول أو الثاني. فجنح القاضي أبو الطيب الطبري وآخرون إلى الأول رقالوا: كان تحريم الكلام بمكة. وحملوا حديث زيد على أنه وقومه لم يبلغهم النسخ، وقالوا: لا مانع من أن يتقدم الحكم ثم تنزل الآية بوفقه.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 223 - 229) بعد كلام سبق: فإن قيل: كيف يصح الاحتجاج بحديث ابن مسعود في تحريم الكلام في الصلاة بمكة وزيد بن أرقم رجل من الأنصار يقول: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} قال أبو عمر: زيد بن أرقم أنصاري، وسورة البقرة مدنية. اهـ.

وجنح آخرون إلى الترجيح فقالوا: يرجح حديث ابن مسعود بأنه حكى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف زيد بن أرقم فلم يحكه.

وقال آخرون: إنما اراد ابن مسعود رجوعه الثاني. وقد ورد أنه قدم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر. وفي "مستدرك الحاكم" من طريق أبي إسحاق: عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ثمانين رجلًا. فذكر الحديث بطوله. وفي آخره فتعجَّل عبد الله بن مسعود فشهد بدرًا، وفي "السير" لابن إسحاق إن المسلمين بالحبشة لما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة رجع منهم إلى مكة ثلاثة وثلاثون رجلًا، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس منهم سبعة وتوجه إلى المدينة أربعة وعشرون. فشهدوا بدرًا، فعلى هذا كان ابن مسعود من هؤلاء، فظهر أن اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه كان بالمدينة، وإلى هذا الجمع نحا الخطابي، ويُقوي هذا الجمع رواية كلثوم (عند النسائي 3/ 18)، فإنها ظاهرة في أن كلًّا من بن مسعود وزيد بن أرقم حكى أن الناسخ قوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} ، وأما قول ابن حبان (6/ 26): كان نسخ الكلام بمكة قيل الهجرة بثلاث سنين. قال: =

ص: 343

خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن نهوا، وصح من حديث ابن مسعود: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم إذ كنا بمكة قيل أن نأتي [من](1) أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه، فسلمنا عليه فلم يرد فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة، فسألته فقال:"إن الله يحدث من أمره ما شاء، وأنه قد أحدث من أمره أن لا نتكلم في الصلاة"(2).

= ومعنى قول زيد بن أرقم: "كنا نتكلم" أي: كان قومي يتكلمون، لأن قومه كانوا يُصَلون قبل الهجرة مع مصعب بن عمير الذي كان يعلمهم القرآن. فلما نسخ تحريم الكلام بمكة. بلغ ذلك أهل المدينة فتركوه، فهو متعقب بأن الآية مدنية باتفاق. وبأن إسلام الأنصار وتوجه مصعب بن عمير إليهم إنما كان قبل الهجرة بسنة واحدة. وبأن حديث زيد بن أرقم:"كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم"، كذا أخرجه الترمذي. فانتفى أن يكون المراد الأنصار الذين كانوا يصلون بالمدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم.

وأجاب ابن حبان في موضع آخر بأن زيد بن أرقم أراد بقوله: "كنا نتكلم" من كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم بمكة من المسلمين، وهو متعقب أيضًا بأنهم ما كانوا بمكة يجتمعون إلَّا نادرًا. وبما روى الطبراني (7850) من حديث أبي أمامة قال: كان الرجل إذا دخل المسجد فوجدهم يصلون سأل الذي إلى جنبه فيخبره بما فاته فيقضي، ثم يدخل معهم، حتى جاء معاذ يومًا فدخل في الصلاة، فذكر الحديث. وهذا كان بالمدينة قطعًا لأن أبا أمامة ومعاذ بن جبل إنما أسلما بها.

قلت: في سنده عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد وهما ضعيفان.

انظر: ابن حبان (6/ 20)، ونيل الأوطار (2/ 361، 363)، والاعتبار (242، 149)، والجوهر النقي (2/ 360).

(1)

في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب د.

(2)

البخاري (1199، 1216، 3875)، للبخاري معلقًا، وفي الصحيح =

ص: 344

الخامس: قوله -تعالى-: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} (1).

قيل: معناه مطيعين.

وقيل: ساكتين، حكاهما النووي (2) في (شرحه) من غير زيادة على ذلك.

ونقل غيره عن المفسرين أنهم رجحوا الأول، ومنه قوله -تعالى-:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} (3) أي مطيعًا وفي صحيح ابن حبان (4) من حديث أبي سعيد [الخدري](5) رفعه: "كل حرف

= (13/ 496)، ومسلم (538)، وأبو داود (923)، والنسائي (3/ 19) وابن خزيمة (855، 858)، والبغوي (724)، والدارقطني (1/ 341)، والبيهقي (2/ 248، 356)، وأحمد (1/ 376، 377، 409، 415، 435، 463)، والطيالسي (245)، والطبراني (من:(10120) إلى (10131)، 10545))، وابن حبان (2243، 2244)، والشافعي (1/ 119)، وابن أبي شيبة (2/ 73)، والحميدي (94)، وعبد الرزاق (3594)، انظر: ح (96) ت (3).

(1)

سورة البقرة: آية 238.

(2)

شرح مسلم (5/ 27).

(3)

سورة النحل: آية 120.

(4)

ابن حبان (309)، وأحمد (3/ 75)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 325)، وقال ابن كثير في تفسيره للبقرة (116): في هذا الإِسناد ضعف لا يعتمد عليه، رفع هذا الحديث منكر. وقد يكون من كلام الصحابي أو من دونه، والله أعلم. الهيثمي في المجمع (6/ 320).

(5)

في ن ب د ساقطة.

ص: 345

[في القرآن](1) يذكر فيه القنوت فهو الطاعة".

[وقيل: إن المراد به فيها الدعاء حتى جعل ذلك دليلًا على أن الصلاة الوسطى الصبح من حيث قراءتها بالقنوت.

وقيل: القنوت الصلاة أي مصلين. ومنه قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} (2) أي مصل] (3).

وقال القرطبي (4): القنوت ينصرف في الشرع واللغة على أنحاء مختلفة بمعنى الطاعة، والسكوت، وطول القيام، [والخشوع](5) والدعاء، والإِقرار بالعبودية، والإِخلاص.

وقيل: أصله الدوام على الشيء (6)، ومنه الحديث "قنت

(1) زيادة من ن ب د.

(2)

سورة الزمر: آية 9.

(3)

زيادة من ن ب د.

(4)

المفهم (2/ 951).

(5)

في ن د زيادة بالهامش (الخضوع).

(6)

قال الطبري في تفسيره (5/ 236): على قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} ، القنوت ها هنا قيل معناه: الطاعة، وقيل: السكوت. وفي: الركود والخشوع فيها. وقيل: الدعاء. ورجح الإِمام الطبري قول من قال: إنه الطاعة. فقال: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} قول من قال: تأويله "مطيعين"، وذلك أن أصل "القنوت"، الطاعة، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهاه الله عنه من الكلام فيها. ولذلك وجَّه من وجَّه تأويل "القنوت"، في هذا الموضع إلى

السكوت في الصلاة. أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها، إلَّا =

ص: 346

رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو شهرًا على قبائل من العرب" (1) أي أدام الدعاء والقيام له قال: واللائق بالآية من هذه المعاني: السكوت والخشوع.

قال الشيخ تقي الدين (2): وفي كلام بعضهم ما يفهم منه أنه موضوع للمشترك.

= عن قراءةً القرآن أو ذكر بما هو أهله.

ثم قال: وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع وخفض الجناح وإطالة القيام وبالدعاء لأن كل ذلك غير خارج من أحد معنيين، من أن يكون مما أمِرَ به المصلي. أو مما ندب إليه. والعبد بكل ذلك لله مطيع، وهو لربه فيه قانت، و"القنوت" أصله الطاعة لله، ثم يستعمل في ما أطاع اللهَ به العبدُ. فتأويل الآية إذًا: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله فيها مطيعين بترك بعضكم فيها كلام بعض وكثير ذلك من معاني الكلام، سوى قراءة القرآن فيها أو ذكر الله بالذي هو أهله، أو دعائه فيها غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله.

(1)

لفظ في الحديث (أحياء)، بدل من (قبائل). البخاري (1001، 1002، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4091، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341)، ومسلم (677)، والنسائي (2/ 200)، وأبو عوانة (2/ 185، 186)، والدارمي (1/ 374)، والبغوي (635)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 243، 244)، والبيهقي في السنن (2/ 199، 244)، وأحمد (3/ 167، 210، 215، 289).

(2)

إحكام الأحكام (2/ 478).

ص: 347

وقال القاضي (1): أصله الدوام على الشيء فمديم الطاعة قانت، وكذلك الداعي والقارئ والساكت فيها.

قال الشيخ: ولفظ الراوي يشعر بأن المراد بالقنوت في الآية السكوت أي عن الكلام المذكور لا مطلقًا، فإن الصلاة ليس فيها حالة سكوت حقيقة قال: وهذا هو الأرجح لما دل عليه لفظة حتى التي للغاية والفاء التي تشعر بتعليل ما سبق عليها لما يأتي بعدها.

السادس: كلام الصحابي في التفسير لا ينزل منزلة المرفوع بل يكون [موقوفًا](2) عليه، فإن كان كلامه يتعلق بسبب نزول آية أو تعليل ونحوهما فهو منزل منزلة المسند المرفوع، وبهذا يقوي ما رجحه الشيخ تقي الدين، من أن المراد بالقنوت في الآية السكوت.

السابع: قوله: "فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام"، هذا حكمه حكم المرفوع، ولا يجيء فيه الخلاف الشهير عند أهل هذا الفن في ذلك بدليل مشاهدة الراوي لنزول الآية وجعله غاية لترك الكلام.

الثامن: فيه دلالة على تحريم جميع أنواع كلام الآدميين في الصلاة وأجمع العلماء على أن الكلام فيها عامدًا عالمًا بتحريمه لغير مصلحتها ولغير إنقاذ هالك وشبهه مبطل لها، وأما الكلام لمصلحتها فقال الأربعة والجمهور تبطل الصلاة، وجوزه الأوزاعي وبعض

(1) إكمال إكمال المعلم (2/ 242).

(2)

في الأصل (مرفوعًا)، وما أثبت من ن ب د.

ص: 348

أصحاب مالك وطائفة قليلة، وكلام الناسي لا يبطلها عند الشافعي والجمهور ما لم يطل، وقال الكوفيون وأبو حنيفة: تبطل.

التاسع: الأمر بالسكوت يقتضي أن كل ما يسمى كلامًا فهو منهي عنه، وما لا يسمى كلامًا فدلالة الحديث قاصرة عن النهي عنه.

وقد اختلف [العلماء](1) في أشياء: هل تبطل الصلاة أم لا؟ كالنفخ والتنحنح لغير علة وحاجة وكالبكاء والذي يقتضيه القياس أن

ما يسمى كلامًا فهو داخل تحت اللفظ وما لا يسمى كلامًا فمن أراد إلحاقه به كان ذلك بطريق القياس فليراع شرطه في مساواة الفرع للأصل، واعتبر أصحابنا ظهور حرفين وإن لم يكونا مفهمين، فإن أقل الكلام حرفان.

قال الشيخ تقي الدين: ولقائل أن يقول: ليس بلازم من كون الحرفين يتألف منهما كلام أن يكون كل حرفين كلامًا، وإن لم يكن كذلك فالإِبطال به لا يكون بالنص بل بالقياس، فليراع شرطه، اللهم إلَّا أن يريد بالكلام: كل مركب: مفهمًا كان أو غير مفهم، فحينئذٍ يندرج المنازع فيه تحت اللفظ إلَّا أن فيه بحثًا. قال: والأقرب أن ننظر إلى مواقع الإِجماع والخلاف حيث لا يسمى الملفوظ به كلامًا فما أجمع على إلحاقه بالكلام ألحقنا به وما لم يجمع عليه مع كونه لا يسمى كلامًا [فيقوي](2) فيه عدم الإِبطال، ومن هذا استضعف القول بإلحاق النفخ بالكلام، قال: ومن ضعف التعليل فيه قول من

(1) في ن دب (الفقهاء).

(2)

في ن د (فنقوي).

ص: 349

علل البطلان بأنه يشبه الكلام وهذا ركيك مع ثبوت السنة الصحيحة أنه عليه الصلاة والسلام نفخ في صلاة الكسوف في سجوده.

قلت: نفخته في "الكسوف" أخرجه أبو داود والنسائي (1) من حديث عبد الله بن عمرو، وهو [من](2) رواية عطاء بن السائب، وهو من الثقات، لكنه اختلط بآخره، نعم راوي هذا الحديث رواه عنه قبل اختلاطه، وهو شعبة رحمة الله عليه.

العاشر: ادعى بعضهم أن في [هذا](3) الحديث حجة لمن يقول: إن الأمر بالشيء ليس نهيًا عن ضده إذ لو كان نهيًا عن ضده، لما احتاج إلى قوله:"ونهينا عن الكلام" بعد ذكر الأمر بالسكوت. وليس ذلك بظاهر لمن تأمله.

(1) ابن خزيمة (1389، 1392، 1393)، وأبو داود (1151)، والنسائي (3/ 137، 139)، وأحمد (2/ 159)، وانظر: المسند لأحمد شاكر (9/ 198)، والحاكم (1/ 329)، وقال: غريب صحيح. ووافقه الذهبي، وابن حبان (2838)، والترمذي في الشمائل (2/ 146، 149) من شرح على القاري.

(2)

في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب د.

(3)

ساقطة من الأصل، وما أثبت من ن ب د.

ص: 350